"إعلام القاهرة" تناقش الجوانب القانونية لريادة الأعمال في القطاع الإعلامي    الثانية في أقل من 10 ساعات، إصابة إسرائيليين اثنين بعملية طعن في قضاء رام الله    لإشعال الثورة البوليفارية، مادورو يعلن عن قيادة جديدة للحزب الاشتراكي في فنزويلا    هونج كونج تنشئ لجنة تحقيق مستقلة لتحديد سبب حريق المجمع السكني    حدث تاريخي في كأس العرب 2025، أول إيقاف لمدة دقيقتين في كرة القدم (فيديو)    أمطار غزيرة تضرب الإسكندرية والمحافظة ترفع حالة الطوارئ (صور)    طقس اليوم: معتدل نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 23    طقس اليوم الثلاثاء.. تحذير من فرص أمطار متوسطة    محافظ البحر الأحمر ووزيرا الثقافة والعمل يفتتحون قصر ثقافة الغردقة وتشغيله للسائحين لأول مرة    البديل الألماني يطرد عضوا من كتلة محلية بعد إلقائه خطابا بأسلوب يشبه أسلوب هتلر    تراجع أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 2 ديسمبر في بداية تعاملات البورصة العالمية    الحكم بحبس المخرج الإيراني جعفر بناهي لمدة عام    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    ما حكم الصلاة في البيوت حال المطر؟ .. الإفتاء تجيب    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم الثلاثاء 2 ديسمبر    أصل الحكاية | «تابوت عاشيت» تحفة جنائزية من الدولة الوسطى تكشف ملامح الفن الملكي المبكر    قطاع المعالجات التجارية يعقد جلسة مشاورات مع مكتب الأمانة الفنية لمجلس التعاون الخليجى بشأن تحقيق التدابير الوقائية على واردات البيليت    ترامب وماكرون يبحثان هاتفيا الوضع في أوكرانيا    مصر تلاحق أمريكا فى سباق الوجهات المفضلة للألمان    المخرج أحمد فؤاد: افتتاحية مسرحية أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي.. والغناء كله كان لايف    أصل الحكاية | أوزير وعقيدة التجدد.. رمز الخصوبة في الفن الجنائزي المصري    تقرير توغلات جديدة للجيش الاحتلال الإسرائيلي في ريف القنيطرة السوري    معرض إيديكس 2025.. عرض قواذف وصواريخ تستخدم مع الطائرات المسيرة..والمدرعتين فهد وقادر 2 المجهزتين بمنصات إطلاق..ومنظومة اشتباك وتحكم عن بعد للمواقع الثابتة وأخرى للاستطلاع وإدارة النيران تعمل مع المدفعية..فيديو    سر جوف الليل... لماذا يكون الدعاء فيه مستجاب؟    خمسة لطفلك | ملابس الشتاء.. حماية أم خطر خفي يهدد أطفالنا؟    تعيين رئيس لجنة اللقاحات في منصب جديد بوزارة الصحة الأمريكية    ثقّف نفسك | أهمية مشاركتك في الانتخابات البرلمانية من الجانب المجتمعي والوطني والشرعي    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الثلاثاء 2 ديسمبر    الالتزام البيئي باتحاد الصناعات المصرية: نقدم مساعدات فنية وتمويلية للمصانع المصرية ونسعى لنشر الاستدامة البيئية    جيش الاحتلال يغلق مداخل الخليل الشمالية    وزير الزراعة: صادرات مصر من الفراولة مرتفعة هذا العام.. والأسعار ستتحرك بالزيادة خلال أيام    شيري عادل تكشف كواليس تعاونها مع أحمد الفيشاوي في فيلم حين يكتب الحب    عاجل- شعبة المخابز تؤكد ثبات سعر رغيف الخبز المدعم عند 20 قرشًا وتحذر من أي زيادات مخالفة    لغز مقتل قاضي الرمل: هل انتحر حقاً المستشار سمير بدر أم أُسدل الستار على ضغوط خفية؟    