lلمستشار/ أحمد عبده ماهر تلك الجريمة المطاطة التي حوكم عليها إسلام بحيري إنما هي جريمة من لا جرم له، فلا القاضي يعلم ما هو الذي يمكن أن يكون ازدراءا لأنه لم يدرس الدين، ولا النائب العام له صلاحية لتحديد عناصر الازدراء. لكن هل هذا القانون ينبع عن فقه ديني وثوابت شرعية أم ينبع عن توافق ونظم أخلاقية..... في حقيقة الأمر أجد أن هذا القانون مخالف لدين الله، هذا إن كان للقرءان اعتبار عند من يضعون القانون، أو كان للفقهاء دراية بالدين. فالقرءان هو المعيار الرئيسي الذي يوزن به الحرام والحلال، لذلك لابد من دراسة فقه القرءان لنعلم عدم دستورية قانون ازدراء الأديان، فمصر والمصريين ليسوا بأحرص من الله على دينه، لذلك فإن الله قد شرّع الموقف الواجب ممن يهزأ بدينه وحدده تحديدا نافيا للجهالة، ولا يجب ابدا التنطع وافتعال الحمية فنتصور بأننا أصحاب غيرة على الدين من صاحب الدين . يقول تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً }النساء140. فكل المطلوب منك شرعا إذا ما حدث واستهزأت جماعة أو أحد بدينك أو كفر به ألا تقعد معهم، فهذا هو حكم القرءان، فأين حكم الحبس الذي نص عليه القانون من شريعة الله، لذلك أقول لكم بأنه قانون غير دستوري لمخالفته الشريعة التي هي المصدر الرئيسي للتشريع كما تنص المادة الثانية من الدستور الذي استفتي عليه الشعب. لذلك لا يحق لقاض أن يحكم باسم الشعب حكما يخالف الدستور والشريعة. وهناك آية أخرى بذات الاتجاه وهي قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }الأنعام68. فأين الحبس في هذه الآية الأخرى التي تعفيك من الحبس إذا ما خضت بغير فهم أو باستهزاء ولا علم بدين الله، إن الله يقرر أن تعتزل أنت المكان ولا تكمم أفواه المستهزئ بالله والذي يخوض في الدين بغير علم. لذلك فإن القانون المصري يتجاوز النص الشرعي بترتيب عقوبة مغلظة ليست من حق المشرع المصري بما يعني عدم دستوريته فضلا عن كونه يكمم الأفواه ويمنع البحث بدين الله ويصدر إرهابا قانونيا وبطشا قضائيا. وحتى وقف البرنامج فهو إجراء غير شرعي لكن لأن الأزهر ليس له علاقة بالقرءان فهو الذي طلب وقف البرنامج. مستشار/أحمد عبده ماهر محام بالنقض ومحكم دولي وكاتب إسلامي.