أقر مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله -، في قصر اليمامة بمدينة الرياض أمس الاثنين، الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1437 / 1438 ه. وبدأت الجلسة بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – أيده الله – كلمة ضافية، لإخوانه وأبنائه المواطنين، أعلن فيها الميزانية. وفيما يلي نص الكلمة: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد: إخواني وأخواتي المواطنين والمواطنات. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: بعون الله وتوفيقه نعلن هذا اليوم ميزانية السنة المالية 1437 / 1438ه، والتي تأتي في ظل انخفاض أسعار البترول، وتحديات اقتصادية ومالية إقليمية ودولية، حيث تراجع النمو الاقتصادي العالمي عن مستوياته السابقة، وغياب الاستقرار في بعض الدول المجاورة، وقد وجهنا المسؤولين بأخذ ذلك في الاعتبار، وأن تعطى الأولوية لاستكمال تنفيذ المشروعات المقرة في الميزانيات السابقة والتي دخل كثير منها حيز التنفيذ. أيها الإخوة والأخوات: نحمد الله على ما تحقق خلال السنوات الماضية من بناء وتنمية، وطموحاتنا كبيرة، واقتصادنا بفضل الله يملك من المقومات والإمكانات ما يمكنه من مواجهة التحديات. وقد وجهنا مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بالعمل على إطلاق برنامج إصلاحات اقتصادية ومالية وهيكلية شاملة، وهذه الميزانية تمثل بداية برنامج عمل متكامل وشامل لبناء اقتصاد قوي قائم على أسس متينة تتعدد فيه مصادر الدخل، وتنمو من خلاله المدخرات وتكثر فرص العمل، وتقوى الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مع مواصلة تنفيذ المشروعات التنموية والخدمية، وتطوير الخدمات الحكومية المختلفة، ورفع كفاءة الإنفاق العام، ومراجعة منظومة الدعم الحكومي، مع التدرج في التنفيذ لتحقيق الكفاءة في استخدام الموارد والحد من الهدر، مع مراعاة تقليل الآثار السلبية على المواطنين متوسطي ومحدودي الدخل، وتنافسية قطاع الأعمال. كما وجهنا المسؤولين عن إعداد هذه الميزانية أن يضعوا نصب أعينهم مواصلة العمل نحو التنمية الشاملة المتكاملة والمتوازنة في مناطق المملكة كافة. ولقد أكدنا على المسؤولين بتنفيذ مهامهم على أكمل وجه وخدمة المواطن الذي هو محور اهتمامنا، ولن نقبل أي تهاون في ذلك، وقد وجهنا بالاستمرار في مراجعة أنظمة الأجهزة الرقابية بما يكفل تعزيز اختصاصاتها والارتقاء بأدائها لمهامها ومسؤولياتها، وبما يحفظ المال العام ويضمن محاسبة المقصرين. إن مسؤوليتنا جمعياً المحافظة على ما تنعم به بلادنا بحمد الله من الأمن والاستقرار لمواصلة مسيرة النمو والتنمية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بعد ذلك تلا الأمين العام لمجلس الوزراء عبدالرحمن بن محمد السدحان المراسيم الخاصة بالميزانية. وأوضح وزير الثقافة والإعلام د. عادل بن زيد الطريفي في بيانه لوكالة الأنباء السعودية عقب الجلسة أن وزير المالية وبتوجيه كريم قدم عرضا موجزا عن الميزانية العامة للدولة، أوضح خلاله النتائج المالية للعام المالي الجاري 1436 / 1437 ه، واستعرض الملامح الرئيسية للميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1437 / 1438 ه. وقال إن النتائج المالية للعام المالي الجاري 1436 / 1437 2015م: يُتَوَقَّع أن تبلغ الإيرادات الفعلية في نهاية العام المالي الجاري 608 ست مئة وثمانية مليارات ريال بانخفاض قدره 15 في المئة عن المقدر لها بالميزانية، وتمثل الإيرادات البترولية 73 في المئة منها، والتي من المتوقع أن تبلغ 444.5 أربع مئة وأربعة وأربعين