رئيس قضايا الدولة يؤكد تعزيز العمل القانوني والقضائي العربي المشترك | صور    مصرع طفلين في حريق شقة بطنطا بعد اختناقهم بالدخان    حرب الوعي.. كيف يواجه المجتمع فوضى الشائعات الصحية على السوشيال ميديا؟    كيف تكشف المحتوى الصحي المضلل علي منصات السوشيال ميديا؟    بالأدلة العلمية.. الزجاجات البلاستيك لا تسبب السرطان والصحة تؤكد سلامة المياه المعبأة    سيد منير حكما لمباراة كهرباء الإسماعيلية وبيراميدز المؤجلة بالدورى    "العوضي": تلاميذ مدرسة الإسكندرية الدولية المعتدى عليهم أكثر من 4 أطفال    تقرير الطب الشرعي يفجر مفاجآت: تورط 7 متهمين في تحرش بأطفال مدرسة سيدز    استشهاد فرد شرطة ومصرع 4 عناصر جنائية في مداهمة بؤر لتجارة المخدرات بالجيزة وقنا    أتوبيس يسير عكس الاتجاه يتسبب في مأساة.. إصابة 12 في تصادم مروع بطريق بنها– المنصورة    هاني زهران: المحكمة الفيدرالية "مقبرة" ونسبة قبول طعن رمضان صبحي لا تتخطى 7%    أول ظهور لأرملة الراحل إسماعيل الليثى بعد تحطم سيارتها على تليفزيون اليوم السابع    لاعب الإسماعيلي السابق يطالب بإقالة ميلود حمدي    ترامب يحضر قرعة كأس العالم 2026    شاهد، مكالمة الشرع ل بعثة منتخب سوريا بعد الفوز على تونس بكأس العرب    مدرب منتخب الناشئين: مندوب برشلونة فاوض حمزة عبد الكريم.. واكتشفنا 9 لاعبين تم تسنينهم    جيمي فاردي يسقط بولونيا على ملعبه في الدوري الإيطالي    بيان جديد من المدرسة الدولية صاحبة واقعة اتهام عامل بالتعدي على تلاميذ KG1    كل ما تريد معرفته عن قرعة كأس العالم 2026 بمشاركة 48 منتخبا    أقوى 5 أعشاب طبيعية لرفع المناعة عند الأطفال    موعد صلاة العشاء.... مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 1ديسمبر 2025 فى المنيا    انطلاق المؤتمر التحضيري للمسابقة العالمية للقرآن الكريم بحضور وزير الأوقاف    من الأكاديمية العسكرية إلى ميدوزا وإيديكس.. مصر ترفع جاهزية الإنسان والسلاح معًا    عاجل- قطر تفتتح مشوار كأس العرب 2025 بمواجهة فلسطين على ملعب "البيت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجدي حسين يكتب : إعلام مبارك لم يسقط ويواصل الفتنة مع فلسطين والعرب والمسلمين
نشر في الشعب يوم 19 - 03 - 2013

الأجهزة الأمنية تعلم أن الذي قتل الجنود المصريين هم عملاء إسرائيل
كثرة ترديد الأكاذيب التي بدأت منذ ثلاثين عاماً لا تزال مستمرة بعد الثورة
الإعلام عمل على تصوير غزة والفلسطينيين بأنهم مصدر خطر على الأمن القومي لا إسرائيل ولا أمريكا
الإخوان تركوا إعلام مبارك يستمر في الخط نفسه والمسئولية تقع عليهم
