كعادة أهل المحروسة في الانبراء والتباري في الدفاع اللفظي عن مقدساتها قامت الدنيا ولم تقعد ؛ الإعلام يطلق سهامه ذات اليمين وذات اليسار ، حمى الفيس بوك تشتعل وتصل إلى أعلى درجاتها ، نقابة الفنانين تشهر سيفها وتصدر حكما عاجلا بإيقاف المدعو في حقها بالإساءة البليغة للمقدسات ،الشتائم تقذف من هنا وهناك ،وكأن المصريين يمسكون الجمرات ليرجموا بها الشيطان الذي تجرأ وتطاول على قدس الأقداس ، وكأن الجميع بلا خطايا !! أتعجب من أمر هؤلاء الناس الذين تثير ثائرتهم كلمات عابرة أطلقت بغير وعي أو قصد ، كلمات إذا ما تبصرنا معناها سنجدها حقيقة واقعه ويبدو أنها غير صادمة ، حقيقة عاشت معنا طويلا رغم إنكارنا لها !! ألم يمت عبد الحليم حافظ من إثر إصابته بالبلهارسيا ، ألم تفتك البلهارسيا بأعداد هائلة من أبناء نيل المحروسة ، ألا تشاهدون التعديات اليومية التي تحدث ولا تثير في نفوسكم الأسى ، التعديات بالبناء ، مخلفات المصانع ، مخلفات الأهالي وكل ما يمكن أن يحدث للنيل من إساءة ، ماذا عن غلاء الأسعار ، وجشع التجار المتنامي ماذا عن تدهور قطاع الصحة والتعليم ، ماذا عن تردي الفن ، وتدهور القيم والأخلاق جهارا نهارا في شوارع المحروسة إرفعوا اصواتكم بإنكار كل ما يحدث من إساءات للوطن ، مدوا أيديكم لتنظيف شوارعكم لا تسمحوا للعابثين أن يعبثوا بأمن وسلام شوارعكم ، قفوا بقوة أمام المتحرشين بالنساء والبناء ، والوطن ؛ وقتها سنقف جميعا ونقول لهذه التي لا تجيد الكلام وتطلقه على عواهنه ، دون إدراك لعواقبه ، فهي بالتأكيد لم تكن تدرك أن النيل يجري منذ فجر التاريخ غير عابئ بما يلقونه على وجهه من أحجار ، لم تكن تدرك أنها أساءت إلى نفسها لأنها حكمت على أغنية من أروع أغانيها حكما بالإعدام ، لم تكن تدري أن الناس دايما بيجيوا على ( الحيطه الواطيه ) ؛ وأنهم ومن كثرة ما عانوا وكبتوا هذه المعاناة أصبحوا ( عاوزين جنازه ويشبعوا فيها لطم ) .