ملياراً وخمس مئة مليون ريال بانخفاض نسبته 23 في المئة عن المقدر في العام المالي السابق 1435 / 14362014م. ولذلك سعت الدولة لزيادة الإيرادات غير البترولية فحققت زيادة ملحوظة هذا العام، حيث بلغت هذه الإيرادات163.5 مئة وثلاثة وستين ملياراً وخمس مئة مليون ريال مقارنة بما سجلته في العام المالي السابق 1435 / 14362014م 126.8 مئة وستة وعشرين ملياراً وثمان مئة مليون ريال، بزيادة قدرها 36.7 ستة وثلاثون ملياراً وسبع مئة مليون ريال، وبنسبة نمو تعادل 29 في المئة. وبين أن المصروفات الفعلية للعام المالي الجاري يتوقع أن تبلغ 975 تسع مئة وخمسة وسبعين مليار ريال مقارنة بتقديرات الميزانية البالغة 860 ثمان مئة وستين مليار ريال، وذلك بزيادة قدرها 115 مئة وخمسة عشر مليار ريال، وبنسبة 13 في المئة، بعجز متوقع قدره 367 ثلاث مئة وسبعة وستون مليار ريال، وقد جاءت الزيادة في المصروفات بشكل رئيسي نتيجة صرف رواتب إضافية لموظفي الدولة السعوديين المدنيين والعسكريين والمستفيدين من الضمان الاجتماعي والمتقاعدين التي بلغت 88 ثمانية وثمانين مليار ريال، وتمثل ما نسبته 77 في المئة من الزيادة في المصروفات بناءً على الأوامر الملكية الكريمة خلال العام المالي الجاري، بالإضافة لما تم صرفه على المشروعات الأمنية والعسكرية والبالغ نحو 20 عشرين مليار ريال، وهو ما نسبته 17 في المئة من مبلغ الزيادة، وما تبقى وهو 7 سبعة مليارات تم صرفه على مشروعات ونفقات أخرى متنوعة. تشمل المصروفات مبلغ 44 أربعة وأربعين مليار ريال تقريباً للأعمال التنفيذية وتعويضات نزع ملكية العقارات لمشروعي توسعة المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف. ولا تَشمل المصروفات ما يَخُص مشروعات البرامج الإضافية تشمل الإسكان، والنقل العام، والبنية التحتية المُمَوَّلَة من فائض إيرادات الموازنات السابقة والتي يُقَدَّر أن يبلغ المنصرف عليها في نهاية العام المالي الجاري 22 اثنين وعشرين مليار ريال والتي يتم الصرف عليها من الحسابات المخصصة لهذا الغرض في مؤسسة النقد العربي السعودي. وبلغ عدد عقود المشروعات التي تم إجازتها خلال العام المالي الجاري من قبل الوزارة، بما فيها المشروعات الممولة من فوائض إيرادات الميزانيات السابقة، نحو 2.650 عقداً تبلغ تكلفتها الإجمالية 118 مئة وثمانية عشر مليار ريال. وتحدث وزير المالية عن عناصر الميزانية العامة للدولة للعام المالي المقبل 1437 / 1438 2016م: حيث بين أن الإيرادات العامة: قُدِّرَتْ بمبلغ 513.8 خمس مئة وثلاثة عشر ملياراً وثمان مئة مليون ريال. وحددت المصروفات العامة بمبلغ 840 ثمان مئة وأربعين مليار ريال. وقُدِّرَ العجز في الميزانية بمبلغ 326.2 ثلاث مئة وستة وعشرين ملياراً ومئتي مليون ريال. وقال إنه سيتم تمويل العجز وفق خطة تراعي أفضل خيارات التمويل المتاحة، ومن ذلك الاقتراض المحلي والخارجي وبما لا يؤثر سلبا على السيولة لدى القطاع المصرفي المحلي لضمان نمو تمويل أنشطة القطاع الخاص. وأشار وزير المالية إلى أنه نظراً للتقلبات الحادة في أسعار البترول في الفترة الأخيرة، فقد تم تأسيس مخصص دعم الميزانية العامة بمبلغ 183 مئة وثلاثة وثمانين مليار ريال لمواجهة النقص المحتمل في الإيرادات ليمنح مزيداً من المرونة لإعادة توجيه الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي على المشروعات القائمة والجديدة وفقاً للأولويات التنموية الوطنية ولمقابلة أي تطورات في متطلبات الإنفاق وفق الآليات والإجراءات التي نصت عليها المراسيم الملكية المنظمة لهذه الميزانية. ويتوقع أن تواصل صناديق التنمية