فى هذه الدراسة . . . نتناول الخصائص الفنية لأسلوب الشاعرة من عدة نواحى : ------------------------------------ أولاً : العرض العام للأعمال الأدبية العشرموضوع الدراسة . ثانياً : الأفكار الرئيسية التى تدور حولها أعمال الشاعرة . ثالثاً : أسلوب عرض الأفكار . . . وفيه نعرض لنقاط أربع هى : (1) الألفاظ والمفردات . (2) التراكيب والبناء . (3) الصنعة الأدبية . (4) الإيقاع . رابعاً : عنصر الخيال عند الشاعرة . خامساً : شخصية الشاعرة من خلال أعمالها . سادساً : الخصائص الفنية لأسلوب الشاعرة . سابعاً : الحكم العام على أعمال الشاعرة . ثامناً : نصائح هامة إلى الشاعرة . --------------------------------------------------- أولاً : العرض العام للقصائد موضوع الدراسة : ---- ------------------------------------- إشتملت الدراسة على عدد عشر قصائد نثرية حديثة للشاعرة . . وهى : وتمضى الأيام – إلى متى – ستائر من صمت الأحلام – حين أكتب فيك – رائعة أنتِ يا دمعة – حنينى – مرهقة أنا – قصيدتى أنت – جليد فى صحرائى – حوار العيون . وبيان هذه القصائد على النحو التالى تفصلاً : ---------------------------------------- (1) قصيدة " وتمضى الأيام " . . . تكتبني الأماني على ضفاف البحر وتأتي الأمواج محملة بالأوجاع يسترجع دهشة أمنياتي-- بصمت ويأتي النورس يحلق فوق غيمات الضجر يلتقط مابقي من زبد حلم يحسبها فتات فرح او لقمة سعادة وتتوارى مغيبا مع الشمس و نواح وضجيج يؤرخ يوما مرّ كئيبا ...تحاكي حروف السّراب حين تكتبها الرمال ---تمحو أطلال أحلام هكذا تمضي الأيام بين مغيب وشروق وبعض الهمس وحسيس الأنفاس ==================== (2) قصيدة " إلى متى ؟ ؟ ؟ الى متى ؟؟ وقلبي يطفو على بحر حبك طوفان ويوم بحيرة ويوم شطآن ..إلى متى ؟؟؟شكي وظني يقين ---وفي عقلي نكران الى متى ؟؟ اعشق الجليد وروحي جمر وهل ينطفئ الثلج بالنيران؟؟ ...هنيهة فقط احتاجها --- لأختزن بعضا من كبري واخفي الكثيرمن الخذلان . ==================== (3) قصيدة : " ستائر من صمت الأحلام " . ---ستائر من صمت الأحلام__ سأكتب على أوراق العمر صمتا يحاكي ضجيجي يشعل ويطفئ لهيبي يغزْل من آهاتي ستائر الأحلام ألوّنها بنشوة الذكرى ولوعة الغرام سأصمت ---فصمتي رحيق لبوحي فاح وجْدا وحنينا--- وهَيام أعلم أنه الموت الصّامت في مقابر العشّاق وأعلم أنه لهيب في جنة الدنيا والأشواق أكتم صرختي في صمتي والصمت بات يصمّ روحي وليلي بات صراخا يعانق الفجر سرابا حيرانة أنا ---وبحري بلا شطآن أتقوقع في ركن منّي أعزف سيمفونية الصمت كي أسقي بها بقية أوراق العمر فتصفرّ بلهيب الوجدان . =================== (4) قصيدة " حين أكتب فيك " . حين أكتب فيك كم تقّطعني الحروف وأملأ من نزفي حبرا يرسمك حبيبا من وراء الحُجب احبك قمرا --يشاكس الغيْم يغنّي للنجوم الضوء لحنا يجتاح اللّيل ترنيمة الصّمت وسيمفونية تأخذني إلى عالم الموت حين أكتب فيك كم صبرا فيّ تشقّق وخلع رداءه وارتحل ---ومن قبل تبعثر ..و كيف الدّمع في حريق القلب تجمّد نافذتي تفضح همسي وصدى آهاتي تدغدغ ضجيج صمتي ..