ارتفاع سعر الذهب اليوم.. تعرف على سعر عيار 21    حدث ليلا.. شهداء بغزة وهجوم على قاعدة عراقية وكوريا الشمالية تختبر صواريخ جديدة    وفاة السوري محمد فارس ثاني عربي يصعد إلى الفضاء    كوريا الشمالية تختبر رأسا حربيا كبيرا وصواريخ مضادة للطائرات    ملامح التعديل الوزاري المرتقب .. آمال وتحديات    سعر الدولار اليوم في البنوك والسوق السوداء    الحق اشتري.. انخفاض 110 ألف جنيه في سعر سيارة شهيرة    موعد مباراة مانشستر سيتي وتشيلسي اليوم في نصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي    عمر مرموش يساهم بهدف في فوز آينتراخت فرانكفورت على أوجسبورج 3-1    تشكيل آرسنال المتوقع أمام وولفرهامبتون    حبس المتهم بقتل سيدة لسرقتها بالبساتين    مشتت وفاصل ..نصائح لتحسين التركيز والانتباه في العمل    بايدن: إنتاج أول 90 كجم من اليورانيوم المخصب في الولايات المتحدة    7 أيام في مايو مدفوعة الأجر.. هل عيد القيامة المجيد 2024 إجازة رسمية للموظفين في مصر؟    فودة وجمعة يهنئان أسقف جنوب سيناء بسلامة الوصول بعد رحلة علاج بالخارج    شعبة المخابز: مقترح بيع الخبز بالكيلو يحل أزمة نقص الوزن    الإفتاء: التجار الذين يحتكرون السلع و يبيعونها بأكثر من سعرها آثمون شرعًا    ارتفاع جديد في عز.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 20 إبريل 2024 بالمصانع والأسواق    بيان عاجل من الجيش الأمريكي بشأن قصف قاعدة عسكرية في العراق    ميدو يكشف احتياجات الزمالك في الميركاتو الصيفي    تراجع سعر الفراخ البيضاء واستقرار البيض بالأسواق اليوم السبت 20 أبريل 2024    ابسط يا عم هتاكل فسيخ ورنجة براحتك.. موعد شم النسيم لعام 2024    الوزيرة فايزة أبوالنجا    اندلاع مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال في بلدة بيت فوريك شرق نابلس    داعية إسلامي: خدمة الزوج والأولاد ليست واجبة على الزوجة    سفيرة البحرين بالقاهرة: زيارة الملك حمد لمصر تأكيد على التكامل الإستراتيجي ووحدة الصف بين البلدين    3 إعفاءات للأشخاص ذوي الإعاقة في القانون، تعرف عليها    بصور قديمة.. شيريهان تنعي الفنان الراحل صلاح السعدني    ملف رياضة مصراوي.. إغماء لاعب المقاولون.. رسالة شوبير.. وتشكيل الأهلي المتوقع    سيف الدين الجزيري: مباراة دريمز الغاني المقبلة صعبة    بركات قبل لقاء الأهلي: مباراة مازيمبي وبيراميدز شهدت مهازل تحكيمية    كرة يد.. تعليمات فنية مطولة للاعبي الزمالك قبل مواجهه الترجي التونسي    خالد منتصر: ولادة التيار الإسلامي لحظة مؤلمة كلفت البلاد الكثير    "شقهُ نصُين".. تشييع جثة طفل لقي مصرعه على يد جاره بشبرا الخيمة (صور)    أهالى شبرا الخيمة يشيعون جثمان الطفل المعثور على جثته بشقة ..