عون: السعودية ساهمت في إنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان    مئات الآلاف يواصلون تظاهراتهم في إسرائيل للمطالبة بوقف العدوان على غزة    الأغذية العالمي: نصف مليون فلسطيني في غزة على شفا المجاعة    النيابة تستعجل تحريات مقتل سيدة على يد زوجها أمام طفليها التوأم في الإسكندرية    إساءات للذات الإلهية.. جامعة الأزهر فرع أسيوط ترد على شكوى أستاذة عن توقف راتبها    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الاثنين 18 أغسطس    أرتفاع الحديد.. أسعار مواد البناء اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025    إيران: احتمال اندلاع مواجهة جديدة مع إسرائيل قائم.. ونستعد لكل السيناريوهات    ممثل واشنطن لدى الناتو: حلف شمال الأطلسي لن يشارك في الضمانات الأمنية لأوكرانيا    ترامب يهاجم «وسائل الإعلام الكاذبة» بشأن اختيار مكان انعقاد قمته مع بوتين    "أي حكم يغلط يتحاسب".. خبير تحكيمي يعلق على طرد محمد هاني بمباراة الأهلي وفاركو    سعر الذهب في مصر اليوم الاثنين 18-8-2025 مع بداية التعاملات    حار رطب على أغلب الأنحاء.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين 18 أغسطس    «زمانك دلوقتي».. شذى تطرح أولى أغاني ألبومها الجديد    ياسين التهامي يوجه الدعوة لتأمل معاني الحب الإلهي في مهرجان القلعة    تامر عبدالمنعم: «سينما الشعب» تتيح الفن للجميع وتدعم مواجهة التطرف    وصفة مغذية وسهلة التحضير، طريقة عمل كبد الفراخ    أحمد إبراهيم يوضح موقفه من أزمة مها أحمد.. ماذا قال؟    أسفار الحج 13.. من أضاء المسجد النبوى "مصرى"    مطاردة الواحات المميتة.. الداخلية والإعلام يضعان الجناة في قبضة العدالة    قد يكون مؤشر على مشكلة صحية.. أبرز أسباب تورم القدمين    أمير هشام: غضب في الزمالك بعد التعادل أمام المقاولون    لو التكييف شغال مش بيبرد.. اعرف السبب والحل ودرجة الحرارة المثالية بدل وضع Fan    "لا يصلح"... رضا عبدالعال يوجه انتقادات قوية ليانيك فيريرا    أتلتيكو مدريد يسقط أمام إسبانيول بثنائية في الدوري الإسباني    رئيس "حماية المستهلك": وفرة السلع في الأسواق الضامن لتنظيم الأسعار تلقائيًا    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025 في القاهرة والمحافظات    أوسيم تضيء بذكراه، الكنيسة تحيي ذكرى نياحة القديس مويسيس الأسقف الزاهد    وزارة التربية والتعليم تصدر 24 توجيهًا قبل بدء العام الدراسي الجديد.. تشديدات بشأن الحضور والضرب في المدراس    مصرع سيدة في حادث سير على الطريق الدولي بالشيخ زويد    موعد فتح باب التقديم لوظائف وزارة الإسكان 2025    بدء اختبارات كشف الهيئة لطلاب مدارس التمريض بالإسكندرية    بحضور وزير قطاع الأعمال.. تخرج دفعة جديدة ب «الدراسات العليا في الإدارة»    البنك المصري الخليجي يتصدر المتعاملين الرئيسيين بالبورصة خلال جلسة بداية الأسبوع    هاجر الشرنوبي تدعو ل أنغام: «ربنا يعفي عنها»    حدث بالفن | عزاء تيمور تيمور وفنان ينجو من الغرق وتطورات خطيرة في حالة أنغام الصحية    الأونروا: ما يحدث في قطاع غزة أكبر أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    أبرز تصريحات رئيس الوزراء خلال لقائه نظيره الفلسطيني الدكتور محمد مصطفى    إضافة المواليد على بطاقة التموين 2025.. الخطوات والشروط والأوراق المطلوبة (تفاصيل)    حضريها في المنزل بمكونات اقتصادية، الوافل حلوى لذيذة تباع بأسعار