نمتلك مقومات القوة.. ومعالجة رمال سيناء تحقق عائدا اقتصاديا كبيرا يرى أستاذ الكيمياء العضوية والعميد السابق لكلية العلوم بجامعة حلوان الدكتور جلال الجميعى، أن تجاهل المسئولين لدور العلماء فى المجالات المختلفة تسبب فى مرور مصر بعدة أزمات آخرها ارتفاع سعر الدولار وتعويم العملة الذى أثر بالسلب على الحياة اليومية للمواطنين، معتبرا أن تصحيح الأوضع يتطلب تدخل أعلى سلطة فى البلد لتكليف الباحثين وأساتذة بالجامعات لوضع خطة تنفيذية لحل المشكلات التى تعانى منها مصر. ويشرح الجميعى: «أزمة ارتفاع سعر الدولار سببها سوء الإدارة، وعدم اتخاذ قرار بناء على خطة مدروسة، وعلى سبيل المثال فقد كنت مدعوا منذ عدة سنوات لحضور مؤتمر علمى بعنوان (ألمانيا بعد مائة عام) قدم فيه الخبراء الألمان من جميع مجالات رؤيتهم الاستشرافية لنقاط القوة والضعف، عبر دراسة المشكلات الحالية ووضع حلول لها، ومنع تفاقمها مستقبلا، وتوقع الأزمات المقبلة». واستكمل: «آن الأوان لكى تدخل مصر مرحلة جديدة، تعتمد على خطة مستقبلية، يشترك فيها العلماء والشعب لضمان قوتها، ولا تتغير بتغير الأشخاص، مع وضع قوانين لمحاسبة من يقصر فى تنفيذها». ويلخص الجميعى مشكلات البحث العلمى بالقول: «كارثة مصر فى هجرة عقولها من الكفاءات العالية، لأنها تصدر أعلى العقول خبرة وتعليما، وهذا استنزاف للطاقة البشرية فى مصر لصالح الدول المتقدمة، فالدولة انفقت على العلماء أموالا طائلة فى مراحل تعليمهم المختلفة». ويتابع: «مصر تقدم لأمريكا كل عام معونة بسبب كثرة هجرة الشباب المصريين لأنهم ثورة مادية كبيرة، وقيمتهم المادية تفوق أى معونة تقدمها لنا أمريكا». ويصنف الجميعى مصر بأنها من الدول التى لا تستفيد من ثوراتها الطبيعية والبشرية رغم وفرتهما، ويقارنها بدول مثل اليابان التى لا تملك ثورات طبيعية، لكنها استفادت من مواردها البشرية فى تحقيق نهضة علمية وصناعية، لافتا، إلى أن الدول اكتشفت مبكرا بعد الحرب العالمية الثانية أهمية العلم، وأهمية التطبيقيات البحثية، وركزت مجمل اهتمامها على تمويل البحث العلمى، فحققت المعادلة المطلوبة بحيث أصبح: «من يملك العلم يملك الاختراع، ومن يملك الاختراع يملك التكنولوجيا، ومن يملك التكنولوجيا يملك الصناعة، ومن يملك الأخيرة يملك آلية السوق، ومن يملك السوق يملك الاقتصاد، وبالتالى يمتلك القوة». ويشير الجميعى إلى أن مقومات القوة المصرية كثيرة، مثل رمال فى سيناء التى يصنع منها أفضل أنواع الكريستال والسليكون، ورغم ذلك نصدرها كمواد خام بأرخص الأسعار، مقترحا إجراء معالجة بسيطة لها عبر مرحلة واحدة للتصنيع، الأمر الذى سيكون له عائد اقتصادى أكبر. ودعا الجميعى إلى توفير مناخ صحى للبحث العلمى التطبيقى لحل المشكلات الاقتصادية، لافتا إلى أن جائزة نوبل فى الكيمياء للعام الحالى كانت عن تصميم وتركيب «آلات جزيئية» يمكن التحكم بحركتها، بحجم يقل عن حجم الشعرة آلاف المرات، ويمكن دفعها داخل جسم الإنسان لنقل عقار دوائى بداخله، وقال: «جائزة نوبل ليست هدفا فى مصر، ويجب الاهتمام بالبحوث التطبيقية ودعمها ماليا». ويستعد الجميعى، الفائز بجائزة الأيسيسكو فى العلوم والتكنولوجيا لهذا العام فى مجال الكيمياء والتى تمنحها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم الثقافية، إلى إنشاء مركز دولى للدواء فى جامعة حلوان حاليا، يهدف لصناعة دواء محلى بدلا من استيراده من الخارج، لتحقيق أعلى فاعلية له وتوفير العملة الصعبة، لافتا إلى أن المشروع الوليد ممول من أكاديمية البحث العلمى بقيمة مليون جنيه من خلال برنامج جسور التنمية. وحصل الجميعى على جائزه النيل فى العلوم الأساسية لعام 2013، وعلى الجائزة الكبرى للقارة الأفريقية فى العلوم والإختراع من الاتحاد الأفريقى لعام 2010، وتستهدف أبحاثه استخدام مواد رخيصة الثمن تعطى نتائج فعالة فى الأدوية، لعلاج الأمراض المزمنة مثل السرطان والإيدز وغيرها.