دائما ما تأتى تلبية احتياجات الأسرة من المواد التموينية على قائمة أولويات الفرد، إلا أن الاضطرابات فى الأسعار باتت تمثل ضغطا على كاهل المواطن ، حيث شهدت السلع التموينية خلال الشهور الأخيرة ارتفاعا فى الأسعار ونقصا فى الكميات ظهر بوضوح فى شكاوى المواطنين خاصة بعد اختفاء الأرز والسكر من حصصهم التموينية دون إبداء الأسباب.. "إما الأسعار تقل أو المرتبات تزيد" كان حلا لمواجهة الغلاء من وجهة نظر منال - زوجة وأم لطفلين – التى تضطر ل "الاستلاف" كل شهر حتى تستطيع توفير احتياجات أسرتها حتى النهاية. ولفتت إلى أن موزع التموين توقف عن إمدادها بالأرز والمكرونة ضمن حصتها التموينية منذ 8 شهور. أما ميادة فقد اضطرت إلى ترشيد استهلاكها من الأرز نظرا لارتفاع أسعاره ،حيث تقول :"الأرز أكثر سلعة زادت فكان الحل إن احنا نقلل منه شوية". ولم يختلف حال السكر عن الأرز ،حيث تشتكى فاتن مدرسة من ارتفاع الأسعار خاصة السكر وقلة كمياته المعروضة، حيث تقول :"الأسعار كلها مرتفعة خاصة السكر، يكاد يكون شاحح فى السوق، آخر مرة البياع فى التموين قالى مافيش سكر". وفاء موظفة وأم لثلاثة أطفال، تشتكى من ارتفاع أسعار المواد التموينية من سكر وأرز وسمن بشكل لا يتحمله أحد، وتؤكد أنه لولا عملها ما كانت تستطيع المساعدة فى تلبية احتياجات أسرتها من تلك السلع الأساسية التى لا يمكن الاستغناء عنها. أما الحاجة فوقية القبانى التى تجاوز سنها ال 60 عاما فقد اعتادت على شراء كميات من احتياجاتها التموينية بما يكفيها أكبر فترة ممكنة ويعفيها من عناء التسوق اليومى ،إلا أنها اضطرت إلى التخلى عن عاداتها الشرائية بعد موجات الغلاء التى طالت المواد الغذائية ، ليصبح شراؤها قاصرا على احتياجاتها اليومية الضرورية فقط. وتستعيد معنا ذكرياتها مع الأسعار والتى عصف بها التغيير بقولها :"كنت بجيب السمن 2 كيلو ب 86 جنيه أصبح يُباع الأن ب92 ،والأرز 5 كيلو الشهر الماضى كان ب 25 جنيه أصبح ب 32 جنيه ،السكر كان ب 6 جنيه أصبح ب 7.5 جنيه ، الزيت عبوة 3 كيلو ب 27 جنيها أصبح ب 35 جنيه". جشع التجار السبب اختلف البائعون حول أسباب ارتفاع أسعار المواد التموينية، حيث أرجع البعض السبب فى ذلك إلى جشع التجار، فى حين رأى آخرون أن توقف الاعتمادات البنكية للاستيراد وراء تعثرهم فى إمداد السوق باحتياجاته المعهودة من حيث الكميات لاعتمادهم على نفقاتهم الخاصة فى ذلك. ينفى محمود السيد ،بائع، أن تكون الثورة وراء ارتفاع الأسعار ، مرجعا ذلك إلى ما وصفه ب "جشع التجار" الذى تسبب فيما تمر به المواد الغذائية من أزمات فى الكميات والأسعار. ويتوقع استمرار موجات ارتفاع الأسعار فى حال استمرار الجشع قائلا :"لو استمر الوضع كما هو دون أن يرتدع هؤلاء التجار هيستمر ارتفاع الأسعار والمواطن الغلبان هو اللى هيتحمل". أما الحاج فاروق بائع سلع تموينية فيتوقع بدوره استمرار ارتفاع السلع المستوردة ، فى حين تستمر أسعار المنتج المحلى خاضعة للعرض والطلب، مشيرا إلى أن أسعار الأرز ستشهد انخفاضا خلال الأسبوع المقبل لتصل إلى 3.5 جنيها للكيلو. بعكس الألبان التي من المتوقع أن تشهد ارتفاعا فى الأسعار خلال الفترة المقبلة خاصة منتجاتها المرتبطة بالاستيراد من بينها "اللبن البودرة" وهو ما يتسبب فى ارتفاع الأسعار. عرض وطلب من جانبه، أوضح أحمد يحيى ،رئيس شعبة المواد الغذائية بالقاهرة، أن الأرز جاء فى مقدمة المواد الغذائية التى شغلت اهتمامات المستهلكين خلال الفترة الماضية، حيث شهدت أسعاره ارتفاعا منذ شهر مايو بشكل متسارع ومتتالى، مرجعا ذلك إلى نهاية موسم التخزين، ونقص الكميات المعروضة مما أثر على الحصص التموينية بشكل استشعره المواطن فى ارتفاع الأسعار منذ شهر مايو حتى أغسطس الماضى. وأضاف أن الأسعار بدأت فى الإنخفاض بحلول موسم الإنتاج الجديد فى شهر أغسطس ليصبح سعر الطن 3 آلاف جنيه ،بعد أن تجاوز 5 آلاف ، ليُباع الأرز "السائب" للمستهلك بسعر 3.5 جنيها ،و"المعبأ" بسعر يتراوح من 4 إلى 4.5 جنيها. وعلى صعيد أزمة السكر ،أوضح يحيى أن أسعار السكر بدت مستقرة على مدى 7 شهور كان آخرها شهر يوليو الماضى، إلى أن بدأت الأزمة مع حلول شهر رمضان ،حيث لوحظ نقصا ملحوظا فى كميات السكر المحلى بما لا يكفى الاستهلاك، وهى مشكلة تتكرر فى الثلث الأخير من كل عام. وسعيا لعلاج الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك ، والكلام ما زال على لسانه ،عكفت الدولة على استيراد السكر من الخارج كإجراء اضطرارى مما أدى لزيادة أسعار السكر من 4500 جنيها للطن إلى 5000 جنيها ،وهو ما بدأ تطبيقه بعد عيد الفطر مما أدى لارتفاع أسعار بيع السكر للمستهلك بزيادة تتراوح من 50 إلى 75 قرشا. أما الزيوت فقد خرجت من ماراثون الارتفاع والانخفاض فى أعقاب شهرى إبريل ومايو لتستقر أسعارها على نحو 8 جنيهات ، و 9.25 جنيه للزيت العادى ،ومن 11 إلى 12 جنيه لزيت "دوار الشمس" ،13.5 جنيه و14 جنيه لزيت الذرة. ولكن هذا لا يمنع أن هناك ممارسات خاطئة من جانب بعض البائعين والتجار خاصة على مستوى السلع ذات الأسعار غير الجبرية التى تخضع للعرض والطلب ،مشددا على ضرورة مواجهة تلك الممارسات من خلال آليات قانونية رادعة من بينها قانون منع الاحتكار بما يكفل الحماية للتاجر الملتزم والمستهلك البسيط على السواء.