احتاج لراحة ترتب أوراق العمر كي اعلم كم تعبت حين كتبت فيك تاريخا—في ملحمة الحب ===================== (5) قصيدة " رائعة أنتِ يا دمعة " . رائعة أنت يادمعة تسيل على ربوة تخمَّرتِ بالحياء-- والخجل ياتنهيدة شقّت الروح والفؤاد من فراق وانتظار الموعد يا ألم بين الضّلوع يا صيحة في الصّمت تفتّت --في زمن مبحوح ياآه حين أقولها ---أعلم كم تعب هي الحياة وكم أدغال من الوجع في الرّوح ===================== (6) قصيدة " حنينى " بين ضجر الأشياء من حولي وفي حنايا الروح يولد ويكبر حنيني . حين أقطف من الذكرى عناقيدً أسكر بها وأشتهي أن ألامسها فأستفيق حنيني . بين أشلاء الواقع وصلب الخيال وتمرد الأحلام تصنع لي متاهة فأمضي ******** حنينى . أراقص أوجاعاً وأكتب بأقلام السراب وحيث جزيرتي وموجي وأدغال الشوق واحتراق لحظاتي عند شاطئ الوهم ********* حنينى . أتوه وأتلمس شمساً تحرقني وتشاكس أقداري وتختفي بين سحاب القهر الملغّم بغيث يسقي خريفي ويودع ربيعي ******* حنينى . هكذا أدرك ان حنيني مكبّل فيّ . . يقبّل اوراق العمر تتبعثر في شرفات الحب يستيقظ ويغفو كطير ينتظر رياحا دافئة تنبؤه عن موعد الهجرة ******** حنيني . لوحة فيّ . . لاتكتمل ألوانها باهتة مرّة ومّرة تداخل وتموّجات تثمل بالذّكرى . . فتزيد توهجا وتنتظر إنتشاءة اللقاء البعيد ****** حنينى . معلّقة في الروح في شرنقات يغزلها . . عطر أنفاسه تجففها آهات مكبوتة وعيون مبهوتة وشهقة حب . . قبل الحب ==================== (7) قصيدة " مرهقة أنا " مرهقة أنا وكثير كلامك يثقلني وحمل حبك جبال فوق كتفي وهمسك شلال في جداولي مرهقة أنا وبين رمشي دمع ستائر على خدي وشهيق زفراتي تشاكس الذكرى تنعى حلما كفّنه الموت قبل أن يمضي عناقيد سُكرك جفّت والأغصان بالشوق احترقت وابتعتُ ركنا في روحي أقتات من أكاذيب الوهم من ضحكات أمسي من لهفة طُمست وتاريخي وأوراقي لها استسلمتُ حين أدركتُ أنّ الحب تاج من القش وكتابة على الرّمل حين يأتي الموج يسْحبه ليسامر زبد البحر ================== (8) قصيدة " قصيدتى أنت " . قصيدة أنت فككتُ قيودي بعدما نزفتُ وابتعتُ راحتيك موطني وأسدلتُ رموشي على خدك بللّتْهُ وبالوجع المخضب بالفرح --استكنت إليك تقوقعتُ في حضنك واستسلمتُ لأحلامي أعيشها نقطة بداية وسطر يهرول نحو الربيع سأنفض شتائي وألملم ورقة الخريف ارسمها على أغصان وجداني فتخضر وأحاكي سمائي صافية فتنجلي منها الغيوم واقطف الطّيف ألوانا تمحو سوادا وشجون واخذ من راحتيك حنانا ومن ثغرك أجمل البوح فأكتب قصيدة بهمس المطر وندى الورد ولون القمر قصيدتي تحكي أن للحب فصلا أخر وأدغالا من جنون الحنين وانني مذ عرفتك ثُرْتُ عن تاريخي عن كل الدّساتير حبك حبيبي قصيدة لن تنتهي ولن يبقى حرف من نبضي أسير =================== (9) قصيدة : " جليد فى صحرائى " إذا كان ذنبى أنك تهطل في مساماتي وتملأ وجودي وتقتحم عقلي ويعبث فيه الجنون إذا كان ذنبي-- أني أمارس كذباتي فأرسمها حروفا بآهاتي إذا كان ذنبي أنني أتقنت التمثيل فحبك مسارح أَبتْ أدواري و شرفات ادخلها غصبا فتزرعها غبطة دهشاتي حبك عزف بأوجاع نبضاتي وكبرك أبار لصوتي ورذاذ في صحراء اشتهائي لمتى اعزف الحزن ؟؟ فحبك اختلط في ّ وأصبح من ذاتي فما ذنبي-- أنني أحببت الجليد؟؟ وأنا الشمس أحرق في حبك الحدود واخترق السّحاب بالهمسات ما ذنبي-- أن أبيع النوم برماد الخيال بالروايات --اكتبها دمعا على وسادتي و بين شرا شفي اخنقها غصّاتي ما ذنبي-- أنني بك أنحت أطلال الواقع وحبك لي تاريخ-- و بدءا لحضاراتي . ==================== (10) قصيدة : " حوار العيون " . قال لها '' اشتقت إليك فضميني حتى أغوص في بحرك وأطير في سمائك ""فدلّيني يانجمة طالما حلمت بك وأنا أنظر إليك تَهديني حديقتي تناديك قلبي يناديك عيوني ترقبك تعالي وخذيني ***** قالت له وعيناها تغوص في عينيه بالعشق تراقصه'' ***** يزيد عشقي كلّما نظرتُ إلى عينيك أفيض به ويفيض منّي من الجنون من تمرّد التاريخ والعصور فقط عيناك من تُجدّد واقعي وتخفي من الغيوم سمائي وبك تضيء شمسي وبك ينير لي قمري ------------------------------------ ثانياً : الأفكار الرئيسية التى تدور حولها أعمال الشاعرة : - ---- --------------------------------------------- يتضح من إستعراض الأعمال الأدبية العشر التى تتمحور حولها هذه الدراسة ، أن أعمال الشاعرة تدور فى معظمها – إن لم يكن جميعها – حول عاطفة الحب للحبيب والتعبير عنها سواء بالوصف أو الخطاب . . وهو ما يجعل الأفكار محصورة فى نطاق ضيق ، بعيداً عن التنوع الفكرى ، الذى يثرى الأعمال الأدبية بصفة عامة ، حال تنوعها . . وهو أمر يوحى بفقر ظاهر وواضح فى تنوع الأغراض لدى الشاعرة ، الذى حاولت التعبير عنه فى هذا العدد من الأعمال . . وكنت أرجو من الشاعرة مراعاة التنوع المطلوب ، كى تثرى المكتبة الأدبية العربية بالعديد من الكتابات والأعمال المتنوعة ، سواء فى الفكر أو اسلوب العرض . . . وحيث أنها لم تفعل ذلك ، فإن هذا النقص يشوب أعمالها بعيب " فقر الأفكار والرؤى " . . وهو ما ينال بالطبع من تقييم مستوى الشاعرة ، ومدى مساهمتها الفعالة فى إثراء الحياة الأدبية والثقافية والفكرية . -------------------------------------------- ثالثاً : أسلوب عرض الأفكار : --- ---------------------- (1) الألفاظ والمفردات : أجادت الشاعرة فى إختيار وإنتقاء الألفاظ المناسبة للتعبير عن أفكار قصائدها موضوع الدراسة . . فجاءت الألفاظ رشيقة ، وقوية الدلالة على المعانى المطلوب التعبير عنها ، وملائمة تماماً لموضوع القصيدة ، مع شيوعها فى العصر الحالى ، بعيداً عن التعقيد أو المبالغة . وإن كان قد تلاحظ لى ميل الشاعرة فى بعض الأحيان ، إلى إستخدام بعض المفردات التى قد تظهر حصيلتها اللغوية ، وقدرتها على إستحضار الألفاظ المعبرة عن المعانى التى تقصدها ، أو الموحية بدلالات قوية ، إلا أن ذلك أوقعها فى بعض الأحيان فى خطأ تفكك البناء التركيبى للألفاظ ، وضعف الترابط بين الجمل والعبارات بشكل واضح . . وهذا أيضاً مما يُحتسب على الشاعرة وينال من دقة إنتقاء الألفاظ . (2) التراكيب : ويقصد بها تراكيب الجمل والعبارات فى القصائد . . وطريقة بنائها . . والملاحظ من خلال القصائد أن الجمل والعبارات ، قد جاءت جميعها قصيرة ، ذات