يقترب إلينا شهر يوليو، هذا الشهر المحبوب عند موظفى الدولة، وعند التجار اللاهث وراء الزيادة فى السلع وارتفاع الأسعار، وأيضا سائقى المكروباص والأجرة، ذلك الشهر الذى ترتفع فيه السلع إلى ما تتصور، خصوصا بعد تعويم الجنية الذى جعل كل شخص يتحكم فى سلعه ويضع الأسعار بالمزاج، فالسوق بكل اتجاهاته ليس له رابط، حتى الذين يدعون أنهم يعملون تحت سقف حماية المستهلك، لأن حماية المستهلك لا تهرع إلا لأمرين، أولهما وضع قوائم الأسعار وهذا لا نراه كثيرا، وثانيهما السرقة وخداع المستهلك وما شابه ذلك. ونحن كمواطنين نظل تحت رحمة وسيطرة الزيادة الإجبارية على السلع ما دامت الدولة تعطى الموظف علاوة الغلاء والزيادت المقررة سواء العلاوات الخاصة أو على الأساسى، هنا يبدأ مافيا الغلاء فى رفع اسعار السلع، ومافيا المواصلات، واللذان هما أساس المواطن المصرى، رغم إن المواصلات وحدها تسبب ضغط الدم للمواطن فى كل لحظة وأخرى، ورغم إن زيادة السلع لا تطاق حتى إن الأسر قد قننت ما كانت تشتريه منذ إنخفاضها. يعتقد البعض إن الموظف هو الوحيد الفائز فى زيادة يوليو، زيادة يوليو يقابلها غلاء فاحش، حتى إنها لا تكفى هذه الزيادة بالكامل، فيضطر الموظف للإستلاف أو التطبيق فى العمل ليحصل على أوفرتايم، أو للإختلاس، وهو ما يعانى منه موظفى الدولة ممن هم ذوى الدخل المحدود، فكل منهم يعول أسرة، وما أدراك من مصاريف الأسرة، خصوصا إذا كانوا يعولون ولدان أو أكثر فى مدارس الثانوى أو الجامعات. نهيك عن الذين لا يعملون فى وظيفة مستمرة، أو الذين لا يملكون مرتبا شهريا، أو حتى عائد مادى، كل ذلك يعانون من شبح الغلاء فى يوليو القادم، والنظرة المبعدية فى هذا الموضوع أن التاجر يتلصص للموظف فى مطلع هذا الشهر بالذات، ليعلن عن قائمة الاسعار الجديدة لديه، ثم إن الضجة الكبرى التى تحدث فى هذه اللحظة ما هى إلا ذوبعة فى فنجان، لا يمر عليها إلا دقائق وتهدئ الأمور كعادتها، ويتشدقون إخواننا بكلمات لا معنى لها، ليس بيديهم الاصلاح أو محاولة وقف الغلاء الشرس عليهم، وسرعان ما تهدأ الثورة وتعود ريمة إلى عادتها القديمة ودمتم، وتثبت الزيادة على الاسعار لتمتص دماء الغلابة، ونعود نحن إلى نقطة البداية. يبقى الصراع بين زيادة يوليو وشبح الغلاء القائم إلى مالا نهاية، ما دام هناك تقصير فى حسم المسألة ووقف زحف الغلاء، وعدم إعلان موحد للأسعار تلتزم به التجار، وأيضا تثبيت تعريفة الموصلات فى جميع خطوط الجمهورية، حتى ينضبط السوق وينصلح حال المواطنون، ويستيقظ ضمائر سائقى المكروباصات، ولا بد من الأخذ فى الاعتبار بأن جميع المواقف هى التى تفرض الزيادة اجباريا والاستعاد لها قبل الزيادة بشهر ظنا منهم أنها حق لهم، حتى المسئولون عن المواقف يضعون التعريفة المقررة جزافا دون بحث للتأكد من الزيادة السابقة التى يقررها أو يفرضها على الزبون كانت حق شرعى لهم أم لا. يبرر البعض فى موضوع الزيادة بإلغاء الدعم من قبل الحكومة، موصولا بزيادة البنزين، والذى يدخل فى جميع الصناعات حتى مأكل ومشرب المواطن، مبررين موقفهم به، حتى صارت الشماعة التى نعلق عليها خبيتنا، وكادت تؤدى بنا إلى زروة الخنق من العيشة واللى عيشنها.