لقد بدأت تظهر على الرئيس الشادلى بن جديد بعض التأثيرات فى سلوكاته وعلاقاته السياسية بعد عهدته الثانية بسبب الزيارات الكثيرة التى إنطلق فيها بعد عهدته الثانية لفرنسا ولبعض الدول المجاورة للجزائر وكذا بعض دول العالم الأخرى زيارات جعلته يحتك بقصور وأنظمة سياسية وعربية ودولية كانت وراء إقناعه بالدور الذى كانت قد بدأت زوجته تقوم به فى الساحة السياسية والإعلامية0 وهذا مما يبين بأن الرئيس الشادلى بن جديد قد ظهر بمظهر الرجل القوي صاحب القرار عكس الصورة التى كان عليها فى بداية عهدته الأولى عندما تم إختياره لخلافة هوارى بومدين 0 هذا طبعا ورغم كل الإنزلقات الخطيرة التى ميزت أحداث أكتوبر 1988 0 فإن الرئيس الشادلى بن جديد والتيار الإصلاحى المقرب منه قد أستعادوا المبادة فى توجيه مجرى الأحداث لتظهر الأبعاد السياسية والقانونية لهذه الأحداث للأغلبية الساحقة من الجزائريين الذين تعاملوا خلال الأسبوع الأول مع ماحدث بإعتباره ثورة خبز كما شاع فى الكثير من العواصم العربيةو العالمية وأنها ثورة خبر كثورة الخبز فى تونس و التى كانت قد سبقت أحداث الجزائر0 هذا طبعا القول بأن سنة 1988 لم تكن عادية على مستوى محيط الجزائر الدولى والمحلى فعلى المستوى المغرب العربى قد رجعت العلاقات الديبلوماسية بين المغرب والجزائر بعد وساطة قوية من الملك السعودى فهد بن عبد العزيز حيث كان هناك اللقاء الذى أصطلح على تسميته بلقاء الزرالدة بالجزائر فى عام 1988 والذى جاء بعد لقاء مراكش بالمغرب كما أعلن ميلاد الإتحاد المغاربى بين الدول الخمس الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا فى عام 1989 0 كما أنه قد تم إقتراح دستور دولة الوحدة بين الجزائر وليبيا لكنه أجهض بسبب أحداث أكتوبر 1988 فى الجزائر وتداعياته السياسية وبعد أن أبعدت التيارات والشخصيات السياسية التى كان المشروع يحسب عليها داخل حزب جبهة التحرير الوطنى 0 كما أنه من جهة أخرى فإنه قد تم فى هذا المرحلة زيارة الرئيس الفرنسى فرانسو متران للجزائر فى عام وفى عام 1984 وفى عام 1981 ليقوم الرئيس شادلى بن جديد بزيارة لفرنسا هى الأولى يقوم بها رئيس جزائرى فى عام 1983 0 وهذا مما جعل علاقات الرجلين تحوم حولها الكثير من الشائعات 0 ليصح الحديث عن نوع من الثأثير من الرئيس الفرنسى على الرئيس الجزائرى بإقناع الرئيس الشادلى بالحد من تأثير جبهة التحرير الوطنى على مراكز القرار0 وهذا مما جعل طبعا أحداث أكتوبر 1988 تشكل منعطفا ليس فى إتجاه إرساء نظام ديموقراطى بل لإنقاذ النظام القائم وتحويل السلطة لصالح مفتعلى تلك الأحداث وكلهم طبعا قريبون من بعض الأوساط الفرنسية 0 حيث كانت جماعة العربى بلخير وجماعة مولود حمروش المحرضتان على أحداث أكتوبر 1988 من أجل بقاء النظام وتوطيد مواقع كل منهما 0 والطرفان يتمتعان بشكل ما بدعم من فرنسا0 حيث أعجب يومها الرئيس الفرنسى فرنسو ميتران بإنهيار منظومة حزب جبهة التحرير الوطنى فى حديث له لمجلس وزراء فرنسا يومين بعد عودة الهدوء فى الجزائروهذا طبعا ما جعل الرئيس شادلى بن جديد يخرج خرجة إعلامية وساسية كانت قبل أحداث أكتوبر يهاجم حزب جبهة التحرير الوطنى الحزب الحاكم بعرقلة عمليات الإصلاح فى البلاد متحدثا للمواطنين بطلب تدخلهم والتعبير عن رأيهم 0 بعد أن شبه أوضاع الجزائر يومها بالوضع فى مصر حيث المواطنين المصريين قد تحركوا بمجرد الزيادة فى سعر اللحم فى حين الشعب فى الجزائر غائب 0 هذا ويبقى القول بأن المأزق الذى وصلت إليه عملية الإصلاح وإعادة الهيكلة والبناء من الداخل ومع تدهور أسعار البترول الذى هو طبعا المصدر الوحيد بسرعة إبتداء من عام 1986 0 كما أصبحت الحركات الإجتماعية فى المدن الجزائرية الكبرى بخصائصها الجديدة توحى طبعا بإندلاع شرارة العنف السياسى المسلح 0 حيث خلال تلك الفترة ظهرت مصطفى بويعلى الذى قاد الحركة التى أصطلح على تسميتها بالحركة الإسلامية المسلحة 0 هذا طبعا ومع الإنفتاح الإعلامى والتجارب المحدودة الفاشلة 0 يبقى القول بأن النظام السياسى فى الجزائر غير قابل للإصلاح 0 وهذا طبعا مما يفرض تدخلا من خارج النظام السياسى الجزائرى الذى هو مستمر فى رفض القيام بأصلاحات حقيقية تعيد للجزائر مكانها الدولية 0 هذا طبعا فى وقت قد تأكد فيه الجميع بأن موازين القوة الحالية لاتسمح بإصلاح النظام من الداخل0 هذا طبعا وكما هو معروف لم يكن الصيف فى الجزائر تاريخيا هادئا عادة 0 حيث إحتلت الجزائر فى صيف 1830 واستقلت فى صيف 1962 وعرفت أكبر أزمة سياسية فى صيف 1965 حيث قام الرئيس هوارى بإنقلاب عسكرى على الرئيس أحمد بن بلة 0 كما عرف صيف 1991 إنطلاق إضراب الجبهة الإسلامية للإنقاذ 0 وعرف صيف 1992 إغتيال المجاهد محمد بوضياف وقد عرفت الجزائرصيفا صعبا حيث غاب الرئيس عن الساحة الإعلامية 0 مما جعل الكثير من الشائعات تسيطر عليها كالقضية الإختلاسات التى مست البنك الوطنى الجزائرى والذى كان أحد أبناء الرئيس متورط فيها0 كما عرف نفس الصيف إضطرابا فى توزيع المواد الغذائية 0 وهذا مما جعل وصف أحداث أكتوبر 1988 بأنها ثورة خبز كالثورة التى سبقتها فى الجارة تونس 0