صور    فحص السيارات وتجديد الرخصة.. ماهى خدمات وحدات المرور المميزة فى المولات    ضبط نصف طن لحوم فاسدة قبل استعمالها بأحد المطاعم فى دمياط    9 مصابين في انقلاب سيارة ربع نقل في بني سويف    "محكمة ميتا" تنظر في قضيتين بشأن صور إباحية مزيفة لنساء مشهورات    هل يتم استثناء العاصمة الإدارية من تخفيف الأحمال.. الحكومة توضح    GranCabrio Spyder| سيارة رياضية فاخرة من Maserati    حدث بالفن| وفاة صلاح السعدني وبكاء غادة عبد الرازق وعمرو دياب يشعل زفاف نجل فؤاد    إياد نصار: لا أحب مسلسلات «البان آراب».. وسعيد بنجاح "صلة رحم"    نسرين أسامة أنور عكاشة: كان هناك توافق بين والدى والراحل صلاح السعدني    يسرا: فرحانة إني عملت «شقو».. ودوري مليان شر| فيديو    انطلاق حفل الفرقة الألمانية keinemusik بأهرامات الجيزة    بعد اتهامه بالكفر.. خالد منتصر يكشف حقيقة تصريحاته حول منع شرب ماء زمزم    العميد سمير راغب: اقتحام إسرائيل لرفح أصبح حتميًا    تجليس نيافة الأنبا توماس على دير "العذراء" بالبهنسا.. صور    أعظم الذكر أجرًا.. احرص عليه في هذه الأوقات المحددة    أدعية الرزق: أهميتها وفوائدها وكيفية استخدامها في الحياة اليومية    بجوائز 2 مليون جنيه.. إطلاق مسابقة " الخطيب المفوه " للشباب والنشء    آلام العظام: أسبابها وكيفية الوقاية منها    باحث عن اعترافات متحدث الإخوان باستخدام العنف: «ليست جديدة»    مرض القدم السكري: الأعراض والعلاج والوقاية    متلازمة القولون العصبي: الأسباب والوقاية منه    «هترجع زي الأول».. حسام موافي يكشف عن حل سحري للتخلص من البطن السفلية    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ربنا الله .. !
نشر في شباب مصر يوم 07 - 10 - 2017


دكتور / عبد العزيز أبو مندور
لماذا يا من لا فهم لكم و لا ذوق تفرقون بين الله وأسمائه وانتم لا تعلمون مغبة وعاقبة جهلكم ؟
هذا الكلام موجه إليك أنت أيها المحامي المستشار/ أحمد عبده ماهر !
ولكن – ما الحيلة وقد نصحتك كثيرا بأن تنصرف عن الدخول فيما ليس لك به علم ولا دراية .. !
والله لقد سئمت أمثالكم وأمثال د. سعد إبراهيم وصاحبه الأمريكي د. أحمد صبحى منصور ممن يكثرون الدخول فيما ليس لهم به علم ، فلولا أن يقول الناس أننى تقاعست وتكاسلت ما أعرت ما تسودونه من صفحات أدنى اهتمام ولا التفت لأحد منكم ل فالناس تعرفكم ، فما كان ينبغي أن أرد على أحد منكم طالما لا تتعلمون ولا تستفيدون من أخطائكم ، فلولا أننى خشيت أيضا أن يكون أحدا قرأ عرضا تخريفاتكم فيظل فى حيرة من أمره ينظر إن كان ثمة أحد يدفع عنه حيرته بما يطمئن به قلبه .
ولولا أن ابنتى الأستاذة / إلهام مدرسة اللغة العربية الفائقة أصرت على الرد عليك وشاركتنى المشورة ما رددت عليك فقد سئمت هذه التخريفات.
ألا تعلم وأنت ممن المفترض فيهم معاقرة القانون أنك قد ارتكبت حماقة فكرية يعاقب عليها القانون الخلقي والديني .
ولنبدأ متدرجين رويدا رويدا حتى نضع الحق فى نصابه :
1- أولا : بأى حق تصف نفسك بأنك باحث إسلامي ؟
2- ثانيا : قل لنا قبل كل شىء .. من أى معهد علمي .. أو جامعة أو معهد أكاديمي حصلت على هذا اللقب ؟!
أم أنك كرواد صفحات الفيس - البوك من المراهقين ممن يطلقون على أنفسهم ألقابا يعاقب القانون المدني على انتحالها بدون وجه حق .. فيخاطبون أنفسهم مثلا بلقب دكتور .. ومهندس .. وما إلى ذلك .. ويرد الآخر عليه نعم .. يا دكتور .. وهكذا .. ؟ !