عالية    متحدث الصحة يفجر مفاجأة بشأن خطف الأطفال وسرقة الأعضاء البشرية (فيديو)    متحدث الصحة يكشف حقيقة الادعاءات بخطف الأطفال لسرقة أعضائهم    وزير الثقافة ومحافظ الإسماعيلية يفتتحان الملتقى القومي الثالث للسمسمية    طارق مجدي حكما للإسماعيلي والاتحاد وبسيوني للمصري وبيراميدز    أشرف صبحي يجتمع باللجنة الأولمبية لبحث الاستعدادات لأولمبياد لوس أنجلوس    السكة الحديد: تشغيل القطار الخامس لتيسير العودة الطوعية للأشقاء السودانيين    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهمين في واقعة مطاردة طريق الواحات    ننشر أقوال السائق في واقعة مطاردة فتيات طريق الواحات    انطلاق دورة تدريبية لمديري المدارس بالإسماعيلية    رضا عبد العال: فيريرا لا يصلح للزمالك.. وعلامة استفهام حول استبعاد شيكو بانزا    مواجهة مع شخص متعالي.. حظ برج القوس اليوم 18 أغسطس    بداية متواضعة.. ماذا قدم مصطفى محمد في مباراة نانت ضد باريس سان جيرمان؟    تنسيق الثانوية العامة 2025 المرحلة الثالثة.. كليات التربية ب أنواعها المتاحة علمي علوم ورياضة وأدبي    هل يجوز ارتداء الملابس على الموضة؟.. أمين الفتوى يوضح    قبل بدء الفصل التشريعى الثانى لمجلس الشيوخ، تعرف علي مميزات حصانة النواب    فيديو.. خالد الجندي: عدم الالتزام بقواعد المرور حرام شرعا    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزة.. أكاذيب تكشفها حقائق (1).. تضحيات مصر من أجل فلسطين
نشر في الشعب يوم 09 - 08 - 2014

عندما نطالب بتوحيد الصفوف حكومةً وشعبًا مع فلسطين، ودعم أهل غزة؛ فهذا ليس تكرما، ولا ترفا أو مِنّة، كما تصورها «الانعزالية المصرية»، التى تسيطر على القرار الرسمى, ومازالت متحكمة فى مفاتيح السياسة والاقتصاد والمال والإعلام والثقافة حتى الآن.
و"محرقة غزة"، بكل ما صاحبها من إبادة جماعية، وتدمير المساكن والمرافق والخدمات؛ بما فيها مدارس الأمم المتحدة، لم تفرق بين طفلٍ وامرأةٍ وكهلٍ ومريضٍ أو معاق.
ولا أضيف جديدا إذا ما قلت أن هذا ديدن الوحشية الصهيونية من خلال نشر أساليب إرهابية؛ لبث الذعر وإفراغ الأرض من ساكنيها.
إن المأساة التى يعيشها الفلسطينيون فى غزة هى عنوان للعجز العربى، وساحة للمتاجرات السياسية, مهما حاولت الدول التى زرعت الإرهاب الإسرائيلى تبريرًا لجرائمها، والتستر على مجازرها، فإن الغطاء لابد أن ينكشف، والتعتيم لا بد له من مدى ينتهى إليه؛ لأن المواجهة الأخيرة على أرض غزة، رغم تكرر مثيلاتها، إلا أن الجديد فيها، هو أن ميزان القوى قد مال قليلا لصالح المظلومين على وجه لم يسبق له مثيل، مما يبشر بمتغيرات أكثر ندية فى مواجهة المحتل الظالم.
وحزب الاستقلال كان فى مقدمة الصفوف التى ناضلت، ودافعت عن القضية الفلسطينية التى اعتبرتها قضية العرب والمسلمين المحورية, ودفع الثمن غاليا وكان آخرها اعتقال قياداته والزج بهم فى السجون ومنع العلاج والزيارة عنهم.
ومجدى حسين (رئيس حزب الاستقلال، ورئيس تحرير الشعب الجديد)، الذى اعتقل، ومازال خلف قضبان بسجن العقرب شديد الحراسة يرعب جلاديه؛ لأنه يحمل قلمًا جريئًا وشرسًا.
فى الحق لايهادن ولايفاوض؛ لأنه يرى أن الدفاعَ عن غزة واجبٌ وطنى على كل مصرى.
وفى السطور التالية نقدم رائعة من تجلياته عن غزة، ودفاعه عنها؛ ونشرت بالشعب يوم 12 فبراير2010بعنوان "غزة.. أكاذيب تكشفها حقائق (1).. تضحيات مصر من أجل فلسطين"؛ ليطرح خلالها أكاذيب وافتراءات إعلام مبارك، ورده الموثق عليه.