مقاطع موجزة ، وجاءت ملائمة غالباً لقواعد الجملة العربية المعروفة ، بلا تجاوز أو نقصان . . كما جاءت الجمل والعبارات واضحة الدلالة على المعنى المراد إبرازه وتجسيده ، إلا فى بعض مواضع قليلة إتسمت فيها الجمل والعبارات بشئ من الغموض ، يُخرج القارئ من جو القصيدة ويفقده الإحساس بالعاطفة المسيطرة على الشاعرة ، وهذا بلا شك عيب ينال من بساطة عرض الفكرة الأساسية للقصيدة ، ويشوبها بشائبة غموض الجملة وطمس المعنى المقصود . . أما بناء الجمل فقد جاء مترابطاً إلى حد بعيد ، إلا فى بعض مواضع قليلة ، وإن كانت مؤثرة بعض الشئ . . (3) الصنعة الأدبية : أجادت الشاعرة إنتقاء الألفاظ بدقة فى غالب الأحيان ، ووضعتها فى سياقها المعروف ، الذى يعطى دلالة معانيها بلا تزيد ولا نقصان . . كما تنقلت الشاعرة بين الجمل الخبرية والإنشائية بصورة متكررة ، الأمر الذى أعطى القصائد رونقاً خاصاً طبيعياً بعيداً عن التكلف أو المبالغة . . ولكن القصائد لم تحو- بكل أسف - الكثير من المحسنات البديعية ( من طباق وجناس وسجع وخلافه ) لميل الشاعرة نحو التعبير بالأسلوب النثرى أكثر من الأسلوب الشعرى فى معظم قصائدها موضوع الدراسة . .. (4) الإيقاع : بالنظر إلى طريقة عرض القصائد ، وسيطرة أسلوب النثر عليها أكثر من الشعر. . فإننا نجد أن الإيقاع قد جاء ضعيفاً – فى كل القصائد موضوع الدراسة ، فضلاً عن عدم تمتع الشاعرة بملكة الإحساس بالجرس الموسيقى للجمل والعبارات ، ومن قبلها الألفاظ والمفردات ، وإهتمام الشاعرة بغرابة اللفظ أحياناً على حساب أثره التناغمى مع بقية الألفاظ الأخرى . وإفتقرت القصائد إلى النغمات والإيقاعات الداخلية بين الكلمات ، اللهم إلا من القليل النادر فى مواضع حصرية . . وهو الأمر الذى أثر بالضرورة على إبراز الإنفعالات والعواطف داخل القصائد ، وأضعف المعنى إلى حد ظاهر فى بعض المواضع. كما نال كثيراً من روعة وحلاوة التعبير . وبالتالى أثر على مستوى القصائد بوجه عام . . وفى المجمل نستطيع القول بأن الصنعة الأدبية لدى الشاعرة متقنة بشكل جيد إلى حد ما . ولكن ليس إلى الحد المتميز بدرجة فائقة . ------------------------------------ رابعاً : عنصرالخيال . -------------------- إمتازت القصائد بتوافر عنصر الخيال فيها بشكل ظاهر وملحوظ . . كما تنوعت الصور الخيالية التى رسمتها الشاعرة بكل إتقان وتميز ، مابين التشبيه فى صورته العادية التى غلب عليها التشبيه المضاف والناقص ، وما بين الإستعارة بصورتيها المكنية والتصريحية . . وجاءت الصور الخيالية مبتكرة فى معظمها بعيدة عن التقليد أو المحاكاة . . ونستطيع القول بوجه عام ، أن الشاعرة قد إستطاعت تطويع قدرتها الذاتية على رسم الخيال وتجسيده ، فى صالح القصائد وفكرتها ودلالة معانيها ، بشكل متميز إلى حد بعيد. . ويعتبر عنصر الخيال هو أحد أبرز مميزات أسلوب الشاعرة وتفوقها بدرجة عالية تستحق التهنئة عليها . . ولا شك أن الخيال الخصب والعميق يثرى العمل الأدبى أياً كان – شعراً أو نثراً – ويرفع من قيمة العمل ومن شأن الأديب أو الشاعر . . . وللحق أقول أن كثيراً من الصور الخيالية ، قد إحتوت