قال: .وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامي فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثني وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدني ألا تعولوا. لم يرد تعدد الزوجات في القرآن الكريم بمعزل عن أسبابه .فالله عز وجل- قال: .وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامي فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثني وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدني ألا تعولوا. تميزت الشريعة الإسلامية دون غيرها من الشرائع السماوية بقيد التعدد صراحة وقيدته بثلاثة شروط أولها ألا يزيد علي أربع وثانيها ألا يكون فيه ظلم لاحداهن وثالثها أن يكون قادراً علي الانفاق والثلاثة مكملة لبعضهم البعض- حيث الشرط الأول يحكمه القضاء والشرط الثاني أمر نفسي لا يعلم به أحد إلا صاحبه والشرط الثالث أمر نسبي وراجع إلي تقدير الفرد ذاته حيث الظلم أو العجز عن الانفاق أمور تتعلق بالمستقبل والعقود لا تبني صحتها علي أمور متوقعة بل تبني علي أمور واقعية لأن هناك متغيرات فالظالم يمكن أن يكون عادلاً والعاجز عن الإنفاق اليوم يمكن أن يكون قادراً في المستقبل. ومع ذلك قرر الإسلام أن الرجل إذا ظلم زوجته أو عجز عن الانفاق عليها يحق لها طلب الطلاق ولكن لا يمنعها من العقد إذا دخلت راضية مختارة في إنشائه- فالهدف والحكمة من التعدد، ما نلاحظه دائماً بعد الكوارث وخاصة الحروب العسكرية أن عدد النساء الصالحات للزواج أكثر من الرجال الصالحين للزواج- إذن في هذه الحالة فيكون من كرامة المرأة أن تكون زوجة ولو مع أخري بدلاً من أن تكون حائرة بين احضان الرجال، كما تقتضي المصلحة الاجتماعية أن تكون العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة شرعية بدلاً من أن تكون آثمة وغير شرعية، وخير للمرأة أن تكون زوجة من أن تكون خليلة تنتقل بين أحضان الرجال- إذ أن التعدد علي أقبح صوره يدفع شراً اجتماعياً أعظم منه، ومنطقياً لا يمكن أن تقبل المرأة الزواج من متزوج إلا إذا كانت مضطرة إلي ذلك اضطراراً فإذا كانت الزوجة الأولي ينالها ضرر بالزواج بالثانية فإن الثانية ينالها ضرر أشد من الحرمان إذ تموت أنوثتها أو تكون ضياعاً بين الرجال والضرر الكبير يدفع بالضرر القليل، وقد تصاب الزوجة بمرض يمنعها من العلاقة الجنسية أو تكون عقيمة فيكون من المصلحة الاجتماعية والشخصية التزوج من أخري. لقد فتح الإسلام الباب ضيقاً ولم يغلقه تماماً حيث الإسلام شريعة الله الذي يعلم كل شيء فهو العليم الحكيم، حيث لم يرد تعدد الزوجات في القرآن الكريم بمعزل عن أسبابه .فالله عز وجل- قال: .وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامي فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثني وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدني ألا تعولوا. الآية رقم 3 من سورة النساء نلاحظ هنا أن السبب الرئيسي الذي أنزلت لاجله الآية الكريمة هو وجود اليتامي والأرامل- كما أن الإباحة مقيدة بالعدل وهذا يؤكد أنها ليست دعوة مفتوحة للتعدد لقد خلق الله سبحانه وتعالي آدم وله زوجة واحدة ولم يعدد، فأصل الخلقة الواحدة وفي التشريع أباح ولم يأمر وهناك فرق بين أن يكون الإسلام أمراً بالتعدد وأن يكون قد أباحه فحسب فضلاً عن أن تكون تلك الاباحة مرتبطة باسبابها ومقيدة بأكثر من قيد كما ورد بالآية الكريمة وهو الاكتفاء بواحدة اقرب ألا تجوروا وتميلوا عن حقوق النساء إذ أن التعدد يعرض الرجل إلي الجور وان بذل جهده في العدل فالنفس رغبات. إذن الإسلام وازن بين حقوق الفطرة الإنسانية واحتياجاتها وبين الواجبات المترتبة علي تلك الحقوق في معادلة يصعب إنكار حكمتها العالية أو الغفلة عن مقصدها في تحري الاستقرار النفسي والاجتماعي في المجتمع وهذا ما أشار إليه كثير من المنصفين الغربيين في تلك القضية. فيري العالم .