كتبت-رحمة ضياء: "الهند على ضفاف النيل".. ليس مجرد عنوان لمهرجان هندي تستضيفه مصر لعدة أيام قبل أن يرحل إلى حال سبيله، فحضارة الهند وثقافاتها موجودة على ضفاف النيل على مدار العام وكل عام، ولا يقتصر تأثرنا بالهند على مشاهدة أفلام "اميتاب اتشان" و"شاروخان" ولكنه وصل إلى تعلم رقصاتهم المبهجة في مراكز متخصصة، وارتداء أزيائهم الملونة من المعارض التي تفد إلينا، وتناول أطعمتهم الحارة في المطاعم الهندية العديدة الموزعة على مختلف المحافظات، وممارسة رياضاتهم سواء التأملية أو القتالية ، وغير ذلك من مظاهر تأثرنا ببلاد السحر والجمال والعجائب.... الرقص الهندي في مصر.. "طلع المهرجان اللي جواك" البحث عن البهجة المفتقدة في زحمة اليوم، والرغبة في التخلص من الكبت هو ما يدفع عشرات الفتيات والشبان كذلك لخوض تجربة تعلم الرقص الهندي، والمفاجأة أن من يدربهم ليسوا هنود؛ ففي السنوات الأخيرة انتشرت الفكرة وأصبح هناك الكثير من المدربين المصريين الذين انتقلوا من خانة المتعلمين إلى خانة المعلمين، ومن بينهم "سو علام" مدربة الرقص الهندي، التي تحكي لل"الأهم" كيف بدأت قصتها مع الرقص الهندي :" كنت أدرس في كلية الآداب وفكرت في عمل دكتوراه وبدأت أقرأ في مجالات مختلفة حتى أجد موضوع للدكتوراه واستقريت على "علم اجتماع الأديان" وعمل دراسة مقارنة بين مصر والهند، وعندها كثفت القراءة عن الهند وشدني الرقص الهندي فوجدتني أقرأ عنه بنهم وأتابع السينما الهندية حتى تراجعت عن فكرة موضوع البحث الأساسية وركزت مع تعلم الرقص، وانضممت لكورس تعلمت منه الأساسيات واعتمدت بعد ذلك على نفسي في تعلم حركات جديدة وتصميم استعراضات راقصة" رغم أنها قرأت عن كافة أنواع الرقص لكن ما جذبها إلى الرقص الهندي على وجه الخصوص: "ليس له إيقاع ثابت ومتكرر مثل بقية أنواع الرقص الذي يكون له تصميم إيقاع بعدات متكررة للحركة تبدأ من 2 و4 و16 وتصل إلى 32 عدة، والموسيقية الهندية مبهجة". تدرب سو الكثير من الشباب والفتيات سواء ممن يرغبون في تعلم الرقص لمجرد المتعة والمرح أولأعضاء الفرق المسرحية الذين يحتاجون إليه في عروضهم، كما تدرب كذلك الأطفال والعواجيز :" تختلف طريقة التدريب فالأشخاص العاديون أعلمهم حركات سهلة ولا أدربهم على الرقص الهندي الكلاسيكي لأنه صعب جدا ويحتاج لمرونة عالية على عكس الاستعراضات التي أدرب الفرق المسرحية عليها، وتدريب الأطفال هو الأصعب لأنهم لا يحفظون الحركات بسهولة بينما يستمتع العواجيز كثيرا بتجربة الرقص في الفعاليات المفتوحة التي أنظمها من وقت لأخر". من الاختلافات التي تميز الرقص الكلاسيكي كذلك كما تشرح "سو":" يحتاج إلى زي خاص من الملابس والخلاخيل وتكون حركاته مركبة وصعبة ويستخدم الراقصون تعبيرات الوجه والأصابع" تحلم سو بأن تصبح من أهم مدربين الرقص الهندي في مصر ولا يتوقف سقف طموحها عند هذا الحد فتحلم بعدها أن تصل إلى العالمية. من "سو" إلى "يمنى" حب الرقص الهندي كان المدخل إلى عالم التدريب، فتقول يمنى كمال، مدربة الرقص الهندي ومصممة الجرافيك، لل"الأهم" :" مثل أي بنت أحب مشاهدة الأفلام الهندي وتجذبني الأغاني والاستعراضات الراقصة، وفي مرة بدأت أقلد حركاتهم لمجرد المتعة وإخراج الطاقة، وفرحت جدا حين نجحت في عمل أكثر من حركة وبدأت من عندها أكثف التدريب حتى أصبحت أصمم حركات جديدة وأدرب الفتيات عليها إلى جانب عملي الأساسي في تصميم الجرافيك" مصريون يرفعون شعار "بدل الدكتور النفسي ألعب يوجا" "اليوجا" و"التأمل" من المرادفات التي وفدت إلينا من بلاد الهند، وأصبحت تتردد بكثرة في مصر في السنوات الأخيرة بعد انتشار مراكز التدريب على رياضة اليوجا وممارسة التأمل بمختلف أنواعهما، وتشرح هنا كمال، مدربة اليوجا والتأمل، هذه الأنواع لل"الأهم" قائلة:" اليوجا عبارة عن رياضة وفيها عشرات التمارين التي تجلس أو تقف فيها في وضعيات ثابتة لمدد معينة ولها فوائد متعددة للجسد والروح أيضا، أما التأمل فهناك الثابت والحركي مثل التأمل عن طريق الرقص ويقوم على التركيز في الرقص والموسيقى وحالة