إبداعاً راقياً إلى حد متميز ، وعكست حساً مرهفاً وإحساساً عالياً بالصورة الخيالية إلى حد مبهر ورائع . ---------------------------------- خامساً : شخصية الشاعرة . ------------------------ برزت ملامح شخصية الشاعرة من خلال القصائد بوجه عام . . فالشاعرة ذات طبيعة رومانسية حالمة ، تميل إلى الصمت الذاتى الداخلى أكثر من ميلها إلى البوح . . وهى تحب الطبيعة بكل رموزها من سماء ونبع مياه وورد وحتى الصحراء هى عندها جزء من الطبيعة . . وتميل إلى حب الألوان وتكره السواد ، وتحلم بالحب الخالد الأبدى . . وهى فى حبها وفية مخلصة وأمينة . ، وإن كانت تميل إلى الحزن والإنطواء الذاتى فى بعض الأحيان ، شأنها شأن العديد من الشاعرات . -------------------------------- سادساً : الخصائص الفنية لأسلوب الشاعرة . --------------------------------------- يمتاز أسلوب الشاعرة من خلال القصائد موضوع الدراسة . . بالدقة المتناهية فى التعبيرفى الغالب الأعم من الأحوال ، والخيال الواسع الخصب والعميق المركب ، والميل إلى الجمل والتراكيب القصيرة ، والتعبير الذاتى عن نفسها وأغوارذاتها ومكنونات صدرها . وكذلك الميل إلى الخطاب المباشر أكثر من الإخبار عن الحبيب . . كما تمتاز الشاعرة أيضاً بقوة الإستهلال ، وهو ما يعطيها القدرة على التأثير الذهنى والعاطفى المصاحب للقصيدة . وأخيراً تمتاز الشعرة بسيطرة الحس العاطفى والإحساس المرهف ، على كل المفردات والجمل والعبارات والخيال فى القصيدة بوجه عام . . وهذا الأمر يخلق لدى المتلقى نوعاً من الإرتياح بفعل الإنسجام بين العاطفة المسيطرة ، والتعبير عنها برقة وإحساس متناهى . ولكن على الوجه الآخر . . يعيب أسلوب الشاعرة ، إستخدامها المفرط لبعض الألفاظ الغريبة والبعيدة عن المتلقى العربى والجملة العربية بوجه عام . . كما يعيب الأسلوب ، إنحصار الفكر وإنحساره فى قالب واحد غالب ، هو الحب والعشق ومخاطبة الحبيب أو وصف الغرام على نحو فيه إسراف فى قصائدها موضوع الدراسة . . وكنت أربأ بها أن تقع فى هذا العيب الظاهر ، من باب حرصها على التنوع فى الفكر الذى يخلق جواً من التشويق والإثارة لدى المتلقى . . . كذلك يعيب أسلوب الشاعرة وجود بعض الأخطاء اللغوية التى لا تخدم المعنى المقصود ، وتضعف من دلالة اللفظ على المعنى ، وتنال من قوة البناء التركيبى للألفاظ والمفردات . . كما يعيب الأسلوب ضعف الإيقاع بدرجة كبيرة فى قصائدها العشر بوجه عام ، ولا يعفيها من ذلك كون القصائد نثرية وليست شعرية ، وهو ما ينم عن ضعف فى إدراك الجرس الموسيقى للفظ والكلمة لدى الشاعرة . . . وأخيراً يعيب أسلوب الشاعرة ، ضعف النهايات أحياناً عن البدايات والإستهلال ، وهو الأمر الذى ينال من قوة حبكة القصيدة بدرجة ملحوظة أحياناً . --------------------------------- سابعاً : الحكم العام على القصائد موضوع الدراسة . ------------------------------ ----------------- القصائد موضوع الدراسة بوجه عام ، يمكن تصنيفها ضمن المستوى " جيد " . . وذلك بالنظر إلى الخصائص الفنية لأسلوب الشاعرة ، وإلى مواطن القوة والضعف فى طريقة تناولها