***
يعتمد نظام مبارك فى موقفه المعادى للمقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطينى على ترويج أكاذيب عديدة, مع الإصرار على تكرارها بصورة تستهدف غسيل مخ الشعب المصرى؛ تبريرًا لموقفه الموالى لإسرائيل والولايات المتحدة.
ونستهدف من هذه السلسلة الرد على هذه الأكاذيب بالوقائع والمعلومات التاريخية والحديثة، وسنركز فى كل حلقة على أكذوبة واحدة نظرا لكثرة الأكاذيب، وتشعب الموضوع.
الكذبة:
مصر قدمت كثيرا من التضحيات من أجل فلسطين، ولكنها تلقى الجحود، ولا يمكن أن يزايد أحد على موقف مصر من فلسطين، ومصر قدمت آلاف الشهداء لفلسطين.
الحقيقة:
مصر ليست ملكا للنظام الحالى، ومن باب أولى، فإن تاريخها ليس ملكا لحكام اليوم.
كذلك، فإن العمل الشعبى المصرى لدعم غزة وفلسطين لا يُحسب للنظام. والناس داخل مصر وخارج مصر يعارضون سياسات الحكم الحالى تجاه غزة، ولا يعارضون مصر أو الشعب المصرى.
فما علاقة نظام مبارك بقرار الملك فاروق عام 1948 بدخول حرب فلسطين، وسماحه بتدريب وسفر المتطوعين لفلسطين؟، وما علاقة نظام مبارك بالمتطوعين من الإخوان المسلمين؟، ومصر"الفتاة" الذين حاربوا فى فلسطين عام 1948.
أما باقى الحروب التى وقعت بين مصر وإسرائيل قبل عهد مبارك فى أعوام 1956، 1967، وحرب الاستنزاف، حرب أكتوبر 1973، فقد كانت جميعها حروبًا بين مصر وإسرائيل جرت على الأرض المصرية، وليست لتحرير فلسطين، ولم يَكُن الفلسطينيون طرفا فيها.
حرب 1956: حدثت بشكل مباشر بسبب تأميم قناة السويس، وقامت خلالها إسرائيل باحتلال سيناء ضمن العدوان الثلاثى, وانسحبت إسرائيل من سيناء بضغوط أمريكية روسية, ولكنها كسبت فتح مضيق "تيران" أمام الملاحة الإسرائيلية وأنعشت ميناء العقبة.
حرب 1967: حدثت بسبب حشد القوات المصرية فى سيناء تضامنا مع سوريا, التى كانت تتعرض لتهديدات إسرائيلية، وقام عبد الناصر بطرد قوات الأمم المتحدة من سيناء، وأغلق مضيق "تيران" أمام السفن الإسرائيلية، وقد تسبب الخطأ فى حسابات عبد الناصر, وسوء الإدارة العسكرية للحرب, إلى قيام إسرائيل باحتلال سيناء والجولان السورية والضفة الغربية وغزة, ولم تكن هناك مقاومة فلسطينية مسلحة, فقد كانت منظمة فتح قد تأسست عام 1965 وما تزال منظمة وليدة.
وقد تسببت الهزيمة العسكرية المصرية فى احتلال ما تبقى من فلسطين (غزة – الضفة).
حرب الاستنزاف: والتى اشتدت أساسا فى عام 1969، كانت على الأرض المصرية بين قواتنا على الضفة الغربية لقناة السويس، وقوات إسرائيل على الضفة الأخرى, وأخذت شكل القصف المدفعى والعمليات الفدائية خلف خطوط العدوان فى سيناء.
أى كانت حربا مصرية صميمة على الأرض المصرية، كما كانت وقائع حرب 1967 على أرض سيناء وفى العمق المصرى، وإن كانت قد حُسِمَت فى الساحات الست الأولى.
حرب 1973: كانت حربا مصرية صميمة للعبور إلى سيناء واحتلال خط "بارليف"، بالتوازى مع هجوم سورى؛ لتحرير الجولان.
ولم تكن حربا لتحرير فلسطين، بل ولا حتى نجحت فى تحرير سيناء كلها.