كان الناس فى قريتنا قبريط قديما إذا خاطبت أحدهم بصفة ليست فيه أو لقبا ليس له .. اعتبرها إهانة .. !
حدث هذا أمامي يوما .. وكنت صبيا .. فقد نادى شاب من شباب شارعنا وخاطب رجلا مثل أبيه بلقب .. أفندى .. قال له : يا إبراهيم أفندى .. !
وهنا ثار وماج عم / إبراهيم .. برغم أنه رجل هادئ الطبع .. لم يعرف عنه الغضب الشديد إلا فى مثل هذه المواقف .. لقد اعتبرها .. إهانة .. واستهزاء .. فالعادة أننا نخاطب من هم فى مثل آبائنا بعم / فلان ..
وعنف الكبار هذا الشاب حتى كاد ينحنى وهو يعتذر لعم / إبراهيم .. ليقتص منه .. أنه لا يقصد شيئا .. كل ما فى الأمر أنه سمع الناس تنادى أحد المتعلمين بلقب .. أفندى .. فظنها كلمة .. عامة .. !
ومن هنا ينبغى على الناس أن ينزلوا الناس منازلهم فلا ينزل بالرفيع عال القدر عن درجته ، ولا يرفع الوضيع فوق منزلته .
وجاء هذا المعنى فى مقدمة ( صحيح مسلم ) فيما قاله الإمام مسلم أنه .. من الضروري توخى منازل الرجال : فلا يقصر بالرجل العالي القدر عن درجته ، ولا يرفع متضع القدر في العلم فوق منزلته ، ويعطى كل ذي حق فيه حقه ويُنْزَلْ منزلته.
وقد ذكر عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت : " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم مع ما نطق به القرآن من قول الله تعالى : " وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ"
( يوسف : 76 )
3- ثالثا : إن هذا العنوان الذى كتبته لتلك الصفحة التى سودتها ظنا منك أنها مقالة أو بحثا بعنوان ( الفرق بين الله والرب والرحمن الرحيم ) يعد بكل المقاييس الشرعية والذوقية والعقلية ( صحيفة اتهام ) تكشف عن سخافة فكر كاتبها .. وسقم فهمه .
ولا أجد بدا من نصحى إليك .. وإن تكرر ذلك .. أقول لك : ارجع .. واستغفر ربك .. فما كان لمسلم عاقل رشيد أن يقع فى تلك الحماقة .. !
أنا لا أحاسبك على نيتك .. فتلك موكولة لعالم الغيب والشهادة .
أما أمثالنا .. فليس لنا إلا الظاهر ، والله يتولى السرائر .
وأعيد عليك عنوان ما كتبت وما سودت به صفحات جريدة ( شباب مصر ) .. العنوان الذى خطه قلمك هو : ( الفرق بين الله والرب والرحمن والرحيم )
أليس هذا هو عنوان مقالك المزعوم ؟!
إن القارئ العامي تجزع نفسه فور قراءته لمثل هذا العنوان المستفز .. والسامع لا يجد من نفسه إلا الاشمئزاز والنفور من هذه الجملة الساقطة التى لا تدل على علم بوجه من الوجوه لأنها :
1- لا تستقيم من الناحية ( اللغوية ) كما فى لسان العرب إلا إذا صحت فى إملائها.
2- ولا تستقيم ا من جهة ( النحو ) ما لم تستقم صياغتها وتصح . ومن المعروف أن النحو يظهر معنى الجملة ويجلى إبهامها ويقوم نطقها .
ومن هنا ، فالجملة كما هى فى عنوان المقال المزعوم لمن ينتبه تكرر فيها ( واو العطف ) ، وواو العطف لا تعنى فى اللغة إلا الاشتراك ، وهذا ما كشف عن فساد المقال المزعوم حتى قبل أن ينظر فيه ؛ فطالما تهافت العنوان وسقط وانعدم منه شرطا الصحة اللذان أشرنا إليهما فربما لا ينظر القارئ لما تحته من سطور، فليس لعاقل أن ينظر إلى منزل تهاوى حطاما على أنه بناء.
واعلم أن تلك السقطة التى وقعت فيها لا يعرف حدها إلا العالمون .
هذا ، لقد فرقت بين أربعة ألفاظ ( الله والرب والرحمن والرحيم ) حاشا وكلا .
وفعلت مثل ما فعله مؤلف السوء .. ومغنى الندامة فى أغنيته التى قال فيها ( ليكو رب .. ولينا رب ) - حاشا وكلا .
ومع أنك استشهدت بآيات كثيرة من القرآن الكريم إلا انك أنزلتها فى غير موضعها .. فمقالتك ساذجة .. !
وكان عليك لو كنت تحسن الكتابة .. أن تكتب عنوانا يعلى من قدر التوحيد الخالص لله وحده لا شريك له كما يعرفه المسلم البسيط ؛ فلا تفرق بين أسمائه الحسنى.
وكان ينبغي عليك أن تعلم أن الاسم الله اسم علم يدل على الذات بحكم المطابقة كأسماء الأعلام على مسمياتها.
وهو الاسم الجامع لسائر الأسماء الإلهية فجميعها تندرج تحت الاسم الله ؛ فهو الإمام الجامع لما تحته من أسماء فلا تخرج عن حكمه ؛ فهى كلها تدل على الذات ، فلا لا تخرج فى معانيها عن حيطة الاسم ( الله ) فهو الجامع لمعان الأسماء الحسنى .
وذلك فى قوله تعالى " اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى "
( طه : 8 )
" هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " ( الحشر: 22 - 24 )
قال صلى الله عليه وسلم " إن لله تعالى تسعة وتسعين اسما ، مائة إلا واحد من أحصاها دخل الجنة ، وهو وتر يحب الوتر " ( البخارى ومسلم والترمذى : واللفظ للترمذى )
وإن كانت السنة المطهرة صرحت بأن عدد الأسماء الحسنى تسعة وتسعين ( 99 ) اسما فجميع الأسماء الإلهية ما نعرف منها وما لم نعلم تندرج فيها فلا تخرج عن العدد المذكور فى الحديث الشريف ، فهى كلها تدل على الذات الإلهية حتى فهمنا ان الاسم الله يسرى فيها نوره فنورها نوره .
أما اسم الرب ( بألف لام التعريف ) فهو اسم من الأسماء الحسنى ، فمهما ذكر ( الرب ) فلا يقصد به إلا الله سبحانه وتعالى .
وليس بين الاسم الله واسم الرب إلا ما بين العام والخاص ؛ فلفظة ( الله ) أعم من الرب ، لأنه لا شريك له في تسميته لا بالإضافة ولا بغيرها ، فهل هل تعلم له سميا ؟ ! حاشا وكلا .
قال عز من قائل : " رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً " ( مريم : 65 )
وأما ( الرب ) فقد قال صاحب (مختار الصحاح ) انه اسم من أسماء الله تعالى ولا يقال في غيره إلا بالإضافة.
ومن ثم نفهم أن ألفظ ( رب ) فى اللغة لفظ ( نكره ) ومن الألفاظ المشتركة لعموم استعماله ، فلا يعرف معناها إلا بالاضافة مثل :
1- رب القلم .
2- رب البيت.
3- رب القصر .
4- رب الأسرة
ولا يقال " رب الناس " و" رب العالمين " ، و" رب السموات والأرض " إلا لله وحده سبحانه وتعالى كما فى قوله سبحانه وتعالى : " رَبّ السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ مُّوقِنِينَ "
( الشعراء : 24 )
جاء فى تفسير الفخر الرازي( مفاتيح الغيب (28/ 198) أن ما جاء فى القرآن من قوله " رَبّىَ الله " إشارة إلى التوحيد.
