المدهش أن بمصر زخم إبداعي متنوع ومهم، وهذا المشهد الإبداعي غير مرئي؛ لأن اتحاد الكُتاب لا يعمل من أجل المبدعين، فمبدعو مصر يحتاجون إلى المزيد من الدعم والاهتمام المادي والمعنوي؛ من خلال نقابتهم؛ حتى يظل المشهد الأدبي المصري موجودًا ومحتفيًا به عربيًا وعالميًا، وذلك من خلال العمل على ملفات حقوق الملكية الفكرية وحماية المؤلف، والنشر والترجمة، وعمل ببلوجرافيا محترمة بثلاث لغات على الأقل للمبدعين المصريين، وإنجاز كتالوجات للتعريف بالإنجاز الإبداعي لمصر، فمن المخجل أثناء المعارض الخارجية وخصوصًا المعارض الدولية الأجنبية ألا يجد المهتمون بالكتاب العربي ولو جملة وحيدة بالإنجليزية للتعريف بالكُتب العربية والكُتاب المصريين. هذا بالإضافة إلى تحسين وضع الكاتب ماديًا من خلال دعمه والاهتمام بعلاجه وزيادة معاشه، فنحن شبعنا من التعتيم على منظومة العلاج بالاتحاد، فكل يوم يسقط واحدٌ منَّا ولا نستطيع علاجه، ويصير الأمر على الفيس بوك أشبه بحالة تسول من أجل رعايته وعلاجه، ممَّا يشعرنا بالحرج أمام العالم، بل يجعل صورة مصر ضعيفة وفقيرة ومرتبكة، وهذا عكس الحقيقة، فمصر دولة عظمى بمقدراتها ومبدعيها وعقولها وقياداتها القادرة على التغيير، أتساءل ما الذي عطَّل مثلًا منظومة العلاج في مستشفيات القوات المسلحة التي كانت ستحفظ ماء وجه المبدع المصري، ولصالح مَن تم تقويض هذا المشروع؛ لتسيطر شركة خاصة على منظومة العلاج؟! لصالح مَن يقاطع كبار المبدعين مبنى الاتحاد ولا يجدون فيه ما يغريهم للانتماء إليه؟ ولصالح مَن يتم التحقيق مع عدد من أعضائه لمجرد الاختلاف. في الواقع ومنذ فترة واتحاد الكُتاب لا يليق بكُتاب مصر، ولا يستطيع احتواء المشهد المتنوع على صعيد الأجيال المتعددة والتيارات الإبداعية المختلفة. لقد رأيت عددًا من اتحادات الكُتاب في العالم، وهي في بلدانها تُعتبر ضمير الأمة وإحدى الكيانات المهمة، وتحظى بكل الرعاية والاهتمام ويقوم بإدارتها مَن يستطيع وضع استراتيجيات طويلة المدى للنهوض بها، وبالمناسبة بعد فترة وجيزة من الإدارة الصحيحة لاتحاد الكتاب سيستطيع التوسع وتمويل نفسه بنفسه، بنشاطات ناجحة مثل فتح الجسور بين الكُتاب والسينمائيين وإعادة صياغة مدخلات الصناعات الثقافية؛ للمساهمة في الدخل القومي، وإعادة تشكيل وجدان الشعب، لقد كنت في اتحاد الكُتاب في بكين بالصين مثلًا، ورأيت ليس مبنى اتحاد كُتاب وإنما مدينة ثقافية متكاملة تعمل كخلية نحل من أجل ازدهار القوى الناعمة والصناعات الثقافية. وكذلك متابعة مشوار الكُتاب الإبداعي من خلال الفعاليات الثقافية المهمة والندوات والمؤتمرات والأفلام الوثائقية عنهم، والتدخل في خريطة توزيع الكُتب بعمل معارض دورية للكُتاب داخل الاتحاد وخارجه، وتكوين مكتبة كبرى من مؤلفات المبدعين المصريين، ودعمهم في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة؛ لتكون الثقافة والكُتب مادة إعلامية دائمة للمشاهد المصري الكريم حتى تساهم في تثقيفه وتنويره. أما الخطوات العاجلة الآن لرأب الصدع بين المبدعين، فهي: أولًا: زيادة المعاش المتدني الذي لا يليق بكُتاب مصر، وهذا حقهم، ونستطيع الآن تقديمه ببساطة، وسنقول كيف يتم ذلك من واقع مناقشة ميزانية الاتحاد يوم 13 مارس القادم، ثانيًّا: منظومة العلاج وإعادة مشروع العلاج بمستشفيات القوات المسلحة؛ حتى نتخلص من حرجنا على الفيس بوك كلما مرض منَّا واحد. وثالثًا: منج عضوية اتحاد الكُتّاب لمَن يستحقها من الكُتاب الكبار، ولأسباب نعرفها جميعا أحجموا عن التقدم لطلبها، خجلًا أو يأسًا أو فقدان أملٍ.