للقصائد والتعبير عن أفكارها . . وكذلك بالنظر إلى ما أضافته من جديد فى فكرتها وعرضها ، والقيم الإنسانية التى حملت رسالتها ، والمهارات الفنية التى تميزت بها . وأنا أرى بكل حيادية وموضوعية متجردة عن أى ميل أو هوى . . أن الشاعرة لمياء عمر عياد ، هى واحدة من الشاعرات الموهوبات بدرجة كبيرة ، رغم نقاط الضعف فى الفكر والعرض ، التى نالت من قدر موهبتها الفذة ، وجاءت على حسابها . . كما أرى أن المستقبل يحمل لها الكثير من التميز والرقى فى العطاء والإبداع ، إذا ما حرصت على إتقان وتجويد صنعتها الأدبية أكثر من ذلك ، وأتقنت توظيف أدواتها التعبيرية المتميزة ( من لفظ وجملة وإيقاع وخيال ) إلى حد يضمن لها التميز والتفوق . --------------------------------- ثامناً : نصائح هامة إلى الشاعرة . ---- ------------------------ وفى ختام هذه الدراسة ، أتوجه إلى الشاعرة / لمياء عمر عياد ، بعدة نصائح أدبية وفنية ، أرجو أن تحاول الإستفادة منها فى أعمالها الأدبية القادمة . . فالنقد الأدبى يجب أن يكون نقداً بناءً وليس هداماً ، ولكى يكون كذلك لابد للدراسة النقدية ، على وجه الخصوص ، أن تتضمن فى ختامها ، توصيات أو نصائح يتم توجيهها للكاتب أو الأديب أو الشاعر ، يتلافى من خلالها العيوب التى شابت العمل الأدبى ، ويصحح الأخطاء التى وقعت ، ويقوم المسار الذى إعوج . . ويمكن إيجاز هذه النصائح – بصورة مباشرة - فى الآتى : ----------------------------------------------------- (1) تحرير الفكر المبدئى من الإنحسار فى الحب والعشق وحده ، كغرض عام للقصائد بوجه شامل ، وتبنى أفكاراً أخرى ، تهم القارئ أو المتلقى بوجه عام . (2) البعد عن الإستخدام المفرط للألفاظ والمفردات الغريبة عن المتلقى العربى ، وكذلك عن الجملة العربية المعروفة . (3) الإهتمام بتدعيم الترابط العضوى بين أجزاء العمل الأدبى ، من خلال ترابط الألفاظ والجمل والعبارات ، والتنقل السلس بين الأفكار الفرعية داخل الفكرة الرئيسية للعمل الأدبى . (4) محاولة الإكثار من المحسنات البديعية اللفظية فى القصيدة ، كى تتوافر لها ملامح الجمال البلاغى اللفظى ، بلا مبالغة ولا تكلف . (5) الحفاظ على الإيقاع داخل القصائد ، حتى ولو كانت نثرية – من خلال إنتقاء الألفاظ ذات الجرس الموسيقى المتميز ، والمتناغم مع الجمل والعبارات فى القصيدة . (6) التركيز على تقوية النهايات كما البدايات والإستهلالات فى القصائد ، حفاظاً على الأثر اللاحق للقصيدة على القارئ أو المتلقى ، والذى يجعله ، يحيا جو القصيدة ويتأثر به ، حتى بعد إنتهائه من تناولها بفترة . (7) وأخيراً . . . أرجو من الشاعرة / لمياء عمر عياد . . تقبل دراستى النقدية التحليلية والموضوعية ، المتجردة من كل هوى أو ميل ، سوى صالح العمل الأدبى وصالح الشاعرة وحدها ، وذلك بصدر رحب ، والإستفادة من معالجة نقاط الضعف فى أسلوبها ، وتدعيم نقاط القوة أكثر وأكثر . . وختاما . . . تلك كانت دراستى النقدية التحليلية للخصائص الفنية لأسلوب الشاعرة التونسية / لمياء عمر عياد . . وأدعو الله لها بدوام التميز والنجاح . . والله الموفق والمستعان .