الشاعرة سنا ألبنا، شخصية لبنانية، تقيم في مدينة بيروت، درست علم الإدارة، تتمتع بالذكاء، وبالثقافة الجيدة، وتعبر عن أفكارها ومعتقداتها بصراحة وجرأه، بحيث لا تتجاوز الواقع المعاش، تتألم وحزينة، لواقع المجتمع العربي بشكل عام، لما يتَّصف به من الجهل والعادات والتقاليد القديمة البالية، وتتمرَّدْ على واقعها بأسلوب مؤدَّب، وتنقل وجهة نظرها بكل حرية وصراحة، وجرأة للمعنيين بالأمر، بحيث لا تسيء لنفسها. تكتب الأشعار والقصائد المنوعة، فهي تتنوع بين صوفية عالية، ورمزية داكنة، ورومانسية حالمة، لها ديوان صادر عن دار فكر للأبحاث والنشر في العام 2011م بعنوان (آدم وتاء الغواية) عدد صفحاته 280 صفحة، وعدد القصائد 70 قصيدة، وهناك ديوانين لها، قيد الطبع، سنا ألبنا لبنانية، ومقيمة في بيروت، والجبل هو موطنها الأصلي، دراستها إدارة، وامتهنت إدارة الفنادق، مع التعليم المهني، تشعر بأنها ولدت البارحة، وتموت غدا، تقول بأنها إنسانة سَوية حد الجنون، مع فارق الغربة الشاسع، بين الأنا والجميع، أنثى بمعنى الكلمة، أَحْرفها عِلة وتوقْ وانبهار، بكل ما أَّمدّها الخالق من رؤية مختلفة للوجود. تَعيش كما ذرة رمل، بين جفون الموج. وتحَّلقُ بين قضبان السور العالي، لا تزيد عن غيرها سوى بتمرُّدها، لا يهم أن أُعَّرفُ نفسي بغير ذلك ؟ إنسانة عادية، تخترق الزمن، لتكون كما ينبغي، وكما تحلم، تتذكر سنا طفولتها فتقول عنها:على أدراج الطفولة، تناسيتُ نفسي على المصطبة، في باحة ملؤها العاب هرمة، وحكايات الضبعُ والجن ومارد الفانوس، والغول والوحش والنمس، والدين والعهر والطهر، النار والقهر والغدر والأبطال، تَتسلق الإدراج ولا تَتقدم، مكانها على مَّر السنين. عالقةٌ في الذاكرة، خوفٌ من بُعْبع السماء، وَرعبٌ من جهنم الحمراء. سنا ألبنا تكتب أشعارها وقصائدها بكل صراحة وجرأة، ليس لديها ما تخفيه او محرمات عليها، أسلوبها سلس، وممتع وشيق، تكتب قناعاتها بكل جرأة، ولا تهتم كثيرا لردود الفعل، قصائدها وومضاتها الشعرية عذبة، بطعم العسل، تجذبك لقراءتها كثيراً، ولا تتركها حتى تشبع منها، لكنك لن تشبع. في ومضة شعرية تتخيل ما خلف النوافذ المغلقة، فتدرك أن للأوجاع أسرارها، كما للحقيقة اتجاه واحد، يصل بها إلى أن تصبح معلقة، وتعتبر الابتسامات كذبة بيضاء. لنقرأ ما تقوله سناء بأسلوبها المميز: كلما تأمَّلتُ ما خلف النوافذ الموصدة، أدركتُ أن للوجع أسراره.. وللشارع ستارة سَتُسْدل، وللحقيقة خط واحد، يؤدي لنهاية معلقة، وكل الابتسامات كذبة بيضاء. وفي ومضة شعرية تقول فيها: طيفان في العراء، كيف يبردان ؟ أنا، أنت، وثالثنا، ظلٌ في عناق. وفي ومضة شعرية أخرى تقول فيها لحبيبها: أعِرْكَ عينيّ ودمي، مداداً، لعبور سراديب الحنين، حيث الأنهار، تحلم خلف الخمار بالتدفق، والثمار، تمطر وابل الوجد، فقد أزلي ليد تخفت في حناياها أقنعة الزوال، تقودني إلى خصل الانتماء والدفء. في ومضة شعرية رقيقة وجميلة تقول فيها:أدرت البحر على دفة الموج، نطق الماء بين أصابعي الكحيلة,,, ملِّحيني بشالك الخمري,,,توشحي زرقتي,, وأسكريني. في ومضة شعرية أخرى، جميلة تصف بها وعود حبيبها بالأظافر والمطلية بالوهم فتقول بها لحبيبها: خدشتني أظافر وعودك الملتوية.. بعد أن طليتها بالوهم.. وبضع كلمات خربشتني. في ومضة شعرية أخرى تدعي بأنها تشعر بحبيبها فالأيادي واحدة والقلب والنبض واحد أيضاً، لكن صمته يختلف، تقول فيها: اشعر بمزيج منك، على طعم رجل اعْرفه، اليد.. يدك، القلب..