العودة إلي أخلاق القرية.. يعني احترام الآخر.. ويعني أيضاً احترام التقاليد والأعراف.. وكل شيء جميل. ولعل الأزمة العابرة التي افتعلها هؤلاء الحاقدون علي أمن وسلامة البلد، وتمثلت في الاعتداء علي كنيسة القديسين بالإسكندرية، لن تؤثر من قريب أو بعيد في نسيج مصر الذي أكد تماسكه منذ آلاف السنين.. هذه الأزمة لا تحتاج أكثر من استعادة ذاكرة الاحترام بين البني آدمين، وعدم التدخل في شئون الآخر.. كما تحتاج إلي استدعاء روح التآخي والتواصل، والنظر إلي الأهداف المشتركة التي تعم بالخير علي الجميع، وإلي التصدي لمحاولات دنيئة هدفها زعزعة وترويع المواطنين الذين شاركوا، ويشاركون في مسيرة واحدة لم ينفصلوا عنها علي الإطلاق.. وكانت ثمارها دائماً واضحة للعالم كله. لست مع من يتكلمون كثيراً في قضية محسومة، وهي أن العائلة المصرية لم ولن تفرق أبداً بين مسلم ومسيحي، وإنما هناك للأسف الشديد من يحاولون في الخارج أن يفرقوا.. وكم أثبتت الأيام والسنين أنهم فاشلون.. وسيفشلون. المسألة سهلة وبسيطة.. وتقوم فقط علي حسن النوايا من جميع أفراد العائلة، وعلي »تشغيل المخ« بطرح سؤال واحد هو: من المستفيد؟ بالطبع.. المستفيد هو الخائن.. أو الغدار.. ولا يوجد والحمدلله من هو خائن أو غدار بين المصريين. ستمر الغمة.. وسيخرج المصريون دون تفرقة.. أكثر قوة.. وأكثر صلابة.. والتاريخ يؤكد هذه الحقيقة.. وستمضي المسيرة دون توقف، بتلاحم الجميع دون أن يتركوا ثغرة يحاول الخبثاء الدخول منها لتحقيق أهداف خبيثة.. لهم أو لغيرهم. العودة إلي التقاليد الشرقية الأصيلة هي الطريق لاستعادة الكثير من القيم التي غابت.. فغاب معها السلوك المهذب الذي يقوم علي شيء مهم جداً ربما يكون قد غاب هو الآخر.. اسمه الاحترام. منذ أيام قليلة.. جمعني لقاء غاية في الروعة والجمال.. كان ذلك بدعوة من الصديق العزيز د. محمد فج النور وشقيقه فتحي بقرية صغيرة في حجمها، كبيرة في الأصول.. وكنت ضمن مجموعة رقيقة من المدعوين. كم أسعدني ما رأيت من أخلاق القرية، وكرم أبنائها، وحسن تعاملهم مع الآخرين سواء من ضيوف أو فيما بينهم.. وكم أعجبتني طريقة الحوارات والمناقشات في أي مكان تذهب إليه.. والأهم من هذا كله حجم الحياء والذوق اللذين ينعكسان بشكل أو بآخر علي مناحي الحياة المختلفة. سألت نفسي كثيراً.. هل أصبح المرء الذي يقطن في المدينة حيث أشكال التحضر المختلفة، أصبح في حاجة إلي أن يذهب من وقت لآخر إلي القرية لينهل منها ما قد ينساه أو يتنساه، وهو يتعامل مع وسائل الحياة المتطورة في العاصمة أو في المدن الكبيرة. بالفعل.. هناك فرق. منذ عاد جوزيه إلي القاهرة.. عاد الجدل إلي الساحة الكروية.. عشاق الأهلي يرون في هذا الرجل أنه المنقذ وأنه الأمل في الاحتفاط بدرع الدوري.. وفي نفس الوقت ينظر عشاق الزمالك تحديداً إلي عودته علي أنها قد تعرقل مسيرتهم نحو الفوز بالدرع.. لاسيما بعد تصريحاته وتعليقاته التي تبث في نفوس لاعبيه روح الثقة. ودون الدخول في تفاصيل هذه التصريحات والتعليقات إلا أن الأمر ينبغي أن يخضع للتجربة التي سيخوضها جوزيه لإثبات مدي قدرته علي تحقيق ما أشار إليه، فهو يراهن علي نفس النجوم، وعلي الجماهير التي يعتقد أنها ستكون القاطرة التي ستجر الفريق لنفس الإنجازات. وفي المقابل.. يري حسام حسن تحديداً أن وجود جوزيه مرة أخري سيكون هو الدافع لفريقه الشاب لكي يبرهن علي البطولة، أو اللقب الذي سيكون أحلي وأقوي إذا كان جوزيه هو المدير الفني للأهلي. البعض يتساءل: هل يمكن أن تلعب التصريحات أو التعليقات التي تخرج من جوزيه أو من إبراهيم وحسام حسن دوراً في تسخين الأجواء، لدرجة أن تقع صدامات؟ أم أن الأوضاع لن تصل إلي هذه الدرجة؟! ربنا يستر. أسئلة حائرة: كيف يمكن أي ماكر أن ينفذ إلي أغراضه أمام بشر يعرفون مكره؟ متي يدرك المرء أن سعادته من سعادة الآخرين ممن حوله.. وليس بدونها؟ هل غاب عن الأذهاب أن كل محنة أو أزمة مرت بها مصر كان التصدي لها بدماء أبنائها التي اختلطت دون تفرقة. إذا كانت أحلام أي أمة كبيرة.. فكيف يمكن الوصول إليها إلا بالتلاحم والإصرار والعزيمة لكل من علي أرضها. منذ متي كان للحاقدين طريق علي أرض الكنانة؟