رُوي أنه صلى الله عليه وسلم ذكر قبض روح المؤمن فقال : " ثُمَّ تُعَادُ رُوحه في جَسَدِهِ ، فَيَأتيهِ مَلَكانِ ، فيُجْلِسَانهِ فِي قَبْرهِ ، ويَقُولاَنِ لَه : مَنْ رَبُّكَ ، وَمَا دِينُكَ ، وَمَنْ نَبِيكَ ؟ فيقول : رَبي الله ، ودِيني الإسْلاَمُ ، ونَبيي محمد صلى الله عليه وسلم . فينادي مُنَادٍ من السَّماءِ : أنْ صَدَقَ عَبْدِي " فذلك قوله تعالى : " يُثَبِتُ اللهُ الذينَ أَمنُوا بِالقَولِ الثابتِ "
أما قوله تعالى : " وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ " ( يوسف : 23 )
فلا يقهم من قوله " إنه ربى أحسن مثواى " دلالة قاطعة على ان المقصود ) هنا بلفظ " ربى " الله سبحانه وتعالى لأنه كما قال المفسرون لها دلالتان :
1- فقد تدل على الملك .
2- وقد تدل على الله سبحانه وتعالى .
إذن لفظ ( الرب ) بألف لام التعريف لا ينصرف إلا إلى الله وحده لا شريك له فهو اسم من أسماء الله الحسنى التى أمرنا أن ندعوه .
وعموما لفظة ( الرب ) لا يعرفها المسلمون إلا وتختص بالله فى الأغلب والأكثر.
ومن هنا قلنا أنه يجب أن لا تستعمل فى المخلوقين ، لنفى الشركة بينهم وبين الله سبحانه وتعالى .
ألا ترى أنه يجوز أن يقال: رحيم ، وكريم ، وصابر لواحد من غير الله ، ولكنه - لا يجوز أن يقال لأحد غير الله : إله ، ولا رحمن ؛ لاختصاص الله بهذين الاسمين ، فكذلك الرب لا يقال لغير الله.
ذلك بعض ما بيناه فى كتابنا الفريد ( الاصطفاء والاجتباء وأنوار الأنبياء ) ، فهو ما أردناه فى هذه العجالة.
لقد كدت أيها المحامى المستشار أن تورد نفسك موارد التهلكة وأنت من شعر بذلك .. وأنقل لك من كلامك ، فأنت الذى كتبت : ( وعموما فالأمر جد عسير لكني أردت خوض غماره ، ولعلي أصيب ولعلي أخطئ لكني في كل حال أحاول أن أجتهد فيما لم ينتهي فيه الأقدمين .. )
ألا تعلم أنك لست من أهل الاجتهاد ؟ !
بلى ؛ فذلك لعدة أسباب منها :
1- أنك فرقت بين الأسماء الحسنى مع أن رب العزة لم يفرق بين أسمائه .
إن الله لم يفرق بين أسمائه وأمرنا أن ندعوه بأى اسم منها وذلك فى قوله تعالى : " وَلله الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " ( الأعراف : 180 )
وقال جل ذكره : " قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً "
( الإسراء : 110 )
2- أنك عند عند حديثك عن الاسم الرحمن جئت بقوله تعالى : " الرحمن * علم القرآن " ( الرحمن : 1-2 )
ولا أدرى علة ذلك ، إلا أنك ضربت عشوائيا وخضت فيما ليس لك به علم ففسرت الآيات على هواك مع أننا منهيين عن ذلك فالقرآن علم لا يدخل جامعته إلا من أهل لها وأجازه أهلها .
لقد قلت خطئا ما لم يقله علماء التفسير على طول وعرض كتاباتهم ومجلداتهم الكبرى ، وأنقل لك ما قلته أنت ، فقد قلت أن الله تعالى علم آدم القرآن مع تعليمه الأسماء .
وهذا ما لم يقله أحد من المفسرين قديما وحديثا على طول الزمان والتباعد فى الأوطان ؛ بل فسروا قوله تعالى : " الرحمن * علم القرآن " يعنى علم القرآن ما شاء من خلقه ولم يحددوا من هو ذلك المكرم بتعليم القرآن !
