سيدنا يونس عليه السلام أرسله رب العالمين إلى نينوى يدعو أهلها إلى عبادة ربه تعالي وترك عبادة الأوثان .. واستمر في دعوته فلم يستجيبوا له ولم يتبعوه .. وتمادوا على كفرهم .. فوعدهم عليه السلام بعذاب ربهم بعد ثلاثة أيام و غادر المدينة وذهب مغاضبا مفارقا لهم .. ظنا منه أنه أدي ما عليه .. وأن ربه تعالى لا يؤاخذه على تركه لهم . بعدما ترك سيدنا يونس المائة ألف وزيادة من أهل نينوى . بدأ صدي دعوته يدب بالإيمان في قلوبهم .. وشاع بينهم أن يونس نبي لا يكذب ..فتسلل الخوف إلى نفوسهم وخافوا عذاب ربهم .. فخرجوا إلى الصحراء بأطفالهم وأنعامهم .. وفرقوا بين الأمهات وأولادها .. ثم تضرعوا إلى الله عز وجل .. وجأروا إليه .. ورغت الإبل حنينا إلى صغارها .. وخارت البقر لهفة وأولادها .. وثغت الغنم تلهفا وحملانها .. فكشف ربنا برحمته عنهم العذاب .. قال تعالى : ( فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آَمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ). أما يونس عليه السلام فبعدما فارق نينوى التي هي الآن في الموصل بالعراق .. فقد استمر في مسيره حتى وصل إلى شاطئ البحر .. وهناك وجد سفينة على سفر فركب مع أهلها .. ولما توسطوا البحر تلاطمت أمواجه فهاج بهم وتموجت السفينة .. فقالوا : إن فينا صاحب ذنب .. فسألوه عن شأنه .. فحدثهم بقصته وأشار عليهم بأن يلقوه في البحر ليسكن عنهم غضب الله .. فتشاور أهل السفينة فيما بينهم واستقروا على إجراء قرعة. فلما اقترعوا وقعت القرعة على نبي الله يونس عليه السلام .. فأعادوها أخري فوقعت عليه أيضا .. فأعادوها ثالثا فوقعت عليه كذلك .. فألقي عليه السلام نفسه في البحر .. فالتقمه الحوت.. فأوحى الله إلي الحوت ( ألا تأكل له لحما .. ولا تهشم له عظما .. فإن يونس ليس لك رزقا .. وإنما بطنك له يكون سجنا ) .. فحفظه الحوت وطاف به في ظلمة بطنه وظلمة البحر وظلمة الليل . عندما استقر الحوت في قرار البحر حرك عليه السلام جوارحه وسط هذه الظلمات فتحركت فخر لله ساجدًا وقال ( يا رب اتخذت لك مسجدًا لم يعبدك أحد في مثله ) .. وسمع عليه السلام حسا فقال في نفسه : ما هذا ؟ ( فأوحى الله إليه ، وهو في بطن الحوت : إن هذا تسبيح دواب البحر ) فنطق لسانه الشريف مناديا ربه تعالى بالتهليل والتسبيح ( فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ). عليه السلام هلل قائلا لا إله إلا أنت .. وسبحت الحيتان للرحمن .. و سبح الحصى لفالق الحب والنوى .. فتوحد يونس عليه السلام والحيتان والحصى في ذكر الله تعالى بالتهليل والتسبيح في قرار البحر. فلنهلل ب لا إله إلا الله .. ونكبر ونسبح لربنا مع أولادنا وأحبتنا في أيام العشر من ذي الحجة وما بعد العشر . باحث إسلامي علاء أبوحقه