آخر تحديث.. سعر الريال السعودي في نهاية تعاملات اليوم الأحد    «الخارجية»: مصر تتابع بقلق أنباء تعرض مروحية الرئيس الإيراني لحادث مروع    الرئيس السيسي يهنئ نادي الزمالك بفوزه بالكونفدرالية الأفريقية    خبير تكنولوجى عن نسخة GPT4o: برامج الذكاء الاصطناعي ستؤدي إلى إغلاق هوليود    بالفيديو.. مؤتمر إعلان تفاصيل الدورة الأولى لمهرجان «دراما رمضان»    «الفن المصري الحديث».. «درة» متاحف الشرق الأوسط ويضم قطعا نادرة    بينها «الجوزاء» و«الميزان».. 5 أبراج محظوظة يوم الإثنين 19 مايو 2024    عالم بالأوقاف: الحج ليس رحلة ترفيهية وإنما عبادة وجهاد    طقس سيئ وارتفاع في درجات الحرارة.. بماذا دعا الرسول في الجو الحار؟    مع ارتفاع درجات الحرارة.. نصائح للنوم في الطقس الحار بدون استعمال التكييف    «الصحة»: طبيب الأسرة هو الركيزة الأساسية في نظام الرعاية الأولية    الكشف على 1528 حالة في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    جدل واسع حول التقارير الإعلامية لتقييم اللياقة العقلية ل«بايدن وترامب»    التنمية المحلية: التصالح على مخالفات البناء بمثابة شهادة ميلاد للمبنى المخالف    قصواء الخلالي: نفي إسرائيل علاقتها بحادث الرئيس الإيراني يثير علامات استفهام    الاتحاد الفلسطيني للكرة: إسرائيل تمارس رياضة بأراضينا ونطالب بمعاقبة أنديتها    محافظ الوادي الجديد يبحث إنشاء أكاديميات رياضية للموهوبين بحضور لاعبي المنتخب السابقين    الجمعة القادم.. انطلاق الحدث الرياضي Fly over Madinaty للقفز بالمظلات    تحركات جديدة في ملف الإيجار القديم.. هل ينتهي القانون المثير للجدل؟    بيان عاجل بشأن الموجة الحارة وحالة الطقس غدا الإثنين 20 مايو 2024    وزير الأوقاف: الخطاب الديني ليس بعيدًا عن قضايا المجتمع .. وخطب الجمعة تناولت التنمر وحقوق العمال    متحور كورونا الجديد.. مستشار الرئيس يؤكد: لا مبرر للقلق    داعية: القرآن أوضح الكثير من المعاملات ومنها في العلاقات الإنسانية وعمار المنازل    دعوة خبراء أجانب للمشاركة في أعمال المؤتمر العام السادس ل«الصحفيين»    كيف هنأت مي عمر شقيقة زوجها ريم بعد زفافها ب48 ساعة؟ (صور)    «النواب» يوافق على مشاركة القطاع الخاص فى تشغيل المنشآت الصحية العامة    اقرأ غدًا في «البوابة».. المأساة مستمرة.. نزوح 800 ألف فلسطينى من رفح    مدير بطولة أفريقيا للساق الواحدة: مصر تقدم بطولة قوية ونستهدف تنظيم كأس العالم    ليفاندوفسكى يقود هجوم برشلونة أمام رايو فاليكانو فى الدوري الإسباني    ختام ملتقى الأقصر الدولي في دورته السابعة بمشاركة 20 فنانًا    هل يستطيع أبو تريكة العودة لمصر بعد قرار النقض؟ عدلي حسين يجيب    السائق أوقع بهما.. حبس خادمتين بتهمة سرقة ذهب غادة عبد الرازق    رسائل المسرح للجمهور في عرض "حواديتنا" لفرقة قصر ثقافة العريش    «نيويورك تايمز»: هجوم روسيا في منطقة خاركوف وضع أوكرانيا في موقف صعب    نهائي الكونفدرالية.. توافد جماهيري على استاد القاهرة لمساندة الزمالك    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    بايرن ميونيخ يعلن رحيل الثنائي الإفريقي    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    بنك مصر يطرح ودائع جديدة بسعر فائدة يصل إلى 22% | تفاصيل    افتتاح أولى دورات الحاسب الآلي للأطفال بمكتبة مصر العامة بدمنهور.. صور    "أهلًا بالعيد".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 فلكيًا في مصر وموعد وقفة عرفات    مصرع شخص غرقًا في ترعة بالأقصر    رئيس الإسماعيلي ل في الجول: أنهينا أزمة النبريص.. ومشاركته أمام بيراميدز بيد إيهاب جلال    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    منها مزاملة صلاح.. 3 وجهات محتملة ل عمر مرموش بعد الرحيل عن فرانكفورت    «الجوازات» تقدم تسهيلات وخدمات مميزة لكبار السن وذوي الاحتياجات    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" في زيارة إلى مدينة العلمين الجديدة    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    أول صور التقطها القمر الصناعي المصري للعاصمة الإدارية وقناة السويس والأهرامات    «الرعاية الصحية»: طفرة غير مسبوقة في منظومة التأمين الطبي الشامل    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    سعر السكر اليوم.. الكيلو ب12.60 جنيه في «التموين»    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    عرض تجربة مصر في التطوير.. وزير التعليم يتوجه إلى لندن للمشاركة في المنتدى العالمي للتعليم 2024 -تفاصيل    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرجل الأخير فى الوادى
نشر في شموس يوم 17 - 12 - 2016

أسمي "آن – آن بوردن ، أمريكية ، كان عمري خمسة عشر عاماً حين بدأت الحرب ، والأن أبلغ السادسة عشر عاماً . أنا الشخصية الوحيدة التي مازالت علي قيد الحياة في هذا العالم بعد الحرب .أعيش في الوادي . في الوسط الغربي من الولايات المتحدة ، أنا محظوظة لأن القنابل والإشعاع لم يصلا الي الوادي الذي أعيش فيه فالوادي مازال أخضر وأوراق الأشجار كما هي واستطيع أن أشرب من أحد الأنهار ماء نقياً . أعيش في مزرعة كان يمتلكها والديّ ولكنهما ماتا ، لقد غادرا الوادي فوراً بعد الحرب ، ذهبا ليبحثا عن أناس آخرين خارج الوادي ، ولم يعودا بعد ذلك ، لقد قتلهما الإشعاع.
في الوادي الذي أعيش فيه ، تأكل الأبقار الحشائش الخضراء ، تغرد الطيور فوق الإشجار ، الهواء النقي ، والشمس تستطع في سماء الصيف الزرقاء ، أما خارج الوادي فكل شئ ميت أو ملوث بالإشعاع ، لا توجد حياة ، وهكذا أصبحت وحيدة في هذا العالم ، لكن ربما يكون هناك شخص أخر في مكان ما ؟ من يدري ؟
أري شخصاً ما
بعد انفجار القنابل تعطلت التليفونات عن العمل وذهب أبي إلى مدينة " أوجدن تاون" وكان معه أخي "جوزيف" وابن عمي "ديفيد" ومكثت أمي معي . كانت خائفة وقلقة من أّثار الإشعاع .
وحين عاد أبي كان الوقت ليلاً قالت أمي لأبي :
– ماذا وجدت ؟
– جثثاً .. أجساداً ميتة . لقد مات كل أصدقائنا …
في اليوم التالي ذهبت الأسرة إلى مدينة أخري " دين تاون"
في هذة المرة أرادت أمي أن تكون مع أبي كما أن الجيران ، السيد والسيدة " كلين" والأبناء ذهبوا معهم أيضاً .
كان هناك الكثير من العمل ، ولذا مكثت في المزرعة . قال أبى :
– جوزيف : أمكث مع " آن" لتساعدها في رعاية الحيوانات .
ولكن "جوزيف" رفض البقاء واندس في شاحنة السيد " كلين" أنتظرتهم ولكنهم لم يعودوا .
اليوم هو العشرون من شهر مايو ، وأسرتي قد تركت الوادي في أبريل العام الماضي .
مضي عام تقريباً ، وأنا أحي بمفردي ، لا أري أحداً منذ عام ، ولم أتكلم مع انسان ، لا يوجد شي في الراديو الأن ، أخر كلمات قد سمعتها في الراديو ، أتذكرها الأن ، كان المذيع يتكلم من بوسطن ويقول :
– هنا .. مايزال عدد قليل جداً علي قيد الحياة ، لقد أكلنا كل الطعام الموجود ، كل شي أصبح مشعاً ، نحن جوعي وسوف نموت جوعاً .