كتبت هذه السلسلة من المقالات وأنا فى غيابات الجب (سجن المرج) فى عنبر انفرادى بتهمة زيارة غزة، وقد نشرت فى حينها فى موقع حزب العمل، وكنت أتصور بعد الثورة أنها أصبحت فى ذمة التاريخ، وتصلح فى مجال توثيق المواقف والوقائع التاريخية. ولكن لأن الثورة لم تحقق انتصارا ناجزا، ونظرا لتعاون الإخوان مع جزء من النظام البائد (المجلس العسكرى) عانت البلاد ولا تزال من كل هذه الأوجاع والاضطرابات، فنحن لم نصفّى التركة فى أمور كثيرة وأساسية، ونريد أن ننطلق بعد العملية الجراحية (إسقاط المخلوع) إلى الأمام دون أن نطهر الجرح، ولذلك يتجمع الصديد كل فترة ويقعدنا ويعرضنا لمخاطر البتر وحتى لخطر الموت والعياذ بالله. وعلى رأس ذلك قضية تبعيتنا للولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل، واستمرار تصوير أن غزة والفلسطينيين هم أعداء مصر والخطر الأول والرئيسى على الأمن القومى المصرى لا إسرائيل أو أمريكا. وفى موضوع غزة لا نتهم مرسى أو الإخوان بطبيعة الحال، ولكننا نتهمهم بترك إعلام مبارك يستمر فى الخط نفسه، وأجهزة الأمن تستمر فى الخط نفسه، والمسئولية تعود من جديد على الإخوان، فهذه أمور عقدية لا تحتمل التسويف. فإما أن نكون مصريين ونعرف مصلحة مصر وأهمية استقلالها أو نكون مفرطين فى ذلك. إما أن نكون مسلمين (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) أو نكون موالين للصديقة إسرائيل. أما أن نكون عربا كما ينص الدستور أو نعلن انتماءنا لقومية أخرى!
إن استمرار نشر الأكاذيب عن غزة وحماس من أنها هى التى قتلت الجنود المصريين فى رفح بينما تعلم الأجهزة الأمنية جيدا أن من قتلهم هم عملاء إسرائيليون، بل هذا هو التفسير الوحيد لهذه الجريمة البشعة.. إن العودة مرة أخرى لتسعير العداء ضد غزة وفلسطين والفلسطينيين يجعلنى أعيد نشر هذه السلسلة من الحقائق، وهى موجهة أساسا لشباب مصر الذين لم يعاصروا بداية وجذور هذه المشكلة الفلسطينية، وهى موجهة للجميع للتذكرة، ولصد حملة الأكاذيب التى بدأت منذ أكثر من ثلاثين عاما وما تزال مستمرة بعد الثورة، لأن كثرة ترديد الأكاذيب يساعد على تحويلها إلى "حقائق" مزعومة.
التاريخ:12/02/2010
الكاتب:
يعتمد نظام مبارك فى موقفه المعادى للمقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطينى على ترويج أكاذيب عديدة، مع الإصرار على تكرارها بصورة تستهدف غسيل مخ الشعب المصرى، تبريرا لموقفه الموالى لإسرائيل والولايات المتحدة. ونستهدف من هذه السلسلة الرد على هذه الأكاذيب بالوقائع والمعلومات التاريخية والحديثة، وسنركز فى كل حلقة على أكذوبة واحدة نظرا لكثرة الأكاذيب وتشعب الموضوع.
الكذبة:
مصر قدمت كثيرا من التضحيات من أجل فلسطين ولكنها تلقى الجحود، ولا يمكن أن يزايد أحد على موقف مصر من فلسطين ومصر قدمت آلاف الشهداء لفلسطين.
الحقيقة:
مصر ليست ملكا للنظام الحالى، ومن باب أولى فإن تاريخها ليس ملكا لحكام اليوم. كذلك فإن العمل الشعبى المصرى لدعم غزة وفلسطين لا يُحسب للنظام. والناس داخل مصر وخارج مصر يعارضون سياسات الحكم الحالى تجاه غزة ولا يعارضون مصر أو الشعب المصرى. فما علاقة نظام مبارك بقرار الملك فاروق عام 1948 بدخول حرب فلسطين، وسماحه بتدريب وسفر المتطوعين لفلسطين، وما علاقة نظام مبارك بالمتطوعين من الإخوان المسلمين ومصر الفتاة الذين حاربوا فى فلسطين عام 1948.