الحكومية وصندوق التنمية الصناعية السعودي، وصندوق التنمية الزراعية السعودي، وصندوق التنمية العقارية، وبنك التسليف والادخار ممارسة مهامها في تمويل المشروعات التنموية المختلفة بأكثر من 49.9 تسعة وأربعين ملياراً وتسع مئة مليون ريال. وأفاد بأن ميزانية العام المالي القادم 1437 / 1438 2016م اعتمدت في ظل الانخفاض الشديد لأسعار البترول حيث تراجع متوسط هذه الأسعار لعام 2015م بما يزيد عن 45 في المئة عن معدلها عام 2014م، وشهدت الأسعار في الأسابيع الأخيرة من هذا العام أدنى مستوياتها منذ احد عشر عاماً. كما يأتي اعتماد هذه الميزانية في ظل ظروف اقتصادية ومالية إقليمية ودولية تتسم بالتحدي، حيث تراجع النمو الاقتصادي العالمي عن مستوياته السابقة. وأشار وزير المالية إلى تطورات الاقتصاد الوطني حيث من المتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام 1436 / 1437 2015م وفقاً لتقديرات الهيئة العامة للإحصاء 2.450 ألفين وأربع مئة وخمسين مليار ريال بالأسعار الجارية بانخفاض نسبته 13.35 في المئة مقارنة بالعام المالي السابق 1435 / 1436 2014م. ويتوقع أن يحقق الناتج المحلي للقطاع غير النفطي بشقيه الحكومي والخاص نمواً بنسبة 8.37 في المئة حيث يتوقع أن ينمو القطاع الحكومي بنسبة 14.57 في المئة والقطاع الخاص بنسبة 5.83 في المئة، أما القطاع النفطي فمن المتوقع أن يشهد انخفاضاً في قيمته بنسبة 42.78 في المئة بالأسعار الجارية. وبالأسعار الثابتة لعام 2010م فمن المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.35 في المئة، وأن ينمو القطاع النفطي بنسبة 3.06 في المئة، والقطاع الحكومي بنسبة 3.34 في المئة والقطاع الخاص بنسبة 3.74 في المئة. وقد حققت جميع الأنشطة الاقتصادية المكونة للناتج المحلي الإجمالي للقطاع الخاص غير النفطي نمواً إيجابيا إذ يُقدر أن يصل النمو الحقيقي في نشاط الاتصالات والنقل والتخزين إلى 6.10 في المئة، وفي نشاط التشييد والبناء إلى 5.60 في المئة، وفي نشاط تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق إلى 3.86 في المئة، وفي نشاط الصناعات التحويلية غير النفطية إلى 3.23 في المئة، وفي نشاط خدمات المال والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال إلى 2.55 في المئة. وارتفع الرقم القياسي لتكاليف المعيشة خلال عام 1436 / 1437 2015م بنسبة 2.2 في المئة عمَّا كان عليه في عام 1435 / 1436 2014م طبقاً لسنة الأساس 2007م. أمَّا مُعامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الخاص غير النفطي الذي يُعد من أهم المؤشرات الاقتصادية لقياس التضخم على مستوى الاقتصاد ككل فمن المتوقع أن يشهد ارتفاعاً نسبته 2.02 في المئة في عام 1436 / 1437 2015م مقارنة بما كان عليه في العام السابق وذلك وفقاً لتقديرات الهيئة العامة للإحصاء. وعرض معالي وزير المالية لأهم التطورات التنظيمية والإدارية: وبيّن أنه إثر تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم، أصدر حفظه الله العديد من القرارات والأوامر منها إلغاء 12 من اللجان والهيئات والمجالس العليا وإنشاء مجلسي: الشؤون السياسية والأمنية، والشؤون الاقتصادية والتنمية بهدف رفع كفاءة الأداء ومستوى التنسيق، وتسريع آلية اتخاذ القرارات ومتابعة تنفيذها، ورسم الاتجاهات المستقبلية. وقد عمل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية خلال الفترة الماضية على مناقشة توجهات ورؤى وأهداف 46 وزارة وجهازاً حكومياً وإقرارها من أجل وضع خطط وأهداف عملية قابلة للقياس والمتابعة لإحداث تنويع ونمو اقتصادي وتنمية مستدامة.