باحثة دكتوراه – كلية الآداب- جامعة القاهرة تُعد الدراسات حول شئون المرأة المصرية من أكثر الأمور فعالية في المجتمع المصري فالمرأة هي العنصر الفاعل في الحياة المصرية بداية من الاهتمام بشئون المنزل حتى المناصب العليا في المجتمع . وتأتي العمليات الإرهابية الأخيرة التي راح ضحيتها سيدات مصر من الشرطة المصرية جنبًا إلي جنب مع رجال الشرطة لتلقي الضوء علي مشاركة المرأة المصرية التي لا تنقطع في كافة نواحي الحياة المصرية منذ قدم التاريخ في كافة المواقف والأحداث الوطنية . يعترف التاريخ السياسي لمصر الحديثة بالمشاركة الفعالة للمرأة في أحداث هذا التاريخ وتطوره ، فمنذ قدوم الحملة الفرنسية علي مصر عام 1798 ثارت جميع طوائف الشعب المصري ومن بينها المرأة المصرية ، وكذلك كان للمرأة مشاركة في كل خروج شعبي حتى قيام الثورة العرابية عام 1881 ، ويروي المحامي البريطاني الذي تولي الدفاع عن عرابي أن في اليوم الثاني لضرب الإسكندرية عام 1882 ، هبت كل فتيات وبنات الأسر الكبيرة لجمع التبرعات ، و قمن بتكوين فرقة لإعداد لوازم الجرحى لإرسالها للأطباء في كفر الدوار، فكان تأييد النساء بمثابة الضربة القاضية علي حجج الذين كانوا ينكرون علي ثورة عرابي إنها ثورة شعبية شاملة . وفي مطلع القرن العشرين كان للمرأة المصرية دورًا في المشاركة السياسية تحت قيادة الزعيم مصطفي كامل فقد شاركت بعض الفتيات في المظاهرات التي خرجت بعد صدور قوانين تقييد حرية الصحافة عقب دعوة مصطفي كامل للتظاهر والاحتجاج ، وكان من بينهن السيدة "جميلة عطية" والسيدة "تفيده طلعت" وفي شهر مارس من عام 1919 قامت الثورة المصرية التي تعد بداية مرحلة جديدة في المجتمع المصري حيث تعد من أبرز محطات تلاحم جميع طبقات المجتمع المصري وكان من بينها المرأة المصرية التي خرجت من مختلف الطبقات بداية من سيدات الطبقة العليا التي شكلن وفدًا بقيادة السيدة هدي شعراوي إلي ممثلي الدول الأجنبية للاحتجاج علي أفعال الاحتلال البريطاني أما نساء الطبقات المتوسطة والفقيرة فق شاركن الرجال في الاحتجاجات التي انتشرت في جميع أنحاء البلاد فقد كان المحرك الأساسي لهن الوعي الوطني بضرورة إنهاء الاحتلال البريطاني مما أدي إلي قتل الكثير منهن مثل السيدة "حميدة خليل " والسيدة "سعدية حسن" ، وامتدت المشاركة إلي خروج الممثلات بجانب الممثلين من أعضاء الفرق المسرحية من ميدان الأوبرا وهم يغنون الأغاني الوطنية وفقًا لرواية السيدة "روز اليوسف" واستمرت مشاركات المرأة في الشئون الاجتماعية والسياسية في المجتمع حتي قيام ثورة يوليو 1952 سواء كمشاركة فردية أم من خلال المشاركة في الجمعيات الأهلية . وفي عام 1956 أثناء العدوان الثلاثي من (إنجلترا وفرنسا وروسيا) علي المستوي الفردي نذكر من مشاركات المرأة البطلة زينب الكفراوي التي كانت تقوم بعمليات لنقل الأسلحة لقوات المقاومة وفي أحدي المرات قامت بنقل الأسلحة بواسطة عربة أطفال . وفي حرب أكتوبر عام 1973 تتجلي صور المشاركة المجتمعية للمرأة المصرية التي تقترب من أن تكون نوعًا من المقاومة السلمية في عملية التبرع بالدماء و الأموال فقد تم تسجيل حوالي 9 آلاف سيدة تبرعت بالدماء وتكونت لجنة من نقابة المهن التجارية لجمع التبرعات ورعاية أسر الجنود ، والشهداء ماديًا واجتماعياً ، بالإضافة إلي المشاركة في بعض الأعمال القتالية بكل شجاعة وبسالة ومن ذلك مشاركة المرأة السيناوية ومنها رعيها للأغنام لإخفاء أثر أقدام الجنود عقب وضعهم للألغام في الصحراء لعدم تمكين قوات الاحتلال الإسرائيلي من تعقبهم فضلاً عن المساعدة في نقل الطعام والمؤن للقوات المصرية ومن نماذج بطولة المرأة في سيناء الحاجة "فرحانة" التي استطاعت أن تضع المواد التفجيرية في سيارات الجيب الإسرائيلية ، بالإضافة إلي نقلها مسارات وتحركات العدو للمخابرات المصرية بالإضافة إلي العديد من السيدات التي كان لهن دورًا بارزًا في الحرب وكرمهن الرئيس الراحل أنور السادات تخليدًا لدورهن . وهناك العديد من السيدات والفنانات تبرعن بكامل مصاغهن لخدمة المجهود الحربي ، وتعود بدايات ذلك منذ عام 1967 عندما دعا الصحفي الكبير محمد التابعي إلي مشروع قومي اقترح فيه للتبرع بالذهب لصالح المجهود الحربي ، وفي أعقاب دعوته ورد إليه أكثر من مائة برقية وخطاب ومكالمة تليفونية للسؤال عن الجهة التي يمكن أن يسلموا فيها الحلي حتى تم التنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية و وزارة المالية في شأن تسليم الحلي ، ومن بين نماذج التبرعات التي تم تقديمها تبرع مواطنًا من قليوب هو وبناته التسع بذهب وزنه 267 جرامًا ،وتبرع أحد الموظفين بوزارة الأوقاف وزوجته بدبلة الزواج وهي ما يملكوه من الذهب للمجهود الحربي أيضًا ، وكذلك ورد للتابعي خطاب من طفل صغير يتبرع بخروف اشتراه بما جمعه من نقود خلال عام كامل ،بالإضافة إلي تبرع عدد من السيدات العربيات بمساهمات قيمة في الحملة. مما يؤكد علي مدي استمرارية الدور التاريخي للمرأة المصرية ومدي مساندته للقضايا الوطنية منذ قدم التاريخ وحتي الوقت الحالي .