6 شهداء في قصف الاحتلال خيمة نازحين بمواصي خان يونس    الاتحاد الأوروبي: نعول على لقاء ترامب في نزع فتيل الحرب التجارية مع واشنطن    بعثة الأهلي تتوجه إلى تونس العاصمة    فوت ميركاتو: كوكا يقترب من الانضمام للاتفاق السعودي    نقابة الممثلين تعلن تضامنها مع وفاء عامر ضد الحملات المسيئة    سميرة عبد العزيز في ضيافة المهرجان القومي للمسرح    الإنجيلية تعرب عند تقديرها لدور مصر لدعم القضية الفلسطينية    سعر الفضة اليوم السبت 26 يوليو 2025.. عيار 925 يسجل رقمًا جديدًا    بحوث تكنولوجيا الأغذية يواصل تنفيذ خطة رفع كفاءة طلاب الجامعات المصرية    انخفاض سعر الدواجن المجمدة ل 110 جنيهات للكيلو بدلا من 125 جنيها بالمجمعات الاستهلاكية.. وطرح السكر ب30 جنيها.. وشريف فاروق يفتتح غدا فرع جديد لمبادرة أسواق اليوم الواحد بالجمالية    مركز التجارة الدولي: 28 مليون دولار صادرات مصر من الأسماك خلال 2024    الضرائب: إلزام فئات جديدة بإصدار إيصالات إلكترونية في هذا الموعد    بعد إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025.. مؤشرات تنسيق كليات جامعة الأزهر طب 93.69%.. هندسة 88.62% (رابط)    حزب الجبهة الوطنية يختتم دعايته ب8 مؤتمرات جماهيرية قبل الصمت الانتخابي    قناة سورية رسمية: دمشق تحمّل تل أبيب مسؤولية التصعيد في السويداء خلال اجتماع غير معلن بباريس    السيسي وماكرون يبجثان جهود وقف إطلاق النار بغزة وتبادل الرهائن وإيصال المساعدات    تايلاند: تمكنا من ردع قوات كمبودية في أربع مناطق وتم إجلاء 4000 شخص من سا كايو    لن توقف المجاعة.. مفوض «الأونروا» ينتقد إسقاط المساعدات جوا في غزة    الدفاع المدني في غزة يحذر من توقف مركباته التي تعمل في التدخلات الإنسانية    مصر تدعم أوغندا لإنقاذ بحيراتها من قبضة ورد النيل.. ومنحة ب 3 ملايين دولار    كمال أبوعيطة: إسرائيل العدو الأول للعرب ولا نستطيع مواجهتها بدون اقتصاد وطني    إيفرتون ينضم لمعسكر بيراميدز.. ومصدر يكشف تفاصيل الصفقة المالية (خاص)    مطالبات في المصري بالتجديد لمحمود جاد    لاعب الزمالك على أعتاب الانتقال لفاركو    المدرسة الأمريكية تقترب من القيادة الفنية لرجال الطائرة بالأهلي    إنتر ميامي يتعاقد مع الأرجنتيني دي بول لاعب أتلتيكو مدريد    حفيد الإمام محمود شلتوت الأول على الجمهورية بالثانوية الأزهرية: أسرتي كانت الداعم لي    أبو ليمون يهنئ أوائل الثانوية الأزهرية من أبناء محافظة المنوفية    بعد إصابة 34 شخصًا.. تحقيقات لكشف ملابسات حريق مخزن أقمشة وإسفنج بقرية 30 يونيو بشمال سيناء    مصرع سيدة أسفل عجلات قطار بمدينة إسنا خلال توديع أبناؤها قبل السفر    "القومي للطفولة" يشيد بقرار محافظ الجيزة بحظر اسكوتر الأطفال    وزير الأوقاف يحيل مخالفات إلى التحقيق العاجل ويوجه بتشديد الرقابة    حبس أنوسة كوته 3 أشهر وتعويض 100 ألف جنيه في واقعة "سيرك طنطا"    بسبب 19 تذكرة.. دور العرض ترفع فيلم في عز الضهر من شاشاتها    سميرة عبد العزيز في ندوة تكريمها من المهرجان القومي للمسرح: أحب الدور المفيد للجمهور    