أما باقى الحروب التى وقعت بين مصر وإسرائيل قبل عهد مبارك فى أعوام 1956،1967، وحرب الاستنزاف، حرب أكتوبر 1973، فقد كانت جميعا حروب بين مصر وإسرائيل جرت على الأرض المصرية، وليست لتحرير فلسطين، ولم يُكن الفلسطينيون طرفا فيها.
حرب 1956: حدثت بشكل مباشر بسبب تأميم قناة السويس، وقامت خلالها إسرائيل باحتلال سيناء ضمن العدوان الثلاثى، وانسحبت إسرائيل من سيناء بضغوط أمريكية روسية، ولكنها كسبت فتح مضيق تيران أمام الملاحة الإسرائيلية وأنعشت ميناء العقبة.
حرب 1967: حدثت بسبب حشد القوات المصرية فى سيناء تضامنا مع سوريا، التى كانت تتعرض لتهديدات إسرائيلية، وقام عبد الناصر بطرد قوات الأمم المتحدة من سيناء، وأغلق مضيق تيران أمام السفن الإسرائيلية، وقد تسبب الخطأ فى حسابات عبد الناصر، وسوء الإدارة العسكرية للحرب، إلى قيام إسرائيل باحتلال سيناء والجولان السورية والضفة الغربية وغزة، ولم تكن هناك مقاومة فلسطينية مسلحة، فقد كانت منظمة فتح قد تأسست عام 1965 وما تزال منظمة وليدة. وقد تسببت الهزيمة العسكرية المصرية فى احتلال ما تبقى من فلسطين (غزة - الضفة).
حرب الاستنزاف: والتى اشتدت أساسا فى عام 1969، كانت على الأرض المصرية بين قواتنا على الضفة الغربية لقناة السويس وقوات إسرائيل على الضفة الأخرى، وأخذت شكل القصف المدفعى والعمليات الفدائية خلف خطوط العدوان فى سيناء. أى كانت حربا مصرية صميمة على الأرض المصرية، كما كانت وقائع حرب 1967 على أرض سيناء وفى العمق المصرى، وإن كانت قد حسمت فى الساحات الست الأولى.
حرب 1973: كانت حربا مصرية صميمة للعبور إلى سيناء واحتلال خط بارليف، بالتوازى مع هجوم سورى لتحرير الجولان. ولم تكن حربا لتحرير فلسطين، بل ولا حتى نجحت فى تحرير سيناء كلها.
وفى عهد مبارك بطبيعة الحال لم يحدث أى اشتباك، ولم تندلع حرب بين مصر وإسرائيل من أجل فلسطين، بل قمنا بالالتزام بكامب ديفيد ومعاهدة السلام مع إسرائيل، والتى تضمنت نزع سلاح معظم سيناء، وإمداد إسرائيل بالبترول المصرى، وبداية التطبيع مع إسرائيل فى مجال السياحة والزراعة. إذن فيما عدا حرب 1948 الفاشلة، كانت حروبنا مع إسرائيل من أجل مصر، وكل الشهداء والجرحى والأسرى المفقودين فى هذه الحرب هى تضحيات من أجل مصر، وليس فى ذلك أى عيب، ولكن يجب أن نقول الحقيقة، ولا نقول إن آلاف الشهداء والجرحى والأسرى كانوا من أجل فلسطين. بل لقد تخلينا عن غزة فى اتفاقية السلام، رغم أنها كانت وديعة لدى مصر، أى تحت الإدارة المصرية بين عامى 1948 - 1967، وهذا التخلى موقف غير أخلاقى وغير وطنى وغير عربى وغير إسلامى، وأدى إلى معاناة غزة حتى اليوم 2010.
