لا توجد حقوق إلا وتقابلها واجبات.. وهذه أعظم وأبسط القواعد التي يجب أن يفهمها ويدركها كل إنسان.. بغض النظر عن حيثيته ومستوي تفكيره.. فكيف لك أن تطلب ثمارا دون أن تزرع؟ فهذا لا يعقل ولا يقبل.. وإذا قلنا إن المصريين كانوا مظلومين ومقهورين ومسلوبة حقوقهم طوال الأعوام الثلاثين الماضية فلنا أن نسأل: هل قمنا نحن كمواطنين بواجباتنا بما تمليه علينا ضمائرنا ومعتقداتنا؟ هل قام كل منا بدوره الاجتماعي وأسهم في إعانة محتاج, أو إغاثة ملهوف, أو التصدي لمنكر؟ جميعنا كان يقول نفسي نفسي دون نظر أو اعتبار لآلام ومعاناة الآخرين, فتفشي الفساد, وساد الظلم, وعمت الرشوة في كل مكان؟ ولي أن أسأل: هي كان أي منا يقوم بعمله علي الوجه الأكمل, أم تحجج بأنه لم يكن يأخذ حقه.. سبحان الله لقد بتنا نطالب بالأجر قبل أن ننجز العمل ونطالب النظام الحاكم بأن يراعي حقوقنا بينما نتخذ الفوضي والفهلوة منهجا ودستورا.. نطالب بعدالة اجتماعية ونحن ظالمون لأنفسنا وأهلينا وأبنائنا وأرحامنا وجيراننا.. فهل يستطيع أحد أن يخبرني بعدد قضايا الحجر المرفوعة علي الآباء من الأبناء في المحاكم؟ أو عدد قضايا نزاعات الميراث بين أبناء الرحم الواحد؟ هل كان السبب في كل هذا الخراب والضياع هو الحزب الوطني والنظام السابق وأعوانه وحدهم؟ فتري هل كان الفقر مبررا للرشوة والانتهازية, وعدم إتقان العمل, وأكل كل منا لحقوق الآخر؟ وهل يستطيع أحد أن يخبرني ما هي الثمرة المنتظرة لما زرعناه بسلوكنا وأخلاقنا هذه؟ وهل كان حالنا وما نلاقيه من ظلم الحكام والمسئولين إلا عقابا عادلا من الله علي سوء أفعالنا وعدم نقاء سريرتنا؟ والسؤال: تري هل ستغير الثورة كل ذلك وتجعلنا نتحول جميعا فجأة ودون سابق إنذار إلي أشخاص مثاليين يعرف كل منا ما له وما عليه.. أم أن شيئا لم يتغير ولن يتغير إلا إذا غيرنا نحن ما بأنفسنا؟ والدليل علي ذلك. أن من كان يرمي بالزبالة في الشوارع ولايزال هو من الشعب. والموظف المرتشي كان من الشعب والسائق المستغل كان من الشعب والضابط الظالم كان من الشعب والمحامي الذي يقلب الحق باطلا كان من الشعب والطبيب الذي يسرق الأعضاء ويغتصب مرضاه كان من الشعب والمهندس الذي يغش في مواد البناء كان من الشعب والأب الذي يلقي بأولاده في الشارع لكي يتزوج من ثانية كان من الشعب فالفساد كان نابعا من قاعدة المجتمع وليس من رأس النظام وحده وكل النماذج الفاسدة كانت من الشعب.. لم نستوردها من الخارج! ولكي ينصلح المجتمع لابد أن نبدأ بأنفسنا ونغير ما فيها, ونبدأ من جديد حتي ينصلح حالنا فينصلح المجتمع, ويفرز لنا العلماء والفقهاء, ويقدم لنا المحامي الشريف, والقاضي العادل, والطبيب الأمين, والمعلم الفاضل, والضابط النزيه, والموظف المنتج, والمسئول المحترم, والوزير الناجح, والرئيس العادل.. ووقتها سينصلح كل شيء, فإذا صلح الراعي صلحت الرعية.. وللحديث بقية. وائل سلمان