د . مصطفى خميس السيد في ظل الزخم السياسي الأتي وفى ضوء إجراء الانتخابات البرلمانية لأخطر برلمان في تاريخ الحياة البرلمانية المصرية من بعد ثورتي زهقت فيها الأرواح من اجل إقامة حياة ديمقراطية سليمة و تحقيق العدالة الاجتماعية و إقامة حياة إنسانية كريمة لكل المصريين لذلك سيتم تسليط الضوء على حماية العملية الانتخابية جنائيآ كما نسلط الضوء علي مفهوم الانتخاب و أهميته في النظام الديمقراطي وأهم المبادئ التي تحكمه و الجرائم الانتخابية في ظل قانون مباشرة الحقوق السياسية و مجلس النواب و تقسيم الدوائر الانتخابية في البداية نود أن نقول إنه لا قيمة لقانون انتخابي إذا كان مخالفوه لم يعرفوا الخضوع لعقوبات ، لان الدعوى الجنائية في جرائم الانتخابات تسقط بعد 6 أشهر فقط . الديمقراطية لا تتحقق إلا بخضوع الجميع حكامآ ومحكومين لنصوص القانون ، وإذا كان ذلك يصدق على كل قوانين الدولة ، فإنه من باب أولى أن يصدق على القوانين الانتخابية فيها ، بمعنى أنه لا قيمة لقانون انتخابي إذا كان مخالفوه لم يعرفوا الخضوع لعقوبات فيه ، و بالأحرى لا قيمة للجزاءات الجنائية في أي قانون انتخابي لا ينتظر المخالف أن خرقه للقانون لن يكون موضوعآ للتحقيقات ، أو إذا لم يخش جزاء أو عقوبة جنائية نتيجة لممارسته غير المشروعة ، خاصة بعد أن أصبحت الجريمة الانتخابية تأخذ أشكالآ عديدة ، فالعقوبات التي لا تكون مفروضة أو مطبقة بالقانون لن تردع المخالفين . لان القوانين واللوائح المتعلقة بإدارة الانتخابات عمومآ و خاصة تلك المتعلقة بالتمويل السياسي هي غالبا مجهولة ، و ثقافة عدم احترام النصوص الجنائية لتلك القوانين بين المرشحين و الأحزاب السياسية المتنافسة ، بالإضافة إلى كشف جرائم تجاوز حدود الإنفاق الرسمي للحملات الانتخابية و كذلك عدم قيام السلطات المسئولة بأخذ زمام المبادرة لتحقق في الجرائم الانتخابية تحقيقآ كاملآ وعزوف الكثير من الجهات و الناخبين عن الإبلاغ عن الجرائم الانتخابية لتفعيل اللجوء لطريق الطعون أمام القضاء الإدارى وصولآ إلى بطلان عملية الانتخابات . كل ما سبق أدى إلى النقص الدائم و المستمر في تطبيق العقوبات الانتخابية و تفشى ظواهر الجرائم الانتخابية كالرشاوى و التزوير كما حدث في مصر ، أثناء انتخابات عام 2010 البرلمانية ، و التي أدى إلى تقاعس الدولة وأجهزتها في تطبيق القانون من جرائم تزوير و رشاوى و عنف انتخابي إلى انهيار الدولة بالكامل و سقوط النظام مرتكب هذه الجرائم الانتخابية في ثورة 25 يناير المجيدة و تصحيحها في 30 يونيه . الجرائم الانتخابية تتعدد أشكالها بداية من « التخلف بغير عذر عن التصويت » ، و « استخدام القوة مع رئيس أو أي من أعضاء لجنة الانتخاب » ، و « تهديد رئيس أو أحد أعضاء لجنة الانتخاب » ، و « إهانة رئيس أو أحد أعضاء لجنة الانتخاب » ، و « استخدم أي من وسائل الترويع أو التخويف بقصد التأثير في سلامة سير إجراءات الانتخاب » ، و « هدم أو إتلاف شيء من المباني أو المنشآت أو وسائل النقل أو الانتقال المستخدمة أو المعدة للاستخدام في الانتخاب » ، و « اختلاس أو إخفاء أو إتلاف أحد جداول الانتخاب أو بطاقة الانتخاب أو أي ورقة أخرى تتعلق بعملية الانتخاب » ، و « تعمد قيد الاسم أو اسم الغير في جداول الانتخاب أو حذفه منها على خلاف أحكام القانون » ، و « استعمال القوة أو التهديد لمنع شخص من إبداء الرأي ، أو لإكراهه على إبداء الرأي على وجه معين » ، و« نشر أو إذاعة أقوال أو أخبار كاذبة عن موضوع الانتخاب أو الاستفتاء أو عن سلوك أحد المرشحين أو عن أخلاقه مع علمه بذلك ، بقصد التأثير في نتيجة الانتخاب » ، و« إبداء الرأي في انتخاب أو استفتاء بغير حق ، أو التصويت أكثر من مرة ، أو انتحال صفة الغير » ، و « خطف الصندوق المحتوى على البطاقات التصويتية » أن القانون ( 45 لسنة 3014 بشأن مباشرة الحقوق السياسية ) حظر تلقى أي مساهمات من أي شخص اعتباري مصري أو أجنبي أو جهة أو منظمة أجنبية أو دولية أيا كان شكلها القانوني لسد أي ثغرة يمكن أن ينفذ منها أي تمويل أجنبي مشبوه المصدر ، و نص القانون على عقوبة رادعة بالسجن و الغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه لمن يتلقى تمويلآ من تلك الجهات بالإضافة إلى مصادرة الأموال محل الجريمة . و فيما يتعلق بظاهرة المبالغة في الإنفاق المالي للدعاية الانتخابية التي كانت واضحة في الانتخابات البرلمانية السابقة وشكلت حجرة عثرة في طريق الشباب و المرأة و أصحاب الخبرات للتواجد في البرلمان ، إن المادة 25 من القانون 45 لسنة 2014 حددت الحد الأقصى للإنفاق على الدعاية الانتخابية في النظام الفردي 500 ألف جنيه و فى مرحلة الإعادة 200 ألف جنيه . ويضاعف هذا المبلغ لكل 15 مرشحا تجمعهم قائمة واحدة لتكون مليون جنيه في المرحلة الأولى و400 ألف في الإعادة . والقوائم التي تضم 45 مرشحا سيكون حدها الأقصى ثلاثة ملايين جنيه والإعادة 800 ألف جنيه . و أن تحديد هذا السقف يوجد به عدة اعتبارات لأنه حال رفعت اللجنة العليا الحد الأقصى للإنفاق كانت هناك بعض الأصوات التي سوف تعترض خصوصآ في ظل الحالة الاقتصادية الصعبة الراهنة للبلاد وسوف تعتبر هذا بمثابة تشجيع على عودة سطوة المال السياسي ولو كان السقف اقل من ذلك كان سيعوق الدعاية الانتخابية السليمة . أن المادة 26 بقانون 45 لسنة 2014 سمحت بتلقي المرشح تبرعات عينية أو نقدية من اى شخص طبيعي مصري و من الأحزاب المصرية على ألا يتجاوز التبرع من اى شخص أو حزب 5% من الحد الأقصى المصرح به للإنفاق على الدعاية الانتخابية حتى لا تكون هناك سطوة أو هيمنة على المرشح بما يؤثر على حياده أثناء تأدية دوره في البرلمان لان القانون أوجب على المرشح إخطار اللجنة العليا بأسماء الأشخاص والأحزاب التي تلقى منها التبرع ومقدار التبرع علاوة على أن تحدد اللجنة العليا الإجراءات التي تتبع لتقدير القيمة النقدية للتبرعات العينية التي يتعذر تقديم فاتورة معتمدة بقيمتها . كما فرضت على البنك و المرشح إبلاغها أولآ بأول بما يتم بحركة السحب والإيداع . فوق هذا ألزمت المادة 28 لقانون 45 كل مرشح بإمساك سجل منتظم وفقا لمعايير المحاسبة المصرية يدون به مصادر التمويل و مصاريف دعايته الانتخابية وتتولى الجهة التي تحددها اللجنة العليا مراجعة السجل وقد تكون هذه الجهة الجهاز المركزي للمحاسبات أو مباحث الأموال العامة أو اى جهة أخرى في الدولة تختارها اللجنة . لان القانون يعاقب بغرامة تتراوح بين 10 آلاف جنيه و مائة ألف جنيه من قام بالإنفاق على الدعاية مبالغ غير مقيدة في حسابه البنكي الذي حددته اللجنة العليا أو خالف اى من الضوابط المتعلقة بالإنفاق الانتخابي و قبول التبرعات . إن آليات الرقابة الأخرى و منها تشكيل اللجنة العليا لجان مراقبة الدعاية الانتخابية من خبراء مستقلين ، يعهد إليها رصد المخالفات التي تقع على مستوى المحافظات بالمخالفة للضوابط التي قررها القانون وتعد هذه اللجان تقارير بما رصدته من مخالفات تقدمها للجنة العليا التي إذا ما تيقنت من حدوث خرق للقانون تحيل المستندات المتوفرة لديها للنيابة العامة ويتم تحريك دعوى جنائية طبقا لقانون الإجراءات الجنائية . إن اللجنة العليا تشكل لجانآ من أعضائها وغيرهم من خبراء مستقلين في مجال الإعلام لعمل متابعة يومية لكل ما يذاع في وسائل الإعلام عن الانتخابات وتقييم السلوك الإعلامي لها و رصد للمخالفات ، وتلزم اللجنة العليا الوسيلة الإعلامية بالتعهد بعدم المخالفة في المستقبل بالإضافة إلى نشر اعتذار ونقد لسياستها التحريرية على إن يكون مكتوبا بمعرفة اللجنة العليا وينشر بالكيفية التي تحددها. إن الشروع في الجرائم الانتخابية يعامل معاملة الجرائم التامة كما إن الدعوى الجنائية و المدنية عن اى من الجرائم الانتخابية لا تنقضي ولا تسقط العقوبة فيها بانقضاء المدة فوق هذا قد تتخذ المحكمة الإدارية العليا قرارا بشطب اسم المرشح من القائمة النهائية للترشح في الدائرة بعد إثبات وقائع المخالفة بالدلائل دون سماع مرافعة أو العرض على هيئة مفوضي الدولة متى كانت الأوراق كافية ويتم تنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان وينشر في الجريدة الرسمية وجريدتين واسعتي الانتشار . إن الانتخابات القادمة تنظمها مجموعة من القوانين منها قانون مباشرة الحقوق السياسية و قانون مجلس النواب رقم 45 و 56 لسنة 2014 الصادر في 5 يونيو 2014 علاوة على قانون رقم 212 الخاص بتقسيم الدوائر الانتخابية الذي صدر في 21 ديسمبر الماضي . لان اى خرق للقانون سوف تتولى النيابة العامة التحقيق فيه ولها إن تأمر بحبس المتهم احتياطيآ على ذمة التحقيق حتى إحالته للمحاكمة الجنائية وتتولى الجمعية العمومية لكل محكمة استئناف أو محكمة ابتدائية تحديد دائرة أو أكثر للنظر في الجرائم الانتخابية والفصل فيها على وجه السرعة . و على كل الاحوال سننتظر إلى يوم ألاعلان عن بدء الحملات الانتخابية و سوف نرى ماذا يفعل المرشحون هل سيلتزمون بهذه النصوص القانونية ؟ أم سيخترقونها ؟ د . مصطفى خميس السيد الباحث السياسى فى شئون الاحزاب