مادوا فنانة تشكيلية هندية تعيش مع زوجها في مصر منذ ست سنوات وجدت نفسها تعيش في أسرة رائدة في علم التأمل هي أسرة زوجها فلم تملك حيال ذلك سوى الانخراط في تدريبات التأمل وإتقانها ومن ثم تدريسها. استثمرت مادوا كل خبرات حماها وحماتها في التأمل فطبقته على نفسها وبدأت تعلمه لأصدقائها وصديقاتها. ولعل من يشاهد لوحاتها ويدقق فيها يدرك مدى دلالاتها التأملية العميقة. في جلسة تأملية بصالة مركز مولانا آزاد الثقافي الهندي بالقاهرة هالني حجم الإقبال من المصريين وبخاصة النساء عصر كل خميس والتفافهن حول المدربة مادوا. عقب الجلسة التي أصرت مادوا على أن أحضرها قبل إجراء الحديث معها قالت: التأمل علم قائم على التجربة والممارسة وهو حاجة إنسانية وليس شعيرة دينية لأن كل شخص يتنفس يمكنه أن يتأمل. ولذا فقد جربه الناس منذ قديم ودونوا نتائج ما جربوه فخرج هذا العلم إلى الوجود. والتأمل عن طريق التنفس هو أبسط طرق التأمل. وعن قصتها مع التأمل تقول مادوا: في عام 2009 أصابني إجهاض لجنين كان يمثل لي حلماً فأصبت باكتئاب وزاد وزني كثيرا وفي هذا الوقت قدم أهل زوجي من الهند إلى مصر ورشحوا لي التأمل كعلاج للحالة التي اعترتني. جربت التأمل لمدة أسبوع ومن ساعتين إلى ثلاث ساعات في اليوم بعدها ذهب عني الألم والاكتئاب ومن اليوم الثامن بدأت أدرس التأمل كعلم له قواعد وأصول. كان كل هدفي مساعدة الناس بتعليمهم التأمل مجاناً وعندما يجتمع حولي الناس أتعلم منهم أكثر.. وإذا ساد التأمل البشرية فلن تكون هناك صراعات ولا حروب ولا منازعات. وفائدة التأمل في مجموعة أو جماعة أن طاقة الأفراد تنساب على جميع الحضور فتنمو وتربو ويخرجون جميعاً من جلسة التأمل وهم مشبعون بالطاقة الروحية بمعنى أن عدوى الطاقة الإيجابية تسري بينهم فيخرجون وهم أكثر سعادة وأقل شراً وأبعد عن الهم والحزن وأقرب للسلام الداخلي، تماماً مثل الشخص الذي يدخل منزله غضباناً فإن غضبه سينعكس على أفراد أسرته بينما لو دخل هادئاً مبتسماً فرحاً فإن ذلك سيكون له الأثر الإيجابي على جميع من في البيت. ومن المؤكد أن العالم لو اجتمع في ساعة معينة يحددها مسبقاً للتأمل العالمي تماماً مثل ساعة إطفاء الأنوار والكهرباء التي يدعون إليها كل عام فسوف يختلف الوضع العالمي المأزوم باستمرار. وهناك موقع على الشبكة العالمية (الانترنت) فيه كل شيء عن هذا العلم هو (www.bssmovment.org). وترى مادوا أن مصدر التعب والإرهاق والاكتئاب هو العقل وعندما يتأمل الإنسان ويقلل من ازدحام الأفكار وتشوشها في عقله يصل إلى الهدوء والسلام الداخلي ويذهب عنه القلق والتوتر. وأشارت إلى أن معلمي التأمل في الهند يذهبون إلى المسجونين في سجونهم ومع تكرار جلسات التأمل بدأ المسجونون يعودون إلى السلام النفسي والسعادة الداخلية. ولفتت إلى أن التأمل ليس حالة عابرة مؤقتة بل ينبغي أن يكون أسلوباً للحياة وفوائده أو آثاره تجنى بالاستمرار فيه والدوام عليه. وبسؤالها عن إمكانية علاج الأمراض العضوية بالتأمل؟ أجابت: أن التأمل يسحب البساط من تحت أقدام الأمراض العضوية فتنحسر عن الجسد المادي طالما حافظ الإنسان على جلسات التأمل مهما كان مرضه ومهما كانت خطورته. وأردفت قولها بالقول: التأمل من احتياجات الإنسان الأساسية مثله كمثل الطعام والشراب والتنفس والنوم ولو أننا تعمقنا في التأمل سنجده تماماً أنه هو النوم الواعي.. فالنوم نمارسه طوال العمر والتأمل نمارسه نوماً لكن مع الوعي. وأضافت: في التأمل لا نُملك أحد أمرنا بل ندخل داخل أنفسنا ونتوغل فيها ولا نبحث عن التدخل الخارجي بل نرفض أي مؤثرات خارجية تفسد حالة التأمل. ما سر القمر في استحسان عقد جلسات التأمل عند اكتماله؟ القمر جزء من الطبيعة الكونية وهو يؤثر على البحر الذي هو أيضاً جزء من الطبيعة وهناك أبحاث في رد فعل اكتمال القمر على الحيوانات وكذلك الإنسان حين يكون مريضاً نفسياً تزداد حالته سوءاً مع اكتمال القمر والعكس تماماً بالنسبة لمن يكون في حالة نفسية وطاقة روحية جيدة وقت اكتمال القمر فإنه يصل إلى القمة في الروحانية والسعادة والسلامة النفسية.. ولأن القمر بمده وجزره يؤثر على مياه البحار والأنهار فإنه يؤثر على المياه الموجودة بجسم الإنسان وهي نسبتها كبيرة كما نعلم. وأضافت مادوا: قد يكون البكاء أثناء التأمل نوع من التنظيف الداخلي وطرد للمشاعر السلبية المتراكمة داخل الجسد الأثيري. الهدوء والتحكم في انفعالات النفس وشهواتها والتركيز والتفكير الإيجابي أمور ينالها الإنسان بالتأمل. التأمل يساعد على التركيز في الصلاة وعدم السرحان وبالتأمل تتقبل المواقف الصعبة وتتغلب عليها وتنظر أمامك إلى الأبعد وليس تحت قدمك فتتعلم متى تتكلم ومتى تنصت فتحسن علاقاتك مع الناس. من خلال التأمل تفصل صراعات الحياة عنك تماماً كما تفصل الكهرباء عن ماتور دائر بسرعة عالية جداً. البعض قد يعاني من تصارع الخير والشر بداخله وبالتأمل اليومي يستطيع أن يغلب الخير على الشر ويعيش مرتاح الضمير.