شيخ الأزهر: القضاة ركيزة أساسية في إرساء العدالة وبسط الأمن والاستقرار في المجتمعات    ارتفاع أسعار الذهب في مصر بقيمة 70 جنيهًا    لتحديد القيمة الإيجارية، كشف المناطق المؤجرة للغرض السكني في 4 محافظات    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الفرنسى تطورات الأوضاع في غزة ولبنان وليبيا    مصر في المستوى الثالث، ننشر التصنيف الكامل لمنتخبات كأس العالم قبل قرعة 5 ديسمبر    النيابة الإدارية تحقق في واقعة طفلة التنمر بالدقهلية    اللي مش قد المسؤولية يمشي، مصطفى كامل يفتح النار على عضو نقابة المهن الموسيقية    النيابة تكشف عن شبكة أسرية لسارة خليفة لتصعصابة سارة خليفةنيع وترويج المخدرات    بعد إبطال 19 دائرة.. عماد جاد ل الرئيس السيسي: نطالبكم بإصلاح جذري للحياة السياسية    وفاة المخرج خالد شبانة رئيس قطاع قنوات النيل المتخصصة وشقيق الإعلامي الرياضي محمد شبانة    الإسماعيلي ينفي شائعات طلب فتح القيد الاستثنائي مع الفيفا    أردوغان: صادراتنا السنوية بلغت في أكتوبر 270.2 مليار دولار    جامعة مصر للمعلوماتية تكشف عن برامج مبتكرة بالذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني والتعليم وعلوم البيانات    تأييد أمر منع هدير عبدالرازق من التصرف في أموالها    19 نوفمبر 2025.. استقرار البورصة في المنطقة الخضراء بارتفاع هامشي    شوبير يكشف حقيقة تولي كولر تدريب منتخب مصر    أحمد المسلماني: برنامج الشركة المتحدة دولة التلاوة تعزيز للقوة الناعمة المصرية    محمد حفظي: العالمية تبدأ من الجمهور المحلي.. والمهرجانات وسيلة وليست هدفا    بعد أزمته الصحية.. حسام حبيب لتامر حسني: ربنا يطمن كل اللي بيحبوك عليك    في يومه العالمى.. تجمع علمى تحت شعار "كل نفس مهم" لمرض الانسداد الرئوي المزمن    خالد عبدالغفار: دول منظمة D-8 تعتمد «إعلان القاهرة» لتعزيز التعاون الصحي المشترك    الصحة: مصر خالية من الخفافيش المتسببة في فيروس ماربورج    الطقس غدا.. ارتفاع درجات الحرارة وظاهرة خطيرة صباحاً والعظمى بالقاهرة 29    روسيا: أوكرانيا تستخدم صواريخ أتاكمز الأمريكية طويلة المدى مجددا    الأهلي يحصل على موافقة أمنية لحضور 30 ألف مشجع في مواجهة شبيبة القبائل    نور عبد الواحد السيد تتلقى دعوة معايشة مع نادي فاماليكاو البرتغالي    شقيق إبستين: كان لدى جيفري معلومات قذرة عن ترامب    أول رد فعل من مصطفى محمد على تصريحات حسام حسن    إزالة تعديات وإسترداد أراضي أملاك دولة بمساحة 5 قيراط و12 سهما فى الأقصر    مدير"تعليم الجيزة" يحيل قيادات وموجهين للتحقيق ل "مخالفات" في رصد الدرجات والغياب    ضبط المتهمين بقتل صاحب ملجأ والتخلص منه في مصرف بالشرقية    وصفات طبيعية لعلاج آلام البطن للأطفال، حلول آمنة وفعّالة من البيت    ارتفاع عدد مصابي انقلاب سيارة ميكروباص فى قنا إلى 18 شخصا بينهم أطفال    أسطورة ليفربول يكشف مفاجأة عن عقد محمد صلاح مع الريدز    المصرية لدعم اللاجئين: وجود ما يزيد على مليون لاجئ وطالب لجوء مسجّلين في مصر حتى منتصف عام 2025    جامعة قناة السويس تدعم طالباتها المشاركات في أولمبياد الفتاة الجامعية    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته بمعرض دبى الدولى للطيران 2025    وزير الري يلتقي عددا من المسؤولين الفرنسيين وممثلي الشركات على هامش مؤتمر "طموح إفريقيا"    تعرف على أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    الداخلية تضبط أكثر من 17 طن دقيق مخالف وتتصدى لتلاعب المخابز    الأكبر منذ 50 عاما..