Farida El Atefi 3 septembre, 18:59 . لو تقطف حبات التوت من النهد يغني ألف عصفور على جسدي. …. لو تأكل التفاح من يدي. …. لو تتذوق شهدي … لو… لو…. لو… من ديواني " قبلة للصباح… وردة للمساء" ………. أولا: لا شيء يلمع جسديا في بداية النص مما يمكننا من الاقتراب شهوانيا من غواية القصيدة( لو تقطف) …و في مثل هذا العرض الاسلوبي تتنكر اللغة للقارئ عن طريق لف فهمه في حيرة الاختيار بين التوجه رأسا الى المعنى الحرفي أو بين مغامرة القفز من علو شاهق ضحية علامة تأشير خادعة (تقطف) القطف حذف هيدجير لوجود بين موت و حياة….موت المقطوف و حياة القاطف….و ثمة يقع الجحيم…. ثمة اذن تكمن خطيئة تفصل بين تأويلين : تأويل هيدجيري و تأويل لاكاني.. و هنا تكمن لذة القراءة في موتها العشقي على لمسات الأنامل الناعمة التي (قطفته)….. ثانيا: يبني جون كوهين فصول كتابه الشهير ( بينية اللغة الشعرية) على نظرية الانزياح….فالشعر عنده انزياح عن معيار هو قانون اللغة ..فكل صورة تخرق قاعدة من قواعد اللغة أو مبدأ من مبادئها….. يعتبر كتاب جون كوهن هذا من بين الكتب التنظيرية الأكثر تأثيرا في توجهات و تطبيقات النقاد المغاربة ..مع العلم أنني قرأته بالكامل و لم أجد في فصوله ما يقنعني بأطروحته الانزياخية التي يرافع عنها….لانها بكل بساطة نظرية بلا معنى يمكن للشعر أن يطور بها مهاراته الوجودية كحدث قائم على تملك اللحظة بأبعادها المستقلة عن سلطة اللغة وحدها….لان اللغة وحدها لا تفي بشروط الابداع بقدر ما هي آلة معزولة و محصورة اجتماعيا و تاريخيا و ليست حدثا غير متناه في ترجمتها للمواقف المعنية بالصورة الشعرية مهما بلغت درجة حدة اللغة في انزياخها عن المألوف….. فالحرف أو الأداة ( لو) بمفردها في النص الذي يوجد رهن اعتقال قراءتنا الان هو أسطورة القصيدة بكاملها كما سنرى ذلك في الحلقة القادمة……. ثالثا: يقول ايمانوييل كانط : (لو صح أن هناك هوة كبيرة بين مفهوم الطبيعة الحسي و ميدان مفهوم الحرية المتعالي عن الحواس و ان لا مجال البتة للمرور من الأول الى الثاني كما لو كانا عالمين مختلفن . حيث لا يمكن للاأول أن يؤثر في الثاني فاننا مع ذلك لا نستطيع الا أن ندرك تأثير الثاني في الأول..ان تلقائية اللعب في الملكات الفكرية ..ذلك الانسجام الذي هو أساس المتعة يجعل من غائية الطبيعة بمثابة الخيط الموصل بين ميدان الطبيعة و ميدان الحرية) الانسجام/ الخيط الموصل/ بين الطبيعة و الحرية هو الفجوة/الهوة الوجودية التي علينا ملؤها أثناء قراءتنا للمشهد الكرنفالي الشعري الذي تتحلق حوله باقي مكونات النص الذي بين أيدينا….و المتمركز في مطلع النص…( لو تقطف) فعملية القطف هنا بكل معالمها الدلالية المرتسمة في ثقافتنا نتكمش تدريجيا في تسلسلها لتتوقف عند نقطة محددة من نقط الادراك العام لمسار تطور المدلول و تنتهي بفجيعة على قدر كبير من الصدمة /الرغبة المستقرة في تفاصيل الكبت الجمعي ( تقطف….. من النهد) و عند هذه النقطة تنكشف لنا احدى أهم أبرز مواطن لذة النص فيزيائيا أي ما يسمح لنا بتأمل الشكل الخارجي للنص مع امكانية اضدار حكم غائي حسب مفهوم الفيلسوف كانط….. و ان ما أحدثه الحرف ( لو) السابق في الوجود الشخصي للشاعرة بمدلوله النحوي حرف امتناع) أو بمدلوله الحكمي:(الامتناع عن الملذات هو فعل طوعي يتضمن الامتناع عن الانغماس في الرغبات أو الشهوات لنشاط جسدي معين والذي عادة ما يجلب المتعة للجسد. معظم هذه الأنشطة يتضمن الامتناع عن الجماع، تناول الكحول، تناول الطعام. قد تعود هذه الممارسة إلى أسباب منع دينية أو ممارسات عملية. ويعتبر الصوم من أحد أشهر أشكال الامتناع عن الملذات.) باعتبارهما معا بشكل أو بآخر يتمتعان بحصانة مفهومية متعالية تجد لها صداها المباشر في تأطير مسافة الحرية كخيار ميتافيزيقي تفعل فعلها في الهندسة الكتابية و تحديد مسار و مستقبل الدلالات النصية المنحدرة تدريجيا في اتجاه نهاية القصيدة…. يتبع