نبضك، وحده الصمت مختلف. وفي ومضة شعرية أخرى ، وبأسلوب تهكمي تصف المقصلة التي تعدها لحبيبها: سأستزيد من ضلعك نثرة، قد أنجبتني تاء مربوطة حول عنقك، ينقصني حرف، لتكتمل مقصلتي. وفي ومضة شعرية أخرى، تصف بها تأثير والدتها عليها، فتقول فيها: علمَّتني أمي الصمت، فتكلمَّتْ، علمَّتني الحياة، فماتتْ كلماتي، أما الحب، فتعلمته وحدي، وعَصيتْ. في ومضة شعرية أخرى حالمة ورومانسية، تنبه حبيبها من خلالها، وتقول له فيها: "افتح قلبك جيداً، حين تُقَّبلني، كي لا تلوك مشاعري، بين أسنانك". وفي ومضة شعرية تطلبُ من حبيبها، بِردْ ممتلكاتها لها، فقد ادخلها بالنار، مع انها ادخلته الجنة، فتقول له وتخاطبه: رُدَّ أشيائي الكثيرة !!! في عُهدتك آثام وخطايا، أدهيتك بالجنة، رَميتَني في النار. وفي ومضة شعرية انتقاديه للوطن تقول فيها:إذا الشعب يوما أراد الحياة !!! لا بد أن يغادر بؤر هذا الوطن. وفي ومضة شعرية أخرى تنتقد به العرب من حيث دراساتهم وافكارهم وتعصبهم، فتقول: العرب، لا يحدثون دراساتهم حول الدولة والدين والمجتمع.. لذا نجد الفكر إلى انحدار، والتاريخ عندهم فقط يعيد نفسه، من سيء إلى أسوأ. وفي ومضة أخرى تخاطب بها حبيبها، وتقول له فيها، بأنها ستنظر للدنيا من خلال عينيه: سأطلُ على الدنيا من بوابة عينيك..فانتظرني. في ومضة شعرية خارقة تقول لحبيبها: علمني كيف أصلي، فأعبدك. وفي ومضة أخرى، توضح مدى تأثير صوت حبيبها فيها، فتقول له فيها: على وقع صوتك، عاودتْني الحياة، من صُلب الغياب. وفي ومضة حالمة أخرى تقول له: نثرت فوحك في ذاكرتي، فأوْرقَ عطرك كالمدى، وتدلَّتْ خمرتك، تسكر الدوالي، أنا المطر تحت ظلالك ونسج خيالك في خيالي. في ومضة شعرية أخرى تقول لحبيبها بطريفة رومانسية عذبة، كيف ستشعل به الحياة فتقول له: لأني امرأة من سحاب، .سأوجه المطر نحو قلبك,,أغرقه,,,وأُشعلُ فيك الحياة. في ومضة شعرية أخرى تذكر حبيبها كيف أن أحرفها الأولى المستباحة، كانت من حبها له فتقول له: أتذكَّر حين تلَّبستني ذلك العمر، بين شفتيك، وكأس شهوتي المكسور، كيف لمْلمْتُ شهقتي عن خاصرة البلور، وأطلقتني سكرى، المْلمُ عن صدرك أسطر الرجولة، ومن حبك، استبيح أحرفي الأولى. وفي ومضة شعرية أخرى تسأل حبيبها، من جاء قبل الآخر، وتقول له فيها: منْ قَبلْ منْ يا سيدي ؟ الماء ؟أم المطر؟ أم انسكاب الشمس في عيون الفصول ومغيبها، ؟؟ روحي في روحك ؟؟ أم شهوة العين للعين ؟ والفم، لقبلة الشفتين ؟؟ الموت قبلك ؟ أم بعدك الحياة ؟؟ أم انك الحياة والموت ؟؟ في ومضة شعرية حالمة تشبِّه نفسها بالطير، وتبحث عن غصن غض تحط عليه، تقول فيها:أرفرف، أبحث عن غصن، أحط عليه رحالي، لم أجد غير جناحيك. قلت لها مرة: ماذا يعني التَّماس لديك؟؟ قالت وأجابت: التَّماس..هو ذاك الشفق، بين رغبتين، لا تلتقيان، لكنه مزود بنبض، يمد ناظريه للاحتضان. وفي ومضة أخرى بعنوان:موضوع لاستطلاع الآراء تتساءل: من أكثر صدقاً في الحب، الرجل أم المرأة؟؟ وهل الغرام تمثيلية لا واعية؟؟ قلت لها مرة، عيونك حلوين، ليش بعدك عزابية؟؟ أجابت وقالت: الزواج، حدثٌ طبيعي مؤلم، يؤدي للتهلكة، على قاعدة القضاء والقدر. قلت لها مرة: لماذا ترتدي القناع ثم تخلعينه قبل النوم: أجابت وقالت: ارتدي القناع، لأستدعي قصائدي، وأخلعه عند النوم، لأحلم بقصيدة غدي. قلت لها: من كان المُحتفى به ذات مرة، في منتدى كنت به، وما هو وصفك له؟؟ أجابت وقالت:المصفقون يلسعون أذني، كوابل من رصاص، تصفيق حار، محموم كجهنم، والمُحتفى به حمار. سألتها مرة بماذا حَلمتْ سنا؟؟ قالت: حلمتُ أني أذوّبُ الشمس في بحيرة، أمرِّغُ وجهها بالهوى، الماء يحترق، والشمس تنطفئ. قلت لها: ما هو رأيك بالتديُّن هذه الأيام: أجابتْ وقالت:هذا للكبار، الراشدين فقط، التدُّين عن جهل مرض مُزمن خطير، غير قابل للتحديث، يؤدي إلى اعوجاج الفكر، وضعف في خصوبة التفكير. قلت لها: علمت بأنك سمعت إرهابياً يتلو موعظة، فماذا سمعته يقول: أجابت وقالت: سمعته يتلو موعظة على مكبرات الصوت، فيها من الصراخ والعويل، ما يكفي لأن أكفر، وحوله تعلو الهتافات المهللة، كم هو شعب قطيع، يقاد من إرهاب إلى إرهاب، بمعزل عن الدين. قلت لها: ما هو رأيك بانجراف البعض، خلف الأفكار التكفيرية؟؟ أجابت وقالت: الانجراف خلف الأفكار الأصولية والتكفيرية، في أي مذهب كان، هو شكل من أشكال الإرهاب الديني المرضي، والبارانويا..يصيب الشخصية، ضعيفة البنية الفكرية، والنفسية، وهي شديدة العدوى، إذْ تتفشى كالنار في الهشيم، وليسوا اقلَّ خطراً من المشعوذين، الذين ينبشون القبور، بحثاً عن كنز مدفون، بين حُطام الرفات، أو في الديار المهجورة. قلت لها: ماذا لو قُدِّرْ لك عمل شيء واحد؟؟ قالت: لو قُدِّر لي أن أنفخك من تراب، سألاعبك بطقوس الأطفال والحواديت، أصنع منك ما يشبه الحياة الأسطورة، أحْييك، ما شاء السرد، لاكتمال الخلق..أميتكْ ثم أحييك، أعيدك لما يشبه أحرف التهجي، أكتبك ثم أمحيك، ثم أُلوِّنُ ما فات من خيبات الرجولة، أعلق رسمك في قفص، مع أجنحة عصافير، وأطلقك لمعة، كالأنفاس الأولى. وفي ومضة شعرية أخرى تقول بها لحبيبها، أن ما يمنعها من قول محاذيره، هي اللغة فقط، ولقد تكسَّرتْ الأوهام بأقلامها، وهي كسيحة لا تستطيع التقدم، تَمْنَعها اللغة، من اقتراف محاذيرك.. وقد توَّهتْني كل الحروف.. وتكسَّر الوهم بين أقلامي.. تعمَّد المجيء كالخيلاء في ريح طفيف.. وعلى صهيل الكَرى، أتبعْثر..أينك ؟؟ في مهب الحلم غائم، وأنا الكسيحة، كيف أتقدم ؟؟ قلت لها عنجد: من أنت يا سنا: قالت عنجد: أنا الصقيع الصامت، بلا اسم ,,أناديك، كالتعويذة المتآكلة، كل شيء محفور,,يثير لدي الشجن، خربشات الماء فوق الصخور، ومعول حفار القبور، العمر، دائماً يمحو العبور، فالبشر سندان، والزمن مطرقة. لنقرأ للشاعرة سنا ألبنا ما تقوله في قصيدتها الحالمة هذه، وما تعرضه لنا من الصور التعبيرية الرائعة، وعن حبها لحبيبها فوق كاسر الموج: فوق كاسر الموج، سأحبك مرة قادمة، العاصفة الأولى،, أبحر الربان خلاف التيار، أبحر في الماء والرمل والهواء، لم تكن في عينه البوصلة، في المرة القادمة، سأخلع جسدي على المرساة، أذهب تماماً عارية، نهداي أهبهما لدار أيتام، لن اصطحب غير أظافر المرجان,,وشفتي القرمزية، المرة القادمة، ستعانق جسدي بين موج وضباب، وتقرأ حرف امرأة.. على كف نار، ألقنك معنى وشمك، حينما تود أن تحبها كالغبار. هذه هي الشاعرة، اللبنانية سنا ألبنا، تُتحفكَ بقصائدها وبومضاتها الشعرية، وأسلوبها السلس، والموسيقي، وكلماتها الدرر، والعذبة، وتستمتع بقراءتك لكل ما تكتبه من الكلمات الشعرية، والشيقة، والممتعة، ولا تمِّل من كتاباتها، فهي تشدُّك كثيراً، إلى قلمها الماسي، ومدادها الذهبي، وتثير كل جوانب قريحتك، كي تقرأ لها، وتستمتع وتتلذذ بما تكتبه من ومضات شعرية، بكل صراحة وجرأة، بأقصر الجمل والأفكار، وبصور تعبيرية عميقة جداً، ومعبرة جداً جداً، فتصل إلى قلبك، من أقصر الطرق، وتشعر وكأنك تسبح في بركة من النشوة والسعادة منقطعة النظير، فتحية للشاعرة، اللبنانية سنا ألبنا، على جرأتها وصراحتها في كتاباتها، وانفتاحها بأفكارها وقيمها ومبادئها.