في اليوم التالي صمت الراديو وسكن ،أنا خائفة أحس بقدوم شخص ما ، لقد كنت وحيدة لمدة طويلة ، ولا أود أن أري أحداً الأن . أري دخاناً يتصاعد في السماء ناحية الشمال ، رأيت ذلك ثلاث مرات ، تسلقت التل في نهاية الوادي ، الدخان ينبعث من نار ، رأيت النار من خلال منظار معي ، كل يوم يقترب الدخان أكثر ، أعتقد أن شخصاً ما يشعل النار كل يوم ، شخص يأتي إلي هنا في الوادي .
شخص ما …يأتي
الدخان الأن أصبح قريباً ، وبالتالي فإن النار قريبة من الطريق إلي الوادي الذي أعيش فيه ، شخصاً ما يسير في إتجاهي وسوف يراني حالأ، هل هو رجل أم امرأة ؟
أكتب ذلك في مذكراتي ، فقد اشتريت دفتراً وأقلاماً من محل " كلين" في فبراير قبل الكارثة . أدون كل يوم شيئاً عن حياتي ، وكذلك عن الطقس والمزرعة ، الآن أكتب عن الشخص القادم أيضا ولكن ماذا سأقول عنه ؟ أنا في حالة انفعال وخوف شديدين ، لدىّ ما يكفيني من الطعام ، فهناك الكثير من الأبقار والدجاج في المزرعة ، والكثير من اللبن والبيض الطازج ، وفي محل السيد " كلين" الكثير من الأشياء والملابس ، لكن ما يشغلني هو الشخص القادم ، هل هو طيب أم شرير؟
لا أحب الحياة بمفردي ، ولكن لا أحب أيضا أن أحيا مع شخص شرير ، سأحتفظ بسلاح معي رغم أني لا أحب الأسلحة ، ولكن حاجتي للأمان تتطلب ذلك ، سوف أضع بعض الطعام والملابس في مكان سري بكهف في التل ، ربما أضطر إلى أن أختفي هناك
الرابع والعشرون من مايو
أخيراً ، رأيت الشخص الاّخر من خلال منظاري ، إنه رجل يبدو غريباً ويرتدي بذلة غريبة تغطي رأسه وجسده وذراعيه ويديه ورجليه وقدميه ، كما يحمل حقيبة من البلاستيك علي ظهرة ، ويسير في الطريق المؤدي الي الوادي الذي اعيش فيه إنه يجر شيئاً ما أشبة بالعربة ، صندوقاً كبيراً يرتكز علي عجلتين . العربة ذات غطاء أخضر ، وحين يغادر المنطقة المشعة فإنه سوف يصل الي الوادي .
الرجل ذو البذلة الخضراء
الوقت ليلاً ، وأنا مختفية في الكهف عند التل ، أعتقد أن الرجل وصل الأن إلي منزلي ، لست متاكدة فالجو مظلم ، ولا أستطيع الرؤية بوضوح .
الرجل لا يعرف أين مكاني ، لم يرنى . أحاول الاختباء منه أود أن أراقبه وأري كيف يعيش ؟
عندما رأي الوادي لأول مرة توقف عن السير ، رأي النهر والمنزل والحقول لقد تأكد من اخضرار الأشجار والأعشاب ، لقد كان سعيداً جدا . جري إلي شجرة ، جلس بجوارها ، ولكنه لم يخلع ملابسه ، قطع بعض الأوراق . نظر إليها من خلال النظارة التي تغطي وحهه . بعد ذلك جري عائداً إلي عربته ، أخرج جهازاً واختبر الهواء فوجده نقيا.
عاد ثانية الي العربة . أخرج منها (عداد جايجر) وسار ببطء علي الطريق ، كان يختبر الوادي ، ليعرف هل يوجد إشعاع أو لا ، وكان ينصت باهتمام إلى الجهاز . نعم إن الوادي آمن ، ثم توقف عن السير وخلع قناعه وصاح :
– هل يوجد أحد هنا ؟
لم أرد عليه ، أحببت أن أتكلم معه ولكنني كنت خائفة ، إنه ذو لحية وشعر طويل بني غامق ، ووجهه نحيف وبشرته بيضاء .
عاد الرجل ثانيا الي العربة ، اخرج الاجهزة ثم اخرج سلاحه وبدأ يتحرك بأتجاة منزلي ، لم يدخل المنزل ، ولكنة سار ببطء حوله ربما كان خائفا نظر من خلال النوافذ عاد الي الباب وصاح ثانية :
– هل يوجد أحد هنا ؟
لم أجب ، دخل المنزل ، وبعد حوالي عشرين دقيقة خرج منه . كان الجو مظلما فعاد إلى عربته وفتح الحقيبة البلاستيكية الخضراء وأخرج منها خيمة . في الحال انتهي من تجهيز وجبة له علي النار بالقرب من خيمته ولم يدخل المنزل لينام ، ولكنه بقي في خيمتة .
من يكون هذا الرجل ؟
إننى أراقبه باهتمام ، هل أتكلم معه ؟ لا أعرف …أنا خائفة .
استيقظت مبكرا وخرجت من الكهف بهدوء وحرص بالغين ، كان الرجل قد استيقظ ، ولكنه لم يرني ، كان يحمل سلاحه وعداد " جايجر" معه مرتديا بذلته البلاستيكية الخضراء .
الخامس والعشرون من مايو
سار خلف المنزل متجها إلى الدجاج . سمعت علي الفور صوت طلقة نارية (بانج) . عاد الرجل ومعه دجاجة مذبوحة ، واحدة من دجاجي . ووضعها فوق قمة العربة. بعد ذلك مضي بعيداً في الطريق إلى الكنيسة والمحل .راقبته جيدا من خلال منظاري ، رأته الأبقار التي كانت في الحقل فارتجفت وخافت وفرت ،ثم رأي الماء في الترعة ، فأخرج "جايجر" وقرّبه إلي الماء ، ثم وضعه فيه واختبره ، ابتسم وشرب منه ، وبعد ذلك ذهب إلي المحل واختبره ودخل . وبعد دقائق خرج ومعه كمية لا بأس بها من الطعام ، كانت السماء زرقاء والشمس حارقة في الساعة الحادية عشر صباحا . نظر الي الماء في (بوردن جريك) وارتكب خطاً جسيما فقد نسي أن يختبر الماء . خلع ملابسه وقفز في الماء ومكث فيه وقتا طويلا ولكني أعلم أن الماء في (بوردن جريك) خطير جداولا توجد أسماك فيه والحشائش التي بجواره ميته .
الكلب فارو
حدث شئ غريب بعد الظهر. عاد الكلب فارو الذي كان يملكه أخي . إن شكله مخيف بعد أن أصبح نحيفا جدا جدا .
تحرك فارو بهدوء تجاه المنزل بينما كان الرجل يشوي الدجاج علي النار . لم يكن مرتديا بذلته البلاستيكية . وقف فارو علي بعد أمتار قليلة منه . رأي الرجل الكلب فنادي عليه ولكن فارو لم يقترب منه ..انتظر بعيدا.
وحين انتهي الرجل من إعداد طعامه أعطي جزء منه لفارو فالتهمه بسرعة ثم جري مسرعا وتسلق التل فوجدني . كنت قلقة فربما عن طريق فارو يكشف الرجل كهفي السري ، فهو أكبر وأقوي مني ولا أود أن يعثر عليّ فأنا في كهفي هنا أشعر بالحرية.
السادس والعشرون من مايو
اليوم الأحد أعرف التاريخ من التقويم الذي أحتفظ به في الكهف ولديّ ساعة أيضا . في أيام الأحاد قبل الحرب كنت دائما أذهب إلي الكنيسة مع والديّ وبعد موتهما بدأت أذهب بمفردي ولكني اليوم لن أذهب .إنني ذاهبة لمراقبة الرجل الذي استيقظ مبكرا وانتهي من إعداد افطاره وترك بعض اللحم لفاروه وبعد الافطار ذهب فارو الي المحل مع الرجل الذي كان يسير بسرعة ولم يكن مرتديا بذلته البلاستيكية ، وحين خرج من المحل كان يبدو مختلفا . لقد ارتدي ملابس جديدة وحلق شعره ولحيته وهو الأن يبدو أكثر وسامه . أعتقد أنه في الثلاثين من عمره بدأ السير علي الطريق باتجاه الجنوب في نهاية الوادي وهو يحّدق في كل شئ .
رأى الأن تيار الماء الصغير المتدفق من الترعة وتيار الماء الأخر في (بوردن جريك) توقف ثم أختبر واحدا من تياري الماء المتدفقين . مشي حتي وصل الي المكان الذي يتقابل فيه التياران معا أحدهما ممتلئ بالسمك والاّخر لا يوجد فيه أي شئ حي علي الإطلاق
وبعد دقائق معدودة نهض وسار إلى نهاية الوادي . وقف بجوار الأشجار تظر الي الأرض التي تلوثت بفعل الإشعاع وخلفه كانت توجد أشجار وحشائش الوادي الذي أعيش فيه . أما في الأمام فكانت الصخور والرمال الملوثة بالإشعاع
وقف هناك لمدة عشرين دقيقة ثم اتجه ببطء إلي المنزل وفي منتصف الطريق إليه توقف وجلس في الطريق وبدا أنه مريض جدا . تحامل علي نفسه ثلاث مرات وهو في الطريق إلى خيمته ثم دخل فيها ولم يخرج منها ثانية.
