فى عام 1945 ومع نهاية الحرب العالمية الثانية انشئ صندوق النقد الدولى لبناء نظام أقتصادى دولى جديد يكون أكثر استقرارا ، ودور الصندوق هو تمويل الدول الأعضاء به للتغلب على ما تقابلهم من مشكلات فى ميزان المدفوعات وتحقيق استقرار فى أسعار الصرف .. ولهذا تحاول مصر الأن اللجوء إلى الصندوق للحصول على قرض بقيمة 3.2 مليار دولار لسد عجز الموازنة للعام المالى الجارى يسدد على 5 سنوات بفائدة 1.5 % مع إضافة مصاريف إدارية 1% ، وهذه الفائدة هى أقل فائدة يمكن أن تحصل عليها مصر على عكس ما إذا أقترضت من اى دولة أخرى، لهذا تبدأ خلال شهر يناير المقبل جولة مباحثات جديدة مع صندوق النقد الدولى للحصول على القرض الذى اتاحة الصندوق لمصر فى أعقاب ثورة 25 يناير مباشرة والذى قام بالتفاوض عليه الدكتور سمير رضوان وزير المالية الأسبق، والذى تم رفضه من قبل المجلس العسكرى حتى لا تتحمل الدولة أعباء ديون أخرى، والسؤال الأن : هل تنجح مصر فى الحصول القرض هذه المرة ؟! هل الشروط التى تم إعلانها وعلى أساسها سيتم منحنا القرض عادلة وغير مجحفة ؟ ماذا سنفعل لو رفض صندوق النقد الدولى إقراضنا ؟ مالفوائد التى ستعود علينا من هذا القرض؟ .. يقول الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادى الدولى فى تصريح خاص لبوابة الشباب : بعد الثورة كان صندوق النقد الدولى يسعى وراء مصر لإقراضها 3.2 مليار دولار ، وهو المبلغ المطلوب لتستطيع سد عجز الموازنة ، وفى الحقيقة كانت الشروط المطروحة وقتها ممتازة وميسرة للغاية على عكس شروط وقواعد الإقراض الصارمة للصندوق والتى تسببت فى إندلاع أزمات وثورات فى كثير من البلدان كان أبرزها الجزائر والتى حصلت فى بداية التسعينيات على قرض من الصندوق وتعرضت لشروط منح القرض والتى منها عدم إجراء تعينات بالحكومة وعدم زيادة علاوات جديدة ، وعندما وصل التيار الإسلامى بالجزائر للحكم رفض كل هذه الشروط وتنصل منها وخالفها مما أحدث صداماً بين التيارات الإسلامية والجيش والحكومة هناك. ويضيف : الوضع الأن فى مصر يتغير كل يوم وليس ثابتاً مما يجعل الصندوق أو اى جهة او دولة تريد إقراضنا تخشى على عدم قدرة مصر على سداد مديونياتها فى الفترة التى سيتم الإتفاق عليها ، والحقيقة أننا اخطأنا عندما رفضنا عرض الصندوق فى البداية ، فقد فكانت الثورة مبهرة للعالم والكل كان يريد أن يقدم يد العون والمساعدة لنا، لكن الأن الربيع العربى أصبح خريفا فى نظر المؤسسات الإقتصادية الدولية ومعالمه غير واضحه ، واكثر مايقلق الغرب الأن والمؤسسات الإقتصادية الدولية هو حصول التيارات الإسلامية على النسبة الأكبر من المقاعد فى مجلس الشعب ، وهذا يعنى بالنسبة إحتمالية تكرار سيناريو الجزائر، أضف إلى ذلك تنصل بعض الدول العربية من وعودها لنا فى أعقاب الثورة بمنحنا قروضا وهو ما أعترف به الدكتور كمال الجنزورى فى أخر خطاباته ، ومبررهم فى ذلك أنهم خائفون من عدم قدرة مصر على سداد هذه الديون ، وموافقة صندوق صندوق النقد بمنحنا القرض ليست الفائدة الوحيدة التى ستعود علينا بل له فوائد أخرى فمجرد الموافقة تعتبر شهادة إعتراف من جهة بحجم الصندوق بأن الأقتصاد المصرى قادر على الصمود وتخطى الصعاب وهذا يشجع الدول على منحنا ما نطلب ويدفع كثير من المستثمرين لضخ واستثمار أموالهم فى مصر ، وهذا يعنى تدفق العملة الأجنبية التى ستزيد من النقد الأجنبى لدينا والذى نستنزفه الأن ، كما إنه يجعل الوكالات الأجنبية ترفع مصر من قائمة تصنيف حد الائتمان . أقرأ أيضاً : الدكتور حمدى عبدالعظيم : لهذه الاسباب تم تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر !