هذا نداء عاجل للسيد المهندس محمود بلبع؛ وزير الكهرباء والطاقة.. لقد ورثَت حكومة الثورة خرائب كثيرة تحتاج إلى جهود لا حصر لها لإصلاح ما خربه الطغيان.. ولا يقتصر الأمر على المرافق المنهارة.. فالأخطر هو النظم الفاسدة والانهيار والتحلل الإدارى الذى انتشر كالنار فى الهشيم.. لقد حان الوقت للبدء فى إصلاح هذه الخرائب، ومنع استمرار الفساد.. لكى نستطيع البدء فى التنمية ودفع مشروع النهضة. ولدى وزارتكم أهم أدوات النهضة؛ وهو البرنامج النووى لتوليد الكهرباء وتحلية مياه البحر، الذى لا غنى عنه ولا بديل له فى الوقت الراهن.. والذى يحتاج أولاً إلى قَناعات شعبية يصعب تحقيقها مالم نبدأ بأنفسنا ونصلح الهيئات النووية القائمة، والتى يتندر الناس بها قائلين: مصر لا تستطيع إدارة محطة نووية خطرة بدليل فشلها فى إدارة مراكز بحثية بسيطة.. ونحن لا ننكر أن الانهيار والفساد الإدارى الذى أوصلنا إليه النظام المخلوع لم يترك شبرًا على أرض المحروسة.. ولكن أن يصل إلى مواقع حساسة مثل الطاقة الذرية، وأن يستمر إلى الآن، ويستكمل المفسدون ما بدأوه قبل الثورة فهذا ما لا يتصوره عقل. وأقدم لكم مثالاً من هيئة الطاقة الذرية، التى نالها نصيب وافر من الفساد والتحلل، ولم يحاول أحد- للأسف- إيقافه، والمذهل أنه يستكمل الآن وبكل جرأة!. تبدأ القصة المرعبة بتعيين (طالبة) لم تتخرج بعد؛ بوظيفة (معيدة)، وبشهادة تخرج مزورة!. حدث ذلك عام 1998، وانكشف الأمر ووصل إلى المرحوم ماهر أباظة وزير الكهرباء الذى أمر بإلغاء التعيين. وألغى التعيين (بعد استلام العمل) وتدخل الفساد لتقتصر معاقبة المجرمين والمزورين على جزاء (اللوم).. ولو اقتصر الأمر على ذلك لما كانت هناك قصة مرعبة.. ولكن بطل القصة كان قد وعد ابنة شقيقه بأنه سوف يعينها ويمنحها الماجستير والدكتوراه فى لمح البصر رغم أنف الجميع، وعندما بدأ إجراءات التعيين المزور لم يستطع أن يفوت فرصة وجود مؤتمر خاص بالهيئة، ولم يصبر حتى تتخرج.. فأضاف اسمها على بحثين لأحد تلامذته؛ لتكون أول باحثة فى العالم تنشر بحثين (نوويين) قبل أن تتخرج، وهذا ثابت بمستندات المؤتمر، ومضت السنين لتبدأ أكبر قصة خداع وتزييف فى العالم، وبالألاعيب القانونية.. إذ تبين أن إلغاء التعيين لم يكن مسببًا (تزوير شهادة التخرج)، وتُرفع دعوى قضائية على اعتبار أنه فصل تعسفي!، ونفاجأ منذ حوالى شهر واحد بعودة المعيدة نفسها بحكم قضائى نهائى يُلزم الهيئة بإعادتها إلى الوظيفة التى لا تستحقها بعد 14 عامًا، وصرف مرتب هذه السنوات الطوال. كيف حدث ذلك؟