صدر عن وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية، العدد 32 من سلسلة «مراصد»، بعنوان «الغزو الإسلامي الحركي للثورة الرقمية.. نموذج الإسلاميين المغاربة» من تأليف منتصر حمادة، باحث من المغرب، ومدير مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث بالرباط. تتطرق هذه الدراسة إلى موضوعين من أهم مواضيع الساعة في المجال التداولي الإسلامي، وتتمحور حول معالم تفاعل الحركات الإسلامية مع الثورة الرقمية التي نعيش على إيقاعها في العالم بأسره. وتوضح الدراسة أن تناول أداء الحركات الإسلامية تطغى عليه المقاربات النظرية على المقاربات التطبيقية، إن لم نقل معنيون بتغليب الجانب التطبيقي على نظيره النظري لاعتبارين اثنين على الأقل؛ أولهما لا زالت المقاربات النظرية طاغية على المقاربات التطبيقية في معرض تناول ظاهرة الحركات الإسلامية؛ بل وصل الأمر إلى درجة قراءة أداء الفاعلين الإسلاميين من منظور نفسي، أو لغوي بلغة المعطى السياسي، والأمني، والاقتصادي. والحال أن الاشتغال على النفوذ الاجتماعي عند الإسلاميين العرب، وتفاعل الحركات الإسلامية مع الثورة الرقمية؛ باعتباره بوابة من بوابات التمكين السياسي يتطلب تغليب الجانب التطبيقي أكثر من النظري. وثانيهما، من باب تسليط الضوء على مكامن الضعف والقوة في أداء تيارات إسلامية تُشكّك في إسلام المجتمع والنظام والدولة؛ خاصة أن الأمر لم يعد مرتبطًا بتنظيمات مدنية هامشية، وإنما لائحة عريضة من الجمعيات والمنظمات منخرطة في مشاريع إقليمية لا تخرج عما اصطلحنا عليه في أكثر من مناسبة ب"اختطاف الإسلام" من أهله، أو "اختطاف الدولة والدين". ومن المعلوم أن الحديث عن الثورة الرقمية وثورة الاتصالات يندرج إجمالا في سياق الحديث عما اصطلح عليه بالجيل الثالث من الثورات المعرفية الكبرى التي عرفتها البشرية؛ الثورة الزراعية، الثورة الصناعية، ثم الثورة المعرفية التي نعيش في ذروتها اليوم مع الثورة الرقمية ضمن ثورات أخرى مُصاحبة. ومعلوم أيضا أن الفضاء الإلكتروني يتميز بعدة خصائص مادية وزمنية وأداتية؛ تجعله ساحة للتوظيف والتأثير؛ كما هو الحال مع تفاعل الحركات الإسلامية في دراستنا هذه. وليس صدفة أن هذا الفضاء يسمح لمستخدميه إمكانية عدم الكشف عن هويتهم الحقيقية، وهو ما جعله بيئة جاذبة لمستخدميها. دفعهم إلى توظيفه في مختلف المجالات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والعسكرية. ويرى الكاتب أن العمل الإعلامي يعد أكثر فعالية في التأثير على الرأي العام، ومن هنا الفورة الإعلامية التي نعاينها في الساحة العربية؛ بما فيها الفورة الإسلامية الحركية - إخوانية كانت أم سلفية وهابية - وبالنتيجة تراهن الحركات والأحزاب الإسلامية أيضًا على فضاءات أخرى قلّما انتبه إليها المتتبعون والمعنيون من صناع قرار وباحثين ومنافسين إصلاحيين. ونخص بالذكر؛ فضاءات الإعلام التقليدي أو الحديث، أو الإعلام الإخباري الكلاسيكي - المكون أساسًا من منابر إعلامية، رقمية كانت أم ورقية، فضائية أم أرضية، أو إعلام مواقع التواصل الاجتماعي. وعندما نأخذ بعين الاعتبار الدور الكبير الذي قامت به مواقع التواصل الاجتماعي في حقبة الحراك العربي؛ سواء لنُصرة هذا التيار أو ذلك؛ وخاصة التيارات الإسلامية.