وفى عهد مبارك بطبيعة الحال لم يحدث أى اشتباك, ولم تندلع حرب بين مصر وإسرائيل من أجل فلسطين، بل قمنا بالالتزام بكامب ديفيد، ومعاهدة السلام مع إسرائيل؛ والتى تضمنت نزع سلاح معظم سيناء، وإمداد إسرائيل بالبترول المصرى، وبداية التطبيع مع إسرائيل فى مجال السياحة والزراعة.
إذن فيما عدا حرب 1948 الفاشلة، كانت حروبنا مع إسرائيل من أجل مصر, وكل الشهداء والجرحى والأسرى المفقودين فى هذه الحرب، هى تضحيات من أجل مصر، وليس فى ذلك أى عيب, ولكن يجب أن نقول الحقيقة، ولا نقول: "إن آلاف الشهداء والجرحى والأسرى كانوا من أجل فلسطين".
بل لقد تخلينا عن غزة فى اتفاقية السلام, رغم أنها كانت وديعة لدى مصر، أى تحت الإدارة المصرية بين عامى 1948 - 1967، وهذا التخلى موقف غير أخلاقى، وغير وطنى، وغير عربى، وغير إسلامى؛ وأدى إلى معاناة غزة حتى اليوم 2010.
ويردد الإعلام المصرى كثيرا أن مصر فى عهد السادات دعت الفلسطينيين للتفاوض مع إسرائيل فى "مينا هاوس", ورفض الفلسطينيون، وأضاعوا فرصة تاريخية.
فى حين أن إسرائيل لم تقدم سوى الحكم الذاتى الخاضع للسيطرة العسكرية الإسرائيلية, ثم ماذا حدث بعد أن وافق "عرفات" على التفاوض من خلال "أوسلو" وما بعده, هل تحررت الأراضى الفلسطينية المحتلة عام 1967؟ أم تم اغتيال عرفات بأيدِ عميلة لإسرائيل؟
وعندما كان عرفات يعيش فى حضن نظام مبارك، ألم تقم إسرائيل باجتياح وتدمير غزة والضفة عام 2000؟ ماذا فعل نظام مبارك خلال هذه الكارثة؟ ولا شىء إلا بعض الكلام الإعلامىّ.
وفى ذلك الوقت طالب الأستاذ/ محمد حسنين هيكل بوقف السياحة الإسرائيلية على الأقل.
ولكن نظام مبارك لم يتخذ أى خطوة عملية احتجاجية واحدة.
ما التضحيات التى قدمها النظام المصرى للقضية الفلسطينية فى عهد مبارك؟، بعض التصريحات الدبلوماسية خاصة خلال وجود "عمرو موسى" بالخارجية، وبعض المواد الإعلامية التى لا تقدم ولا تأخر، والتضحيات تكون بالنفس والدم والمال، فأين هذه التضحيات؟!
أما السياسات العملية، فهى كلها لصالح إسرائيل, وكل ما هو لصالح إسرائيل يكون على حساب القضية الفلسطينية، فرفع مستوى التطبيع مع الصهاينة فى السنوات الأخيرة، هو مكافأة صريحة للكيان الصهيونى على استمرار احتلال القدس، والاستعداد لهدم الأقصى واستمرار احتلال الضفة والجولان وحصار غزة, وكأن نظام مبارك نفسه يقول: "لا تطبيع شامل مع إسرائيل بدون قيام دولة فلسطينية"، ولكن النظام انحدر تحت الضغط الأمريكى، وربما بسبب موضوع التوريث، وفتح التطبيع على مصراعيه مع الصهاينة فى مسألة الغاز الطبيعى والكويز.
والعلاقات السياسية أصبحت خاصة جدا حين التقى مبارك خلال عام 2009 وحده بشيمون بيريز 3 مرات ونتنياهو 3 مرات، وقال سفير إسرائيل فى مصر: "إن العلاقات الأمنية بين البلدين وصلت إلى مستوى غير مسبوق", وعندما اعتدت إسرائيل على غزة حمّل نظام مبارك حماس المسئولية عن العدوان بسبب الصواريخ، وأعطى مظلة إعلامية للعدوان، خاصة فى الأسبوع الأول, ولكن بعد الصمود الأسطورى لغزة تغيرت اللهجة الإعلامية, ولكن لم تتغير سياسة إغلاق معبر رفح، بل كان التهرب من موضوع معبر رفح، هو أساس هروب النظام المصرى من قمة الدوحة, وأحيانا يقصدون بالتضحيات، تلك المعونات التى تدخل بين حين وآخر لغزة عبر معبر رفح, والمقتصرة على المعدات والعقارات الطبية، ومعظم هذه التبرعات من جهات شعبية مصرية أو عربية أو إسلامية أو عالمية، وإذا كان الهلال الأحمر المصرى يرسل أحيانا بعض المعونات، فهى أقل من إمدادات إسرائيل (التجارية) للقطاع, ومن العيب أن نسمى هذه المعونات البسيطة تضحيات.
