لا داعى للتعجب والدهشة عزيزى القارىء عند مطالعة عنوانى هذا فعندما نسعد ونتباهى بعبارات نسمعها ويتم ترديدها فى اليوم الواحد مئات المرات خلال السنوات الثلاث الأخيرة من عمر الوطن بل وأكدنا ونؤكد على صحتها وضرورة إقرارها وبغض النظر عن نوايا قائليها إن كان بهدف الظهور والوصول على حساب أحلامنا وطموحنا فى غد ومستقبل أفضل أوكان بغرض التأكييد على العلاقة بين الحاكم والمحكوم وإيجاد التكاتف والاتحاد عند تحمل المسئولية كما ينبغى أن يكون على سبيل المثال الشعب هو صاحب السيادة والكلمة العليا والقول الفصل, الشعب هو المُعلم والموجه, الشعب هو مانح الشرعية للنظام الحاكم , الشعب هو مصدر السلطات والآمر الناهى الواجب على الجميع مقابلة أوامره بالتنفيذ والطاعة , الشعب هو المحرك الرئيسى وفارس الرهان لكل مايشهده الوطن من أحداث سلبية كانت أو إيجابية , إلى آخره من عبارات وصفات المدح التى تجد إلى النفس طريقا مصحوبة بالرضا والقبول العام تكون النتيجة الطبيعية إذن أن الشعب بات هو الرئيس . مما يضعنا بدوره أمام السؤال الأهم هل نحن نستحق فعليا القيام بدور صانع القرار أو على أقل تقدير المشاركة بشكل مؤثر فى صناعته كما نريد ونشتهى طالما نفتخر بهذا الوصف عند إطلاقه ونحسبه حقيقة ؟ أو بشكل آخر هل نحن نمتلك حقا المؤهلات اللازمة لهذا الدور وبناءً عليها نستطيع تحقيق إنجازات ملموسة تكفى ضامنا لتحقيق التغيير والآمال والأمنيات المعقودة ؟ بالطبع الإجابة تكمن فى إعادة نظر ومراجعة شاملة لتصرفات وأفعال كل منا شريطة أن يكون عنوانها المصارحة والشفافية للوقوف على ما بها من عوار بعيدا عن المجاملة والمحاباة وتطييب خاطر النفس بمسكنات لا تقود إلى تقدم ولا تؤدى إلى نجاح . فنحن قد تعودنا طيلة العقود الماضية على تقديم النقد للمسئول ومطالبته بتقييم أدائه وقد حان الوقت لتقييم أدائنا نحن وتقديم النقد لأنفسنا فكلنا أصبحنا المسئول . بالنظر إلى سلوكنا وما ينتج عنه من ممارسات لوجدنا أن بها ما يحمل إنحطاطا وتدنيا للمجتمع المصرى ولا يخدم رقيه ورفعته أولها : عشق التراخى والكسل سواء كان بالتقاعس عن إعمال العقل وشغله بالتفكير والبحث عن حقائق ما يتم التعرض له فى الحياة اليومية مما يسهل نشر الفتن وإشاعة القلاقل داخل المجتمع وبالتالى توسيع حجم القاعدة لهواة الفرقة وراغبى الانقسام أو كان ممثلا فى الخمول وقتل الرغبة والحماس فى إنجاز ما نقدم عليه من أعمال أو حتى ما يتم إيكاله إلينا منها والحجة هى قمع السلطة وغياب العدالة ليكون لسان الحال ( لن أستفيد شيئا لو قمت بأداء واجبى فلا أتقاضى راتبا أستحقه ولا أحصل على درجة وظيفية هى حق لى طالما كان المزاج والهوى ووجود النفوذ هو المعيار الحقيقى لبلوغ المكانة وعلو الشأن) ليصبح الكسل وكأنه إنتقاما من ولاة الأمر القائمين على الإدارة والحقيقة أن هذا المنطق به من التناقض ما يؤكد على فهم مغلوط ولا يجعله إلا مجرد محاولة بائسة لتبرير سلوك أعوج وفعل مشين نساعد به على تردى الحال أكثر مما هو عليه بدلا من محاولة الخروج منه وتصحيح مساره فنحن من صفًقنا مرارا وتكرارا لسلطات وصفناها مستبدة وطاغية ونحن من طوعنا النفس على استسلام لنهجها بمحض الإرادة حينما فضلنا اليأس على الأمل وبحثنا عن الصالح الخاص دون تغليب لصالح عام إن صلح تبدلت أحوالنا معه إلى الأفضل وإن فسد صرنا معه فاسدين فكنا أداة لفساده حينما وجدنا فى سطحية التفكير والانشغال بتوافه الأمور والتحلى بالسلبية والانهزامية راحة لنفوسنا فكان الاكتفاء بالتغنى بأمجاد الأجداد وحضارة الماضى دون الإقدام على عمل جاد بنية خالصة يعيدها إلى الحاضر ويضمن إستمرارها فى المستقبل وبعدها نقول (ياعم سيبها على الله رحمته واسعه وهايحلها من عنده ) نتاجر برحمة الله ونخالف ما قاله وما أمربه ثم ننتظر منه سبحانه عطاء وحلا . ثانيا : "الرشوة " التى جعلناها منهج حياة وفرضا لابد أن نؤديه عند قضاء مصلحة أوحاجة لنا داخل أى مؤسسة حكومية كانت أو خاصة ثم بعد ذلك نطالب بإلغاء الوساطة والمحسوبية فيا للعبث الذى يثير فى النفوس الغثيان نساعد فى نشر الفساد وشيوعه وفى الوقت نفسه نطالب بالقضاء عليه والتخلص منه فالرشوة قد أصبحت شعارا يرفعه الموظف واضعا لها مسميات ما أنزل الله بها من سلطان فهى هدية أو إكرامية أو مكافأة بل وصل الأمر إلى إعلانه صراحة أنه يعمل بما لا يرضى الله وعليك الاختيار والمفاضلة . بالبحث عن الدوافع التى أدت إلى إقتراف هذه الجريمة لوجدنا أنها فى مجملها لا تدلل إلا على ضعف متوغل فى النفوس وميل إلى تزييف الحقائق بإلباس الحق ثوب الباطل فالشكوى من إنخفاض الدخل فى ظل ارتفاع لخدمات الحياة وغلو المعيشة والخوف من تعطل المصالح وتعسرها لا يمكن إعتباره شفيعا لإرتكاب جرم حرمه الله ورسوله هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أن من يقدم على هذا الفعل قد تناسى عمدا أن هناك من يعانى فقرا وضيقا ربما أكثر منه ولم يحالفه الحظ بإيجاد فرصة عمل مثله ومع ذلك لم يجنح إلى هذا التصرف ولم يطوله هذا الوباء, فضلا عن إمكانية وجود عمل أخر يقوم به هذا الموظف المُرتشى إلى جانب وظيفته وإمكانية وجود طريقة أخرى لقضاء المصالح لو أحسنا النوايا وافترضنا بقاء الاصلاح بدلا من مجاراة الفاسد واستسهال الحرام . ثالثا : المحاولات المستميتة للتحايل والالتفاف على القانون هربا من الاحتكام لنصوصه تعليلا بعدم الثقة فى الإنصاف لضعف القانون أو خوف من عدم حياد القائمين عليه فيكون الاتجاه إلى العنف ونشر شذوذ العداوة وقانون الغاب ملاذا وسبيلا إعمالا للعباراة الشهيرة (هأخد حقى بدراعى) رابعا : احترافية الغش والنصب وغياب الضمير استنادا إلى مبدأ " الشطارة والفهلوة" فى التعاملات الرسمية عند البيع والشراء مثلا باللجوء إلى غش السلعة لتحقيق ربح سريع على حساب الشرف والأمانه (ياعم مشى حالك أكل العيش مر) أوكان على مستوى التعامل فى العلاقات الشخصية بين الأصدقاء أو حتى بين الأخوة وبعضهم فالخيانة وطعن الظهر عادة وغاية. خامسا : الإفتقار إلى ثقافة النظام وغياب القواعد التى تكفل السير وفقا لأليات وأطر تحدد الحقوق وتوضح ما يقابلها من واجبات فكل منا له نظامه الخاص الذى وضعه إسلوبا لحياته صوابا كان أو خطأ مناسبا لعُرف وطبيعة المجتمع أو غير مناسب فما يهم أنه يتناسب مع الشخصية وما عداه فلا أهمية له ولا حساب . سادسا : افتقاد لغة الحوار وعدم احترام وجهة نظر الآخر بل ورفع شعار التخوين لكل من يأتى مخالفا للرأى بلا حجة ولا بينة سوى الاعتماد على فهم منقوص ورغبة فى إثبات الذات وهو ما ينعكس سلبا على المجتمع بتربع الفرقة والشتات بين جنباته وسواد الضغينة والكره فى نفوس أبنائه كذلك اتباع سياسة التخريب والتدمير لمؤسسات الدولة على اعتبار أنها حق مشروع لتحقيق المطالب وطريق أمثل للتعبير عن الأراء . علاوة على التطفل والتدخل فى شئون الغير وعدم احترام الخصوصية واحتراف الكذب والتواكل وزيادة معدلات الجريمة من زنا واغتصاب وتحرش وزنا المحارم وسرقة وسطو وقتل وكلها سلوكيات وممارسات مذمومة تبرهن على تفشى الإنحراف الأخلاقى وتعد إضافة وإكمالا لما سلف ذكره وتوضيحه فجميعها تصب فى بوطقة التأخر والإضمحلال . فى نهاية المطاف دعونى أؤكد أنه لم يدفعنى إلى الحديث فيما سبق والخوض فى تفاصيله إلا أملا وتمنيا لتحقيق المنفعة العامة فلينظر كل منا إلى نفسه معترفا بنواحى قصوره ممتلكا لشجاعة تدفعه إلى التصحيح مصحوبة بعزيمة وإصرار على النجاح نابعة من ثقة بالنفس وإيمان بالله عز وجل, هذا إن كنت تريد خيرا وفلاحا أيها الشعب الرئيس . يتبقى أن أذكركم ونفسى بقوله تعالى "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " صدق الله العظيم —