الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد خلال المؤتمر الوطني السادس للشباب الأخير أن حروب الجيل الرابع تستهدف مصر ولابد من مواجهتها، كما سبق وحذر الرئيس من "الكتائب الإلكترونية" التي تستهدف تشكيك المصريين في كل شيء، وأيضاً منذ أيام حذر وزير الدفاع الفريق أول محمد زكي من تعرض مصر إلى حرب معلومات وإشاعات للتشكيك في الإنجازات التي تحققت على أرض الواقع، والحقيقة أن هذا الكلام شديد الأهمية والخطورة يذكرني بعدة تقارير سبق وقرأتها عن كتاب اسمه "رسالة حب لأمريكا" أو"Love Letter to America" لمؤلفه يوري بيزمينوف، وهو روسي ولد في عام 1939 ودرس بمعهد اللغات الشرقية، وبعد تخرجه تم بعثه إلى الهند كمترجم ولكنه في الحقيقة كان ضمن مجموعة هدفها "التخريب الأيديولوجي"، ثم عاد إلى موسكو والتحق بوكالة نوفوستي الصحفية وتم تجنيده للعمل لنشر معلومات مغلوطة للدول الأجنبية، وقرر في عام 1970 أن يهرب إلي الولاياتالمتحدة وهناك غير اسمه إلى"توماس شومان" وعمل محللاً سياسياً وكرس حياته للتحذير من سياسات التخريب الأيديولوجي حتى وفاته عام 1993، وكتابه "رسالة حب لأمريكا" ظهر عام 1984 وشرح فيه بالتفصيل خطوات التخريب الأيديولوجي الأربع لأي أمة، وبعيداً عن أن كلامه كان يركز بالأساس علي دور المخابرات الروسية في وقت الحرب الباردة، فيمكنكم بقليل من التركيز فهم أنها تقريباً الخطوات التي تعتمد عليها حروب الجيل الرابع والتي تتعرض لها مصر منذ سنوات والخطوة الأولي حسب هذه الحرب هي "نزع الروح المعنوية" ويقول بيزمينوف إنها قد تستغرق بين 15 و20 عامًا لتعليم وتخريج جيل من الشباب المحملين بأيديولوجيا التخريب في الدولة المستهدفة، وهدف هذه الخطوة هو إزالة أي معوقات أمام الأفكار التخريبية عن طريق تدمير أي أيديولوجيات وأفكار قومية وتحقيق هذه الخطوة يتم عبر 3 مستويات وهي "الأفكار" والدعائم التي ترتكز عليها الدولة المستهدفة كالدين والتعليم والإعلام والثقافة والثوابت الأخلاقية، وربط الأساسيات الدينية بالاتجاهات والصراعات السياسية وهو أول مسمار في نعش هذه الأساسيات لأن هذا يدنسها ويفقد ثقة العامة بها، ونشر الجهل لتخريج أجيال من الطلبة الناقمين على دولهم والعاشقين للأفكار المستوردة والتركيز على المشاكل التافهة وغض البصر عن المشاكل الرئيسي والمستوي الثاني هو الهياكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ومؤسسات القضاء والشرطة والجيش والتركيز على كل ما يثير استياء الشعب تجاه هذه المؤسسات ويدفعهم إلى الهجوم عليها وثالثاً نزع الروح المعنوية من المجتمع ويبدأ بجعل الأسرة مفككة وتقليل ولاء الابن أو الابنة لهذه الأسرة مما يمهد لتقليل ولائهم تجاه دولتهم كخطوة تالية، والعبث في النقابات العمالية والتشجيع على التظاهرات التي لا تطالب بالضرورة بطلبات مشروعة بل تكون أشبه بمحاولات الابتزاز، أما الخطوة الثانية للتخريب الأيديولوجي فهي "زعزعة الاستقرار".. فبعد نجاح خطوة نزع الروح المعنوية يحتاج المخرّب الآن لمساعدة مواطني الدولة المستهدفة وهذه الخطوة قد تأخذ بين عامين وخمسة أعوام عن طريق صراعات القوة واختيار سياسيين أصحاب شخصيات كاريزمية يعدون بالاستقرار وبالحلول السريعة السهلة لمشاكل الدولة، هذه الحلول التي دائمًا ما تفشل وتؤدي إلى مشاكل أكبر والخطوة الثالثة هي "الأزمة" وهي نتيجة طبيعية لزعزعة الاستقرار ولن تأخذ أكثر من شهرين إلى ستة أشهر حتى تحدث، وفي هذه الخطوة يتم تنشيط جميع الخلايا النائمة للمخرّب في الدولة المستهدفة لاستغلال ارتباك الجماهير وخوفهم والسيطرة على الأمور سريعًا، والخطوة الأخيرة هي "التطبيع".. أي اعتياد المواطنين في الدولة المستهدفة على الأوضاع الجديدة، وهذا قد يتم بالقوة إذا لزم الأمر، واللافت هنا أنه استخدم وصف "المغفلين المفيدين" أي الذين كانوا يتعاملون مع المخربين ولكنهم كانوا مخدوعين في نواياه الحقيقية، وقال نصاً: "سوف يكونون أول من يتم زجه بالسجون والمعتقلات وسوف يعدم الكثيرون منهم بعد أن فقدوا أهميتهم بالنسبة للمخرّب"، وبعيداً عن الكتاب.. فقد شاهدت تسجيلات علي يوتيوب لهذا الرجل يؤكد فيها أن الثورات الإسلامية في بنجلاديش أو إيران أو غيرها لم تكن ثورات شعبية عفوية، وإنما تمت حسب قواعد التخريب السابقة، وكل هذا لا يحتاج لأي تعليق سوي أن نحمد الله بأن لدينا دولة ومؤسسات تعي تماماً حجم المخاطر التي تواجه وطننا، وندعو الله بأن يحفظ مصر من كيد أعدائها.