رامى عاشور: مصر تعطل أهداف الإبادة فى غزة وتحافظ على بقاء النبض الفلسطينى    الإفتاء ترد على الجدل الدائر: لا خلاف بين العلماء على تحريم الحشيش    ما حكم تعاطي «الحشيش»؟.. وزير الأوقاف يوضح الرأي الشرعي القاطع    توقيع الكشف الطبي على 392 مواطناً بقافلة جامعة المنصورة بالشيخ زويد    الصحة: مصر تستعرض تجربتها الرائدة في مبادرة «العناية بصحة الأم والجنين»    إصابة سيدة في انهيار منزل قديم بقرية قرقارص في أسيوط    إصابات في هجمات روسية جديدة على مدينة خاركيف الأوكرانية    محافظ أسوان يتفقد نسب الإنجاز بمشروعات المياه والصرف ميدانيًا (صور)    هل اقترب انضمام محمد إسماعيل للزمالك؟.. مصدر يوضح    أسوان تواصل توريد القمح بزيادة 82% عن العام الماضي (صور)    الصحة تدعم البحيرة بأحدث تقنيات القسطرة القلبية ب46 مليون جنيه    ماذا تأكل صباحًا عند الاستيقاظ منتفخًا البطن؟    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 154 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات في مواعيدها    رسميًا إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 بنسبة 53.99% (رابط بوابة الأزهر الإلكترونية)    "الثقافة صوت الأمة وضميرها" وزير الثقافة يهنئ المبدعين بيوم الثقافة العربية ويدعو لتعزيز الهوية وصون التراث    النيابة تقرر إعادة استجواب الطاقم الطبي لأطفال دلجا بالمنيا    وزير الثقافة ناعيًا الفنان اللبناني زياد الرحباني: رحيل قامة فنية أثرت الوجدان العربي    يوم الخالات والعمات.. أبراج تقدم الدعم والحب غير المشروط لأبناء أشقائها    سعر الخضار والفواكه اليوم السبت 26-7-2025 بالمنوفية.. البصل يبدأ من 10 جنيهات    كيف احافظ على صلاة الفجر؟.. أمين الفتوى يجيب    بعد ظهور نتيجة الثانوية 2025.. وزارة التعليم: لا يوجد تحسين مجموع للناجحين    الأوقاف تعقد 27 ندوة بعنوان "ما عال من اقتصد.. ترشيد الطاقة نموذجًا" الأحد    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرجل ومعه أكثر من زوجة.. أترى تذكرونه أم نسيتوه؟
نشر في شموس يوم 13 - 06 - 2015

منذ أن تشكك كتاب ومثقفون بمقام إباحة تعدد الزوجات في شريعة الإسلام ووقفوا ضده، استلهمت الدراما والأعمال التليفزيونية أفكارهم لتكريس محاربة التعدد وتشويه من يقوم به من الرجال، حتى وصموا بالشهوانية أو بظلم المرأة أو العين الزائغة، أو على أقل تقدير اتهموا بأنهم غير جديرين بالمسؤولية وبتربية الأبناء.
وإذا كان التفكير العقلي السليم في موضوع التعدد، يستمع إلى التجربة ويخضع لها، فإن من تجارب المتزوجين بأكثر من امرأة ما يدفع ذلك التفكير إلى إعادة النظر في الصورة المغلوطة عن الزواج بأكثر من واحدة.
الشاعر محمد الشحات محمد، يسرد تجربته فيقول: كنت – ذات يوم – طالبا بكلية الهندسة، حين أقنعتني العائلة بضرورة الزواج للتحصين، وكان ذلك تقليدا سائداً حيث الزواج في العشرين يساعد الزوج والزوجة في تحصيل العلم وتحمل المسئولية مبكراً ويؤدي إلى فك شفرات الحياة ومواجهة أعبائها بروح الشباب وخصوصاً عندما يكبر الأولاد في حضن الأبوين الشابين.