والمفسرون من أمثال القرطبي وابن كثير على أن الله سبحانه وتعالى يخبر عن فضله ورحمته بخلقه ، فقال تعالى : " الرحمن * علم القرآن " فافتتح السورة باسم الرحمن من بين الأسماء ليعلم العباد أن جميع ما يصفه بعد هذا من أفعاله ومن ملكه وقدرته خرج إليهم من الرحمة العظمى من رحمانيته فقال : " الرحمن * علم القرآن " ، ثم ذكر الإنسان فقال : " خلق الإنسان" .
قال معظم المفسرين بأن ( الإنسان ) فى الآية الكريمة المقصود به آدم عليه السلام فهو المعني بتعليمه البيان .
والبعض قال إنما قصد به الناس جميعا .
وإن كنت لا تعرف فاعلم ان الله تعالى بعدما ذكر ما صنع بالإنسان وما من عليه به بأن أنزل على عباده القرآن ويسر حفظه وفهمه على من رحمه. فقال تعالى : " الرحمن * علم القرآن " ، قال جل ذكره بعدها : " خلق الإنسان * علمه البيان " ، يعنى علمه : النطق على ما قاله الحسن ( أظنه البصري ) . وقال الضحاك وقتادة ، وغيرهما : يعني الخير والشر.
قال ابن كثير فى تفسيره : وقول الحسن ها هنا أحسن وأقوى؛ لأن السياق في تعليمه تعالى القرآن ، وهو أداء تلاوته ، وإنما يكون ذلك بتيسير النطق على الخلق وتسهيل خروج الحروف من مواضعها من الحلق واللسان والشفتين ، على اختلاف مخارجها وأنواعها.
هذا ، فما بالك لو كان ما قلته أنت صحيحا فيكون جميع المفسرين قد أخطأوا ؛ وهو ما لا يقبل عقلا وذوقا ولا تستسيغه المباحث الدقيقة .
وما بالك لو أن آدم كان هو المقصود على زعمك الخاطئ بتعليم القرآن ؛ فماذا تبقى للنبي الخاتم محمد سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم ؟
هذا ناحية .
ومن ناحية أخرى ، فهل ظننت أن تعليم القرآن لطالما كان بالاسم الرحمن تكون قد حققت مرادك الخاطئ ظنا منك أن ذلك تفرقة بين الأسماء ؟
هل كان يعجبك مثلا أن يكون تعليم القرآن من اسمه تعالى الجبار ؟
لا يقول ذلك أحد ممن لهم ذوق وفهم فى كتاب الله تعالى لأن أسمء الله الحسنى تتنوع بين أسماء ذات وأسماء صفات وأسماء أفعال ، كما أن لكل اسم نور خاص فهذا اسم جلالي ، وهذا اسم جمالي ، وهذا اسم مشترك يجمع بين صفة الجلال والجمال .
ولعله من المناسب أن نذكر لطيفة من لطائف العارفين من أمثال الشيخ عبد العزيز الدريني ساقها فى كتابه ( الأسماء الحسنى ) فكل سم جمالي إذا اشتد نوره فهو جلالي ، والعكس صحيح فلو اشتد نور الاسم الجلالي صار جماليا.
ولعل البعض لا يعلم أن الاسم الرحمن من الأسماء المشتركة فهو كالاسم الله يجمع بين الجمال والجلال !
ولما كان الاسم الرحمن والرحيم مشتقان من الرحمة ، وكان من الجواز تكرير الاسمين إذا اختلف اشتقاقهما على جهة التأكيد كما يقال فلان جَادٌ مُجِدْ إلا أن الرحمن اسم مختص بالله تعالى لا يجوز أن يسمى به غيره.
ألا ترى أنه سبحانه وتعالى قال " قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن" ؟ فعادل به الاسم الذي لا يشركه فيه غيره.
ومن ثم ينبغى أن تفهم قولهم : فعادل بين الاسمين الله والرحمن ، ومنع أن يتسمى بهما احد غير الله سبحانه وتعالى .
وكان مسيلمة الكذاب يقال له ( رحمان اليمامة) فقصمه الله .
