الشمس قنديلي والسماء بيتي وأنا افترش الرمل بين قبرين أتكئ على حجر أراقب شجرة الكون لا جبال في الفضاء لا نسائم ليل ما سوى رياح كونية تعبث بأغصان الشجرة أغصان من كريستال وبرق وسماء مرايا مصقولة وشموس في المرايا تهدهد أجنحة الليل قطوف المجرات مغسولة بالضوء وعلى الأفق غيوم من اللؤلؤ الوردي وأنا بين قبرين بين حجارة حبيبين الأرض لي والسماء .. حديقتي زرقة رمادية في مواكب موسيقى مواكب موحشة وعلى سياج حديقتي قمر برتقالي هزيل يستحم بالموسيقى يا لها من موسيقى .. موحشة .. لا صبرا ولا شاتيلا لا الدوايمة ولا دير ياسين يا لها من موسيقى ألسنة نارية في شبابيك المرايا والمرايا سماء والمساء يغفو على سرير من الموسيقى موحش وأنا بين قبرين رأسي على حجر مخيلتي غابات وفضاءات بحار والقمر الذابل بأضوائه المريضة ينعس ريح كونية تشعل الغابات والموج وتداعب أغصان الشجرة لم يكن المساء ناعسا كان نهرا في ثياب الليل يتمطى بين قبرين لا سبته ولا مليلة لا حلب ولا صنعاء يزرع أشجارا ثلجية ويشق طريقا في الثلج أشجار ثلجية كثيفة تنعف موسيقى باردة السماء رمادية وقمر برتقالي مريض يوقد أشعاره في نساء من الموسيقى والموسيقى نجوم راعشة موحشة .. تنث نساء بأجنحة شفافة ترفرف نساء كثيرات يحلقن كما طيور الحب بثيابهن المطرزة وورود نابتة على الثياب وأنا على التراب بين قبرين لا بيروت ولا القصرين مخيلتي ريح تعبث بالريح وتنسج امرأة من بنفسج .. تصطاد الفراش من حديقتي وعلى سياج الحديقة تلعب الريح سقطت قبلة من الأعالي سقطت من شفتي امرأة بللت شفتي وأنا أصغي لرنين قلب الكون لم يعد الكون قبعة على رأس جبل ولا سهلا من العشب والمناديل الكون ظل لطحالب الموسيقى وشجرة من أنهار الضوء شجرة من المرايا المصقولة وسيول دافقة وأنا بين قبرين مهرج حزين رأسي على حجر انظر شجرة الكون تدلي عناقيدها أوراق الشجرة كثيفة لم يكن الفصل خريفيا لتتساقط ولم يكن ربيعيا لتخضر كان الوقت كله فصلا كاملا وكانت انهار الفصول مجتمعة نهرا واحدا نهرا كبيرا من المجرات هل تنام المجرات يداي باردتان لأنهضها من النوم وأصابعي نحيلة لأفرط عناقيدها وليست لي معرفة كلية لي معرفتي بي أنا كائن الموت والحياة فهل تنام المجرات وتنهض من نومها صباحا أسال حين تطلع الشمس هل تطلع شمس أخرى ! فإذن لماذا يمزق هذا الشيخ ثيابه بيوت مهدمة حوله وأكوام صفيح وامرأة ممددة على الأكوام إذن لماذا يمزق هذا الشيخ ثيابه امرأته رقصت على كفه .. وغنت ولدت له شهيدا طازجا ووردة زهرية بأوراق مضيئة فكيف له أن يتمدد بين قبرين أو مدينتين محروقتين أو على رأس تلة يرقب أشجارا أسيرة وطرقا بين الأشجار أشجار توقظ طيورها طيورا سرمدية بأنوار زاهية ومساء أبيض يرفرف على الأشجار يسير في طريق [مضاءة بمصابيح ساطعة ] مرصوفة بالنجوم طريق من باب بيتي إلى عناقيد المجرات وبيتي مضاء بقنديلي وزوجتي ترقص على راحتي شبكت أصابعي بأصابعها ومضينا نرقص ونغني ركبنا ثورا مجنحا .. ثم طرنا.. المجرات مضاءة بالبياض نساء كثيرات بأجنحة شفافة وألوان زاهية على جانبي الطريق وسلم السماء يمتد بيتي من بعيد كأنه نجمة ومعراجي عال يسبقني فيه كتابي وكتابي حياة تستيقظ فيه الفصول ينهض الخريف مبكرا يوقظ أمطاره ويرسل السيول يرسلها بين قبرين لا القاهرة ولا عمان لا الرياض ولا الرباط سيول دافقة دافقة فمن يوقظ زوجتي من سباتها من يوقظ ابني – هل يأكل الجراد في بغداد أم يشرب الدماء في غرناطة ؟! حين ينسج الليل خيوطه البيضاء ترتفع التلال وتفرد أجنحتها للسيول وأنا بين قبرين شجرة الكون تغني وسلم وردي إلى السماء يعزف موسيقى كونية نساء وأطفال كثيرون يمتطون ثيرانا مجنحة يمرحون على الغيم ويتفيأون بظلال شجرة الكون وأنا أتسلق السلم الوردي على كتفي جبال البرانس وعلى صدري القدس والسماء بيتي وقنديلي الشمس فمن يوقظ زوجتي من سباتها ! من يوقظ ابني ! التلال ترتفع تفرد أجنحتها للسيول والسيول دافقة .. دافقة .. وأنا بين قبرين أصعد أصعد لأعلق الشمس على شجرة الكون