تستيقظ العواصم العربية فى مصر و ليبيا و تونس و السودان و العراق و سوريا و اليمن على وقائع واحداث العنف و القتل و رائحة الدم ومظاهر الهمجية و الدمار و مثيرى الشغب و الفضويون بشكل يومى . و المتابع للأحداث اليومية التى يواجها المواطن العربى كل يوم يجد عنواين الأخبار التالية بصفة شبة يومية و كأنها حرب منهجية على الشعوب العربية و منها على سبيل المثال : 25 قتيلاً و75جريحاً في سلسلة انفجارات تهز العاصمة العراقية بغداد ، و أغتيال محمد مبروك الضباط بجهاز الأمن الوطنى و مقتل 10 جنود وإصابة 35 في استهداف سيارة مفخخة لحافلة تقلهم على طريق رفح العريش فى مصر ، ارتفاع حصيلة تفجيري الضاحية الجنوبية ببيروت إلى 23 شخصا على الأقل واصابة 145 . ارتفاع عدد الضحايا في العاصمة الليبية إلى 43 قتيلا و461 جريحا واندلاع مواجهات في منطقة تاجوراء ،100قتيل في معارك قبلية في إقليم دارفور بالسودان. اليمن.. قتلى بينهم عقيد بالجيش في اشتباكات مع مسلحين من القاعده . مقتل 19 شخصا على الأقل في هجوم "الشباب" على قاعدة للشرطة والقوات الأفريقية في الصومال. وهذا ما يؤكد لنا و مما لا يدع مجالا للشك فى أن القوى الأمبريالية فى الولاياتالمتحدةالأمريكية و أسرائيل و حلفاؤهم الأطلسيون و معهم تنظيم القاعدة و كل قوى الإسلام السياسى يريدون تفكيك الشعوب العربية وتحويل دولهم الى دول فاشلة عاجزهم عن أشباع أحتياجات مواطنيها . لقد قطعت كل مظاهر العنف و الهمجية و الوحشية و الدموية علينا جميعا الطريق لبحث قضايا التنمية و رفع معدلات النمو الإقتصادى و بحث مسارات التقدم الإجتماعى و مواجهة بطالة الشباب و غيرها الكثير من قضايانا الإجتماعية لقد تحولت الحياة المواطن العربى إلى حالة من البراكين الإجتماعية . لقد أصبح العالم العربى بؤرة ساخنة للصراعات و حوادث العنف ، و تغص بالمتطرفين و المتعصبين دينياً ، وبات الإرهاب أشبة بالمرض المستوطن . وعلى مدار القرن العشرين واجهت الشعوب العربية ثلاثة قضايا هى الأستعمار و الحرب و عدم الإستقرار السياسى يضاف إليها وبعد مرور ثلاث سنوات بعد العقد الأول من القرن الحادى و العشرين أن قوى الإرهاب المتأسلم تريد ان تشعل حرباً همجية على مؤسسات الدولة المدينه و العسكرية و على المواطنين العرب الأبرياء . أن التحالف العضوى بين تنظيم الإخوان المجرمون و القوى الإمبريالية و الأرهاب قد أدى الى زيادة حدة الإضطراب السياسى و الفوضى فى العالم العربى ، الذى كان و لايزال نقظة تركيز للمنافسة الأستعمارية . و من خلال دورات الغزوات الإمبريالية للمنطقة قد أحالت هذا الركن التاريخى فى العالم إلى نطاق من الدم المسفوك و الموت ، والدمار و اليأس . و منذ أنحدار الأمبراطورية العثمانية و تصدعها فى أواخر القرن التاسع عشر ، اصبح العالم العربى فى مركز الصراعات بين القوى الإمبريالية الأساسية للغرب ، والتى كان هدفها السيطرة على البترول اللازم لتغذية أقتصاداتها الرأسمالية المتسعة ، ومن ثم فإن تاريخ العالم العربى فى القرن العشرين مرتبط بجهود القوى الغربية لتحقيق سيطرة مطلقة على مواردة و تجارتة . وكانت النتيجة أن غدت السيطرة على مصادر البترول هى البؤرة المهيمنة على المنافسة الغربية فى المنطقة ، والقوة الدافعة الأساسية للقوى الأمبريالية