شموس نيوز – خاص هنا ،فقط يجب عليك أن تجلس في أحد الكراسي ،و تنتظر ،تربع يديك ،تجلس بأدب ،تحلق في السقف لشدة الملل،و تعدد عدد ثقوب السقف و دوائره العديدة لعلك ، تسعى قليلا ،لعلك تطرد ذاك الملل المتولد من الإنتظار. هنا ،تسمع حديث الصمت ،و حديث من حولك ،حينما يتكلمون بصوت خافت .تسمع حكاياهم من غير قصد أو مرغم ،أكيد هو حديث لا يعنيك أبدا ،لكنك لربما تتسلى به قتلا لذلك الوقت اللعين. هنا ،تدخل لقصائد نزار و ترى مايا لازالت تشرب كأس الشمبانيا و تغني و كل ما تقوله مايا هو حق ،كل ما تفكر فيه مايا هو مقنع. هنا ، تنظر للأرض ،تحسب عدد المربعات التي فيه ،تراه هل هو نظيف أو وسخ ،هنا تطير بمخيلتك في كل الإتجهات غرب شمال ،شرق جنوب ،تقصف بمخيلتك كل من يحذق فيك و تسافر كالطير الوحيد الشريد لعلك تجد قشة تلتصق بها مخيلتك ،و لعلك تشرب فنجان قهوة مع فيروز على المفرق ،أو تسافر لزمن جميل فيه تغني أم كلثوم ،فكروني ،و تجلس في المقاعد الأولى تنتظر بحب إلى أن تلتفت إليك الست و تشير لك بمنديلها فكروني عنيك هو أنا كنت نسيتك. تنسجم مع الموسيقى الشرقية ترقص طربا ،فأم كلثوم في هاته الأثناء تغني لك وحدك أنت بالذات. يلا لهذا الحد ،وحدك تغني لك جميل جدا هنا و أنت مسافر على جناح التخيل ،تقرأ فنجانك سيدة غجرية ،لباسها طويل مزكرش بكامل الألوان و شعرها يداعبه الريح على وجنتيك طبعت قبلة و إنصرفت وسط الضباب. تحمر خجلا أنت و تفرح لتلك القبلة اللذيذة المغرية من أحمر شفاه فتان هنا بقيت وحدك ما بين الفنجان المقروء و سوء الطالع و ذاك الضباب الذي يتلاشى على قوم لا تعرف الشمس مخبأ لهم ،يسلبونك منك و يزجونك في أحدا الكهوف ،يرقصون يتعودون منك و كأنك شيطان ،يشعلون النار ،و يضعون القدر و يهتفون بإسمك لكي تكوني عليه ،و في هاته اللحظات ،تفر هاربا منهم و كأنك في عالم سينمائي من مغامرة جريئة ،تفر كما يفر المرء من زوجه و أخيه و عشيرته و قبيلته يوم القيامة. هنا تطير لبوليد ترقص مع تلك الهندية الفاتنة ،ترش الألوان على وجهك و تغني كشروخان هنا و أنت تنتظر ،تركب مراكب من ورق ،و تبحر في بحر من مداد يعلوا بأمواجه ثارة ،و ينزل تارة و يغرقك أحيانا ،حتى و أنت فيه تشعر بالعطش بالغثيان بالتقيء و بالإشمئزاز ،تهز كفيك دارعا المناداة الرب بالنجاة يا رب يا رب أناديك أن تحملني كتلك القشة و أن تأخدني على بساط الريح كسندباد البحري لأرض النجاة. هنا ،تحاور الله و تسأله ،هل هو معك،و ماذا بعد يا إلهي ،ماذا بعدك هل هو طوفان ،أم نجاة ،و أين سأكون أنا بين كل هذا ،الهلع و الخوف يلتصقان بساقك اليمنى ،تريد أن تقدم شيأ شكولاته ، فرولة ،بنفسج عوسج ريحان ،لله لعله يتقبله منك ،لكن الله لا يريد منك سوى حسن نيه ،دع الشكولاته و الفروله و البنفسج ،لألهة الرومان هنا و أنت تنتظر ،تدخل لمدن الرومان العتيقة و نسمع حسناوات روما ،تتغزل بجمالهن و بعطرهن و بألهتن ،هنا ، أفلاطون و سقراط يجلس معك ليحادثك بفلسفته لعلهما يقنعانك بأأن تسافر إلى عهودهم و تكن من مواطينهم ،أو تكن فيلسوف مثلهم ،يخلدك الزمن ، و تعود من العصر الروماني هنا تدخل روما كقيصر ،العرش لك ،روما و بصورها و جميلاتها هي لك ،أنت الملك المجد للقيصر المجد لي سيسزر هنا تشرب فنجان قهوه و ألفا فنجان و تمل و تعاود تشرب نخب الإنتظار خمرا ،و تمل ،هنا تعرف كم لديك في حسابك البنكي و تعرف كل الحسابات لكل الأشخاص الجالسين أمامك بمجرد أن تتلاقى نظراتها معك ،تسرق منهم أرقامهم السرية بخفة الساحر و تسخر منهم بلمسة اللص هنا و مقعدك قد إستوى فوق نار الإنتظار و أنت قد تفحمت من ذاك الإنتظار الممل ،تخرج أخيرا الممرضة و تبتسم تناديك بإسمك ،تنهض ،تنفض عنك غبار الإنتظار و تتقدم إلى القاعة الفحوصات . هنا تلعن أنك قد جئت إلى المشفى. ج ف ب