وحتى مع افتراض أن مصر الحكومة أو الشعب تقدم شيئا للشعب الفلسطينى فلا يجوز أخلاقيا، ولا من ناحية الفروق واللياقة، أن نردد أننا أصحاب فضل، فهذا هو المن والأذى، وهذا يقلل من الكبير ويجعله صغيرا.
والإعلام والتصريحات الرسمية تقع فى هذا الخطأ المشين؛ لأن على رأسهم بطحة، فيكاد المريب يقول خذونى، فيجعل من الحبة قبة.
وأنت إذا سمعت أحدهم يبدأ حديثه بتضحيات مصر من أجل فلسطين، فاعلم أنه سينهى كلامه بالهجوم على غزة وحماس والمقاومة.
وهل من ضمن تضحيات مصر لفلسطين، منع الغاز الطبيعى عنها، والبنزين، والمواد الغذائية، ومواد البناء، وعدم إدخال أى بضائع لغزة إلا بإذن من إسرائيل.
وهل من ضمن تضحيات مصر (أعنى النظام) لفلسطين محاكمة من يحاولون إمدادَ غزة بالسلاح باعتباره عملا إرهابيا، وأن تطلب لهم النيابة الإعدام؟!
وهل من ضمن تضحيات النظام المصرى لفلسطين أن السجون المصرية لا تخلُ من العشرات من حماس، والجهاد، وباقى منظمات المقاومة، رغم أنهم غير متهمين بشئ ضد مصر.
إذن صحيفة عهد مبارك تجاه فلسطين سوداء، فلا داعى للحديث عن تضحيات مصر، ولا يجوز ل"القرعة" أن تتباهى بشعر أختها!، فأى شئ قدمته مصر لفلسطين فى عهد فاروق أو عبد الناصر؛ لا ينسحب على هذا العهد، وليس له أى فضل فيه.
مثلا يحسب لعهد عبد الناصر أنه أيد تنظيم مقاومة فلسطينية فى غزة ضد إسرائيل، وهو ما عرَّض مصر لضربة انتقامية إسرائيلية فى عام 1956، وهو ما دفع عبد الناصر للحصول على سلاح من تشيكوسلوفاكيا.
ولكن ما علاقة مبارك وأبو الغيط ومن معهما بذلك التاريخ المشرف؟.
وما علاقة واقعة حدثت منذ أكثر من نصف قرن بالسور الفولاذى عام 2010 لخنق غزة؟!، نحن وغيرنا نقيم نظام مصر فى زمن محدد، ولا علاقة لذلك بمصر العظيمة, وبكل ما هو مشرف فى تاريخها.
وإذا حكمنا لصوص فى زمن ما، فما علاقة ذلك بأن مصر حكمها شرفاء من قبل؟! اتركوا مصر لحالها ودافعوا عن سياستكم الممالئة لإسرائيل وأمريكا, واتركوا تاريخ مصر فى حاله؛ لأنكم لا تعرفون عنه شيئا.
والطريف أن أبى الغيط أراد أن يعطى انطباعا أنه مثقف ويعرف تاريخ مصر، فقال: "مصر عين جالوت (أى أنها تهتم بالعرب)، وقد اختار عين جالوت؛ لأنها كانت ضد التتار، ولم يقل حطين؛ لأنها تتعلق بتحرير القدس!! هل يعلم أن قائد النصر فى عين جالوت كان من وسط آسيا، وأن صلاح الدين كان كرديًّا؟!
إنهما معانى لا تدركها عقليات الحكم الحالى المشغول بإثارة النعرة المصرية ضد فلسطين، وضد العرب والمسلمين عموما.
وإذا جاز أن مصر قدمت شيئا لفلسطين فى هذا الزمن أو فى زمن سابق، فهذا من صميم المصلحة المصرية، وليس تعاطفا اختياريا على الفلسطينيين، فمصلحة مصر وأمنها القومى الشامل بالمعنى الاقتصادى والسياسى والعسكرى مرتبط بمحيطها العربى، ويبدأ ذلك بدول الجوار: فلسطين - السودان - ليبيا - السعودية (الذى رفض مبارك إقامة جسر برى إليها بناء على طلب إسرائيلى) – الأردن.
