انتشار أمني مكثف بمحيط اللجان قبل بدء التصويت في الدوائر ال30 الملغاة من انتخابات النواب    أسعار النفط تواصل الارتفاع بعد احتجاز أمريكا ناقلة نفط قبالة فنزويلا    الرئيس الكوبى: احتجاز الولايات المتحدة لناقلة نفط قبالة فنزويلا قرصنة    اليوم.. طقس معتدل نهارًا بارد ليلًا وأمطار خفيفة ببعض المناطق    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    أسعار العملات في محافظة أسوان اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025:    أسعار اللحوم في محافظة أسوان اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    بأكثر من 2 مليون جنيه.. فيلم «الست» يخطف صدارة شباك التذاكر في أول أيام عرضه بالسينما    يوسى كوهين شاهد من أهلها.. مصر القوية والموساد    ماسك يتحدث عن إلهان عمر وممداني والجحيم الشيوعي    مجلس النواب الأمريكي يصوّت بالأغلبية لصالح إلغاء قانون عقوبات "قيصر" ضد سوريا    DC تطرح أول بوستر رسمي لفيلم Supergirl    إسلام الكتاتني يكتب: الحضارة المصرية القديمة لم تكن وثنية    ناسا تفقد الاتصال بالمركبة مافن التي تدور حول المريخ منذ عقد    قرار جديد ضد المتهم بالتحرش بفنانة شهيرة في النزهة    ترامب: الولايات المتحدة مدعوة إلى اجتماع في أوروبا    سلوى عثمان: أخذت من والدتي التضحية ومن والدي فنيًا الالتزام    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    التحقيق مع شخص يوزع بطاقات دعائية على الناخبين بالطالبية    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    "شغّلني" تُطلق مشروع تشغيل شباب الصعيد بسوهاج وقنا    خالد أبو بكر يشيد بجهاز مستقبل مصر في استصلاح الأراضي: سرعة العمل أهم عامل    لماذا تجدد أبواق السيسى شائعات عن وفاة مرشد الإخوان د. بديع بمحبسه؟    التحضير لجزء ثانٍ من مسلسل «ورد وشوكولاتة»    عاجل - قرار الاحتياطي الفيدرالي يخفض أسعار الفائدة 25 نقطة أساس في ثالث خفض خلال 2025    التعاون الإسلامي: تُدين خطط الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية وتدعو المجتمع الدولي للتحرك    تصعيد سياسي في اليمن بعد تحركات عسكرية للمجلس الانتقالي    أرسنال يسحق كلوب بروج بثلاثية خارج الديار    يوفنتوس ينتصر على بافوس بثنائية نظيفة    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11ديسمبر 2025........مواعيد الأذان في محافظة المنيا    سلمان خان وإدريس إلبا وريز أحمد فى حفل جولدن جلوب بمهرجان البحر الأحمر    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    منتخب مصر يواصل تدريباته بمركز المنتخبات الوطنية استعدادا لأمم إفريقيا (صور)    رودريجو: ليس لدي مشكلة في اللعب على الجانب الأيمن.. المهم أن أشارك    كرة طائرة - خسارة سيدات الزمالك أمام كونيجيليانو الإيطالي في ثاني مواجهات مونديال الأندية    "امرأة هزت عرش التحدي".. الموسم الثاني من مسابقة المرأة الذهبية للمركز الإفريقي لخدمات صحة المرأة    "جنوب الوادي للأسمنت" و"العالمية للاستثمار" يتصدران ارتفاعات البورصة المصرية    الخطر الأكبر على مصر، عصام كامل يكشف ما يجب أن تخشاه الدولة قبل فوات الأوان (فيديو)    القبض على شخص اقتحم مدرسة بالإسماعيلية واعتدى على معلم ب "مقص"    المتهم بتجميع بطاقات الناخبين: «كنت بستعلم عن اللجان»    الرفق بالحيوان: تخصيص أرض لإيواء الكلاب الضالة أحد حلول انتشار هذه الظاهرة    4 فوائد للملح تدفعنا