ويردد الإعلام المصرى كثيرا أن مصر فى عهد السادات دعت الفلسطينيين للتفاوض مع إسرائيل فى (مينا هاوس)، ورفض الفلسطينيون وأضاعوا فرصة تاريخية. فى حين أن إسرائيل لم تقدم سوى الحكم الذاتى الخاضع للسيطرة العسكرية الإسرائيلية، ثم ماذا حدث بعد أن وافق عرفات على التفاوض من خلال أوسلو وما بعده، هل تحررت الأراضى الفلسطينية المحتلة عام 1967؟ أم تم اغتيال عرفات بأيدٍ عميلة لإسرائيل؟!
وعندما كان عرفات يعيش فى حضن نظام مبارك ألم تقم إسرائيل باجتياح وتدمير غزة والضفة عام 2000؟ ماذا فعل نظام مبارك خلال هذه الكارثة؟ ولا شىء إلا بعض الكلام الإعلامى. وفى ذلك الوقت طالب الأستاذ محمد حسنين هيكل بوقف السياحة الإسرائيلية على الأقل. ولكن نظام مبارك لم يتخذ أى خطوة عملية احتجاجية واحدة.
ما هى التضحيات التى قدمها النظام المصرى للقضية الفلسطينية فى عهد مبارك، بعض التصريحات الدبلوماسية خاصة خلال وجود عمرو موسى بالخارجية، وبعض المواد الإعلامية التى لا تقدم ولا تأخر، والتضحيات تكون بالنفس والدم والمال فأين هذه التضحيات؟!
أما السياسات العملية فهى كلها لصالح إسرائيل، وكل ما هو لصالح إسرائيل يكون على حساب القضية الفلسطينية، فرفع مستوى التطبيع مع الصهاينة فى السنوات الأخيرة هو مكافأة صريحة للكيان الصهيونى على استمرار احتلال القدس والاستعداد لهدم الأقصى واستمرار احتلال الضفة والجولان وحصار غزة، وكأن نظام مبارك نفسه يقول: لا تطبيع شامل مع إسرائيل دون قيام دولة فلسطينية، ولكن النظام انحدر تحت الضغط الأمريكى وربما بسبب موضوع التوريث، وفتح التطبيع على مصراعيه مع الصهاينة فى مسألة الغاز الطبيعى والكويز. والعلاقات السياسية أصبحت خاصة جدا حين التقى مبارك خلال عام 2009 وحده بشيمون بيريز 3 مرات ونتنياهو 3 مرات، وقال سفير إسرائيل فى مصر إن العلاقات الأمنية بين البلدين وصلت إلى مستوى غير مسبوق، وعندما اعتدت إسرائيل على غزة حمّل نظام مبارك حماس المسئولية عن العدوان بسبب الصواريخ، وأعطى مظلة إعلامية للعدوان، خاصة فى الأسبوع الأول، ولكن بعد الصمود الأسطورى لغزة تغيرت اللهجة الإعلامية، ولكن لم تتغير سياسة إغلاق معبر رفح، بل كان التهرب من موضوع معبر رفح هو أساس هروب النظام المصرى من قمة الدوحة، وأحيانا يقصدون بالتضحيات تلك المعونات التى تدخل بين حين وآخر لغزة عبر معبر رفح، والمقتصرة على المعدات والعقارات الطبية، ومعظم هذه التبرعات من جهات شعبية مصرية أو عربية أو إسلامية أو عالمية، وإذا كان الهلال الأحمر المصرى يرسل أحيانا بعض المعونات فهى أقل من إمدادات إسرائيل (التجارية) للقطاع، ومن العيب أن نسمى هذه المعونات البسيطة تضحيات!
