قضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين محمد فتحي، وخالد شحاته، نائبي رئيس مجلس الدولة، بتأييد قرار وزارة المالية، بإلزام رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة البحيرة لتوزيع الكهرباء، بسداد مبلغ نصف مليون جنيه قيمة الضريبة العقارية المربوطة على أملاك الشركة والزامها المصروفات. وقالت المحكمة، إن المشرع قرر في قانون الضريبة على العقارات المبنية، إعفاء بعض العقارات والأبنية من أداء الضريبة المذكورة، وحدد على سبيل الحصر العقارات التي تتمتع بهذا الإعفاء ومن بينها (العقارات المملوكة للدولة). إلا أن المشرع لم يحدد في ذلك القانون على وجه قاطع المقصود بمفهوم الدولة في هذا المجال، أو بطبيعة ملكيتها للعقار، وذلك حتى يتسنى القول بأن عقاراً ما يدخل في مفهوم العقارات المملوكة للدولة ويسري عليه الإعفاء من أداء الضريبة من عدمه، ومن ثم فإنه كان من اللازم الرجوع إلى القواعد العامة لتحديد ضوابط إعمال ذلك الإعفاء. وأضافت المحكمة، أن المشرع حينما أصدر قانون الضريبة على العقارات المبنية رقم 196 لسنة 2008، نص صراحة في المادة 11 على أن يعفى من تلك الضريبة العقارات المبنية المملوكة للدولة والمخصصة لغرض ذي نفع عام، فلم يكتف بذكر ملكية الدولة للعقار وإنما اشترط صراحة أن يكون الغرض منه ذي نفع عام؛ مما ينتهي معه الجدل حول المقصود بالعقارات المملوكة للدولة. وانتهت المحكمة في حكمها الذي يرسخ لمفهوم عدالة الضريبة على الجميع، إلى أنه لا يفوتها في هذا المقام أن تشير إلى ضرورة أن تكون شركة توزيع الكهرباء مثالاً للالتزام بأحكام القانون، بحسبان رأسمالها مملوكاً بالكامل للدولة، مما يتعين عليها الخضوع لما يفرضه القانون من أعباء والتزامات عليها، مثلها في ذلك مثل سائر المواطنين المقيمين على أرض مصر، فلا تماطل أو تسوّف لعدم سداد ما عليها من دين الضريبة التي تهدف – كغيرها من التكاليف العامة – إلى تنمية موارد الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية، على نحو ما جاء بنص المادة 38 من الدستور المعدل الصادر في يناير 2014. وخاصة إذا باتت الحقيقة القانونية واضحة بشأن خضوع عقارات الشركة للضريبة العقارية، وضوحاً لا يحتمل لبساً أو تأويلاً، بعد أن صرحت المادة رقم 11 من القانون رقم 196 لسنة 2008، بأنه يتعين لعدم خضوع العقار للضريبة أن يكون ملكا للدولة ومخصصاً لغرض ذي نفع عام، مما تتحول معه المنازعة في ذلك إلى محض رغبة في المماطلة والتأخير في الوفاء بحقوق الدولة، ويحيل مسلك الشركة إلى تعسفٍ في استخدام حقها في التقاضي، وهو مسلك يجب أن تنأى الشركة بنفسها عنه، حتى لا يفضي إلى إثقال كاهل القضاء بقضايا أصبح وجه الحق فيها ظاهراً وواضحاً.