مرض التلوث الإشعاعي
السابع والعشرون من مايو في صباح اليوم تناولت افطاري وجلست خارج الكهف بدأت أنظر إلى خيمة الرجل من خلال منظاري .
يبدو أن الكلب فارو جائع جدا فالرجل لم يقدم له الطعام لأنه لم يخرج من الخيمة أعتقد أنه مريض …فهل سيموت ؟ !!
أنا الاّن في بيتي وبالتحديد في حجرة نومي والرجل في الخيمة فهو في حالة نوم دائمة لأنه مريض جدا ولا يقوي علي النهوض . نظرت داخل الخيمة بالأمس فوجدته نائما وعينيه مغلقتين . اشتد عليه المرض وأنفاسه تتلاحق بسرعة ، بجواره كوب من البلاستيك أخضر اللون مقلوب والماء يسيل منه ، دخلت الخيمة فشممت رائحة منفرة لمست يد الرجل فوجدتها جافة وساخنه ولكن سمعته فجأة يقول :
ادوار …ادوارد ؟
لم يتظر الرجل إليّ ولكنه رأي سلاحي وقال شيئا ما . لم أستطع فهمه ثم أغلق عينيه ثانية فقلت له :
– أنت مريض ..مريض جدا
فرد قائلاً :
– ماء …أعطني ماء
– نعم سأعطيك الماء …دقائق وأحضره اليك .
جريت إلى المنزل أحضرت فنجانا وملأته بالماء وحينما عدت إلى الخيمة وجدته نائما فلمست ذراعه وايقظته قائلة :
– هذا هو الماء …اشرب
نهض بصعوبه من شدة المرض وجلس ..حاول أن يشرب من الفنجان ولكنه سقط بين يديه وأسندت راسه وأعطيته الفنجان ثانية . شرب الماء بسرعة وقال :
– ماء أكثر …أسقني
– ليس الاّن حتي لا يثقل المرض عليك .
وعاد للنوم ثانية ….
أحضرت قطعة من القماش ونظفت وجهه وأعطيته بطانية وبعد ساعات قليلة أعددت له طبقا من الحساء وذهبت إليه فى الخيمة وجدته متيقظاً واندهشت لذلك ، نظر إلىّ وأخذ يتحدث بصوت هادئ جدا.
– أين أنا ؟ لا اعرف اين أكون ؟
– ومن أنت ؟
– أنت عندي فى الوادي – وادي (بوردن) إنك مريض
ووضعت طبق الحساء بجواره فبادرني قائلا:
– تذكرت الاّن الوادي ، لقد رأيت أشجاراً خضراء ولكن لا يوجد أحد في الوادي . لم أشأ أن أخبره عن كهفي السري
– أنا موجودة هنا … لقد كنت مريضا جدا وجئت لمساعدتك .
– مريض نعم ..مريض جدا
– لقد أعددت لك طبق الحساء وبعض الطعام ، حاول أن تأكل .
حاول الرجل أن يأكل ولكنه لم يستطع . قمت بإطعامه بنفسي ولكنه قال :
– لا داعي للحساء فأنا مريض .
وعاد الي النوم ثانية لمست وجهه فوجدته ساخنا جدا .
عدت إلى الكهف وأخدت الساعة والمصباح ودفتر المذكرات .
في هذا الصباح كانت صحته أفضل ، أحضرت له الإفطار . شكرني وجلس وسأل :
– ما السبب في مرضي ؟ لابد أن أكتشف ذلك ؟
– أجبته : أنك ذهبت إلي (بوردن جريك) ؟
– فقال : وما هو (بوردن جريك) ؟
– إنه جدول الماء القريب من الطريق .
– هذا الجدول خطير فلا شئ يعيش فيه لأنه ملوث بالأشعاع .
أعطني عداد " جايجر" وطلب مني أن أذهب إلى جدول الماء واختبرة . ذهبت إلي هناك ووضعت العداد فوق الماء وكانت الإشارة عند رقم مائة وثمانين . عدت إلي الخيمة وأخبرته بذلك
– مائة وثمانون لقد بقيت في الماء لمدة عشر دقائق لابد أني أصيبت بمرض التلوث الأشعاعي .
– طمأنته : إنك تحسنت إلي حد كبير .
– فأجاب :إنك لم تفهميني جيدا : لقد درست الإشعاع قبل الحرب وأعرف الكثير عنه وعن الأمراض التي يسببها
– أولا مرض الشخص ويستمر يوما أو يومين ، وبعد ذلك تأتي الحمي وترتفع درجة الحرارة جدا ولا يستطيع الشخص أن يفكر بوضوح ، أنا الأن علي مشارف الحمي وفورا سأصبح مريضاً جدا جدا.
– فسألته : وماذا سيفعل بك هذا المرض ؟
– لا أعرف ربما أموت وربما لا

جون لومس
التاسع والعشرون من مايو
الرجل في المنزل نائما في حجرة أخي وأنا أقوم بعنايته اسمه (جون لومس) كما أخبرني بالأمس وهو عالم من أيساكا في نيويورك حيث كانت توجد جامعة كورونيل قبل الحرب . استيقظت مبكراً وشعرت بالسعادة لأنني أحسست أن هناك شخصا ما سأتحدث معه . قمت بتسخين بعض الماء علي النار وأخذت حماماً . ارتديت ملابس نظيفة . ثم ذهبت الي حظيرة الدجاج لاحضار بعض البيض وعندما عدت كان السيد لومس جالسا في السرير فقلت .
– أنت الأن أفضل
– نعم أشعر بتحسن هذا الصباح ولكن الحمي سوف تبدأ حالاً . أود أن أكل قبل أن يهاجمني المرض ثانية .
أعطيته كمية كبيرة من البيض والخبز والقهوة وبدا مندهشا جدا وقال :
– هل أعدت ذلك بنفسك ؟ هل تعيشين هنا بمفردك ؟
– نعم
كان بودي الا أجيب علي هذة الأسئلة ولكني وحدت نفسي أقول له:
– أشرف بمفردي علي هذة المزرعة وابذل جهدا كبيراً في ذلك ولدي أبقار ودجاج وأسماك كثيرة في النهر ، وأزرع بعض الأشياء في حقولي.
– ولكن لماذا لم يقتل الإشعاع كل شئ في الوادي ؟
– لا أعرف ، ولكن الناس يقولون أنه ذو طقس مختلف ، ولن يصل الإشعاع أبدا إلي هنا .
تناول افطاره ثم بادرني قائلاً :
– ما اسمك ؟
– " آن بوردن "
– هل يوجد كثير من الناس في الوادي ؟
– كانت أسرتي وجيراننا ، لكنهم ذهبوا جميعا إلي اقرب مدينة في شاحنتين ، ولم يعد أحد علي الأطلاق ، لقد مات الجميع .
– ربما قتلهم الغاز الذي تصاعد بعد انفجار القنابل ، فحين يستنشق الناس هذا الغاز ينامون ولا يستيقظون أبدا
– فسألته : كم من الوقت أخذت لتاتي إلي هنا ؟
– حوالي عشرة أسابيع وفي تلك الأثناء لم أر أحداً علي قيد الحياة سواء من الناس أو الحيوانات أو الطيور أو الأشجار كل شئ قم مات .
بدا التعب والإرهاق والمرض علي وجه السيد لومس
– " أود أن أرتاح" قال ذلك وحالا راح في النوم . نزلت الي الحقول بجوار الترعة وحركت الأبقار قليلاً ثم قمت بحلبها .
وعندما عدت الي المنزل كان السيد لومس قداستيقظ ، أعدت بعض الطعام .
– كنت أعمل في جامعة كورنيل في مجال البحث عن البلاستيك .
ثم توقف برهة وقال :
– كنا نعمل لحساب الحكومة وكان عملنا سرياً وفي مكان سري تحت الأرض . نحاول اكتشاف نوع جديد من البلاستيك ، نوع يحمي الناس من أثار الإشعاع وكان الجيش في حاجة إلى ملابس مصنوعة من هذا النوع من البلاستيك .
– وسألته : ولكن ماذا عن الهواء ؟ وكيف استطاع الجنود أن يتنفسوا ؟
– فأجاب : صنعنا نوعاً أخر من البلاستيك ، بحيث أن الهواء الملوث بالأشعاع أذا مر من خلال هذا البلاستيك فإنه يتحول الي هواء صالح للتنفس ، ويمكن أيضا جعل الماء نقياً من خلال هذا البلاستيك .
الأن فقط أدركت لماذا يحمل السيد لومس حقيبة من البلاستيك فهذة الحقيبة تعمل علي تنقية الهواء وكذلك البذلة التي يرتديها من البلاستيك .
ثم أردف السيد لومس قائلاً :
– كانت الحكومة في حاجة إلي كمية كبيرة من البذل الأمنة ولكن لم يكن لدينا الوقت الكافي لتصنيعها وحين بدات الحرب كانت لدينا بذله واحدة ، فأمنّا أنفسنا بالاختباء تحت الأرض ومعنا كمية كبيرة من الطعام والشراب فسألته :
– هل كنتم تحت الأرض حين انفجرت القنابل ؟
– نعم كنا في واحد من أكثر الأماكن أمناً في الولايات المتحدة
– هل يوجد ناس أخرون علي قيد الحياة
– ربما ..إذا كانوا تحت الأرض فلا بد أن يكون لديهم ما يكفيهم من الطعام والشراب لأنهم لا يمكن أن يعيشوا بسبب الإشعاع وليس لديهم الملابس الواقية ، واعتقد أنهم سيموتون إذا نفد الطعام والشراب فسألته:
– هل حاولت البحث عن ناس أخرين؟
– نعم وأخذت معي الطعام والشراب ولكن لم اجد سوي الجثث في كل مكان .
أعطيت السيد لومس كوب الماء وعندئذ تذكرت ما قاله في اليوم السابق فسألته في هدوء
– من هو أدوارد ؟
– سقط الكوب بين يديه ووقع علي الأرض.
– كيف عرفت بهذا الأسم " ادوارد" ؟
– حين ناديتني بالأمس قلت " ادوارد " فذهبت اليك في الخيمة فوجدتك نائما وتحلم فاعتقدت أنني ادوارد .
– " ادوارد" كان يعمل معي لحساب الحكومة .
صديقي الجديد
الثالث من يونيو: مضت أربعه أيام . في الثلاثين من مايو كان السيد لومس مريضا جدا وارتفعت درجة حرارة جسده الجاف،وكان يصيح وهو نائم .
– هل أحضر لك بعض الدواء ؟ يوجد قدر بسيط في المخزن .
– لا لقد أصبت بمرض التلوث الأشعاعي والدواء الذي في المخزن لن يساعدني في شئ .

الواحد والثلاثون من مايو
لدي الكثير من العمل تركت السيد لومس وذهبت إلي المحل وأحضرت بعض الطعام وسأقوم بزراعة بعض الخضروات، فأنا أحب الخضروات الطازجة .
أحضرت المسحاة وذهبت إلى الحديقة . وفوراً بدأت في عزق الأرض ، وكانت الشمس حارقة بينما أخذ الكلب فارو في مراقبتي وبعد ساعات قليلة رأيت السيد لومس وكنت قلقة لماذا ترك الفراش فاقتربت منه وسألته :
– هل حدث شئ ؟
– لا ولكن لم أرغب في النوم، كان الجو حاراً جدا في المنزل ولذا خرجت
– وأنت ماذا تفعلين؟
– أعزق الرض لزراعة بعض الخضروات.
– إنه عمل شاق بالنسبة لفتاة مثلك .
– والدك لم يكن يملك جراراً
– نعم موجود ولكن لا يوجد بترول .
– ولكن يوجد في المخزن مضختا بترول وأنا متأكد أنهما ليستا فارغتين
– نعم يوجد بترول في المخزن ، ولكت المضخة لا تعمل بدون كهرباء.
– من الممكن أن يتم تشغيلها باليد
– عندئذ سيكون لدينا أكثر من عشرين الف لتر من البترول .
كان الجو قد بدا في الأظلام فعدنا إلي المنزل معا . كنت مسرورة وطلب مني أن أساعدة وبدا يتماثل الي الشفاء ، بعد العشاء أوقدت ناراً في حجرة المعيشة وكان البرد شديداً في الخارج فأغلقت النوافذ ولم يذهب السيد لومس لينام بل جلس فى مقعده ينظر إلي النار.
فأعتذرت له :
– أسفة فالمصابيح الكهربية لا تعمل فلا توجد كهرباءولا أستطيع تشغيل أي أسطوانات
– فسألني : هل تستطيعي العزف علي البيانو؟
– نعم ولكن ليس بدرجة عالية …سأحاول .
وضعت مصباحاً زيتياً بجوار البيانو وبدأت في العزف عليه ، وعندما نظرت اليه كان النوم قد بدأ يهاجمه ، توقفت عن العزف فاستيقظ وقال :
– جميل جدا لم أسمع موسيقي منذ أكثر من عام.
وعندئذ نظرإلىّ في إعياء :
– أنا مريض ولابد أن أنام الأن.
جلست بجوار المدفاة وتناولت كتاباً قديما أعطاه لي شخص ما عندما كنت طفلة صغيرة في كل صفحة.منه حرف من حروف الهجاء فالصفحة الأولي مكتوب عليها حرف (A) لأدم وكانت هناك صورة لرجل يسمي أدم علي الصفحة أما علي الصفحة التالية فكان ( ( B)لبنيامين أما الصفحة الأخيرة فمكتوب عليها (Z) لزكريا .
كان أدم هذا يرمز لأول رجل في العالم وربما يكون زكريا هو الرجل الأخير في العالم وعندئذ تذكرت السيد لومس ربما يكون هو أخر رجل في العالم.
لقد أحببت السيد لومس ولكني مازلت أخشاه ، كنت متعبة فقررت أن أعود إلى السرير وفجاة سمعت صيحة السيد لومس كان يتحدث بصوت مرتفع وهو نائم ، كان يتكلم مع ادوارد بغضب شديد جدا جدا ونهضت وذهبت حتي باب حجرته وماذا أستطيع أن أفعل حتي أساعده لقد كان يصيح :
– عرفنا أنهم ماتوا ، كلهم ماتوا ألم تفهم يا ادوارد ؟ ماتت ماري مات بيلي .أنت لم تستطع أن تساعدهم . هدأ السيد لومس لحظة ثم صاح ثانية :
– أخرج ، أخرج من ….
لم أفهم الكلمة الأخيرة لقد أصبح مريضا جدا مرة ثانية ، قررت أن أترك باب حجرتي مفتوحاً ، ربما يحتاج السيد لومس أية مساعدة أثناء الليل . رقدت علي سريري جاء الكلب فارو ورقد أمامي .
أستيقظت مبكراً جدا في أول يونيو وحلمت أثناء الليل بوالدتي تركت السرير بسرعة نزلت السلالم وجلست خارج حجرة نوم السيد لومس ..وكان نائماً.
سرت في الحقول للحصول على بعض النباتات الخضراء للأكل وكان الهواء منعشا ونقيا وكانت الحشائش في الحقول طويلة وندية فابتل الجينز الذي أرتديه ورأيت الأسماك تعوم في البركة وشعرت بالسعادة وكان كلبي فارو معي ولما رأي الأرنب جري وراءه ولكن فارو لم يكن سعيدا جدا وبينما كنت أسير معه بدأت أفكر في حياتي
يونيو القادم سوف أكمل العام السابع عشر ربما أتزوج وانا في هذا العمر والسيد لومس مريض الأن ولكن ربما يطلبني للزواج بعد ذلك عتدئذ يكون يوم عيد ميلادي السابع عشر أفضل يوم لحفل زفافي .
لقد حلمت بحفل الزفاف سوف أرتدي فستان زفاف والدتي وسيكون هناك كثير من الزهور وفي غضون عشر سنوات سيكون عندي أطفال .
– قررت أن أهدي لومس بعض الزهور جمعتها وعدت إلي منزلي الذي كان هادئاً ثم أعددت طعام الإفطار له وطرقت علي بابه فلم يرد عليّ أحد ، نظرت من النافذة فوجدته في الخارج جالسا علي حجر كبير ومعه عداد "جايجر" وحين رآني وسألته :
– هل أنت بخير ؟
– نعم شعرت بتحسن فجئت أختبر الماء مرة ثانية .
– فسألته : ما الذي أشار إليه الجهاز ؟
– الإشعاع في الماء قوي جدا ولذلك فلست متأكدا من بقائي حيا.
بعد ذلك أخبرنى عن خططه في مجال الكهرباء فهو في حاجة اليها في وادي "بوردن"
ثم قال :
– هذا الماء تلوث بالإشعاع ولكن يمكن الاستفادة منه ولسوف أبني سدا عبر بحيرة جريك يحافظ علي الماء فيها ولقد وجدت محركا كهربيا قديما وأستطيع أن أصنع ماكينة منه وسوف يجعل الماء المتحرك هذة الماكينة تدور وبالتالي يصبح لدينا كهرباء .
– ولكن من الخطر جدا أن تخوض في هذا الماء
– سوف أرتدي الواقي وحين تصبح الماكينة جاهزة نحصل علي الاضاءة الكهربائية أما الثلاجة والمجمد فسوف يعملان أيضا.
بعد الإفطار قمت بحلب الأبقار وزراعة بعض الخضروات وعندئذ أستدعاني قائلا :
– أشعر بأني مريض جدا . إنه اليوم السادس من مرضي لابد أن الإشعاع قد وصل الي دمي .
ساعدته حتي عاد الي فراشة وذهبت للصيد ، فأمسكت بثلاث سمكات من البركة . كان السيد لومس نائما حين عدت الي المنزل فوضعت بجوارة كوبا من الماء . راودني الأمل أن تتحسن صحته ثانيه، أوقدت النار وطهوت السمك ووضعته علي المائدة بجوار بعض النباتات الخضراء ، كان الجو مظلماً في الخارج ، أما داخل المنزل فكان دافئا ومريحا.
نهض السيد لومس لتناول العشاء معي وبعد ذلك قرأ كتاب والدي عن المضخات والمزرعة والماكينات وعرفت اننا سنحصل علي الكهرباء قريبا
الجرار
اليوم الثاني من يونيو
حين قمت بإعداد الإفطار وأخذته إلي السيد لومس كان مستيقظا يتصفح واحداً من كتب والدي فبادرني قائلا :
– انظري إلي هذا
وعرض علي رسما لمضخة بترولية نفس المضخة التي كانت موجودة في المخزن وقال
– بالرغم من عدم وجود كهرباء لدينا فإننا يمكنا الحصول علي البترول وللمضخة يد لو أدرتها مرات قليلة فسوف يخرح منها البترول .
تركته في فراشة وذهبت الي المخزن ووجدت المضخة ذات اليد فأدرتها في الحال مرة ، مرتين ثلاثة ثم صاح :
– بترول !! أخيرا أصبح عندنا بترول للجرار !
بعد ذلك بساعتين ملأت خزان الوقود في الجرار وكان من الصعب أن يتحرك الجرار لأنه لم يستعمل منذ فترة طويلة ولكنه تحرك أخيرا .
جلست علي مقعد الجرار وقمت بقيادته الي المنزل كنت سعيدة جدا فسوف يوفر لي الكثير من العمل .
ركبت الجرار وخرجت الي الحقول وكات يوما جميلا وشعرت بحرارة الشمس وبدأ الكلب فارو يلف ويدور حول الجرار في سعادة .
بعد الغداء أردت أن أستكمل العمل في حقل أخر ، ولكن السيد لومس كان مريضا جدا ولم أشا أن اتركة وحيدا فأحيانا ترتفع درجة حرارته ارتفاعا شديدا واحيانا تهبط هبوطا شديدا ، وكان خائفا أن يبقي وحيدا.
في ذلك المساء أعددت له عشاءاً وفيرا دجاجة والكثير من الخضروات .
– لن آكل…. لست جائعا.
عدت الي حجرة الطعام وتركته في فراشة كنت جائعة لأني قمت بعمل شاق طوال اليوم ، وفجأة صاح :
– آن – تعالي الي هنا.
ذهبت اليه في الحال وكان نائما في الفراش وبدا شكله مفزعا .
– أشعر ببرد شديد جدا.
رغم ذلك كان وجهه دافئا والعرق يتصبب منه.
– حاول أن تنام سأحضر لك بطانية أخري
– أشكرك أنك تشفقين علي كثيرا.
كنت قلقة جدا فالسيد لومس أنتابته حمي شديدة ولم أعرف كيف أعتني به كما انه هناك الكثير من الإشياء لابد أن أنجزها.
جلست بجوار السيد لومس ساعات عديدة وامسكت بيدة لأتحسس نبضه تري هل سيموت؟
كنت خائفة جدا فلا أود أن أعيش وحيدة في هذا الصباح أستيقظت مبكرا وركبت الجرار حتي وصلت الي جدول الماءفنحن في حاجة الي المزيد من الماء وبعد ذلك عدت بسرعة الي المنزل .
كنت علي مسافة مائة متر فقط من المنزل ، حين خرج السيد لومس وكان من الصعب عليه أن يمشي فأخذ يصيح ووجهه شاحب جدا ، الكلب فارو رأي ذلك فجري بعيدا تحرك السيد لومس في أتجاة عربته فتح الغطا وادخل يدة واخرج سلاحه وأستدار ووجهه سلاحة في أتجاة المنزل واطلق ثلاث رصاصات رأيت ثلاث ثقوب كبيرة في الجدار الخشبي للمنزل وصاح :
– إدوار ..اين أنت ادوارد …ادوارد .
أمسكت بذراعه
– هل عدت تحلم بذلك ثانيا . أذهب الي فراشك وسوف تشعر بتحسن غدا .
ساعدته حتي عاد الي فراشه، لم يكن يعرف أنني موجودة شعرت بالقلق وقلت لنفسي لماذا اراد السيد لومس أن يقتل ادوارد ؟
إدوارد
صباح يوم الرابع من يونيو
كان يوما مخيفا اعتقدت فيه بأن السيد لومس يموت ،لقد نام كثيرا . أخذ يحلم أحلاما مفزعة وعندما استيقظ لم يرني أو يسمعني .
كان السيد لومس خائفا جدا فهو يتكلم طول الوقت عن رجل واحد هو إدوار وهو يعتقد أن إدوارد موجود هنا ودائما يصيح باسمه ، لم أفهم . كان السيد لومس وإدوارد صديقين ولكن حدث شيئا ما بينهما والان السيد لومس وإدوارد أصبحا عدوين أحيانا يعتقد السيد لومس إنني ادوارد وأحيانا يعتقد أنه يعمل معه واحيانا يعتقد أنه موجود هنا في وادي بوردن .
أخذت الإفطار وذهبت اليه فوجدته مستيقظا ولكنه لا يزال في حلم طويل وبدأ يتكلم ولكنه لم يتحدث إليّ .
– لا تقترب ياإدوارد …لا تقترب .
قاطعته قائله :
– لقد أحضرت لك الافطار ياسيد لومس
– الافطار لا …أنا مريض جدا.
– حاول أن تشرب شيئا ما ..لقد أحضرت اليك شرابا باردا وسأحضر المزيد منه .
– إدوارد…إدوارد .
– ياسيد لومس إدوارد ليس هنا
– أعرف ذلك ولكن إين ذهب ؟
– لا تكن قلقا عليه.
– أنت لا تفهمين ادوارد يريدها وسيحاول أن يأخذها.
حاول أن ينهض من السرير ولكني أمسكت به من كتفيه ومنعته من ذلك رقد فى هدوء وكان يتنفس بسرعة عجيبة ثم قال في إعياء.
– البذله ..البذله الواقيه ..سوف يأخذ البدله الواقية.
الأن عرفت الحقيقه . السيد لومس يخشي أن يأخذ أدوارد البذلة الواقية منه
– ياسيد لومس البذله في العربة ، لقد وضعتها هناك ألا تتذكر؟
يعد الظهر ذهبت الي العربةوأحضرت البذلة ووضعتها في غرفة نوم السيد لومس ولكنه يحلم بإدوارد ثانية في الحلم كانا يتشاجران مع بعضهما.
– لا يادوارد لا يمكن أن ترتديها لمدة اربعة وعشرين ساعة..لن تأخذها سأحتفظ بها لابد أن تظل البذلةهنا تستطيع أن تخرج ولكن لن تستطيع العودة فالباب سيكون مقفلا.
الأن فهمت القصة بعد الحرب كان السيد لومس وإدوارد يعملان معا وكانا تحت الأرض حين انفجرت القنابل ولذا فقد نجيا من الموت ولكن ادوارد كان متزوجا وأراد العودة إلى منزله ليطمئن علي زوجته وابنه ففي الخارج كان كل شىء تلوث بفعل الإشعاع ولك يكن يوجد سوي بذلة واقية واحدة وكلاهما أراد الحصول عليها ولكن ادوارد أخذها ولبسها ثم صاح السيد لومس.
– اخلع هذه البذلة وأعطها لي لو لم تخلعها سأطلق النار عليك البذلة تستطيع أن تحميك من الإشعاع ولكن لن تحميك من الرصاص .
عدت إلى مقعدي ونظرت بعناية إلى البذلة الواقية فوجدت ثلاثة ثقوب جديدة ولكنها مغطاه بثلاثة قطع بلاستيكية في مقدمة البذلة . لقد أطلق السيد لومس علي إدوارد النار ثلاث مرات وبعد ذلك تم أصلاح البذلة الواقية .
الأن تأكدت أن السيد لومس قد قتل إدوارد ولكني لم أتمني الموت له أتمني أبضا ألا يقتلني
.
السيد لومس يستيقظ
السابع من يونيو
مكث السيد لومس في الفراش أياما عديدة يبدو . اليوم في صحة أفضل كان نائما وبدا التنفس ينتظم رغم الحمي التي به بدأت في وضع الملاءات النظيفة علي سريرة وكان هناك قدر كثير من الغسيل لا أود أن أكون ممرضة ولكن أود أن أكون مدرسة فأنا لا أحب عناية المرضي .
بعد أن انتهيت من الغسيل جلست . فقد كنت متعبه وفي حاجة إلي الراحة وفكرت كثيرا في البذلة الواقية كما فكرت في المكتبة الموجودة في " أوجدن تاون " أحب القراءة كثيرا وهذة المدينة ليست بعيدة جدا ولكن أثارا للإشعاع مازالت موجودة هناك يمكنني الحصول علي البذلةالواقيةوعند ذلك أستطيع الذهاب الي" أوجدن تاون " وأستطيع احضار بعض الكتب ولكني أتمني ألا تكون الكتب قد تلوثت بفعل الإشعاع وعندئذ تذكرت أدوارد.
الخامس والعشرون من يونيو
اليوم عيد ميلادي السادس عشر لقد استيقظ السيد لومس
أصبح أفضل كثيرا ولكنه أصبح مخيفا جدا جدا وكان يجب أن يأكل كثيرا . أتمني أن يظل علي قيد الحياة . اليوم لدينا دجاج وخضروات وكيك للعشاء ولكن السيد لومس لا يتحرك ولذا فإننى وضعت له الطعام بجوار سريره.
– أنا لا أصدق ما يحدث الأسبوع الماضي كنت أموت والآن أتناول الطعام.
السادس عشر من يونيو
اليوم أكل كثيرا وظل متيقظا فترة طويلة . أصبحت لا أشعر بالقلق تجاهه الآن ولست في حاجة الأن أن أظل بجواره في المنزل . أستطيع أن أذهب للعمل في الحديقة لديّ الكثير من العمل هناك أنا مسرورة لأن السيد لومس أصبح في صحة أفضل ولكنه دوما غاضب وذلك جعلني أخاف منه وحين أحضرت له الإفطار هذا الصباح سألني أسئله عديدة :
– هل زرعت كل الخضروات؟
– فأخبرته بمقدار العمل الشاق الذي أقوم به
– ماذا فعلت حين كنت مريضا؟
وأخذ يلقي العديد من الأسئلة وأنا صامتة
– واين ذهبت؟
– ذهبت إلي الكنيسة
– ولماذا ذهبت إلي هناك؟
– وكم من الوقت بقيت هناك ولماذا لم تعملي في الحقول؟
– لم أشا أن أجيب علي هذة الأسئلة.
قبل أن يأتي السيد لومس إلي الوادي كنت أتمتع بحريتي وأفعل ما أحبه وقد ساعدته حين كان مريضا، والأن هو يعتقد ان الوادي أصبح ملكه، رغم أنه يحاول السير وأحيانا يقع فأساعده علي النهوض ولكن حالا سوف يصبح قويا وسيكون أقوي مني واتمني أن يصبح رحيما بي.
السيد لومس يدبر خططا
الثاني والعشرون من يونيو
أصبح السيد لومس قادرا علي السير . في البدايه كان يستند علي الكراسي والمنضدة الأن يستطيع أن يمشي بسهولة وأن يأكل وينام جيدا . لقد أصبح أقوي في الصباح استيقظ مبكرا وبدأ يكتب ويرسم في كراسته ، كان يصمم ماكينه لتوليد الكهرباء وسوف يقوم بتشغيلها علي بحيرة جريك فالماء في هذه البحيرة سيعمل علي إدارتها وقال لي :
– أحتاج بعض الكتب.
– كتب عن ماذا ؟
– كتب عن الكهرباء والماكينات هل عندك ؟
– لا ولكن هناك بعض الكتب في مكتبه" أوجدن تاون"
– كم تبعد هذة المدينة عن هنا؟
– حوالي ثلاثين كيلو مترا
– انتظرت ثوان معدودة ثم قلت :
– هل الكتب في مكتبة أوجدن تاون ملوثة بالإشعاع هل سيكون ذات خطورة
– نعم
– ومتي نستطيع أن نستعملها دون خطورة .
– سته أشهر علي الأقل قبل أن نقرأها هنا ولكن ليس من المهم ذلك . سوف أرتدي البذلة الواقية وأذهب إلي أوجدن تاون وبذلك أستطيع قراءتها وهي في المكتبه فقلت له:
– ولكن أحب أن أقرأبعض الكتب، يوجد الكثير من القصص في المكتبه دعني البس البذلة الواقية وأذهب بنفسي الي هناك
بدا الغضب شديدا علي وجهه السيد لومس
– لا يمكن أن تأخذي البذلة ابتعدى عنها ولا تلمسيها.
علي الفور تذكرت ما حدث لادوارد وشعرت بالخوف ولم اقل شيئا ثم نظر نظرة غريبة إلىّ وقال :
– بذلتي أهم شىء في العالم ولا أستطيع أن أذهب خارج الوادي بدونها.
شعرت بالحزن لأني كنت في حاجة إلي بعض الكتب لأقرأها في بيتي ولكن لم أقل شيئا وشعرت بالخوف من السيد لومس الذي أصبح أقوي الأن فهو يجلس في الخارج أثناء النهار، وقد رأني أعمل في الحديقة والحقول وهو يخبرني بما أفعله ولكن لآ يساعدني حتي الأن . لم أفهم السيد لومس فهو لا يتكلم عن نفسه أبدا وذات مساء أردت أن أسأله بعض الأسئلة وجلست بجوارة وسألته عن عائلته وعن عماه ولكن كانت الاجابات قصيرة جدا.
تركت السيد لومس
الثلاثون من يونيو
عدت الي الحياة في الكهف مرة ثانية ولم يكن السيد لومس يعرف مكان الكهف ولا أريد أن يأتي إلي هنا ولا أستطيع ان أعيش معه في المنزل . لقد شعرت حقا بالخوف الشديد منه شئ ما حدث ولن أنام في المنزل مرة ثانية. في يوم الخامس والعشرون من يونيو استيقظت مبكرا وقمت بتغذية الحيوانات وعملت في الحقول لمدة ثلاث ساعات وبعد ذلك عدت إلي المنزل وأعددت الإفطار للسيد لومس وبعد ذلك عدت الي الحقول مرة ثانية، أعلم أنه يراقبني فقد جلس خارج المنزل طوال اليوم ، لكنني لم أنظر اليه في ذلك المساء أتي الي المطبخ وكنت قد انتهيت من إعداد طعام العشاء.
– أنا لا أود أن أتناول الطعام في فراشي لقد تحسنت صحتي وأود أن أتناول الطعام معك .
وضعت الطعام علي المائدة وجلسنا . هو في أول المائدة وأنا في أخرها وبعد العشاء أشعل السيد لومس مصباح الزيت وقال:
– لماذا لم تقرأى لي .
أنا لا أريد أن أقرأ للسيد لومس ولكني لا أريد أيضا أن أغضبه لقد قرأت له أكثر من ساعة ولا أعتقد أنه يسمعني ولكنه جلس في هدوء . وفي الليلة التالية طلب مني أن أعزف علي البيانو وجلست علي البيانو وقد جلس هو فى المقعد الخلفي ولم أستطع ان أري السيد لومس وكنت قلقة. عزفت علي البيانو وقتا طويلا ولم أعرف جيدا فقد كنت متعبة.
– آسفة لا أستطيع أن أعزف أكثر من ذلك فأنا مرهقة جدا.
– ولماذا أنت مرهقه؟
– لأنني أعمل طوال اليوم
– هذا عمل شاق عليك لابد ان نزرع ما يكفي لغذائنا العام القادم وحالا سأكون قادرا علي مساعدتك ولكن لابد أن تعلميني كيف أستخدم الجرار .
في اليوم التالي
أعددت العشاء بسرعة وكان مساء دافئا هادئا وبعد العشاء ذهب السيد لومس إلي حجرته وقررت أن أتنزه مع الكلب فارو فسرنا معا ببطء في الطريق المؤدي إلى الكنيسة وفي طريق عودتي إلى المنزل توقفت عند البركة فقد رأيت شيئا ما يتحرك بالقرب من المنزل . لقد كان السيد لومس ينظر في داخل العربه ثم استدار ونظر في اتجاه الطريق ولكنه لم يرني ثم عاد مسرعا إلي المنزل ، لقد رأيته والأن أصبح في صحة جيدة فهو يمشي بقوة وعدت في هدوء إلي المنزل وذهب السيد لومس إلى حجرته وكان المنزل مظلما.
ذهبت إلى غرفة نومي وخلعت حذائي ورقدت علي السرير وجاء فارو وجلس بالقرب مني وحالا استغرقت في النوم استيقظت في منتصف الليل وكانت الظلمة شديدة وأحدث فارو ضوضاء مفاجئة
لماذا استيقظ ؟، عندئذ عرفت أن السيد لومس في الحجرة . قد سمعت أنفاسه المتلاحقه لم أتحرك أو أتكلم ربما يذهب بعيدا ولكنه تحرك في اتجاهي ببطء وهدوء وقد أصبح قريبا من السرير وفجأة كانت يداه تلمسني وأنفاسه تتلاحق وتعلو . لمس وجهي ,تحركت بسرعة بعيدا عنه وسقطت من السرير علي الأرض ونهضت وجريت مسرعة
.
الاختفاء في الكهف
خرجت من المنزل وجريت . فقد كنت خائفة جدا اعتقدت أن السيد لومس يتبعني وجريت أسفل الطريق حتي وصلت إلى المخزن . كنت اتنفس بسرعة ولم أستطع أن أجري أكثر من ذلك شعرت بالبرودة الشديدة وتركت حذائي في المنزل .
لم يتبعني السيد لومس ولم أستطع أن أري فارو . قررت الذهاب الي الكهف . سأكون في أمان هناك . أخذت بعض الأشياء من المخزن ومشيت في بطئ إلي الكهف وراقبت المنزل وفي أثناء الليل أخذت المنظار ونظرت إلي المنزل فرأيت فارو خارجا منه وماشيا في اتجاه خيمة السيد لومس ولكنه يمشي ببطئ وأخذ يشم الإرض بأنفه عرفت أنه يحاول أن يعثر عليّ . ثم وصل السيد لومس إلي باب المنزل ونظر الي فارو وعرف أن فارو يبحث عني فقد كان يراقبه بعناية .
ذهب فارو علي الفور خلف الأشجار بالقرب من المنزل بينما كان السيد لومس داخل المنزل تيقنت الأن أنه لم يعرف مكان الكهف حيث يوجد الكثير من الأشجار أمامه وبعد عشر دقائق كان فارو يقف خارج الكهف . لقد كنت سعيدة برؤيته.
ولكني أخطئت في حقه فقد نسيت أن أطعمه وعندما شعر فارو بالجوع عاد إلى المنزل فوضع له السيد لومس بعض الطعام في الحديقة فالتهمه من شدة الجوع . عندئذ أخذ حبلا وربطه حول رقبته ثم ربط الطرف الأخر للحبل في البوابة .
مسكين فارو لم يربطه أحد بحبل من قبل وفي البداية حاول الهروب وبعد ذلك حاول عض الحبل . وكان السيد لومس يراقبه فتوقف فارو بسرعة عن جر الحبل فابتسم السيد لومس وعاد إلى المنزل .
اليوم هو الواحد والعشرون من يوليو
ظل فارو مربوطا بالحبل طوال يوم أمس وفي المساء عاد السيد لومس من الخارج ومعه بعض الطعام ولكن لم يعطه لفارو في الحال . في البداية قام بفك الحبل من البوابة وبعد ذلك أمسك به وسار في الطريق خلف الكلب فارو الذي كان يعرف ماذا يفعل فأخذ يشم الأرض أثناء سيره من أجل العثور عليّ وبعد أمتار قليلة عادا معا إلي المنزل وهنا قدم السيد لومس الطعام لفارو . وبعد دقائق معدودة مشي السيد لومس في بطء حتي وصل إلى المخزن ودخله وحين خرج منه نظر إلى أعلي التلال المحيطة بالوادي ولكنه لم يرني ولذا عاد ثانية إلى المنزل.
الليلة الماضية فكرت كثيرا في السيد لومس وفي المزرعة وقررت أن أتحدث معه هذا الصباح . ذهبت إليه ولكني وقفت في الطريق وحين رآني السيد لومس قال :
– لقد عدت ثانية
– أنا لم أعد
– أين ستمكثين ؟
– أحاول البحث عن مكان
– ولماذا عدت ؟
– أنا لا أحب أن أعيش معا
– ولكن كلينا يعيش في الوادي ولابد أن نرعي الحيوانات ونعمل لتوفير الطعام الذى يكفينا وسوف أعد لك الطعام حتي تصيرى أكثر اعتمادا علي نفسك في إعداده وتجهيزه
– ولكن أتركني أعيش بمفردي
نظر اليّ طويلا ولم يقل شيئا . عاد إلى المنزل
وقررت أن العمل سواء في الحديقة أو تربية ورعاية الدجاج والحيوانات واحضر له الطعام والشراب إلى الكهف السري كل ليلة.
كنت أشعر بالوحدة قبل أن يأتى السيد لومس إلى الوادي
هو رجل شرير ولذلك ربما يكون هناك واد مثل الذي أعيش فيه وربما يوجد من يعيشون في العالم .
لقد فكرت في الرحيل وسوف أحاول العثور علي واد أخر ولابد أن أعيش بعيدا عن السيد لومس
السيد لومس يحاول قتلي
الرابع من أغسطس
لا أدري ماذا أفعل وقد أطلق السيد لومس النار عليّ ولم أكتب في مذكراتي شيئا منذ وقت طويل وشعرت أنني مريضة جدا وانتابنى الشعور بالخوف وبعد أن تحدثت مع السيد لومس ذهبت للعمل . كل يوم أعمل في الحقول ثم أحضر له الطعام وأذهب الي المنزل من طريق مختلف كل يوم فهو يستطيع أن يمشي بسهولة الأن ويستطيع أن يقود الجرارأيضا كلانا يركب الجرار وكلانا يحصل علي الطعام من المخزن كما أنني أحصل علي اللبن والبيض والخضروات من المزرعة . ولكن الحياة في الكهف أكثر صعوبه ومشقة من الحياة في المنزل فالجو بارد جدا ليلا . كما أننى أقطع طريقا طويلا حتي أصل إلي المخزن وقد عرف السيد لومس أنني عادة أذهب الي المخزن وهو لا يحب أن أذهب الي هناك كما أنه لا يود ان أستعمل الجرار وذات يوم أخذ مفتاح الجرار وبالطبع لم أستطع أستعماله بدون المفتاح والمشكلة أنه أحتفظ بالمفتاح في جيبه .
لقد فقدت منزلي وفقدت فارو والجرار ولكن مازال لديّ الدجاج والبيض واللبن وبعض السمك في البركة والخضروات في الحديقة ولم أشعر بالجوع مطلقا
لقد قرر السيد لومس أن يمسك بي واعتقد أنني أعيش في المخزن وفى يوم من الأبام بعد الظهر رأيته خارجا من المنزل أخذت أراقبه من خلال منظاري فكان يحمل سلاحه في يد ويمسك الكلب فارو في اليد الأخري وأخذ معه الجرار ثم ربط الحبل بالجرار وأداره واتجه به الي المخزن وفارو يتبعة حتي وقف الجرار بالقرب من المخزن فوقف السيد لومس وبدأ المراقبه لمدة دقيقة أو دقيقتين وبعد ذلك أمسك سلاحه بكلتا يدية وتحرك إلى المخزن محاولا اطلاق النار . إنه يفكر في قتلي . بقى في المنزل وقتا طويلا وبحث عني في كل غرفة منه وعندما خرج كان الغضب يبدو عليه وبعد ذلك أغلق باب المخزن ووضع المفتاح في جيبه وابتسم ثم ركب الجرار واتجه إلى المنزل الأن تأكدت أنني فقد ت منزلي وفارو والجرار والمخزن .
في صباح اليوم التالي استيقظت مبكرا ووضعت البطانية مع الأشياء الأخرى في الكهف وأعددت الإفطار . فكرت في المخزن لأن به كثير من الأشياء التي أحتاجها وقلت في نفسي لابد أن أكون قوية وسأذهب الي السيد لومس وأطلب منه مفتاح المخزن .
نزلت إلى التل ووقفت أمام المنزل وصحت :
– ياسيد لومس
في البداية لم يحدث شئ . وبعد ذلك سمعت صوتا شديدا وأحسست ألم في رجلي اليمني لقد أطلق السيد لومس النار عليّ . لقد رأيته . كان في إحدى غرف النوم ووضع السلاح في النافذة . غيرت اتجاهي وجريت في الطريق وسمعت صوت طلقة أخري ورائي . وبعد ثوان معدودة اختفيت بالقرب من بعض الأشجار وتوقفت عن الجري وأخذت أتأمل رجلي كانت إ صابة بسيطة وبعض الدم
قتلت فارو
ذهبت إلى البركة لأغسل رجلي . لماذ أطلق السيد لومس النار عليّ . هل يود قتلي ؟ الأن فهمت . لقد أطلق النار مرتين علي رجلي أي أنه حاول إيقافي عن الجري . لقد أمسك بفارو والأن يريد امساكي بينما كنت جالسة بجوار البركة سمعت صوت الجرار فقد كان عائدا إلى المنزل ومعه فارو مازالا يبحثان عني ثم أوقف الجرار واخذ يسال الكلب :
– أين هي يافارو ؟
وبدا فارو يشم الأرض بأنفه وعلي الفور بدأ في جر الحبل المربوط به .