وحتى مع افتراض أن مصر الحكومة أو الشعب تقدم شيئا للشعب الفلسطينى فلا يجوز أخلاقيا، ولا من ناحية الفروق واللياقة، أن نردد أننا أصحاب فضل، فهذا هو المنّ والأذى، وهذا يقلل من الكبير ويجعله صغيرا. والإعلام والتصريحات الرسمية تقع فى هذا الخطأ المشين لأن على رأسهم بطحة، فيكاد المريب يقول خذونى، فيجعل من الحبة قبة. وأنت إذا سمعت أحدهم يبدأ حديثه بتضحيات مصر من أجل فلسطين فاعلم أنه سينهى كلامه بالهجوم على غزة وحماس والمقاومة!!
وهل من ضمن تضحيات مصر لفلسطين، منع الغاز الطبيعى عنها والبنزين والمواد الغذائية ومواد البناء. وعدم إدخال أى بضائع لغزة إلا بإذن من إسرائيل.
وهل من ضمن تضحيات مصر (أعنى النظام) لفلسطين محاكمة من يحاولون إمداد غزة بالسلاح باعتباره عملا إرهابيا، وأن تطلب لهم النيابة الإعدام؟!
وهل من ضمن تضحيات النظام المصرى لفلسطين أن السجون المصرية لا تخلو من عشرات من حماس والجهاد وباقى منظمات المقاومة رغم أنهم غير متهمين بشىء ضد مصر!
إذن صحيفة عهد مبارك تجاه فلسطين سوداء، فلا داعى للحديث عن تضحيات مصر، ولا يجوز للقرعة أن تتباهى بشعر أختها، فأى شىء قدمته مصر لفلسطين فى عهد فاروق أو عبد الناصر لا ينسحب على هذا العهد، وليس له أى فضل فيه.
مثلا يحسب لعهد عبد الناصر أنه أيّد تنظيم مقاومة فلسطينية فى غزة ضد إسرائيل، وهو ما عرض مصر لضربة انتقامية إسرائيلية فى عام 1956، وهو ما دفع عبد الناصر للحصول على سلاح من تشيكوسلوفاكيا. ولكن ما علاقة مبارك وأبو الغيط ومن معهما بذلك التاريخ المشرف. وما علاقة واقعة حدثت منذ أكثر من نصف قرن بالسور الفولاذى عام 2010 لخنق غزة؟! نحن وغيرنا نقيّم نظام مصر فى زمن محدد، ولا علاقة لذلك بمصر العظيمة، وبكل ما هو مشرف فى تاريخها. وإذا حكمنا لصوص فى زمن ما فما علاقة ذلك بأن مصر حكمها شرفاء من قبل؟! اتركوا مصر لحالها ودافعوا عن سياستكم الممالئة لإسرائيل وأمريكا، واتركوا تاريخ مصر فى حاله لأنكم لا تعرفون عنه شيئا.
والطريف أن أبى الغيط أراد أن يعطى انطباعا أنه مثقف ويعرف تاريخ مصر، فقال: مصر عين جالوت (أى أنها تهتم بالعرب)، وقد اختار عين جالوت لأنها كانت ضد التتار، ولم يقل حطين لأنها تتعلق بتحرير القدس!! هل يعلم أن قائد النصر فى عين جالوت كان من وسط أسيا، وأن صلاح الدين كان كرديا؟!
إنها معانٍ لا تدركها عقليات الحكم الحالى المشغول بإثارة النعرة المصرية ضد فلسطين وضد العرب والمسلمين عموما.
وإذا جاز أن مصر قدمت شيئا لفلسطين فى هذا الزمن أو فى زمن سابق، فهذا من صميم المصلحة المصرية، وليس تعطفا اختياريا على الفلسطينيين، فمصلحة مصر وأمنها القومى الشامل بالمعنى الاقتصادى والسياسى والعسكرى مرتبط بمحيطها العربى، ويبدأ ذلك بدول الجوار: فلسطين - السودان - ليبيا - السعودية (الذى رفض مبارك إقامة جسر برى إليها بناء على طلب إسرائيلى) - الأردن.