مصرع شخص فى حريق التهم أكثر من 170 مبنى باليابان "فيديو"    السياحة العالمية تستعد لانتعاشة تاريخية: 2.1 تريليون دولار إيرادات متوقعة في 2025    نجاح كبير لمعرض رمسيس وذهب الفراعنة فى طوكيو وتزايد مطالب المد    إقبال واسع على قافلة جامعة قنا الطبية بالوحدة الصحية بسفاجا    منال عوض تترأس الاجتماع ال23 لمجلس إدارة صندوق حماية البيئة    صيانة عاجلة لقضبان السكة الحديد بشبرا الخيمة بعد تداول فيديوهات تُظهر تلفًا    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    هنا الزاهد توجه رسالة دعم لصديقها الفنان تامر حسني    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    اليوم، حفل جوائز الكاف 2025 ومفاجأة عن ضيوف الشرف    ماذا قالت إلهام شاهين لصناع فيلم «بنات الباشا» بعد عرضه بمهرجان القاهرة السينمائي؟    العدد يصل إلى 39.. تعرف على المتأهلين إلى كأس العالم 2026 وموعد القرعة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشروع المصرى للمصالحة الفلسطينية وكامب ديفيد
نشر في الشعب يوم 13 - 11 - 2009

خط الرغبة فى عدم الخروج من بيت الطاعة اليهودى الأمريكى
1-تعيش فلسطين مرحلة التحرر الوطنى ، وهى مرحلة مرتبطة عضويا بمرحلة التحرر القومى العربى ضد التجزئة والتخلف والاستغلال والتبعية والعمالة ، والمقاومة هى القانون الأساسى الذى تنضبط عليه مرحلة التحرر الوطنى ، لأن الاغتصاب والاحتلال لا يتم التخلص منهما إلا بالسلاح وليس بالكلام ، الكلام المسنود بالمقاومة له معنى محدد ، وهو أن الشعب المنخرط فى منظمات المقاومة يملك إرادة وعزيمة الاستقلال ، أما الكلام بدون مقاومة فهو دعارة سياسية تستهدف تمكين قوة الاغتصاب من اغتصاب مزيد من أرض الوطن ، بمعنى آخر فإن الكلام عن التحرير بدون مقاومة مسلحة هو بيع للوطن وخيانة لدماء الشهداء الذين استشهدوا تحت راية التحرير الكامل لكل التراب الوطنى.

2-والحادث الآن أمام أعيننا وتحت أنوفنا أن الخصومة بين فتح وحماس ، أو بتحديد أكثر بين سلطة عباس / دايتون وفصائل المقاومة ، هى خصومة بين من يريدون تعرية فلسطين تماما وخلع رداء المقاومة عنها لتكون وليمة سهلة لعملية التهويد ، ويتحول العرب فيها إلى مجرد "جيب " عربى داخل الدولة اليهودية على كل فلسطين ، وهذا هو خط عباس / دايتون / دحلان ، ومن يريدون المقاومة لتحرير غزة والضفة الغربية والقدس لتكون قاعدة محررة يتم الانطلاق منها لتحرير بقية الأرض المباركة : فلسطين ، وهذا هو خط حماس والجهاد وألوية الناصر صلاح الدين وبقية الفصائل حتى غالبية فتح ، لأن عباس تعرى تماما ولم تعد له علاقة بفتح المقاومة .. إن الحرب الصهيونية الأخيرة على غزة حسب متابعة ودراسة وقائعها ووثائقها كانت حرب أضلاعها المباشرة هى العصابة الصهيونية وأمريكا وعباس وما يسمى بنظم الاعتدال العربى وعلى رأسها الحكم فى مصر .. كانت مهمة عباس / دايتون وقت الحرب هى مزيد من القيود فى الضفة الغربية وتسليم نشطاء فصائل المقاومة فى الضفة وإسرائيل من ناحية ، وتجهيز دحلان رجل إسرائيل القوى لاقتحام غزة بثلاثة آلاف عنصر أعدتهم له إسرائيل وأمريكا من جهة رفح فى الغرب لحظة انهيار حماس والمقاومة تحت ضغط المحرقة اليهودية ، ولكن الله سلم ، وخابت توقعاتهم ، وأدارت حماس وبقية الفصائل المعركة بإرادة المقاومة والتحرير والرغبة فى الشهادة ، وانتصرت بفضل الله المقاومة واندحر العدو ولم تسقط غزة وإزدادت صلابة وأصبحت ملء السمع والبصر فى كل العالم ، وازداد التعاطف الدولى معها – تقرير جولدستون أما دخلان فتقهقر غرباً إلى النقطة التى انطلق منها ... هذه هى السلطة ... يد إسرائيل التى تبطش بها وتقهر الفلسطينيين ... وهذه هى المقاومة التى تريد تحرير وطنها والحرية لشعبها .