وعبر التاريخ كانت فلسطين جزءًا لا يتجزأ من الدولة المصرية فى كل فترات قوتها، منذ عهد الفراعنة حتى عهد عبد الناصر، خاصة جنوب فلسطين، خاصة غزة! ومن الناحية الإسلامية التى يسقطها النظام من تفكيره، فإن مسئوليتنا عن تحرير القدس والمسجد الأقصى لا تقل عن الفلسطينيين، فالقدس وفلسطين كلها أرض إسلامية محتلة، ومن واجبنا أن نضع إمكانياتنا من أجل تحريرها، وهذا لا يكون بهذه الصداقة الحارة مع الكيان الصهيونى.
وبالتالى، فإن كثرة الحديث عن فلسطين والفلسطينيين بالذم والقدح، أو بالحديث عن النزاع الفلسطينى - الإسرائيلى، ودور حكومة مصر كوسيط!! هو أمر يعاكس ويناقض كل فتاوى ومقررات الأزهر منذ عام 1948، وحتى عهد عبد الحليم محمود, والتى تعتبر بإجماع العلماء أن فلسطين بلد إسلامى محتل, ويتعين العمل على تحريرها، لا الارتماء فى أحضان الصهاينة، والقتال لمنع تهريب قطعة سلاح واحدة لغزة!
إن الكيان الصهيونى، هو المنافس الأول، لمصر فى مجال زعامة المنطقة، فمصر هى المؤهلة بحكم وضعها التاريخى والجغرافى والحضارى لجمع العرب والمسلمين؛ لحصار الكيان الصهيونى، ودعم المقاومة الفلسطينية؛ ولكن نظام مبارك سلم الرايات للكيان الصهيونى والولايات المتحدة، وانسحب من الميدان، لذلك لابد أن "يلسن" على فلسطين والفلسطينيين وحماس والمقاومة الفلسطينية، وحزب الله، وإيران، وسوريا؛ ليبرر هذا الموقف المشين الذى لابد أن يسقط قريبا؛ لأنه يتعارض مع أبسط وقائع التاريخ والجغرافيا والعقيدة.
مرة أخرى أن كثرة الحديث عن تضحيات مصر (النظام) من أجل القضية الفلسطينية، هو من قبيل (يكاد المريب يقول خذونى)!
وسيتضح ذلك أكثر فى الحلقة الخاصة بمعبر رفح.
وإلى اللقاء مع الأكذوبة الثانية.
مجدى أحمد حسين
ملحق:
الشيخ يوسف القرضاوى: تحرير الأرض المحتلة واجب الدول المجاورة.
جهاد الدفع، هو الجهاد الذى تدفع به الأمة عدوًّا غزاها فى أرضها, فهى تقاومه حتى لا يدخل أو يتوغل, وإذا دخل، فهى تطارده حتى يجلو عن أرضها ويرحل.
فهذا النوع من الجهاد، هو جهاد المقاومة والتحرير لأرض الإسلام من الغزاة، وقد أجمع الفقهاء على أنه فرض عين على كل بلد تعرض للغزو والاحتلال, بحيث يجب على أهله جميعا أن ينفروا إلى مقاومته, وعلى سائر المسلمين معاونة هؤلاء المعتدى عليهم بكل ما يحتاجون إليه من مال وسلاح ورجال وعتاد, فالمسلمون أمة واحدة، يسعى بذمتهم أدناهم، وهم يدٌ على من سواهم.
وإذا عجز أهلُ البلدِ عن مقاومة الغزاة (حالة فلسطين)، انتقل واجب الجهاد والمقاومة على من يليهم من جيرانهم المسلمين، والأقرب فالأقرب، ثم على من يليهم، حتى يشمل المسلمين كافة. (مصر أهم جارٍ لفلسطين).
من كتاب خطابنا الإسلامى فى عصر العولمة - د. يوسف القرضاوى - ص 172
نداء: الرجاء من نشطاء الإنترنت ترويج هذه السلسلة على أوسع نطاق ممكن, ردا على أكاذيب الإعلام المصرى الرسمى، والتصريحات الرسمية لنظام مبارك حول حصار غزة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.