أباحت الشريعة الإسلامية للرجل أن يتزوج واحدة أو اثنتين أو ثلاثًا أو أربعا، شريطة تحقيق العدل بينهن في النفقة والمبيت والهبات..... إلخ.. وأما العدل في المحبة فغير مكلف ولا مطالب به، لأنه لن يقدر عليه ، لاختلاف طباع وسمات النساء..
قال الله عز وجل في كتابه العزيز: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع؛ فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم، ذلك أدنى ألا تعولوا}، النساء: 3 وقال أيضًا: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة، وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما}، النساء: 129
ولأن الله تعالى رحيم رؤوف حق عدل لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون، شرع التعدد لعباده لعلمه التام بحاجتهم وحاجة الأمة الإسلامية إليه لأسباب عدة، من بينها:
أولًا: تبين من خلال الإحصائيات أن عدد النساء أكثر من الرجال؛ لأن الرجال جنود الحروب والمعارك، وأكثر عرضة للحوادث القاتلة نظرا لامتهان الكثير منهم مهنًا شاقة، فلو تزوج كل رجل امرأةً واحدة فهذا معناه بقاء الكثير من النساء بلا أزواج، مما يعود بالضرر عليهن ، حيث لن يجدن أزواجا يقومون على مصالحهن بالإنفاق عليهن وإشباع رغباتهن الغريزية لتحصينهن ضد الشهوات المحرمة، فضلًا عن تحقيق الحلم الفطري الأهم لكل منهن وهو إنجاب الذرية، الأمر الذي يجعلهن يعانون ويلات الوحدة والحزن والحاجة التي ربما تدفع ضعيفات الأنفس والإيمان منهن إلى سلك طريق الحرام والضلال، مما يؤدي إلى انتشار الفواحش والأمراض الفتاكة كالإيدز وغيره من الأمراض المستعصية المعدية، إضافة إلى إنجاب أطفال مجهولي الهوية، لا يَعرفون من أبوهم؟، فلا يجدون يدًا حانية تعطف عليهم، ولا عقلاً سديدًا يُحسن تربيتهم، فإذا خرجوا إلى الحياة وعرفوا حقيقتهم وأنهم أولاد زنا سينعكس ذلك على سلوكهم، ويكونون عرضة للانحراف والضياع، بل وسينقمون على مجتمعاتهم، ومن ثم يكونون معاول هدم لبلادهم، وقادة للعصابات المنحرفة، كما هو حاصل الآن في كثير من دول العالم .
ثانيًا: : قد يتزوج الرجل امرأة واحدة، وهذه الواحدة لا تنجب وهو يريد الأولاد، أو قد يتزوج بامرأة ثمّ تمرض مرضًا طويلًا فماذا يفعل الرجل حينها؟! هل يطلقها لأنّها مريضة أو لأنّها لا تنجب؟! أو يبقيها ويبقى مريضاً معها أو بدون أولاد؟!.. إنّه إن طلقها لأحد هذه الأسباب فهذا يعد من سوء العشرة، وظلما للمرأة، وإذا بقي معها على هذه الحال فهو ظالم لنفسه أيضاً، فالحل إذاً أن تبقى زوجة له معززة مكرمة، ويتزوج بأخرى .
ثالثًا: هناك رجال رغبتهم الجنسية عالية، ولا تكفي كلًا منهم امرأة واحدة، ولو سُدَّ الباب عليهم، وقيل لهم: غير مسموح لكم إلا بامرأة واحدة لوقعوا في المشقة الشديدة ، وربما صرفوا شهوتهم بطريقة محرمة.
رابعًا: قد تكون المرأة من أقارب الرجل ولا عائل لها ، وهي غير متزوجة ، أو مطلقة أو أرملة مات زوجها ، ويرى هذا الرجل أن من الإحسان لها أن يضمها إلى بيته زوجة مع زوجته الأولى، ليعفها وينفق عليها، وهذا خير لها من تركها وحيدة مع الاكتفاء بالإنفاق عليها فقط.
خامسًا: التعدد سبب لتكثير الأمة، فمعلوم أنه لا تحصل الكثرة إلا بالزواج، وما يحصل من كثرة النسل من جراء تعدد الزوجات أكثر مما يحصل بزوجة واحدة.. فزيادة عدد السكان سبب في تقوية الأمة، وزيادة الأيدي العاملة فيها، مما يسبب ارتفاع الاقتصاد – لو أحسن أولو الأمر تدبير أمور الدول والانتفاع من مواردها كما ينبغي – فمن الشائع خطأً أن تكثير البشرية خطر على موارد الأرض، وأنها لن تكفيهم؛ لأن الله الخبير الحكيم الذي شرع التعدد قد تكفّل برزق العباد وجعل في الأرض ما يغنيهم وزيادة، وما يحصل من النقص فهو من ظلم الإدارات والحكومات والأفراد وسوء تدبيرهم وتصرفهم.