في ظلِّ الأزمة التي يُعاني منها أهالي وشباب قطاع غزة من انقطاع مستمر للتيار الكهربائي, ونقص في الوقود وانعدام في كافة أشكال الحياة, أتحدَّث هنا عن الحالة التي يعيشها الشعب الغزي على وجه الخصوص. من لمَّا كنَّا صغار , وأهالينا والنَّاس اللي حوالينا بيعززوا عنا فكرة الصداقة وإنو قديش الصديق مهم وهو جزء فعَّال في الحياة , الصديق وقت الضيق والصديق وقت المِحَن ووقت الأبصر إيش , إلا إنو المفهوم هذا صار بينطبق على علاقات غريبة جداً , يعني مثلا : في صحاب اللي بيربطهم في بعض بس "الشدَّة" ولو ما كان في شدَّة فما بيكون في أي موضوع تاني ممكن يحكوا فيه , وفي صحاب تانيين بتربطهم البيس, وما أدراك ما البيس , البيس لعبة كتير مهمة في العصر الحالي, بيتجمعوا الشباب وبيقعدوا يلعبو بيس "لعبة كرة قدم على الكمبيوتر" وممكن جداً يسهروا للصبح عشان يشوفوا مين بدو ياخد الكأس في الآخر, وبيستمر هذا الموَّال لحد ما تطلع لعبة جديدة تحطم البيس وتستمر الصداقة في نوع آخر من البيس , أو لعبة تانية خالص, طبعاً في علاقات تانية بتجمعها الجامعة أو الشغل أو أي اهتمام معين, بس اللي ممكن جداً يقهرك هو العلاقات " الهُلامية " اللي ملهاش علاقة في أي اشي, وبتتكون بس لأنه بدها تتكون ولأنه في وقت فراغ لازم نقضيه بأي طريقة , مرَّة قعدت أحسب قديش شباب غزة بيقضوا وقت وهم بيلعبوا بيس , ولو بدنا نعمل منافسة بينهم وبين اللي بيقضوا وقتهم وهم بيناقشوا كتاب, حنلاقي انه في آلاف الساعات اللي بينقضوا في البيس, وفي شوية ساعات هيك على الهامش بينقضوا في أشياء إلها علاقة بالثقافة أو الفنون أو التفكير في حالتنا اللي أبصر إيش قصِّتها. بالمُجمل, اللي بحب أحكيه لأيِّ حدا بيقرأ الإشي هادا وبيحس إنو إله علاقة بالموضوع: إنه ياعمي البيس "وأخواتها" أكيد مش حرام وأكيد كل الناس بحاجة إنهم يرفهوا عن نفسهم , بس عمرها الحياة ما كانت لتضييع الوقت, لأنه في أشياء كتيرة بتستنانا نعملها, ومفهوم الصداقة إله علاقة بالناس اللي بنستفيد منهم في حياتنا واللي بنقدر نستمر معهم للأبد.