– كلب ممتاز ..قالها السيد لومس وهو مسرور وتبع فارو حتي التل .
عرفت أن فارو قادم إلى التل . إلى كهفي . فلابد أن أذهب أنا اولا ونهضت وجريت ووصلت إلى الكهف قبلهما . وبسرعة أخذت بعض الطعام في الحقيبة وأخذت سلاحي وجريت إلى أعلي التل ثم جلست وانتظرت وصول فارو.
وصل فارو والسيد لومس الي الكهف وصاح :
– اخرجي
انتظر ثوان معدودة وبعد ذلك دخل وبعد ثوان أخري خرج وهو يحمل بطانيتي وكتبي وكل أشيائي التى كانت في الكهف ووضعها علي الأرض وقام بحرقها وبعد ذلك بعشر دقائق عاد فارو والسيد لومس إلى المنزل . جلست ألاحظ الدخان المتصاعد في الهواء وكنت علي وشك البكاء
السادس من أغسطس
بدأت الأمطار تهطل فجلست تحت الشجرة وشعرت بتحسن في رجلي ولكن وضعت خطة وهي أنني لن أعيش في الوادي أو بالأحري في المكان الذي فيه السيد لومس سأحصل علي البذلة الواقية ثم أغادر الوادي . أحب أن أعيش في بيت جديد أعيش مع بشر طيبين رحماء ربما أقابل بعض الأطفال وأعلمهم .
لقد تمنيت دائما أن أكون معلمة . لقد أتي السيد لومس من الشمال ولا يوجد هناك شئ علي قيد الحياة فالقنابل والغازات قتلت كل شئ . سأتجه صوب الجنوب ففيه الكثير من الوديان ربما أجد هناك بشرا مازالو أحياء . أنا في حاجة إلى البذلة الواقيه والخيمة والعربة وبعض الطعام والشراب لقد درست ذلك بعناية وسوف أكون مستعدة .
حدث شئ مفزع لفارو بعد ظهر هذا اليوم . كنت أجمع بعض الفواكه والنباتات من أعلي التل وقطفت بعض الفاكهة وأكلتها ثم نظرت إلى أسفل . إلى المخزن في الوادي . لقد ترك السيد لومس باب المخزن مفتوحا واعتقدت أنه نسي أن يغلقه فاتجهت إليه . وفجاة توقفت علي مسافة حوالي أربعين مترا من المخزن . هناك شئ يتحرك في المخزن قريبا من النافذة لقد كان السيد لومس ينتظرني فقد كان مختبأ فيه وبدأ في اطلاق النار عليّ من نافذة المخزن . غيرت اتجاهي ونزلت أسفل التل . ذهبت إلى الشجرة وأحضرت سلاحي وسمعت فارو بينما كان السيد لومس يطاردني . كانا في طريقهما خلال الأشجار .
جريت وجريت حتي وصلت لبحيرة جريك يجب ألا ألمس الماء وإلا سوف يقتلني.
فكرت في ذلك ولكن يجب أن أعبر الماء . كانت هناك بعض الصخور في البحيرة . قفزت من صخرة إلى أخري ولم ألمس الماء وبعد حوالي دقيقة أصبحت في الضفة الأخري من بحيرة جريك . في أمان تام اختفيت وراء صخرة كبيرة وانتظرت وفي الحال وصل السيد لومس وفارو الي بحيرة جريك . أخذت سلاحي وصوبته نحوز رأس السيد لومس لأني أردت تخويفه أطلقت النار فاندهش وترك الحبل المربوط به فارو ثم استدار وجري عائدا إلى المنزل بينما جري فارو في اتجاه البحيرة والتي لا يعلم شيئا عن تلوثها بالإشعاع . ثم خاض في ماء البحيرة وبدأ يتحرك في اتجاهي .
مسكين فارو أعلم أنه سيصبح مريضا جدا مثل السيد لومس
غادرت وادي بوردن
السابع من أغسطس
أنا الأن فى انتظار السيد لومس أما الليلة الماضية فقد كانت الليلة الأخيرة التي نمت فيها في الوادي ونام فارو بجواري فقد كان مريضا جدا وقبل أن يشرق الصباح كان قد مات . حزنت بشدة عليه فقد كان صديقي الوحيد في هذا العالم حملت جثة فارو إلى أعلي التل وغطيتها بالحجارة وقررت ما أفعله سوف أحصل على البذلةالواقية ثم أغادر الوادي واتجهت إلى المنزل وكان الظلام لايزال شديدا وكل شئ هادئ ، تسللت بهدوء إلى المنزل وقد تركت ورقة مكتوبة للسيد لومس ، فكرت بعناية في كلماتها وهذا ما كتبته :
( لن أختفي منك مرة ثانية ..تعال الي نهاية الوادي الجنوبية حتي نتفاهم معا )
تركت الورقة خارج الباب وسرت إلى التل وجلست أرقب المنزل ولم أنتظر طويلا ، خرج السيد لومس من المنزل ورأي الورقة في الحال . بعد دقائق كان يسير باتجاه الجنوب إلى نهاية الوادي ، جريت بسرعة إلى المنزل وصعدت علي العربة ثم رفعت الغطاء الأخضر المصنوع من البلاستيك ونظرت الي داخلها وجدت كل شئ ، البذله الواقية و الطعام والماء وخزان الهواء وعداد جايجر والخيمة ..جررت العربة إلى أسفل الطريق . فقد أصبحت ملكي والبذلةالواقية أيضا والتي قمت بارتدائها وفي الحال أخذت طريقي الي عالم الإشعاع المميت تحركت العربة في هدوء خلفي . لقد تركت الوادي الجميل وحين وصلت إلى نهاية الوادي توقفت وارتديت البذلة ثم مشيت في الطريق المؤدي إلى العالم الملوث بالإشعاع .
سوف ينتظر السيد لومس في نهاية جنوب الوادي ولكني لن أقابله وحالا سيفهم ماذا فعلت وسوف يعود الي المنزل وسيكتشف أنني أخذت العربة وبعد ذلك سوف يبكي ويجدني ولكن هذة المرة لا يملك البذلة الواقية ضد أثار الأشعاع ولن يستطيع أن يأخذ مني البذلة الواقية
الثامن من أغسطس
في الصباح الباكر سمعت صوت الجرار والسيد لومس يقوده بأقصي سرعة وعندما اقترب مني توقف فالأرض المميتة والملوثه بالإشعاع أمامه وأنا واقفة فيها . لم يستطع الاقتراب أكثر من ذلك ولكنه كان يمسك بسلاحه
هل سيطلق النار علي ؟
– أبعد سلاحك ؟
– أعطني البذله الواقيه إنها ملكي
– لا …لن أعطيها لك
وصوب سلاحه تجاهي
– اضرب …أقتلني فقد قتلت أدوارد …الأن أقتلني
نظر السيد لومس إلىّ لمدة طويلة وقال :
– لا
ثم انزل سلاحه وقال
– ولكن كيف عرفت أنني قتلت أدوارد
– أخبرتني بذلك حين كنت مريضا …وأخبرتني أيضا لماذا قتلته
ونظرت إلى مقدمة البذلة وقلت :
– هذة أماكن الرصاص
في البداية لم يقل شيئا ثم قال :
– لقد حاول ادوار أن يأخذ هذة البذلة والتي أخدتها أنت الأن
– نعم أخذتها ، أنا لا اريد أن أموت فأنا لا أكره الحياة ، أود أن اعيش مع ناس طيبين ولن تستطيع أن تثنيني عن ذلك إلا إذا قتلتني
– لا ، أنت مخطأة
ونظر إلىّ ثانية وقال :
– لا تذهبي وتتركيني وحيدا
– أنت تحاول قتلي وبالتالي فقد تركتك ربما أجد أناسا أخرين وسوف أخبرهم عنك ، ربما يأتون ويرونك .
– أنت الأن تملك الجرار والمخزن والطعام والوادي كله أصبح ملكك .
ألقيت علي الوادي نظرة الوداع الأخيرة وتنفست ببطئ هواء نقيا من خزان الهواء وسمعته يصيح . في البدابة لم أستطع ان أتبين كلماته بوضوح ، نظرت اليه فرأيته متجها إلى الغرب وهو يصيح بنفس الكلمات مرارا وتكرارا
– طيور ، رأيت طيورا حين مشيت هنا ، رأيت طيورا تطير ناحية الغرب ، ربما يكون هناك واد أخر.
أتجهت بعيدا عن السيد لومس وسرت في الطريق بعيدا عن الوادي
رواية خيال علمى : تأليف الكاتب الأمريكى المعاصر روبرت C. اوبراين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.