تم الزواج فعلاً، ولكن القدر لعب دوره عندما توفيت والدتي وبعدها زوجتي التي خلفت لي طفلتين ، وكان علي أن أتزوج لرعاية الطفلتين، ورزقني الله بطفلين من زواجي الثاني ِ وبدأت الخلافات بين زوجتي وابنتي اللتان حان زواجهما ، وهنا تزوجت بثالثة حتى تتنافس كل زوجة مع الأخرى لإرضائي، وذلك بإسعاد البنتين العروستين ً ثم تأتي كل زوجة لي على انفراد كي تشوه الأخرى ، وما كان مني إلا أن أقنع كل واحدة بأنها الأقرب إليقلبي وبمجرد زواج البنتين سأطلق الزوجة المنافسة ، وهكذا حتى اقتنعت كل واحدة من الزوجتين أن عليها التحمل قليلاً وستحظى بما تريد في المستقبل.
ومرت السنوات وقد رزقني الله بطفل من الزوجة الثالثة، والبنتان تزوجتا وأصبحت جداً لأبناء البنتين ، وكبر الأبناء الثلاثة، ودخلوا في مراحل التعليم المختلفة ، وتحول التنافس بين الزوجتين من أجل أن يكون ابن كل واحدة أفضل من الآخر، وتلخص دوري في حل مشكلات جميع الأطراف بابتسامة أحياناً ، والتوجيه أحايين، مع الالتزام بالهدايا الرمزية لكل امرأة على حدة ، ومع مراعاة أن الزوجتين لا تقبلان هذا الوضع إلا إذا توددت لها ولمست أنني أحترم خصوصيتها، وأغار عليها أكثر من الأخرى ، ولكن الالتزامات الاجتماعية تفرض التعاون والحفاظ على الروابط الأسرية.
ومن ثم لابد من تنشيط الحالة العاطفية من وقت لآخر، مع توفير متطلبات الحياة الرئيسية.. وليعلم الأزواج أنهم أغلى من الحلي عند زوجاتهم، فتتباهى الزوجة بزوجها أمام أسرتها وأهلها وصديقاتها وجيرانها.. ويكون كل ذلك سهلاً كلما نجح الزوج في حب زوجته وجدانا وفكرا، مع الإقرار بثابت المتغيرات ، وتجديد الأفكار وآليات التواصل مع الأفكار المختلفة لكل زوجة في ضوء الاحترام المتبادل بين جميع الأفراد، وفي إطار ذكاء الزوج الساعي إلى عدم الاصطدام رغم ظاهر ديكتاتوريته تلك الديكتاتورية التى يؤمن الجميع أنها ديكتاتورية أبوية مهمة للحسم في القرارات المصيرية وفي ذات الوقت هي تمنع ولا تمانع من الألفة والمودة والحب والحنان.
ويقول المهندس محمد فؤاد ناصر، من الإسكندرية: الحياة الزوجية لا تخلو من المنغصات ومهما كان الوفاق بين الزوجين فهناك فترات تمر عليهما يشعر أحدهما أو كلاهما بالملل والرجل بما له من حق مشروع في التعدد لا يجد حرجاً ولا مانعاً في أن يرتبط بزوجة أخرى.
وليس الدافع الوحيد في هذه الرغبة الناحية الجنسية فقط ولكن هذا الزواج عالج في نفسي نقائص كانت تشوبها وحقق لي من الاتزان العاطفي ما كنت أفتقده في ظل وجود زوجة واحدة.
أحياناً كانت تمر عليّ أوقات يصل بي الانفعال فيها مداه جراء استفزاز أو عناد من زوجتي الأولى إلى الحد الذي كاد يؤثر على صحتي لكن بمجرد خروجي من البيت وذهابي لزوجتي الثانية يذهب شيطان الغضب فأجدني بين يديها وكأنني في واحة استرحت في ظلها من نار الشمس المحرقة.