3-والسؤال المطروح بشأن التعامل مع موضوع المصالحة الفلسطينية هو : فى مواجهة الوضع الذى اوضحناه فى الفقرتين (1) و (2) كيف أتصرف أنا أو أنت أو هو أو هى ؟ مع الإدراك الكامل بأننا مواطنون عرب نعيش فى مصر أو أننا مواطنون مصريون ، ما تفرقش ، ونحن معنيون بأمن مصر المباشر ، ما هو جوهر المصالحة الذى يجب أن نقدمه ؟
والإجابة ، كأى إجابة على أى سؤال يطرح مشكلة يجب أن لا تكون انتقاءً عشوائياً وإنما يجب أن تكون اختياراً منهجياً ، والاختيار المنهجى محكوم بعنصرى الزمان والمكان ( التاريخ والجغرافيا ) ، الزمان يحدد ببعده الحضارى الهوية ، ويقدم الإجابة على السؤال من نحن ؟ والمكان يحدد درجة الجوار والقربى ، والاثنان معا الزمان والمكان يحددان معا أبصار أمننا أفقياً ورأسياً ، وإذا ما أخذنا بهذا الاعتبار المنهجى نكون نحن وفلسطين شعب واحد وجزء من أمة واحدة هى الأمة العربية ، ويكون أمننا أمن واحد لا يمكن تجزئته ، هذه حقائق التاريخ والجغرافيا لا يجدى تجاهلها بل تتسبب محاولات تجاهلها فى خطر شديد للبلدين فلسطين ومصر ، هذه حقيقة يؤكد عليها التاريخ السياسى والعسكرى للمنطقة فى كل مراحله : أمن فلسطين جزء لا يتجزأ من أمن مصر ، وأمن مصر جزء لا يتجزأ من أمن فلسطين .
4 - إذا ما هو جوهر المصالحة التى يجب أن تطرحها مصر لتجاوز الخصومة بين السلطة والفصائل؟ وهى خصومة موضوعية وليست خصومة شخصية ، أى هى خصومة بين خطين ، خط الاستسلام وخط المقاومة ، سأنطلق من زاوية قطرية (مصرية ) لتحديد ما يجب أن يكون عليه جوهر المصالحة ، أى سأنطلق من مصلحة أمن مصر المباشر ، وإن كنت أعى تماما أن أمن مصر جزء لا يتجزأ من أمن فلسطين بل والأمن القومى العربى كله ، وستكون البداية هى تحديد عدو مصر ، والعدو هو إسرائيل ، وليس لنا كلام مع من يقول أن العدو هو فلسطين ، إن ما بيننا وبين هؤلاء خصومة كبيرة لأنهم يتجاهلون آيات الله الاجتماعية فى خلقه ، يتجاهلون التاريخ والحضارة والعقيدة وحقائق المكان إن هؤلاء عباس بشرطه ، لأنهم كما يفعل عباس يحولون الأخ إلى عدو والعدو إلى صديق .
