في مفارقة بدت لافتة بشكل كبير، أشادت مؤسسات أفريقية وأوروبية بتحسن مناخ الاستثمار في مصر وأبدت تفاؤلها بالإصلاحات النقدية والمالية التي تنفذها الحكومة، بينما كشف استطلاع رأى محلي وجود حالة من "التشاؤم النسبي" والترقب والحذر من جانب الشركات المصرية حول تأثير وانعكاسات تلك الإصلاحات على الأداء الاقتصادي ومناخ الاستثمار الفترة المقبلة. وذكر تقرير أصدره بنك "Rand Merchant Bank" الجنوب إفريقي أن مصر تخطت دولة جنوب إفريقيا، وتصدرت قائمة الدول الأكثر جاذبية للاستثمار والواجهة الاستثمارية الأفضل للمستثمرين في 2018. وأعلن البنك تصدر مصر لقائمة الدول العشر الأكثر جاذبية للاستثمار في قارة أفريقيا خلال شهر سبتمبر الحالى، وأصدر البنك تقريره السابع عن الاستثمار فى إفريقيا تحت عنوان Where to Invest in Africa 2018، أو "أين تستثمر في إفريقيا في العام 2018" ووفقا لمؤشر جاذبية الاستثمار الصادر عن البنك (الذى يأخذ بعين الاعتبار النشاط الاقتصادى، وسهولة أداء الأعمال) صعدت مصر إلى مركز الصدارة على قائمة الدول العشر الأكثر جاذبية للاستثمار فى إفريقيا، بالمقارنة بالمركز الثانى خلال العام الماضى لتحل بذلك محل دولة جنوب إفريقيا للمرة الأولي منذ إصدار المؤشر. واستكمالا لحالة التفاؤل الدولية، قالت المدير التنفيذي لمنطقة جنوب وشرق البحر المتوسط بالبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية EBRD ، جانيت هكمان، إن البنك الأوروبى "متفائل للغاية" بمستقبل الاقتصاد في مصر، ويؤمن بأن الوقت الحالي هو الأنسب للاستثمار. وأضافت هكمان في تصريحات لموقع "أموال الغد" أن المستثمر في أوروبا وباقي دول العالم ينظرون إلى الاقتصاد المصري بشكل إيجابي للغاية في الوقت الحالي. واستطردت قائلة "بعد قرار تعويم الجنيه أصبحت الشركات العالمية ترى مصر مكانًا جيدًا للاستثمار، وخاصة التصنيع في ظل الموقع الجغرافي المتميز والإصلاحات التي قامت بها الحكومة في محادثاتها بشأن الاتفاقيات التجارية الدولية مع العديد من دول حول العالم، وهو ما يتيح الفرصة للمستثمرين لتصدير منتجاتهم لكافة أنحاء العالم والأسواق في مختلف القارات". وعلى الرغم من التفاؤل الأوروبي والإفريقي، إلا أن الموقف المحلي كان مغايرا بشكل يختلف تماما عن توجهات المؤسسات الدولية، إذ كشفت نتائج الاستبيان الذي أصدره المركز المصري للدراسات الاقتصادية، المعروف باسم "باروميتر الأعمال"، عن "ترقب وحذر" من جانب الشركات المصرية حيال التعافي الاقتصادي. وقال الباروميتر الذي يغطي عينة تتكون من 120 شركة حول تقييمها أداء الاقتصاد المصري وكذلك الأعمال الخاصة بها خلال الربع الرابع )إبريل – يونيو) من العام المالي 2016/2017 ، وتوقعاتها للربع الأول (يوليو – سبتمبر) من العام المالي 2017/2018 إن مجتمع الأعمال استقبل العام المالي الجديد بتوقعات حذرة حيال تعافي الاقتصاد المصري لا تتسق مع تعافي معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي الذي شهد ارتفاعا خلال الربع الثالث من العام المالي الماضي. ووفقا لما ورد بالباروميتر فإنه على الرغم من شروع الحكومة في العديد من الإصلاحات الاقتصادية، إلا أن آراء مجتمع الأعمال لم تشهد تحسنا؛ حيث تراجع مؤشر "بارومتر الأعمال" لتقييم الأداء بمقدار نقطتين خلال الربع محل الدراسة مدفوعا بارتفاع أسعار المدخلات. وأضاف: جاءت توقعات الشركات للربع الأول يوليو – سبتمبر من العام المالي 2017/2018 أقل من توقعاتها للفترة من إبريل – يونيو 2017 ، وهو ما يعكس حالة الترقب التي تسود مجتمع الأعمال إزاء الإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها الحكومة. وأظهرت نتائج مؤشر "بارومتر الأعمال" تراجع الآراء الإيجابية للشركات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة على حد سواء بالنسبة لفترتي التقييم (إبريل-يونيو( والتوقعات (يوليو-سبتمبر) مقارنة بالفترة السابقة، وإن جاء هذا التراجع بدرجة أقل بين الشركات الصغيرة والمتوسطة عنه بين الشركات الكبيرة. وعلى الرغم من تعافي النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي وتحسن أداء الشركات في الربع الواقع بين (يناير – مارس) 2016/2017، إلا أن تقييم الشركات للنمو الاقتصادي في الربع محل الدراسة جاء أقل مقارنة بالربع السابق، وانعكس تراجع النشاط الاقتصادي على أداء الشركات الكبيرة ؛ حيث تراجع مؤشر الإنتاج بمقدار 8 نقاط عن الربع السابق. وتراجعت المبيعات المحلية بنفس المقدار، وانعكس ذلك على مؤشر استغلال الطاقة الإنتاجية حيث تراجع بفارق نقطتين عن الربع السابق. وهو ما يشير إلى استمرار الحذر من جانب الشركات بشأن أعمالها والمناخ الاقتصادي وذلك على الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة لزيادة الاستثمار. وجاءت توقعات الشركات للربع الأول (يوليو-سبتمبر) من العام المالي 2017/2018 أقل تفاؤلا من الربع السابق (إبريل – يونيو 2017)، مما يشير إلى تحفظ الشركات بشأن تأثير تدابير الإصلاح الاقتصادي، حيث تراجع مؤشر الإنتاج إلى 2.68 نقطة في (يوليو – سبتمبر) 2017/2018 مقابل 3.83 نقطة في الربع السابق، كما تراجع مؤشرات كل من المبيعات المحلية والصادرات واستغلال الطاقة الإنتاجية.