ومع ذلك لم يخطر ببالي ولو للحظة واحدة التخلي عن زوجتي الأولى أم أولادي لأسباب عديدة منها الأولاد والمصالح المالية المشتركة بيننا والتي تكونت عبر عقدين أو ثلاثة من الزمان وهي مصالح يصعب التنازل عنها.
أضف إلى ذلك أن الرجل المحترم مهما اختلف مع زوجته أو كره منها خلقاً فلا ينسى جوانب فضلها التي ترضيه منها فيصعب عليه التجني عليها أو ظلمها.
أما ممتاز راغب، رجل الأعمال فيقول: تزوجت الأولى وأنجبت منها 4 أبناء، وتوفيت بعد 20 سنة من الزواج وتزوجت بالثانية وكانت مطلقة لم تنجب لرعايتي ورعاية الأولاد، وكانت لي ابنة عم متزوجة حديثا هي التي اختارت لي زوجتي الثانية.
وبعد مشكلات كثيرة دارت بين ابنة عمي وبين زوجها وصلت إلى المحاكم ومن ثم انتهت إلى الطلاق البائن مع الإبراء، انشرح صدري لطلب يدها وبالفعل تزوجتها بعد انقضاء عدتها وأنجبت منها طفلة هي قرة عين لي ولها.
البعض تطاول علي بالتهم الجارحة وبخاصة من أقاربي ومعارفي وأغلقت في وجهي بيوتاً كنت أزورها خوفاً من التأثير على أربابها وأحسست أنني في حصار اجتماعي بسبب ما أقدمت عليه لكن سبحان الله لم يمر عام حتى اقتدى بي نفر من هؤلاء الأقارب الذين نقموا علي في البدء الزواج بأكثر من واحدة.
والذي دفعهم إلى ذلك دفعا ما انتشر من زواج سري غير رسمي في محيطهم السكني، فقالوا لأنفسهم "لماذا نحوم حول الشبهات ولنا في فلان ابن عمنا المثل والقدوة"!
يؤصل لنا هذا الموضوع تأصيلاً شرعياً، فضيلة الشيخ صبري عسكر أحد أئمة وزارة الأوقاف المصرية فيقول: علينا أن نعرف أن تعدد الزوجات – أي الزواج بأكثر من واحدة – يجيزه التشريع الإسلامي للرجل ويبيحه، ولا يوجبه أو يلزم به أحدًا ولكن: هل يؤجر المسلم على التعدد؟ والجواب: نعم لأنه يتحمل مسؤولية امرأة أخرى، فيكون عائلاً لها ويكفيها حاجتها، من الطعام والشراب والكسوة والسكنى، وسد حاجاتها من الأمور الأخرى كالوضع الاجتماعي والستر والعاطفة ولقاء الزوجية وما إلى غير ذلك.
وأما الذين في صدورهم شيء من التعدد فأقول لهم: من أنتم حتى تردوا قول الله تعالى : { فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلاثَ وَرُبَاعَ } [ سورة النساء : 3 ]، ألا تبًا لمن يعترض على الزواج ولا يعترض على الانحراف والمجون.
إن الذي يفكر في الزواج بأخرى، رجل عرف طريق الاستقامة، وحدد هدفه وغرضه من الزواج، رجل يثق بأن الأرزاق بيد الله، وأن الذي رزقها في بيت أبيها سيرزقها في بيته، فعلى سبيل المثال لا الحصر أذكر ما يلي:
رجل زوجته لا تنجب ولا تحب مفارقته، وتتوق نفسه لأن يكون أبًا فيتزوج بامرأة يكفلها، ويكون سببًا في عفتها ويحقق لها استقرارًا اجتماعيًا وأمنًا أسريًا، فلماذا نحرمه من أمر مشروع ونحول بينه وبين ما يريد.
رجل يعاني من تقصير زوجته معه في الفراش، ويعاني من شح في العواطف والمشاعر، ولا يحب أن يفارقها، ولا يعلن عيوبها وتقصيرها فيمسك عليها ويتزوج بأخرى تكمل له ما يعانيه من نقص.