إذاً ، العدو هو إسرائيل المغتصبة لفلسطين ، وقد أكد على ذلك قادة إسرائيل التاريخيين أمثال بنجوريون وبيجن وجولدمائير ... الخ ، بل إن كامب ديفيد نفسها تنضح فى بنودها بالعداوة بين مصر وإسرائيل ، إذاً السؤال هو : ما هى الثغرات الموجودة فى الأمن المصرى تجاه العدو الإسرائيلى ؟ أو بدقه أكثر ما هى الثغرات التى أحدثتها كامب ديفيد فى الأمن المصرى .
5- تعد سيناء تاريخيا واستراتيجيا أهم وأخطر جبهة من جبهات الأمن المصرى المباشر ، ذلك لأنه
تاريخيا غالبا ما كان أعداء مصر يزحفون عليها من الشرق وتكون سيناء خط الدفاع الأول المباشر للتعامل مع الأعداء وصدهم ، وازدادت الأهمية الدفاعية والهجومية لسيناء بعد نجاح الاغتصاب الصهيونى لحوالى 56% من أرض فلسطين التاريخية وقيام الدولة اليهودية عليها عام 1948 ، لأن سيناء باعتبارها منطقة صد وهجوم فإنها منطقة حشد وتعبئة القوات المصرية للقيام بمهامها الاستراتيجية فى الدفاع عن أمن مصر المباشر وأمنها القومى ، ولذلك فإن مصلحة العدو الإسرائيلى هو نزع سلاح سيناء بحيث لا تكون نقطة وثوب عليه أو عائقا يعوق تقدمه غربا نحو قناة السويس ، وهذا ما حصل عليه العدو باتفاقية كامب ديفيد واتفاقية السلام المصرية الإسرائيلة والموقعة عام 1979م ، فقد قسم الملحق الأمنى من الاتفاقية سيناء إلى ثلاث شرائح طولية سميت من الغرب إلى الشرق بالمناطق ( ) و ( ب) و ( ج ).
- أما المنطقة ( أ ) فهى المنطقة المحصورة بين قناة السويس والخط ( أ ) المذكور عالية بعرض 58 كم ، وفيها سمح لمصر بفرقة مشاة ميكانيكية واحدة تتكون من 22 ألف جندى مشاة مصرى مع تسليح يقتصر على 230 دبابة و126 مدفع ميدانى و 126 مدفع مضاد للطائرات عيار 37 مم و 480 مركبة .
- ثم المنطقة (ب) وعرضها 109 كم الواقعة شرق المنطقة ( أ ) وتقتصر على 4000 جندى من سلاح حرس الحدود مع أسلحة خفيفة .
- ثم المنطقة ( ج ) وعرضها 23 كم وتنحصر بين الحدود الدولية من الشرق والمنطقة (ب) من الغرب ، ولا يسمح فيها بأى تواجد للقوات المسلحة المصرية وتقتصر على قوات من الشرطة (البوليس ) عددها 750 فرد تعمل على ثلاث ورديات .
- ويحظر إنشاء أى مطارات أو موانى عسكرية فى كل سيناء .
- فى مقابل هذه التدابير فى مصر قيدت الاتفاقية إسرائيل فقط فى المنطقة ( د ) التى تقع غرب الحدود الدولية وعرضها 4 كم فقط ، وحدد فيها عدد القوات الإسرائيلية ب 4000 جندى (õ) ، وهكذا جردت اتفاقية السلام سيناء من السلاح وعرتها وجعلتها معبر مفتوح للعدو يعبره فى الوقت الذى يشاء إلى داخل العمق المصرى .
- بالإضافة إلى التعرية فقد نصت الاتفاقية على وجود قوات أجنبية تقودها أمريكا فى سيناء ، تتكون من قيادة وثلاث كتائب مشاة (2000 جندى) ودورية سواحل ووحدة مراقبة ووحدة طيران حربية ووحدة دعم وإشارة ، ومهمة هذه القوات المراقبة الدائمة والتحقق من التزام مصر ببنود الاتفاقية .