لإقامة سيطرة سياسية و إقتصادية على المنطقة ، والحفاظ على هذة السيطرة . لقد سعت الولاياتالمتحدةالأمريكية – خلال الفترة من الخمسينيات حتى السبعينيات من القرن العشرين إلى ممارسة هيمنتها لما بعد الحرب فى عموم منطقة الشرق الأوسط من خلال نقلات ضخمة من الأسلحة و المساعدات العسكرية إلى تركيا و إسرائيل والمملكة العربية السعودية و إيران ، لتقف ضد كل من الإتحاد السوفيتى و منافسيها الرأسماليين الأساسيين – بريطانيا و فرنسا و ألمانيا و اليابان – وكان هؤلاء المنافسون هم الأكثر أهمية . إن هيمنة الولاياتالمتحدة فيما بعد الحرب فى الشرق الأوسط قد جاءت فى ظل ضغط متزايد مع سقوط شاة إيران و صعود الأصولية الأسلامية عبرالمنطقة العربية أواخر البسعينيات وعبر الثمانينيات من القرن العشرين ، وبينما قادات العداوات المستمرة بين إيران و العراق إلى حرب الخليج الأولى عام 1980 لحسم مسألة القوة الإقليمية فى الشرق الأوسط فإنها أدت إلى مراجعة الإنحيازات الإقليمية للقوى المتنافسة الإمبريالية المرتبطة بالصراع من أجل التحكم فى بترول الشرق الأوسط و التى بلغت ذروتها فى حرب الخليج عام 1991، إن التدخل العسكرى الضخم للولايات المتحدة فى المملكة العربية السعودية و الغزو التالى لذلك للعراق أختزل القوة العسكرية العراقية فى المنطقة و عمل بإعتبارة زاجراً للمنافسين الرأسماليين الأساسيين للولايات المتحدة و الذين كانوا قد أستعانوا بالعراق كى ترعى مصالحهم الإقتصادية فى الشرق الأوسط . لقد وجدت الولاياتالمتحدة ، مع العصف بالقوة السوفيتية و زجر القوى المنافسة ، وجدت أن احتكارها الجديد للقوة الذى نالتة أمراً مريحاً بما يكفى لتعيد رسم حدود سياسة القوة الكبرى فى الشرق الأوسط ، تلك الإعادة التى جاءت إلى المنطقة بمناخ التوتر و الحيرة و الإلتباس . إن دور الولاياتالمتحدة فى المنطقة العربية خلال تسعينيات القرن العشرين غدا أكثر سيولة ، عندما تكثف الصراع العربى الإسرائيلى عبر نهوض الأصولية الإسلامية فى " الأراضى المحتلة " ،حيث أن الأضطراب السياسى المورث منذ انتفاضة أواخر الثمانينات من القرن العشرين فى غزة و الضفة الغربية ، و القمع الإسرائيلى المتواصل و التجاوزات الإمبريالية للولايات المتحدة أثارت المزيد من لهب السخط و الأستياء ، وبذلك أصبح " النظام العالمى الجديد " كلمة السر ، لكل جديد من التحكم و الهيمنة الإمبريالية على الشرق الأوسط تحت حماية و رعاية الولاياتالمتحدة بإعتبارها القوة الإمبريالية الأساسية فى آواخر القرن العشرين . وشكلت أحداث الحادى عشر من سبتمبر و الأحتلال الأمريكى للعراق فى العقد الأول من القرن الحادى و العشرين البداية العملية لتنفيذ الأسترايجية الأمريكية فى الشرق الأوسط من خلال محاولة إعادة رسم الجغرافيا السياسية للعالم العربى و تفكيك الخصوصية الأسترايجية للعالم العربى ، من خلال دفع قوى الأرهاب المتأسلم لنشر الفوضى المدمرة و الأنحراف بعيدا عن مشروعات الأنسان العربى فى تحقيق التقدم الإقتصادى و الإجتماعى و إغراق الحياة العربية فى دوامة العنف و الحرب الأهلية حتى يضيع حلم الشعوب العربية فى تأسيس الديمقراطية الحقة و تشكيل مجتمع الحداثة ، وهو ما تحاول أحداث العنف الدموية فى كل العواصم العربية من ترسيخ لمشهد الفوضى المدمرة .