رجل عنده فحولة زائدة، وزوجته لا تطيق ذلك وتنفر منه ولا تستجيب لرغباته، فيتزوج بأخرى تعاني من الحرمان، فيتحقق له ما يريد، ويكون سببًا في إسعاد أخرى دون أن ينتقص من حق الأولى شيئًا.
رجل يرغب فيما عند الله من الأجر والمثوبة، فيتزوج بفتاة تأخر زواجها عن المعتاد عرفًا، أو أرملة أو مطلقة، فيعولها وأولادها، ويكفلهم وينزلهم منزلة أولاده فيكون لهم نعم الأب، وللزوجة عوضًا عما أصابها وعونا لها على تربية أولادها.
رجل مسافر للعمل أو للدراسة، ويصعب اصطحاب زوجته معه في سفره، لانشغالها بأولادها، أو دراستها، أو عملها، فوجد الزوجة التي يغض بها بصره ويحصن بها فرجه، ويحفظ بالتالي نفسه من الانحراف الذي لو حدث – لا قدر الله – سيكون سببًا في الوبال والفقر عليه وعلى أهل بيته؛ فيتزوج ويحفظ دينه ونفسه وأهله.
رجل يعاني من قبح زوجته، وتتوق نفسه لامرأة جميلة ( إذا نظر إليها سرته ) بل وأغنته عن النظر المحرم، فتزوج بأخرى، وعف نفسه، وأمسك الأولى لرغبتها في البقاء معه.
رجل يرى في نفسه القدرة على تحمل المسؤولية، لإقامة بيت جديد، وإدارة أسرة تكون لبنة جديدة من لبنات المجتمع، فيعمل أكثر، ويتحمل المشقات من أجل تحقيق غرضه، فهذا رجل له تقديره واحترامه، وهو في هذه الحالة أفضل من ذلك الرجل الذي لم يقم بحق زوجة واحدة، فعاش أعزبًا، أو طلق من كانت معه لعجزه عن القيام بحقها، أو الصبر على تبعات الزواج .
رجل يكره زوجته لسوء خلقها معه، وترفعها عليه وعدم الاهتمام به، فتجعله يفتقد الهيمنة والقوامة، فتتوق نفسه إلى زوجة تحبه ويحبها، وتحترمه وتعطيه حقه من الطاعة والقوامة، فيتزوج، وربما تنصلح الأولى بعد ذلك فيرتفع رصيدها عند زوجها ويعلو قدرها.
ومع ذلك، أكد الشيخ صبري عسكر أن تعدد الزوجات أمر في غاية المشقة، فمن يرغب في التعدد مطالب بأمور منها:
اختيار الزوجة المناسبة له، فتسد حاجته، وما يعانيه من نقص مع الأولى.
إعطائها مهرًا بالقدر الذي يرضيها، ومن ثم تجهيز مسكن الزوجية، إلا أن يكون لديها مسكن وتكفيه هذا الأمر.
يدفع لها نفقة تكفيها لمعاشها وكسوتها، من بداية العقد إلى أن يفارقها بطلاق أو بوفاة.
يقسم لها في الليالي، ويتحمل إرضاء زوجته الأولى، وأولاده منها، والصبر عليهم وعلى متطلباتهم.
ربما يكون متوسط الحال أو فقيرًا فيعمل أكثر وربما يكون له عمل إضافي كي يفي بمتطلبات البيتين.
يعدل بين زوجتيه، أو زوجاته، في النفقة، والكسوة، والمبيت، وإلا جاء يوم القيامة وشقه مائل، ويفتضح أمره بين يدي الله يوم يكون المآل إلى جنة أو إلى نار.
يحفظ للأولى كرامتها، وحقها، وإلا رفعت عليه دعوة للطلاق، وتحصل على كافة حقوقها، أو تخلعه وتتنازل عن حقوقها مقابل الافتداء منه؛ فيخسرها وربما يضيع أولاده بذلك.
