الفقر هو حالة من عدم القدرة على تأمين أساسيات الحياة، وقد يلازمه قلة الحيلة، وعدم القدرة على العمل لتأمين ما يلزم…!. فالناس فى غفله وأم ربيع نائمة على الرصيف .،،، دى صورتى مع أم ربيع التى تناست وسط زحام الناس وأنشغالهم بالسياسة والرقص ونسوا الفقير الذى ليس له غير الله….!. أم ربيع وجدتها نائمة على الرصيف فى ميدان السيدة زينب رضى الله عنها أمام مسجدها الشريف فعندما توجهت إليها وأستيقظتها وجدت أبتسامة الأمل والفرحة برغم من تجاعيد وجها المرسوم عليه ابتسامه لناظره والروح تبكي فينا بدمع لا ينظر. ودمع الروح يصعب بالكلام وصفه وما دمع العين وصفاً إلا ماء يقطر. فلا يخدعنك وجهاً أرتسمت عليه بسمه ففيه حجاب لقلب من الألم يعصر. ولا تتوهم السعاده في بريق عين فذاك البريق ليس إلا دموعاً تحسر. فبرغم من ظروفها الصعبة فإبتسامتها لى وأنا أستيقظها كأنها تقول لى برغم فقرى وقهر الزمان لى لدى التحدى بإبتسامتى …!!. فجلست بجوارها لكى أعرف قصتها فقالت لى يا ولدى كان عندى 4بنات وولدين توافهم الله فى منزلى بإنفجار أنبوبة البوتاجاز داخل شقتى وما تبقى منهم غير ولدى (( ربيع )) فهو متزوج ولدية 4 أطفال مع العلم بأن أصابته خطيرة من ساعة الحادث فتركت له المنزل لضيق منزلة وعسر معيشته… وذهبت إلى هنا بجوار حبيبتى السيدة زينب رضى الله عنها لكى أشكى لها وأنام بجوارها !. فوجدت عينى ترتجف من الدموع فعرفت أن الأم أم مهما تصاعبت الظروف وأشدت بها الأيام . فعندما نظرت إلى عينها وكأنها تقول لى قول على ابن أبى طالب: النفس تجزع أن تكون فقيرة…والفقر خير من غنى يطغيها. وغنى النفوس هو الكفاف وإن أبت…فجميع أهل الأرض لا يكفيها. فمخطىء من يظن أن الفقر هو فقر الجيوب وأنما الفقر هو فقر القلوب …فالجيوب الخاوية قد تمتلأ بالمال ذات يوم أما القلوب الخاوية فمن الصعب أن تمتلأ بالمشاعر والأحاسيس فمن منا لا يعلم أن الفقر رصاصة القضاء على سعادة الفقراء، بل هو السم الذي كلما صبرت عليه قتلك وقضى عليك، ونحن نعيش وبيننا المئات من الأسر الفقيرة التي لا يوجد لديها ما يكفيها بل لا يوجد عندهم كسرة خبز واحدة، فالأغنياء يعيشون في قصورهم وعندهم من الخدم كثيرون لا يشعرون بأبناء وطنهم من الفقراء، فهل ماتت عواطفهم وتبلدت مشاعرهم تجاه إخوانهم من الفقراء، إنني أستحضر ضمائركم أيها الأغنياء، فإن بيننا إناساً ليس لهم من يعيلهم فلا يجدون ما يسد رمقهم ولا يعلم حالهم إلا الله فنحن مسؤولون عنهم، فالأغنياء أقدر الناس على الأخذ بيد الفقراء ومساعدتهم، لم أقصد هنا أن يقوموا بتوزيع أموالهم على الفقراء ولكن لا بد من وضعهم تحت الأنظار والنظر إليهم بعين الاعتبار ومد يد العون لهم، ومن هنا أتساءل هل وضعتم أنفسكم وأقصد هنا الأغنياء مكان أحد الفقراء؟ بالطبع لا؟ وإلا ما كنت أرى المئات من الأسر الفقيرة التي تعيش بيننا منهم الأرامل واليتامى، فأي قسوة قد أصيبت بها القلوب؟ وكيف تغفل الجفون وبيننا من حرم من النوم من شدة جوعه، فوالله لم أبالغ فقد رأيت كثيرين من إخواننا الذين لا توجد لديهم من الملابس لتحميهم من قساوة الطقس في اللحظة التي يعيش فيها الأغنياء مترفين ولا يبالون بمن حولهم وكيف لا ولديهم من آلات التدفئة ما تكفيهم وأكثر فهم لم يتجرعوا مرارة الحرمان. إن أخطبوط الفقر يأكل أجساد إخواننا فيعيش بيننا من هو عاجز عن العمل لعلة أو لشيء آخر ويعيش بيننا اليتامى الذين توفي والدهم وبقيت الأم أرملة ضائعة دون عائل وأصبحت تكد وتعمل ليعيش أبناؤها، ويا ليتها تسلم من شبح الفقر فالجوع لهم بالمرصاد، فمتى يعرف كثير من الأغنياء واجبهم نحو الفقراء أم الشح أنساهم حق الله في أموالهم ومساعدة الفقراء والضعفاء من إخوانهم وأخواتهم من أبناء وطنهم. وبين هؤلاء الفقراء من لا يملك قوت يومه وبينهم من أغرقته الديون وأصبح على حافة السجن مما يهدد أولاده بالتشرد والضياع، وكثيرون من الأغنياء يعيشون بالقصور ولا يعرفون ولا يشعرون بحال جيرانهم الذين أوصى بهم نبينا الكريم، فلو التفت كل منهم إلى إحدى الأسر التي يقتلها الفقر وتكفل بمساعدتهم لقتلنا الفقر وأنقذنا كثيرين من إخواننا وأبنائنا من الجوع والتشرد.يقول الشيخ محمد متولى الشعراوى إذ ا رأيت فقيراً بين المسلمين فأعلم أن هناك غنياً سرق حقه. فما أصعب أن يعيش الإنسان وقد حرمه الفقر من كل ملذة بالحياة، وما أصعبها لحظة يرى فيها الأب أو الأم ابنه يشتهي الشيء ولا يستطيع أن يوفره له، وما أصعب الحياة حين تقف النساء والأرامل مكتوفات الأيدي وقد تركهن الزوج وترك وراءه لهن أطفالاً فلا يستطعن مواجهة أعباء الحياة فإلى أين يذهبن وأي طريق يتخذن وسرطان الفقر قد أحاط بأطفالهن، وما أصعبها لحظة حين يصرخ الطفل باكياً في أحضان أمه التي لا حول لها ولا قوة من ألم الجوع ولا يوجد لديها ما تسد به جوع أبنها، فأي مصير ينتظرها. وأخيراً يجب أن نبحث نحن بأنفسنا عن إخواننا المحتاجين الذين أنهك الفقر كاهلهم وسنرى بأعيننا أن هناك مئات من الأسر التي يبكي لها القلب دماً من صراخ الأطفال جوعاً وحرماناً، فيا أيها الأغنياء متى ستتنازلون وتنزلون ولو للحظات لمعيشة الفقراء لتأخذوا بأيديهم من شبح الفقر الذي يهدد حياتهم هم وأبناؤهم وتشعرون بحاجتهم لكم، إن تلك الأسر الفقيرة لها الحق كل الحق علينا وهم ينادون ويستغيثون فهل من مجيب لهم!!! ولا يسعني إلا أن أستدعي قول الله سبحانه وتعالى وذلك كي أذكركم بما أمرنا لعلنا قد تناسينا حقوق الفقراء بسم الله الرحمن الرحيم «ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وأن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم». سورة محمد / آية 38. وفى النهاية أقول إن العدل أقل تكلفة من الحرب، ومحاربة الفقر أجدى من محاربة الإرهاب، وإهانة الإنسان العربي وإذلاله، بذريعة تحريره، هما بمثابة إعلان احتقار وكراهية له، وأن في تفقيره بحجة تطويره، نهباً لا غيرة على مصيره، والانتصار المبني على فضيحة أخلاقية هو هزيمة، وإن كان المنتصر أعظم قوة في العالم.فلا الفقر يستطيع إذلال النفوس القوية ولا الثروة تستطيع أن ترفع النفوس الدنيئة.