وحذر الإمام أبو حامد الغزالي فى ( المقصد الأسنى ) فبعد أن بين معنى الرحمة قال : الرَّحْمَن أخص من الرَّحِيم وَلذَلِك لَا يُسمى بِهِ غير الله عز وَجل فَهُوَ من هَذَا الْوَجْه قريب من اسْم الله ، والرحيم قد يُطلق على غَيره.
هذا ، فليس هناك كما نفهم اسم من الأسماء الحسنى ما علمنا منها وما لم نعلم إلا ويسرى فيه نور الاسم الله فيظهر خصوصيته فهو نوره !
وعموما ، فالاسم الرحمن فى معظم التفاسير يشمل الدارين الدنيا والآخرة وكان اسمه الرحيم متعلق المؤمنين فى دار الخلود كان من المناسب أن يكون تعليم القرآن بسم الله الرحمن وأن تكون أول آية من آياته " بسم الله الرحمن الرحيم ".
قال عز من قائل : " وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً " ( الإسراء : 82 )
والعلم الرباني الوهبي كله من الرحمة مهداه " فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً"
( الكهف : 65 )
وهذا خاتم النبيين المرسل من ربه بالقرآن العظيم قال له ربه جل ذكره : " وقل رب زدنى علما " ( طه : )
وهذا العلم الذى أُمِرَ أن يطلب الزيادة منه هو القرآن الكريم ؛ فلا تنقضى عجائبه ولا يخلق على كثرة الرد على مر الدهور .
ومن هنا نفهم بعض ما فى قوله تعالى : " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ " ( الأنبياء : 107 )
ولما لم يسمح المجال لى بمزيد من التفصيل فمن أراده ففى كتابى المذكور وغيره من المصادر والمراجع .
والآن أقول لمن فرق بين أسماء الله الحسنى : ألا تعلم أن عقيدة التوحيد ليس فيها اجتهاد ؟!
اقرأ عنوانك مرة أخرى .. وها هو أنقله لك من مقالك الهزيل : ( الفرق بين الله والرب والرحمن والرحيم )
ألا تعلم أن عنوانك فرق بين أربعة أسماء كأنها أشياء منفصلة وهى فى الحقيقة أسماء لذات واحدة ؟!
وعموما ، إن الله لم يفرق بين أسمائه وأمرنا أن ندعوه بأى اسم منها وذلك فى قوله تعالى : " وَلله الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " ( الأعراف : 180 )
" " قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً "
( الإسراء : 110 )
جاء فى تفسير الطبري : قل يا محمد لمشركي قومك المنكرين دعاء الرحمن ( ادعوا الله ) أيها القوم ( أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) بأي أسمائه جل جلاله تدعون ربكم، فإنما تدعون واحدا ، وله الأسماء الحسنى .
وإنما قيل ذلك له صلى الله عليه وسلم، لأن المشركين فيما ذكر سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه : يا ربنا الله ، ويا ربنا الرحمن ، فظنوا أنه يدعو إلهين ، فأنزل الله على نبيه عليه الصلاة والسلام هذه الآية احتجاجا لنبيه عليهم.
ومن هنا ، فلعل من يطلب صواب القول قد علم أنه بأي اسم من أسماء الله جل جلاله تدعون ربكم ، فإنما تدعون واحدا لا شريك له هو ربنا الله سبحانه وتعالى عما يصفون .
هو الله لا إله إلا هو " سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ "
( الصافات : 159 )
هو الله لا إله إلا هو " سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ " ( الزخرف : 82 )
" قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ "
( الأنبياء : 112 )
ولو شئت أن آتى لك بشرح تلك الأسماء كما بينتها فى كتابى ( الاصطفاء والاجتباء وأنوار الأنبياء ) لما وسع ذلك مقال .
لماذا إذن تفرقون يا من لا ذوق لكم بين الله وأسمائه وانتم لا تعلمون مغبة وعاقبة جهلكم ؟
ألا فاتقوا الله واحذروا .
( وعلى الله قصد السبيل )
*****
دكتور / عبد العزيز أبو مندور
باحث فى الفلسفة والتصوف ومحاضر بجامعة الزاوية بليبيا ( السابع من إبريل ) سابقا
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.