أن لا يتجاوز العدد أربع زوجات، مهما كانت الأسباب والظروف والأحوال، إلا إذا طلق إحداهن، وأراد أن يتزوج بغيرها، فيمتنع حتى يستوفي مطلقته عدتها.
ويضيف الشيخ صبري عسكر: لو تزوج كل رجل بامرأة واحدة فقط لبقي في المجتمع نساء لا يقابلهم رجال، والواقع يشهد بذلك، في كثير من دول العالم إن لم يكن في كل العالم، ويأبى الله جل وعلا إلا أن يظهر آيات قدرته ودلائل رحمته حينًا بعد حينٍ، وإذا كان على المؤمن أن يخضع لحكم ربه ولو لم يدرك علة الحكم، فإن غير المؤمنين يكتشفون في كل حين من أسرار التشريع الإلهي وحكمته، ما يجعل المنصفين منهم يقرون بالحق، ويحنون رؤوسهم لتشريع رب العالمين.
وأمام هذه الزيادة الفعلية في عدد النساء، لابد لنا من حلول، والتعدد هو أحد هذه الحلول، وأفضلها على الإطلاق؛ لأنه لو لم يكن التعدد بعقد زواج رسمي وبيت وأسرة وإشهار، ومن ثم بنين وبنات، فيكون الحل الثاني: أن نتركهن يمتن كمدًا من الحرمان من أبسط حقوقهن في الزواج والمتعة الحلال، أو ينحرفن ويفسدن المجتمع، وتحل الرذيلة مكان الفضيلة، ويلحقن بأهلهن العار والشنار، وتمحق البركة من حياتهن، ومن يسير في ركابهن من الشباب والرجال المنحرفين، علاوة على ما يترتب على ذلك من جرائم القتل والسرقة وخراب البيوت.
أليست الزوجة الثانية هي ابنتنا، أو أختنا، أو عمتنا، أو خالتنا، ولها حق الحياة والعيش الأسري كغيرها من سائر النساء؟ فلماذا نعترض نحن في أمر يكون سببًا لسعادتهن؟
ولنا أن نعلم، أن المرأة التي تقبل أن تكون زوجة ثانية أو ثالثة أو رابعة تقبل باختيارها لأنها اختارت أمرًا من أربعة أمور:
الأول: أنها رأت فيه شخصية فذة قوية وأهلا لتحمل المسؤولية ورجولة تميزه عن غيره في أمور – رأتها هي – واقتنعت بها.
الثاني: أنها وجدت فيه، ما يناسب ظروفها، فهي مشغولة بأبويها أو بأولادها من زواج سابق، أو بإخوانها وأخواتها المتكفلة بهم بسبب وفاة والديها أو أحدهما، فلن يشغلها كل الوقت، لكونه متزوج بأخرى، أو بأخريات.
الثالث: أنها قارنت بينه وبين المطلق، فرأت المبقي على زوجته، رغم تقصيرها في حقه، والمتكفل بها وبأولاده منها، أفضل من الذي تخلى عن زوجته وطلقها وتفرغ لنفسه فقط، فرأت أنه قد يفعل بها ما فعل بغيرها، فرضيت بالمتزوج وفضلته.
الرابع: أنها انتظرت أن يأتيها غير المتزوج، فلم تجده، فكان الخيار الذي أمامها هو أن تتزوج برجل متزوج، يأتيها في الأسبوع ليلة أو أكثر ويتكفل بنفقتها ويتحمل مسؤوليتها، أفضل من أن تبقى وحيدة، يمضي بها العمر، دون أن يكون لها زوج.
وبالنظر إلى المتزوج بأخرى، فإما أن يجد في زوجته الجديدة بغيته، أويعرف قدر زوجته الأولى، وفي حالة الانسجام مع الجديدة، فسيتحمل أذى القديمة، من منطلق إنساني بحت، أو لأجل أولادها – خاصة أنه سيغيب عنها بضع ليال، مما يجعله ينسى الإساءة أو يشتاق إليها.
