سيناء أرض الوحي والأنبياء ، أرض الملاحم والبطولات ، على أرضها دارت معارك وسطر التاريخ قصصاً كثيرة ، بوابة مصر بل بوابة إفريقيا الشرقية ، وقد تعرضت سيناء على مر العصور للعديد من الغزوات القادمة من آسيا منذ ايام الهكسوس والحيثيين ومن تلاهم مروراً بالآشوريين والفرس ثم الفتوحات الإسلامية ومن بعدها التتار والحملات الصليبية وأنتهاء بالعدوان الصهيوني القذر على أرض سيناء الحبيبة والذي احتلها فترة دامت من 1976 وحتى نهاية الثمانينات من القرن الماضي . سيناء في كل هذا لم تكن منفصلة عن الجسد الأم " مصر " بل كانت دوماً في القلب والمحرك الأساس والباعث القوي على النهوض ضد المحتل في كل العصور بلا استثناء فقد دافع عنها الفراعنة في قديم الزمان وطردوا المحتلين عبر العصور المختلفة وكذلك هب المصريين في عهد المماليك لدرء العدوان الغاشم للتتار وتم دحرهم في موقعة عين جالوت خارج حدود سيناء وحينما وقع العدوان الصهيوني الغاشم على مصر واحتل العدو سيناء لم تفرط مصر الدولة في شبر واحد من أرض سيناء الطاهرة وهذا كله يؤكد عملياً أن سيناء في القلب وإلا ما كانت مصر ستتكلف كل تلك التضحيات . سيناء بالنسبة لي ولأبناء جيلي تعني الأناشيد الوطنية والأهازيج الشعبية التي تنادي بالكفاح فقد تربينا على نشيد: لي أخ مجند **** اسمه محمد قام في الصباح **** يحمل السلاح قال إني ذاهب **** يا أخي أحارب .... كنت كلما قرأت ذلك النشيد راح ذهني إلى سيناء رغم أنني كنت لا أزال طفلاً في بداية المرحلة الإبتدائية وقتذاك وما من معرفة كبيرة ولا دراية واسعة بمصر وربوعها ومع ذلك كانت سيناء تتربع في الذهن وحاضرة في الذاكرة ربما من خلال أحاديث الأهل عنها وقد كان حماس الانتصار في حرب أكتوبر المجيدة لا يزال متقداً متوهجاً وربما من خلال برامج المذياع وأناشيده الجميلة والتي كانت سيناء حاضرة فيها بل هي محورها . سيناء الآن تتعرض لمحنة قاسية لا تقل خطورة عن محنة الاحتلال بل ربما تفوقها قسوة وألماً وهي محنة الإرهاب ذلك المرض اللعين الفتاك الذي وجد في سيناء العش الذي يأوي إليه والملاذ الذي يحتمي به وذلك راجع لظروف عديدة منها ما يتعلق بطبيعة المكان ومنها ما يتعلق بالوقت والزمان فراح يحصد الارواح لا يفرق بين أبناء سيناء وغيرهم ولا بين مدنيين وعسكريين ويخطيء البعض حينما يتهم أهالي سيناء بالإرهاب أو ويسيئني جداً أن أسمع ذلك فقد قرأنا عن بطولات أهلها وتضحياتهم إبان الاحتلال الصهيوني فقد أرقوا العدو وقضوا مضجعه ولم يجعلوه يهنأ بالمقام على أرض سيناء . وفي الختام أهيب برجال سيناء الذين لا يساورني شك قط في وطنيتهم وانتمائهم لأمهم مصر أن يكونوا يقظين واعين لما يحاك للوطن من مؤامرات وما يدبر من مكائد وأدعوهم للتكتل صفاً واحداً في مواجهة ذلك الشبح المخيف وأنا أعول هنا على القبائل التي أثبتت على مر التاريخ أنها قادرة على الذود عن سيناء وهي اليوم أيضاً تستطيع فعل الكثير وعليهم أن يوزعوا الجهود بينهم في التصدي للإرهاب والوقوف جنباً إلى جنب مع رجالات الجيش والشرطة حتى تنجو مصر جميعها من ذلك الشر المستطير وإن شاء الله ستنجو كما نجت من قبل وأسألوا رمال سيناء تخبركم بماضيها المجيد ومجدها التليد . بقلم : عصام الشاذلي