6- فلسطين أصبحت بعد الكامب خط الدفاع الأول عن مصر :
نعود بعد أن عرفنا إن سيناء أصبحت بوضعها الراهن معبراً مفتوحا للعدو نحو العمق المصرى نعود إلى السؤال : كيف أفكر أنا وأنت وهو وهى فى معالجة هذه الفجوة الخطيرة فى الأمن المصرى المباشر ؟ والإجابة يجب أن تكون كما بينا سابقاً ليست إنتقاء ًا عشوائيا بل يجب أن تكون محددة منهجيا بالاستناد إلى معيار الزمان والمكان ، وبهذا المعيار المنهجى تكون الضفة الغربية وعزة هى الحل لمعالجة ثغرة سيناء ، فغزة هى الامتداد الطبيعى بشريا وجغرافيا لسيناء من جهة الشرق ، والضفة الغربية امتداد لغزة من جهة الشرق أيضا ، والاثنتان احتلتهما العصابة الصهيونية 1967 ، وهما امتداد لشمال فلسطين الذى احتله العصابات اليهودية 1948 ، والحالة الراهنة فى غزة والضفة تتمثل فى خصومة وصراع بين فريقين ، فريق السلطة عباس / دايتون ممثلا للمصالح اليهودية الأمريكية على حساب فلسطين ، وفريق المقاومة بقيادة حماس وأخواتها من فصائل المقاومة ممثلة للمصالح الفلسطينية التاريخية فى الحرية والاستقلال ، وقلعة لصد ودحر الهجمة الصهيونية الراهنة على الأمة كلها ، ودخلت مصر بحكم التاريخ والجغرافيا و الإستراتيجية طرفا للفصل بين الفريقين ، فريق الكلام وفريق المقاومة ، فما هى خطوط المصالحة التى نتقدم بها للفريقين لو كنت أنا وأنت وهو وهى فى موقع المسئولية ؟ الخطوط المطلوبة للمصالحة تفرضها علينا المصلحة الوطنية المصرية من خلال الظروف الراهنة والتى تتمثل بشكل رئيسى فى تهديد خطير للأمن المصرى بسبب تجريد سيناء من السلاح وتعريتها وكشف عوراتها للعدو الصهيونى ، وتقضى مصلحة الأمن المصرى ستر سيناء وتغطيتها أمنيا بالقفز إلى النقطة الأقرب للعدو غزة والضفة ، وتحويلها إلى أرض للحشد والتعبئة والمقاومة المستمرة لإنهاك العدو ووقف وتعطيل استراتيحيته التوسعية ، بحيث ينتقل حائط الصد والهجوم المصرى إلى الأمام شرقا ، كأنه انتقل من سيناء إلى غزة والضفة ، أليست الضفة وغزة امتداد طبيعى تاريخى وجغرافى وبشرى لسيناء ؟ بلى ، هذا صحيح تماما ، أما إذا تعمدت ورقة المصالحة المصرية فعل عكس ما تقتضيه المصلحة الوطنية المصرية وجردت غزة والضفة من سلاح المقاومة لحساب سلطة عباس / دايتون فإن هذا يعنى تسهيل مهمة العدو للزحف شرقا وجنوبا باتجاه الأراضى المصرية فى إطار إستراتيجيته وعقيدته التوسعية ، ولنتذكر قول بيجن عقب عودته لإسرائيل بعد توقيعه مع السادات على اتفاقية السلام قال (( إننا مضطرون للانسحاب من سيناء لأننا نفتقد الإمكانيات البشرية اللازمة لاستعمارها وعندما نمتلك هذه الإمكانيات سنعود إليها مرة أخرى )).