وبالنظر إلى الزوجة الجديدة، فقد وجدت زوجًا، بعد أن كانت تعاني من الوحدة، والحرمان، وبالتالي ستحرص على أن المحافظة عليه، خشية أن يطلقها، وتنفرد به زوجته الأولى، أو يتزوج عليها كما تزوجها على غيرها.
وبالنظر إلى الزوجة القديمة، فقد تتضرر في الظاهر لكون زوجها تزوج عليها، لكنها تستفيد بأمور منها:
إما أن يكون مزعجًا، فترتاح منه بعض الليالي والأيام، وإما يكون محبوبًا فتتهيأ له، وتستعد لاستقباله، وتنعم بليلتها أو لياليها معه على أكمل وجه.
يكون لديها بعض الأيام والليالي، التي يغيب فيها الزوج، فترتاح من مشقة تجهيز الطعام وخدمته، وربما تكتفي ببواقي الطعام أو الأكلات الخفيفة.
تفرغ من تنظيف شقتها، وغسيل الملابس في غيبة الزوج، مما يجعلها تهنأ بزوجها، وتتفرغ له وحده، عند حضوره عندها.
يمكنها أن تستفيد من غيبة الزوج، في تطوير نفسها بالقراءة والرياضة والخروج للتنزه أو للزيارات الاجتماعية.
الغيرة التي تشعر بها بعد زواجه عليها، ستجعلها تهتم بنفسها، وتحسن معاملته، لتثبت وجودها في حياته فتفيد وتستفيد.
ربما لا يجد الزوج ضالته في زوجته الجديدة، فيكون الاهتمام بالأولى أكثر، ويكون أشد حرصًا عليها، وعلى التمسك بها، فيرتفع قدرها وتعلو مكانتها، ولله في خلقه شؤون.
وبسؤال الشيخ صبري عسكر: بماذا نرد على شبهة من يقول باستحالة العدل بين الزوجات، مستنداً إلى قوله تعالى: { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُوا } [ سورة النساء : 3] ثم أخبر – سبحانه – في نفس السورة بأن العدل غير ممكن وذلك في قوله تعالى :{ وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا } [ سورة النساء : 129 ]؟
أجاب فضيلته: ما كان الله ليحل شيئًا بل ويأتي بصيغة الأمر في قوله تعالى ( فانكحوا ) ويشترط لذلك العدل ثم يقول في نفس السورة أنكم لن تستطيعوا العدل بين النساء ولو حرصتم، فهل الآية الثانية نسخت الأولى؟ لو كان كذلك لما كان التعدد في عهد النبوة والصحابة والتابعين مشهورًا لدرجة مألوفة ومعتادة جدًا عندهم، ولكن حين نفهم الآيتين ونتدبر محتوى كل منهما نصل إلى ما يلي:
الأولى التي أباحت التعدد واشترط الله العدل فيها، فالمقصد هنا العدل المطلق، لكن الآية الثانية تأتي لترفع ذلك الحرج، ولتبين للمسلمين بأن العدل المطلق في كل شيء أمر غير مستطاع حتى مع من كان حريصًا عليه.
ولذلك، روي عن عائشة – رضي الله عنها – ( أنَّ النَّبيَّ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – كان يقسِمُ بين نسائِه فيعدلُ ويقولُ اللَّهمَّ هذا قَسْمي فيما أملِكُ فلا تلمْني فيما تملِكُ ولا أملِكُ ) رواه البخاري.
والقارئ للآية الثانية { وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ } على أنها تمنع التعدد، استخدم أسلوب من يقرأ: ( فويل للمصلين )، ويسكت، ليوهم المستمع، أن الويل للمصلين وليس لتاركي الصلاة، لكن في خاتمتها، يقول الله تعالى: { فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا } [ سورة النساء : 129 ] إذن، رب العالمين لم يقل: لا تعددوا؟ بل رفع الحرج عن مفهوم العدل المطلق، وأن الميل المحرم، هو كل الميل، وليس بعضه أو نوعه، والله أعلم، وهو بعباده رؤوف رحيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.