توس. أن الدواء الكافل للشفاء من الداء هو الإباحة للرجل بالتزوج بأكثر من واحدة وبهذه الواسطة يزول البلاء لا محالة وتصبح بناتنا ربات بيوت، فالبلاء كل البلاء في اجبار الرجل الأوروبي علي الاكتفاء بامرأة واحدة، فهذا التحديد هو الذي جعل بناتنا شوارد وقذف بهن إلي التماس أعمال الرجال ولابد من تفاقم الشر إذا لم يبح للرجال التزوج بأكثرمن واحدة، أي ظن وخرس يحيط بعدد الرجال المتزوجين الذين لهم أولاد غير شرعيين أصبحوا كلا وعالة وعاراً في المجتمع الإنساني فلو كان تعدد الزوجات مباحاً لما حاق بأولئك الأولاد وبأمهاتهم ما هم فيه من العذاب والهوان ولسلم عرضهن وعرض أولادهن فإن مزاحمة المرأة للرجل ستحل بنا الدمار. ألم تروا أن حال خلقتها تنادي بأن عليها ما ليس علي الرجل وعليه ما ليس عليها وبإباحة تعدد الزوجات تصبح كل امرأة ربة بيت وأم أولاد شرعيين .جريدة لندن ثرو.. أما الفيلسوف الألماني الشهير .شوبنهاور. يقول: إن قوانين الزواج في أوروبا فاسدة المبني بمساواتها المرأة بالرجل فقد جعلتنا نقتصر علي زوجة واحدة فأفقدتنا نصف حقوقنا وضاعفت علينا واجباتنا .إلي أن قال. ولا تعدم امرأة من الأمم التي تجيز تعدد الزوجات- زوجاً يتكفل بشئونها، والمتزوجات عندنا قليل وغيرهن لا يحصين عدداً تراهن بغير كفيل بين بكر من طبقات العليا قد شاخت وهي هائمة متحصرة ومخلوقات ضيفة من الطبقات السفلي يتجشمن الصعاب ويتحملن مشاق الأعمال وربما ابتذلن فيعشن تعيسات متلبسات بالخزي والعار، ففي مدينة لندن وحدها ثمانون ألف بنت عمومية سفك دم شرفهن علي مذبح الزواج، ضحية الاقتصار علي زوجة واحدة ونتيجة تعنت السيدة الأوروبية، وما تدعيه لنفسها من الأباطيل، أما آن لنا أن نعد بعد ذلك تعدد الزوجات حقيقة لنوع النساء بأسره .الإسلام روح المدينة لمصطفي الغلييني ص224 وهذا الرقم الذي ذكره شوبنهاور كان في عهده حيث توفي سنة 1860م. قالت .أني بيزانت. زعيمة الصوفية العالمية في كتابها .الأديان المنتشرة في الهند. .ومتي وزنا الأمور بقسطاس العدل المستقيم حيث ظهر لنا أن تعدد الزوجات الإسلامي الذي يحفظ ويحمي ويغذي ويكسو النساء، أرجح وزناً من البغاء الغربي الذي يسمح بأن يتخذ الرجل امرأة لمحض اشباع شهواته ثم يقذف بها إلي الشارع متي قضي منها أوطاره. وقال .جوستاف لوبون. إن نظام تعدد الزوجات نظام حسن يرفع المستوي الاخلاقي في الأمم التي تمارسه ويزيد الأسر ارتباطاً ويمنح المرأة احتراماً وسعادة لا تجدهما في أوروبا. ما سبق يؤكد لنا أن نظام تعدد الزوجات أو إباحة التزوج بأكثر من واحدة تحقيقاً لمقاصد الشريعة التي نص عليها الشرع الإسلامي ليس منقوضاً عند كثير من المفكرين الغربيين قد رأينا شهادة بعض مفكريهم وأن إباحة ذلك التعدد بشروطه هي في الحقيقة تكريم للمرأة كامرأة لأن الإنسان لابد أن تكون نظرته متكاملة فقصر النظر علي المرأة التي يتزوج الرجل عليها ليس انصافاً، فإن التي سوف يتزوجها الرجل هي امرأة كذلك كرمها الشرع بأن سمح للرجل أن يتزوج منها لعلاج ما يعانيه المجتمع من مشكلات اجتماعية واقتصادية.