، لا ندري.. وليس للقاضى الذى أصدر الحكم ذنب لأنه لا يعرف أن الفصل مسبب بتزوير شهادة التخرج، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنكم تختصمون إلى وإنما أنا بشر ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وإنما أقضى بينكم على نحو مما أسمع منكم، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من نار يأتى بها يوم القيامة). سيادة الوزير.. لو اقتصر الأمر على ما سبق لما استحق أن أخصص له مقالاً وأشغلكم بهذه الألاعيب، ولكن الأخطر أن العم إياه أوفَى بوعده لابنة أخيه، واستغل فترة انتظار الحكم فى منحها درجتى الماجستير والدكتوراه (لا ندرى كيف؟، وأين أجرت بحوثها وهى ممنوعة من دخول الهيئة؟، وكيف تم ذلك وهى مرافقة لزوجها بالخارج؟!)، وعندما عادت إلى العمل بالحكم القضائي؛ جاءت ومعها الشهادتان، وتقدمت على الفور للترقية الفورية إلى درجة مدرس على اعتبار أنها حاصلة على الدكتوراه!، والأكثر غرابة أن يوجد الآن مَن يستمر فى مزاولة الألاعيب القانونية لتمكينها من ذلك، على الرغم من رفض مجلسى الشعبة والمركز لهذا الإجراء، ومن أن حُسن السير والسلوك هو أهم المستندات المطلوبة لهذه الترقية.. وأكثر ما يدل على السخرية من كل الأعراف واللوائح والقوانين أن يكون مَن يتخذ القرار الآن بمجلس القسم الذى ألحقت به هو نفسه بطل عملية تزوير الشهادة، والذى سبقت مجازاته باللوم فقط، ثم مكافأته بأعلى منصب بالمركز!. لقد تشعب الفساد وتداخلت الوقائع والألاعيب القانونية مما يتطلب إجراء تحقيق موسع، ولو عن طريق النيابة.. وفيما يلى توضيح لبعض الحقائق التى يمكن أن تساعد فى كشف المستور: تزوير الشهادة ثابت بكلية العلوم جامعة المنصورة، وبالشئون القانونية بالهيئة، وبالرقابة الإدارية (يمكن سؤال السيد/ محمد أمين، والسيد/ طه مشهور).. بالإضافة إلى مكتب سيادة الوزير. مقارنة تاريخ تقدمها للتعيين بتاريخ تخرجها يثبت أن التقدم كان بالشهادة المزورة، وهذا ثابت. سرقة بحوث الآخرين ونسبتها لها دون وجه حق ثابت بوقائع مؤتمر النفايات الضارة. عادة ما تطمئن الجامعات إلى الرسائل التى يتم إعدادها بالهيئة باعتبارها مؤسسة بحثية بها معامل وأعضاء هيئة تدريس، فتقبلها كما هى وتمنح درجتى الماجستير والدكتوراه بعد مناقشتها، بضمان الهيئة وبخطاب مسبق منها.. ولكن المعيدة المحترمة كانت ممنوعة من دخول الهيئة ومعاملها، فأين أجريت البحوث؟، وكيف قبلت جامعتان التسجيل دون خطاب من الهيئة؟، ومتى تم ذلك وهى مرافقة لزوجها بالخارج؟، هل تم التدليس على جامعتين كما تم التدليس على المحكمة؟!. لو تم تشكيل لجنة محايدة من أساتذة جامعتى القاهرة وعين شمس لاختبار المعيدة وفحص رسالتى الماجستير والدكتوراه، فسوف تظهر وقائع ومفاجآت مذهلة!. سيادة الوزير.. نرجو وقف هذه المهزلة، وبالمناسبة فهى مجرد مثال، وهناك الكثير الذى يثبت أن الهيئة بحاجة إلى (جراحة) عاجلة لإنقاذها.. لتعود إلى وضعها المتميز (سابقا)، قبل بدء البرنامج النووى الطموح.. وهذا أمر فى غاية السهولة، لأننا لم نصل بعد إلى درجة اليأس، ولكن القرارات الجريئة المطلوبة لإصلاحها تحتاج إلى دماء جديدة لم تتلوث بالفساد. [email protected]