وعبر التاريخ كانت فلسطين جزءا لا يتجزأ من الدولة المصرية فى كل فترات قوتها، منذ عهد الفراعنة حتى عهد عبد الناصر، خاصة جنوب فلسطين، خاصة غزة! ومن الناحية الإسلامية التى يسقطها النظام من تفكيره، فإن مسئوليتنا عن تحرير القدس والمسجد الأقصى لا تقل عن الفلسطينيين، فالقدس وفلسطين كلها أرض إسلامية محتلة، ومن واجبنا أن نضع إمكانياتنا من أجل تحريرها، وهذا لا يكون بهذه الصداقة الحارة مع الكيان الصهيونى.
ومن ثم فإن كثرة الحديث عن فلسطين والفلسطينيين بالذم والقدح، أو بالحديث عن النزاع الفلسطينى - الإسرائيلى، ودور حكومة مصر كوسيط!! هو أمر يعاكس ويناقض كل فتاوى ومقررات الأزهر منذ عام 1948، وحتى عهد عبد الحليم محمود، والتى تعتبر بإجماع العلماء أن فلسطين بلد إسلامى محتل، ويتعين العمل على تحريرها، لا الارتماء فى أحضان الصهاينة، والقتال لمنع تهريب قطعة سلاح واحدة لغزة!
إن الكيان الصهيونى هو المنافس الأول، لمصر فى مجال زعامة المنطقة، فمصر هى المؤهلة بحكم وضعها التاريخى والجغرافى والحضارى لجمع العرب والمسلمين لحصار الكيان الصهيونى ودعم المقاومة الفلسطينية، ولكن نظام مبارك سلم الرايات للكيان الصهيونى والولايات المتحدة، وانسحب من الميدان، لذلك لابد أن "يلسّن" على فلسطين والفلسطينيين وحماس والمقاومة الفلسطينية، وحزب الله، وإيران، وسوريا، ليبرر هذا الموقف المشين الذى لا بد أن يسقط قريبا لأنه يتعارض مع أبسط وقائع التاريخ والجغرافيا والعقيدة.
مرة أخرى إن كثرة الحديث عن تضحيات مصر (النظام) من أجل القضية الفلسطينية هو من قبيل (يكاد المريب يقول خذونى)!
وسيتضح ذلك أكثر فى الحلقة الخاصة بمعبر رفح.
وإلى اللقاء مع الأكذوبة الثانية
مجدى أحمد حسين
ملحق:
الشيخ يوسف القرضاوى: تحرير الأرض المحتلة واجب الدول المجاورة
جهاد الدفع هو الجهاد الذى تدفع به الأمة عدوا غزاها فى أرضها، فهى تقاومه حتى لا يدخل أو يتوغل، وإذا دخل فهى تطارده حتى يجلو عن أرضها ويرحل. فهذا النوع من الجهاد هو جهاد المقاومة والتحرير لأرض الإسلام من الغزاة، وقد أجمع الفقهاء على أنه فرض عين على كل بلد تعرض للغزو والاحتلال، بحيث يجب على أهله جميعا أن ينفروا إلى مقاومته، وعلى سائر المسلمين معاونة هؤلاء المعتدى عليهم بكل ما يحتاجون إليه من مال وسلاح ورجال وعتاد، فالمسلمون أمة واحدة، يسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم. وإذا عجز أهل البلد عن مقاومة الغزاة (حالة فلسطين) انتقل واجب الجهاد والمقاومة على من يليهم من جيرانهم المسلمين، والأقرب فالأقرب، ثم على من يليهم حتى يشمل المسلمين كافة. (مصر أهم جار لفلسطين).
من كتاب خطابنا الإسلامى فى عصر العولمة - د.يوسف القرضاوى - ص 172
نداء: الرجاء من نشطاء الإنترنت ترويج هذه السلسلة على أوسع نطاق ممكن، ردا على أكاذيب الإعلام المصرى الرسمى والتصريحات الرسمية لنظام مبارك حول حصار غزة.
(22 فبراير 2010)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.