7-الذى حصل أن الحكومة المصرية ضربت عرض الحائط بهذه الحقائق البديهية للأمن المصرى وطرحت ورقة منحازة تماما لسلطة عباس / دايتون التى تمثل قلعة متقدمة للعدو ، فجرمت المقاومة وأطلقت يد عباس / دايتون فى إعادة بناء وتجهيز وتدريب أجهزة الأمن لقهر الشعب الفلسطينى المطالب بالحرية والاستقلال لكل فلسطين ، وطالبت بتسليم غزة المحررة
لعباس / دايتون وإجراء الانتخابات فى مناخ مهيأ تماما لتزويد الإرادة الفلسطينية بكل الوسائل حتى لا تعود المقاومة ممثلة فى حماس وأخواتها ... وهذا هو جوهر معارضتنا للورقة المصرية للمصالحة ، نعارضها لأنها تحول غزة والضفة إلى قلعة للعدو بدلا من أن تكون قلعة لمصر وأمنها ، هل مصلحة مصر تقتضى أن تكون غزة والضفة فى حضن العدو أم أن مصلحتها تتحقق بأن تكونا فى الحضن المصرى ؟ التاريخ والجغرافيا والبشر والسياسة والإستراتيجية يجيبون بالقول : إن مصلحة مصر تقتضى احتضان المقاومة لا تجريمها كما فعلت الورقة المصرية للمصالحة .
8-والسؤال هو : لماذا سارت الورقة المصرية فى الاتجاه المعاكس للمصلحة المصرية ؟ والإجابة فى إطار افتراض حسن النية تتحدد فى سببين :
̄ سبب سيكولوجى يتلخص فى أن الحكومة المصرية تعيش عقدة كامب ديفيد بكل ما تمثله من هزيمة سياسية وإستراتيجية وتريد أن يكون كل الناس على طبيعتها وشاكلتها ، وحتى لا يعايرها أحد بالهزيمة يجب أن تكون كل الجبهات مهزومة بما فيها الجبة الفلسطينية حتى ولو على حساب مصلحة مصر ، هذه حالة سيكولوجية مرضية . لأن المقاومة الفلسطينية لا يمكن أن تحقق نصرها الاستراتيجى إلا بمصر ، وفى هذه الحالة يكون انتصار المقاومة انتصار لمصر ولمن قدم الدعم للمقاومة .
̄ والسبب الأخر سبب سياسى : يتلخص فى أن المسئولين عن الورقة يعيشون على وهم التفوق الإسرائيلى الذى لا يقهر وعلى الخوف من أمريكا ... والرد على ذلك .. أنهم غير مؤهلين لحكم مصر لأنهم لم يتعلموا قراءة الأحداث لأن المقاومة فى العراق ولبنان وفلسطين والصومال وأفغانستان قد غيرت موازين القوى الإقليمية فى المنطقة ، الآن أمريكا دولة مهزومة سياسيا وعسكريا واقتصاديا بفعل ضربات المقاومة العراقية والأفغانية وإسرائيل مهزومة سياسيا وعسكريا بفعل ضربات المقاومة فى لبنان وفلسطين ، أدركت هذه الهزيمة الأمريكية الإسرائيلية قوى إقليمية أخرى مثل تركيا وإيران ، أما مصر فما زالت حكومتها تتعبد فى محراب الهيمنة والغطرسة الصهيونية الأمريكية .
ولأن ما نقوله بديهى وحقائق موجودة فى الواقع الإقليمى والدولى يدركها كل من له بصر ، فإننا نعتقد أن معدى الورقة يفتقدون حسن النية ووجدوا مصلحتهم الشخصية ومصلحة النظام الذى يمثلونه متطابقة مع مصلحة العدو الصهيونى الأمريكى ، ومتعارضة مع المقاومة و مصلحة الأمن المصرى ، ولذلك انحازوا لدايتون / عباس ، ويعملون على تجريد فلسطين من المقاومة كما جردوا سيناء من الجيش المصرى .. إنهم نظار المدرسة التى تخرج منها عباس ... المدرسة الصهيونية الأمريكية ، ومن ثم أصبح الدفاع عن العقيدة والهوية والأمن المصرى والمطالبة بالحرية والعدالة والدفاع عن المقدسات كلها قضايا ساقطة فى عرف هؤلاء النظار لأنها كذلك عند ملاك المدرسة.
-------------------------------------------------
(õ) (اقرأ محمد سيف الدولة : كامب ديفيد والسيادة المجروحة فى سيناء " أرقام وحقائق " 16 فبراير 2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.