لتناوله ولكن بحذر    أعراض اعوجاج العمود الفقري وأسبابه ومخاطر ذلك    معهد التغذية يكشف عن أطعمة ترفع المناعة في الشتاء بشكل طبيعي    انتبهي إلى طعامك خلال الأشهر الأولى من الحمل.. إليك قائمة بالمحاذير    الأرقام تكشف.. كيف أنقذ صلاح ليفربول من سنوات الفشل إلى منصات التتويج.. فيديو    مستشار وزير الثقافة: إدارج "الكشري" في قائمة تراث اليونسكو يمثل اعترافًا دوليًا بهويتنا وثقافتنا    أستاذ علوم سياسية: المواطن استعاد ثقته في أن صوته سيصل لمن يختاره    الزوامل والتماسيح: العبث البيئي وثمن الأمن المجتمعي المفقود    ضبط شاب ينتحل صفة أخصائى علاج طبيعى ويدير مركزا غير مرخص فى سوهاج    البابا تواضروس يهنئ الكنيسة ببدء شهر كيهك    ارتفاع الأسهم الأمريكية بعد قرار مجلس الاحتياط خفض الفائدة    ترامب: الفساد في أوكرانيا متفشٍ وغياب الانتخابات يثير تساؤلات حول الديمقراطية    التعادل السلبي يحسم موقعة باريس سان جيرمان وأتلتيك بلباو    ساوندرز: ليفربول ألقى صلاح تحت الحافلة؟ تقاضى 60 مليون جنيه إسترليني    "الصحة" تكشف عن الفيروس الأكثر انتشارا بين المواطنين حاليا    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    حاسوب القرآن.. طالب بكلية الطب يذهل لجنة التحكيم في مسابقة بورسعيد الدولية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سؤال ينتظر الإجابة في 2017.. بعد غرق "الحاجر" في السيول.. إلي أين "الهروب"؟!
نشر في بوابة الشباب يوم 08 - 12 - 2017

مفاجأة تكشفها "الشباب" بعد 25 عاماً من ملحمة أحمد زكي وعاطف الطيب..
منتصر بطل "الهروب" شخصية حقيقية
المجرم الأصلي كان لص منازل وقاتلا ونجح في الهروب بواسطة عائلته من قلب المحكمة
مصطفي محرم: كل أحداث الفيلم تدور حول فكرة "عصا موسي" لإلهاء المجتمع
كان مدهشاً أن الخاسر الأكبر من كل الأحداث اسمه "منتصر".. والذي دفع حياته بلا ثمن اسمه "سالم"!
الفيلم طرح للمرة الأولي قضية استخدام بعض وسائل الإعلام طبقاً لنظرية "بص العصفورة"
"التنويحة" الصعيدية التى تقوم عليها الموسيقي التصويرية أهداها وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني للمخرج
محمد هنيدي ظهر في دور تراجيدي لأول وآخر مرة.. ونزيف فم هالة صدقي في الفيلم كان حقيقياً
مشهد "التسطيح" علي القطار كان واقعياً.. والرقابة رفضت عرض الفيلم في البداية بسبب جرأته
أراضي وبيوت الحاجر غرقت في السيول القادمة من الجبل الشرقى الملاصق للقرية.. والسلاح في يد الجميع
في عام 1991 كانت السينما المصرية مازالت بعافيتها.. وكانت المنافسة علي أشدها بين النجوم الثلاثة عادل إمام ومحمود عبد العزيز وأحمد زكي، فتخيلوا أنهم في سنة واحدة قدم كل بطل منهم 3 أفلام دفعة واحدة، فتألق عادل إمام في "شمس الزناتي" و"مسجل خطر" و"اللعب مع الكبار".. أما محمود عبد العزيز فقدم للسينما "الكيت كات" و"قانون إيكا" و" أبو كرتونة "، بينما أحمد زكي قدم "الراعي والنساء" و"المخطوفة".. وكان فيلمه الثالث هو "الهروب" الذي نتوقف معه في السطور التالية، وهو يروي حكاية "منتصر" الذي كان يعتقد أن الصقر حياته حراً في السماء ولا ينزل للأرض سوي للافتراس أو الموت.. ولكنه نسي أن خدع الاصطياد دائماً ما تجبره علي النزول للقاع، وفيلم "الهروب" في واقعه كان مواجهة مع الشر بكل أشكاله، ولو أردت التفكير فيه نتيجة هذه المواجهة فأهلاً وسهلاً.. أو يمكنك أن تعتبره مجرد فيلم للتسلية ليس أكثر.. الاختيار لك أولاً وأخيراً.
مشوار الهروب
منتصر عبدالغفار البدرى "أحمد زكي" شاب من قرية الحاجر بالصعيد سافر للقاهرة بعد وفاة والده ولم يكمل تعليمه الثانوي، وبعد أدائه للخدمة العسكرية التحق بالعمل فى مكتب مدحت "يوسف فوزى" لتسفير العمالة المصرية للخليج، كما عقد قرانه على ابنة عمه زينب "عايدة فهمى" والتى تعمل معه سكرتيرة فى مكتب مدحت، وفي بداية الفيلم يحصل منتصر علي مبالغ كبيرة من أهل الحاجر الذين قرروا السفر للعمل بالخليج وباعوا أراضيهم ليوفروا قيمة السمسرة وتذكرة السفر، وحجز منتصر عمولته وسلمها لتاجر العملة فريد عزت "سمير وحيد" ليستبدلها له ليوزعها على المسافرين كمساعدة لهم، ولكنه اكتشف أن مدحت استعان بالمخزنجى "صلاح عبد الله" لتزوير تأشيرات السفر وعقود العمل فيرفض ذلك..
ويعرض علي خطيبته العودة للحاجر ولكنها ترفض، ولم يجد مدحت أمامه سوي أن يلفق له قضية مخدرات ليدخل السجن لسنوات، خلالها كانت أمه سكينة "زوزو نبيل" تقوم برعاية الأرض مع أخيه الأكبر عبدالله "محمود البزاوى" وزوجته عائشة "نرمين كمال"، أما زوجة منتصر فتعرفت علي نجوان "ليلى شعير" والتى تستغل كونها ناظرة مدرسة ومتزوجة من شخص مهم للإيقاع بالفتيات وإرسالهن للعمل فى الكباريهات بتركيا..
وكانت خطيبة منتصر ضمن ضحاياها، بينما مدحت أصبح من رجال الأعمال المشهورين، وبعد خروج منتصر من السجن بدأ رحلته للانتقام من مدحت وقتله ثم عاد في هدوء ليشارك في فرح ابن عمه قناوى "محمد هنيدى" حيث شاهد الراقصة صباح "هالة صدقى" والتى تتعلق به حتى نهاية الفيلم، وتتوالي الأحداث بعدما يقتل نجوان وعزت أيضاً، وتعتبره صحف المعارضة مثل "أدهم الشرقاوي" وتجعل منه بطلاً، وعن طريق صديق منتصر القديم الرائد سالم عبد الرازق رئيس مباحث الحاجر "عبد العزيز مخيون" يتم القبض عليه بعدما أجبره علي تسليم نفسه عقب احتجازه لأمه وشقيقه.. ووقتها نعرف أن والد منتصر من صائدى الصقور وكان يقضى الشهور بالصحراء لقنصها..
وهذا هو سر عشق منتصر للصقور وشقاوته منذ صغره، ورغم نجاح منتصر في الهروب من المحكمة خلال إحدي الجلسات لكي يحضر جنازة أمه.. لكن يستطيع الضابط سالم القبض عليه من جديد، وقتها كانت الصحف مهتمة بهروب المرأة الحديدية، في إشارة لقصة حقيقية تخص سيدة الأعمال هدي عبد المنعم والتى هربت من مصر بعدما جمعت من الناس خلال 7 سنوات 70 مليون جنيه واقترضت 40 مليوناً أخرى من البنوك وأعلنت عن مشروعات فوق أراض لا تملكها واستخدمت تراخيص بناء مزورة، ولكي تهدأ الحملة الصحفية والتى اتهمت بعض المسئولين بتسهيل سفرها - وهو ما كان شائعاً خلال تحقيقات القضية الحقيقية فعلا - تدخل العقيد فؤاد الشرنوبى "محمد وفيق" لإلهاء الرأى العام بتهريب منتصر ثم إعادة القبض عليه، ثم كرر نفس القصة حينما دخل في مواجهة مع المتشددين بالجماعة الإسلامية بالجامعة، وظل سالم ومنتصر ضحايا مناورات فؤاد الشرنوبي حتى مشهد النهاية والذي أطلق فيه فؤاد النار عليهما، والفيلم ليست به أحكام مطلقة للخير والشر.. ولكنهم بشر لهم وعليهم، ولأن للأسماء دلالات في كل أفلام عاطف الطيب.. فكان مدهشاً أن الخاسر الأكبر من كل الأحداث اسمه "منتصر".. والذي دفع حياته بلا ثمن اسمه "سالم"!
5 مشاهد
نفسي ارجع الحاجر يا أم سعيد.. الحاجر حاجة تانية

طول عمرك تعمل حاجات غلط والناس يصقفوا لك في الآخر
الأحسن في شغلتنا انك تسيب اللي فاهم يتصرف
كنت خايفة تمشي في سكة أبوك وتروح مني.. لكنك عشت متعلق بين السما والأرض
لهجتك زى لهجته.. انتوا بلديات؟
عصا موسي
هناك مشهد مهم جداً في الفيلم يشرح القصة التى عشناها ونعيشها سواء بقصد أو بحكم "الاعتياد".. فكرة "الإلهاء" سواء للإعلام أو البسطاء بنظرية "بص العصفورة".. ولكنها معروفة بمصطلح "عصا موسي"، وهو أسلوب يعتمد على القاعدة الإعلامية التي تقول إن الخبر الجديد يزيح الخبر القديم.. وإذا لم يكن هناك خبر جديد وحتى لا يتحدث الناس عن شيء بعينه يقومون بصنع خبر جديد بأنفسهم، يقول الحوار الذي كان بين الضابط العائد من دورة تدريبية في أمريكا ورئيسه:
- كل الصحف يافندم قومية ومعارضة سابت خالص موضوع المرأة الحديدية وقصة هروبها وركزت على قضية منتصر.
- كان عندك حق لما قلت إنها عصا موسى، حتى استجوابات مجلس الشعب خلاص مبقاش لها قيمة لان مفيش ضغط اعلامى.. بس مش ملاحظ إن المسألة زيادة شوية وواخدة أكتر من حجمها؟
- فى أيدينا يافندم.. On our hand .. تحب سيادتك نستصدر قرار بوقف النشر؟
- لالا خليها يومين كمان وبعدين نبقى نوقف النشر
- تحت أمر سعادتك وأهى الورقة فى أيدينا، ننزل بيها وأحنا عايزين ونخبيها وقت مانحب.
- أنت تركيبة شياطين فعلا يافؤاد، أنتا كنت فين من زمان؟!!
- فى أمريكا يافندم، إيه رأى سعادتك فى الشغل الامريكانى؟
التنويحة الصعيدية
منذ لحظة نزول تيتر الفيلم يبدأ نواح صعيدي شهير مع صوت الصقر وكأنه ينذر بوقوع كارثة، و"التنويحة" التى ظهرت في الموسيقي من تراث وزارة الثقافة.. والوزير الأسبق فاروق حسني هو السبب في ظهورها للنور، حيث ساعد المخرج عاطف الطيب أن يأخذها كشيء تراثي من الوزارة ضمن تتر الفيلم، وأصل هذه التنويحة يرجع لمحافظة سوهاج واسمها "تنويحة صياد الصقور" وكتبها أحد الرحالة الفرنسيين كما سمعها ونقلها بالصعيد في القرن ال 19 ثم قام بتسجيلها الباحث الروماني "تبريو" في الستينات في مشروع لجمع الفولكلور المصري، وظهر ألبوم في التسعينات اسمه "الموسيقي الشعبية المصرية" يضم حوالي 27 قطعة قصيرة لأغاني وموسيقي شعبية مصرية وسجل تبريو من ضمن المقطوعات هذه المقطوعة الشهيرة والتي تقول كلماتها "ياااااا بَكرِتِي، يا بدر الديار رن الجراس رنانة، أبي أريد خدا البحور أنا حيرانه" وبالطبع هي كلمات غير مفهومة سبق وشرحها الموسيقار مودي الإمام قائلاً: الصعايدة بالذات يحبون التقاليد والمبادئ وشخصياتهم واضحة وجريئة ويقدسون الشرف. المخرج عاطف الطيب اختار شخصية بطل الفيلم من قرية قرب سوهاج،
ولهذا الاختيار تاريخ شرحه لي عاطف لأنه صعيدي، هناك تقليد قديم ومستمر حتى الآن، رحلة التجار للسوق على الجمال لجلب البهارات والعقاقير الطبية والعطارة، ويسافرون من الحبشة إلى سوهاج مروراً بالسودان والنوبة والأقصر وأسوان. التجار فيهم النوبي والسوداني والحبشي، وباستمرار أوجد هذا التقليد عندهم تراثاً ولهجة هي خليط من كل لهجات المنطقة، ولديهم غناء بنفس الطريقة، فوجد عاطف الطيب أن هذا الرجل "الذي صدر صوته بالفيلم" يغني بالسوداني والحبشي والصومالي والعربي في نفس الوقت وهو يغني حتى "يُصَبّر" نفسه والجمل، فيغني عن الوحدة والسماء والنجمة والطريق، وعن اشتياقه للبحر والماء وهو في الصحراء ولكن بكل اللغات، وقد وجد عاطف تسجيل صوت هذا الرجل في إحدى موسوعات المؤثرات الصوتية الخاصة بالتراث وحضارات الشعوب، وقال لي إنه يريد استعمال صوت وغناء هذا الرجل.. لأن فيه الغربة والوحدة التي يشعر بها بطل الفيلم منتصر، فشعرت أنني في امتحان. أولاً لأن المخرج طلب ذلك وله كل الحق لأن الفيلم فيلمه وحلمه، ثانياً لأنني سأتعامل مع "وثيقة" ويجب ألا أهين صوت الرجل، فخطر في بالي أن أصاحب غناء هذا الرجل وأعبر عما يقوله بأصوات موسيقى، لأن الكثيرين لن يفهموا ما سيقوله، لكنهم سيفهمونه عن طريق الموسيقى.
مفاجأة
السيناريست الكبير مصطفي محرم له روائع في السينما المصرية مثل "أغنية علي الممر" و"أهل القمة" و"ليلة القبض علي فاطمة" و"الجوع" و"يا عزيزي كلنا لصوص"، وقدم مع العبقري أحمد زكي أفلاماً مثل "الباطنية" و"الراقصة والطبال" و"الحب فوق هضبة الهرم" ثم "الهروب"، وقد اتصلنا به لسؤاله عن بعض التفاصيل الخاصة بفيلم الهروب.. ولم نكن نعلم أننا علي موعد مع مفاجأة، فشخصية "منتصر" حقيقية ولها قصة مثيرة بالفعل، يقول: الحكاية أرويها لأول مرة ليس لأنها سر.. ولكن لم تأت مناسبة طوال السنوات الماضية، ففي سنة 1990 كنت أبحث مع عاطف الطيب عن فكرة جديدة نقدمها للسينما.. وبالصدفة قرأت في صفحة الحوادث حكاية لص دخل إلي إحدي الشقق ليسرقها وقتل صاحبها والذي كان بالصدفة طياراً، وهو بالفعل من قرية الحاجر بالصعيد، وعن طريق أهله – مثلما جاء بالفيلم – حصل علي مسدس ونجح في الهرب من المحكمة خلال جلسة محاكمته قبل أن يقبضوا عليه بعد ذلك،
وخلال هذه الفترة كانت هناك أمور كثيرة تشغل الناس ولكنهم تركوا كل شيء وتتبعوا أخبار هذا المجرم في الصحف، فعرضت الفكرة علي عاطف الطيب وتحمس لها وبدأت في صياغتها ولكن بطريقة مختلفة وبأحداث متشابكة تصلح سينمائياً، وكانت فكرة "عصا موسي" السحرية التى بإمكانها ابتلاع كل "الثعابين" هي صلب السيناريو من البداية.. وكانت المرة الأولي التى يتم طرح هذه الفكرة سينمائيا بهذا الوضوح والجرأة، وكيف أن النظام – أى نظام – يستخدم أحياناً "الإلهاء" بأى شيء للتغطية علي أمور أخري سواء بالحق أو بالباطل.. والمصيبة الأكبر استخدامهم للإعلام في ذلك، وبالمناسبة.. هذه الفكرة هي كانت مشكلتنا مع الرقابة سواء عند عرض القصة والسيناريو أو حتى بعد تصوير الفيلم، ووقتها رفضت الرقابة عرضه..
وكان الفيلم سيعرض في مهرجان فالنسيا، ولذلك ذهبت مع عاطف الطيب إلي وكيل وزارة الثقافة المسئول وقتها عن الرقابة.. وبعدما شاهد الفيلم قال لنا إنه معجب به لدرجة تصريحه بعرضه علي مسئوليته، وهو كان علي وشك الخروج علي المعاش.. وربما هذا جعله أكثر جرأة ليقول كلمة حق، وهناك أمر مهم له علاقة بالأحداث.. فأنا أصلاً من طهطا بمحافظة سوهاج.. وعاطف الطيب من جهينة أيضاً بمحافظة سوهاج، ولذلك كان سهلاً بالنسبة لنا تخيل الواقع والظروف المحيطة بشاب من قرية الحاجر السوهاجية كان يبحث عن لقمة عيش شريفة ولكن الظروف ساقته لكي يصبح مجرماً ومطارداً، وأحمد زكي لي معه حكايات كثيرة.. فهو ظهر في عدة أدوار مميزة مثل "أبناء الصمت" و"شفيقة ومتولي" و"العمر لحظة" و"إسكندرية ليه"، ولكن في عام 1980 رشحته لدور كبير في فيلم "الباطنية" مع نادية الجندي ومحمود ياسين وفريد شوقي وفاروق الفيشاوي..
ووقتها كانت نادية الجندي والمخرج حسام الدين مصطفى والمنتج محمد مختار معترضين علي اختياره ورشحوا ممثلاً آخر ولكنني صممت عليه لإيماني بموهبته غير المحدودة، والفيلم شهد أول وآخر دور تراجيدي للنجمين محمد هنيدي وأحمد آدم، كما انطلقت منه أسماء لموهوبين أمثال صلاح عبد الله ومحمود البزاوي وعبد الله مشرف وعايدة فهمي وبسام رجب ومفيد عاشور، كما تؤكد هالة صدقي أن أحمد زكى صفعها فى أحد المشاهد على وجهها لدرجة أن النزيف الذي ظهر علي فمها كان حقيقياً.. ورغم ذلك صمم المخرج علي إعادة المشهد أكثر من مرة، والطريف أن المخرج عاطف الطيب أخبر أحمد زكي بأن المشهد الذي يصعد فيه البطل فوق قطار الصعيد هو "بروفة" لكي لا يكون متوتراً وطبيعياً.. وبعد تصويره فاجأه بأنه المشهد الفعلي ولن يعيده.
الحاجر 2016
منذ بداية الفيلم والحلم واضح.. البطل يتمني العودة إلي سر وجوده "نفسى أرجع الحاجر"... وهي قرية صغيرة كل شيء فيها صعب ولكنه يراها الحل لكل مشاكله، وحسب سياق الفيلم.. فإن "منتصر" عاد فعلاً ولكن بعد أن نزل تيتر النهاية وانصرف المشاهدون.. فقد عاد جثة هامدة ليدفن هناك، فالموت جعله يكف عن التحليق وينزل للأرض للمرة الأخيرة.. تماماً مثل الصقر الذي عشقه. و"الهروب" من الأفلام القليلة بالسينما المصرية التى تتم فيها الإشارة لمكان بالتحديد..
قرية الحاجر بمركز ساقلتة بمحافظة سوهاج، وهي نفسها القرية التى انتشر اسمها في مانشيتات الصحف خلال الشهر الماضي عندما غرقت بسبب السيول القادمة من الجبل الشرقى الملاصق للقرية، وذلك بعدما انهارت السدود الموجودة ومخرات السيول أمام تدفق المياه بقوة، ووصلت المياه من حدود القرية الشرقية إلى حدودها الغربية، واجتازت الترعة الفاروقية، ووصلت إلى عدد من المساكن الأخرى وأغرقت شوارعها، صحيح أن محافظ سوهاج قام بتشكيل لجنة من الوحدة المحلية بمركز ومدينة ساقلتة ومديريات التضامن الاجتماعي والطب البيطري والصحة والزراعة لحصر التلفيات التي تعرض لها أهالي الحاجر وصرف التعويضات.. ولكن أهالي القرية يتذكرون قصة أخري تستحق أن يتوقف عندها المسئولون..
وهي خاصة بسد الحاجر الذي تكلف 2 مليون جنيه ولم يقاوم السيول لمدة نصف ساعة وانهار تماماً، كما انهم عاشوا أياماً صعبة بسبب العقارب والثعابين التى حملتها المياه من الجبل إلي بيوتهم، فهؤلاء البسطاء خلال ساعات تعرضوا لخسائر فادحة بمخزون القمح والمواد الغذائية والأثاث وانهيار عدد من المنازل التى تم بناؤها بالطوب اللبن والطين ونفوق كمية كبيرة من الدواجن والحيوانات.. وهذه ليست المرة الأولي، فقد سبق وتعرضت الحاجر للسيول فى عام 2013 وكان أقوى من ذلك بكثير، علماً بأن القرية تعاني – كما جاء بالفيلم – من انتشار السلاح بين الأهالي ويتم ضبط كميات كبيرة كل فترة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.