د.حمدى بشير فى هذا الأسبوع وردت إلى رسالة بريد الكترونى من مواطن مصرى يعمل باحدى الدول العربية ، يحكى فيها عن حالة المعاناة التى يعيشها هو وغيره من المصريين بالخارج ، وقال فى رسالته أن الكثير من أصحاب العمل باتوا يشككون فى شهاداتهم العلمية التى حصلوا عليها بعد تزايد حالات الغش والتزوير فى منح الشهادات العلمية فى بعض الجامعات المصرية ، بل الكارثة والطامة الكبرى تزايد حالة الغش والتزوير فى منح الدرجات العلمية للماجستير والدكتوراة .فاليوم لاتخلو عنواين الصحف المصرية من حالات التزوير فى درجات " الدكتوراة"، وبالأمس طالعتنا الصحف المصرية بخبر احالة المواطن توفيق عكاشة إلى النيابة العامة للتحقيق معه فى قضية تزوير شهادة الدكتوراة التى ادعى حصوله عليها من جامعة أجنبية ، ثبت فيما بعد أنها جامعة وهمية وغير موجودة فى أى دولة بالعالم. وفى احدى الدول العربية ، وبعد وصوله إلى وظيفة مرموقة فى مركز بحثى كبير ، انهارت أحلامه ،وتحطمت فجأة على صخرة الحقيقة التى أنكشفت وكشفت معها أمره ، بعد حصوله على درجة الدكتوراة المزورة التى قال أنه حصل عليها من جامعة مصرية، ربما أستطاع أن يخدع المحيطين حوله لبعض الوقت، وربما أستطاعوا الذين أشترى ضمائرهم وأمانتهم العلمية أن يشعروا بالأمان لبعض الوقت، لكن ما كشفته الصحف حول عدم وجود اسمه بين المسجلين فى سجلات الحاصلين على درجة الدكتوراة قد كشف عن أن الجامعة تسير فوق رمال متحركة أوشكت أن تبتلعها ، ويظل اسم الجامعة كابوساً يطارد كل الذين تخرجوا منها. ان تناول الصحف المصرية والعربية لقضية تزوير درجات الدكتوراة و الماجستير فى بعض الجامعات المصرية تزايد إلى الحد الذى لايمكن الصمت عليه، والى الدرجة التى تهز معها أركان هذه الجامعات وسمعتها وسمعة الشرفاء فيها، لتدق ناقوس الخطر بانتقال عدوى الفساد الى الجامعات المصرية ، والتى يمكن توصيفها على أنها قضية فساد سياسى أكثر من كونها قضية فساد ادارى ،خاصة اذا أدركنا أن معظم حالات الدكتورة المزورة التى كشفت عنها الصحف المصرية وعرضت على الجهات الرقابية المصرية ترتبط برجال السياسة والمسئولين السياسيين ، دون أن نقرأ رد أو نسمع عن إجراء اتخذته الجهات الرقابية للحد من هذه الظاهرة . يجد الكثير من هولاء المحتالين فى اللجوء الى شراء درجات علمية مزورة طريقاً سهلاً وسريعاً للترقى أو الوصول إلى وظيفة مرموقة فى جامعة أو مركز بحثى أو على الأقل مكانة اجتماعية أو لقب علمى زائف، وتكشف الحالات الكثيرة عن عن امتداد الظاهرة وعدم انحصارها داخل الجامعات فى بعض حالات الفساد التى ترتبط بتوظيف الاساتذة وترقيهم ، انما تمتد إلى الباحثين فى مجال الدراسات العليا وخاصة من خارج الدولة ، حيث يجد الكثير من الاثرياء العرب طريقهم السهل للحصول على درجة الدكتوراة بدفع الرشوة المالية لبعض الأساتذة الذين باعوا أمانتهم العلمية. وهناك الكثير من الشواهد التى كشفت عن هذا التزوير، فهولاء الوافدون يتخطون بأموالهم الكثير من الاجراءات، منها قرار المجلس الاعلى للجامعات بقبول الماجستير ومعادلة الشهادة التى حصل عليها بالخارج بدراسة مواد مكملة قبل تسجيله للدكتوراة، ثم دراسة عام دراسى كامل تمهيدى دكتوراة، يعقبه التسجيل لدرجة الدكتوراة لموضوع محدد يوافق عليه رئيس القسم ورئيس الجامعة،وتنكشف الجريمة عندما لا يستدل على تسجيل العديد من الرسائل والدرجات العلمية فى سجلات الجامعات المصرية ، وكان ظن هولاء ، الذين حملوا أمانة العلم ، أن منح درجات علمية مزورة لوافدين من الخارج لايمكن فضحه وكشفه ، لكن خاب ظنهم وانكشف امرهم بعد فضح الصحف المصرية للكثير من هذه الحالات . الجدير بالذكر أن الضرر الناتج عن حالات الغش والتزوير فى منح درجتى الدكتوراة والماجستير هو أكبر من كونها حالات فردية، لأن أثرها ممتد ويطول الجامعة وتاريخها والاساتذة العاملين بها، بل يضر بالبحث العلمى فى مصر ، وبالتنشئة الاجتماعية والتعليم والتنمية البشرية للاجيال القادمة ، لأن الكثير من الباحثين والخريجين العاملين بالخارج قد باتوا فى موقع احراج كبير عندما يتهمون بانهم حصلوا على شهادتهم العلمية من جامعات تبيعها لمن يدفع ،بل باتوا مهددون بترك العمل هربا من هذا العار الذى يطاردهم ......جميعهم يرسلون برسالة واحدة انقذوا البحث العلمى فى مصر.