حل جهاز أمن الدولة بات على قمة المطالب التي يرفعها ثوار التحرير و منطلقهم لهذه المطالب أن للجهاز ممارسات في التعذيب و انتهاك حقوق الإنسان ما يشيب له الولدان و أن الجهاز حاد عن مهمته الأصيلة في حماية أمن الدولة إلى حماية أمن النظام و أضاف البعض لتلك الأسباب أن مصر ليست بحاجة لذلك الجهاز لأن لديها أجهزة أمنية أخرى ، و على ما سبق يطالب ثوار التحرير بحل جهاز أمن الدولة و محاكمة المتجاوزين من أعضائه و توزيع البقية من أعضاء الجهاز على الإدارات الأخرى لوزارة الداخلية. بداية هل حاد أمن الدولة عن مهمته الأصيلة ؟ نعم حاد عن مهمته مما أضعفه و جعله في حالة عداء غير معلن مع المواطن ، كما أثبت انفصاله عن نبض الشارع و جعله غير قادر على قراءة ما كان بين السطور من مقدمات ثورة التحرير و التي كانت واضحة و لا تحتاج لقراءة . هل هناك ممارسات خاطئة للجهاز انتهكت حقوق الإنسان ؟ نعم هناك ممارسات خاطئة سمعت عنها و لم أختبرها . هل لسنا بحاجة إلى هذا الجهاز و أن علاج أخطاؤه يكمن في حله ؟ عن نفسي إذا كان الجهاز سيستمر على نفس النهج الخاطئ فأنا مع الحل أما إذا كان سيعدل مساره فأنا مع بقائه لعدة أسباب هي : 1- يجب أن نعلم أن أجهزة الأمن القومي المصرية تقوم على ثلاثة أذرع : المخابرات و تضم في داخلها المخابرات العامة و تتبع رئاسة الجمهورية مباشرة و المخابرات الحربية و الاستطلاع و هي تتبع وزارة الدفاع ومهامها باختصار جمع كل المعلومات الممكنه عن العدو والتعامل معه و مع عناصره و بث المعلومات الزائفة لزعزعة ثقة الخصم في وقت السلم ، أمن الدولة وهو جهاز الأمن الداخلي و يتبع وزارة الداخلية ، جهاز الأمن القومي و هو لجان مشتركة من المخابرات و أمن الدولة و الخارجية. 2- من المفروض أن جهاز أمن الدولة هو جهاز أمن داخلي له مهام مخابراتية و معلوماتية لحفظ الأمن الداخلي ، و هو ليس بدعة اخترعها المصريون لأنه موجود في كل الدول من أول عدوتنا إسرائيل و انتهاءاً بالولايات المتحدةالأمريكية . فإسرائيل لديها جهاز أمن داخلي اسمه " الشاباك " أو " الشين بيت " السابق. 3- لا يعني فساد جهاز تدميره ، ولدي نموذجان في التاريخ المصري الحديث : النموذج الأول جهاز المخابرات في عهد صلاح نصر و الذي كان مجرد ذكر اسمه يثير الفزع في نفوس المواطنين المصريين لارتباط الاسم بزوار الفجر و السجن الحربي و ما يدور داخله من ممارسات تقشعر لها الأبدان تم توثيقها في كتب السير الخاصة ، و النموذج الثاني الجيش المصري قبل عام 67 و الذي بسبب الشلة المحيطة بالمشير عامر انتهى بمصر بكارثة النكسة . لكن هل تم علاج أخطاء النموذجين بالحل ؟ لا ، لكن تم علاج الأخطاء بمعاقبة المفسد و تنحيته عن موقعه و تقديمه إلى المحاكمات العادلة فيما عُرف وقتها " بقضية فساد المخابرات " ، كما تمت تنحية قيادات الجيش الفاسدة و التحقيق في الأسباب التي أدت للهزيمة و إعطاء الفرصة للكفاءات الحقيقية لقيادة جيش مصر لتحقق ما تستحقه مصر من نصر في 73. إن العلاج من وجهة نظري يمكن بالآتي : أ- إعادة هيكلة هذا الجهاز الحيوي و إعادة تأهيل كوادره فنياً و نفسياً مع استبعاد العناصر الغير منضبطة و التي خرجت عن مقتضيات وظائفها و واجبتها و أساءت إلى الجهاز ككل و تسببت في خلق هذه الحالة من الاحتقان و العداء بين المواطن و الجهاز. ب- تحديد أهداف الجهاز و المهام المنوط بها مع وضع المعايير التي تضبط ذلك و تضمن عدم تجاوزها ت- حصر حدود الجهاز في جمع المعلومات و الأدلة التي تدين أي جهة متورطة تهدد أمن الوطن و المواطن و تسليمها للجهات المتخصصة لتقوم بإجراءات القبض ثم التحويل لجهات التحقيق ثم تحويلها للقاضي الطبيعي للفصل بالإدانة أو البراءة. ث- تغيير مسمى الجهاز مراعاة للهاجس النفسي للمواطن و حساسيته تجاه الجهاز. ج- يجب أن تقوم العلاقة بين المواطن و أجهزته الأمنية على أساس دولة القانون لا جمهورية الخوف ، و يجب أن يعرف كلا الطرفين ماله و ما عليه في نطاق معايير قانونية واضحة حتى يستريح الكل و يستريح. يبقى أن ما سبق رأيي الشخصي ربما أكون محقاً فيه و ربما أكون مخطئاً لكن يبقى الحوار الهادئ هو الوسيلة للوصول للرأي الصواب.