البهجة المصاحبة لهما، وهناك التأمل الصوفي الذي تركز فيه على التقرب من الخالف بالذكر وهناك التأمل بالضحك وغيرها من أنواع التأمل الذي يقوم بالأساس على التركيز والتنفس، ويساعدك على التخلص من الطاقات السلبية وعلاج روحك حتى تصل لمرحلة السلام الداخلي، ويغير حياتك بالكامل" الموسيقى التي تسمعها خلال جلسات التأمل تلعب دورا كبيرا كما تشرح "هنا":"لكل مقطوعة موسيقية تردد وذبذبات تساعد على الوصول لمرحلة التأمل العميق والتركيز وتمنحك الشفاء الروحي، وبالطبع تتراوح استجابات الأشخاص فهناك من يستطيع الاندماج من أول دقائق في الجلسة وهناك من لا يستطيع فصل ذهنه سوى دقائق معدودة في أخر الجلسة أو في الجلسة الثانية أو الثالثة" فئات مختلفة تقبل على حصص اليوجا والتأمل كما تقول "هنا":" عندنا بنات بداية من مرحلة الثانوية، وصولا إلى سيدات فوق ال 50 عاما، من مستويات ثقافية مختلفة يجمع بينهم الرغبة في التخلص من الضغوط والطاقات السلبية، والشعب المصري وصل لمرحلة من الاكتئاب تجعله يجرب أي شيء ليتخلص منه، ورغم أن المركز مخصص للسيدات فقط تصلنا طلبات كثيرة من شباب لعمل جلسات لهم" تحكي "هنا" قصة تحولها من إدارة شركة إنتاج إعلامي إلى إدارة مركز للتدريب على اليوجا والتأمل: "منذ 6 سنوات قابلت المعلم الهندي "بهاراتا سينج" واكتشف في القدرة على شفاء الأرواح من خلال منحهم الطاقة الإيجابية وتعلمت على يده أسرار التأمل واليوجا وكيف أستغل هذه الهبة بشكل علمي، وبدأت أفعل ذلك في نطاق الأسرة والأصدقاء وأنا مستمرة في عملي بشركة الإنتاج لكن ذلك لم يمنحني السعادة ولم أشعر بأن هذا هو مصدر شغفي في الحياة، وأقبل شهر رمضان واعتكفت طوال الشهر وبعده قمت بتصفية الشركة وحولت مقرها إلى مركز لتدريب على اليوجا والتأمل" "هنا" اتخذت من المركز قاعدة لإطلاق حملتها التي ترفع لها شعار "حب الحياة" وتجوب بها أماكن مختلفة لتنشرها بين الناس:" اليوجا والتأمل وسائل تساعد الشخص على الوصول للسلام النفسي والوصول إلى مصدر شغفه في الحياة، وأوكد دوما على أن العمل ليس هو الحياة ولا يستحق أن نستنذف أنفسنا فيه ونحرق أعصابنا وعلينا أنه نجعله مجرد أداة للاستمتاع بحياتنا حتى نصل إلى مصدر شغفنا في الحياة " تتكلم "منى صفوت"، عن التغير الذي حدث في حياتها بعد 9 شهور من ممارسة اليوجا والتأمل:" في كل مرة أدخل إلى مكان التدريب في حالة أخرج منه بحالة مختلفة تماما، كأنك تهرب من واقع لا تحبه إلى مكان تستريح فيه، تتخلص من كل الضغوط والأفكار السلبية وتركز فقط على الاستمتاع والبهجة والحصول على أكبر قدر من الطاقة الإيجابية تساعدك على التعامل مع الناس بروح مختلفة، وتغير من حياتك بشكل كامل، لحظت بنفسي ولاحظه الأخرون كذلك" أما من الناحية الجسدية فاليوجا تساعدك على الاتزان بشكل كبير وكان ذلك هدفي في الأساس لرغبتي في تعلم رقصة الصلصة التي تحتاج لاتزان كبير. "الفيلم الهندي" .. "نقلش عليه لكن بنحبه" "الفيلم الهندي".. لم يسلم من سخرية المصريين رغم عشقهم الكبير له، حتى بات نكتة يوصف بها كل ما لايصدقه العقل من حكايات وأحداث، وتدافع نهي عبد الحميد ، المحامية وواحدة من عاشقات الأفلام الهندية، عنه قائلة:"اعتدنا أن نقول على حكاية الشخص "الفشار" "ده فيلم هندي"، ولكننا نظلم بذلك الفيلم الهندي الحديث، فالأفلام القديمة تميزت بنوع متكرر من الحكايات، يأخذك من قصة إلى أخرى ومن متاهة إلى الثانية ومهما حدث للبطل من إصابات لا يموت أبدا، لكن من أواخر التسعينات حدث اختلاف كبير في الأفلام الهندية، التي أتابعها منذ طفولتي، ومن بداية 2010 حدثت طفرة كبيرة في الفيلم الهندي، وأصبح ممتع ومبهر بشكل كبير حتى لو طال إلى ساعتين ونصف وثلاثة فسبب ذلك الأغاني والاستعراضات وهي من أكثر الأشياء المبهجة في الفيلم الهندي" عشق نهى للأفلام الهندية جعلها تتعلم الرقص الهندي كما تحكي:" سمعت عن الكورس من صديقة لي وقلت سأجرب ولم أترك المكان من يومها، شعرت بسعادة كبيرة وبإحساس جيد عن نفسي ، فليس هناك أكثر بهجة من سماع الموسيقى الهندية وتأدية رقصاتهم"