للفنان الكبير الراحل أحمد زكى ذكريات عديدة مع «الأسبوع»، فقد التقيناه وزملائى أكثر من مرة داخل مقر الجريدة فى ندوة كانت وقتها حديث الوسط الصحفى، كما التقيناه مرات عديدة لإجراء حوارات صحفية، حرص على أن يخص «الأسبوع» بها، وقبل الندوة الشهيرة وفى أثناء التحضير لها، دار بينى وبينه هذا الحوار القصير.. ما أفضل أفلام محمد خان من وجهة نظرك يا أستاذ )ولم يكن الثنائى وقتها قدما أيام السادات( فأجاب بحسم «زوجة رجل مهم» طبعا.. وسألنى بدوره عن أفضل أفلام المخرج الكبير فقلت من غير زعل.. فقال بغير اهتمام كمن أدرك أن الإجابة لن ترضيه: مش هزعل.. فقلت )الحريف( فقال.. طب ليه الحريف.. فقلت لأن «خان» كان يعشق شوارع مصر وحاراتها و«فارس» بطل الحريف هو نموذج مهم فى الشارع المصرى الذى كان «خان» أفضل مخرج تعامل معه وكان يردد دائمًا.. يا جماعة انا مخرج شوارع، فابتسم قائلًا «ده محمد خان طلع أشهر منى». فقلت، وعاطف الطيب، فلم يجب، وقال « طيب أقروا الفاتحة الأول»، وأضاف وقد تساقطت الدموع من عينيه: «عاطف ده أبويا وأخويا وقدمت معاه أفضل أفلامى، وفجعت فى رحيله المفاجئ، وشعرت بالقلق على مستقبلى وفنى من بعده، مع عاطف كنت بَفِن )بفتح الباء وكسر الفاء(، ولو أمهلنا القدر كنا قدمنا معًا أفلامًا أخرى جيدة». واليوم تمر الذكرى ال12 لرحيل النجم الكبير، ولم يستطع أحدهم أن يملأ الفراغ الذى تركه، فقد كان أحمد زكى نموذجًا فذًا لممثل السينما، يدرك أن استخدام تعبير الوجه من أهم سمات الممثل، وكان حريصًا على الحفاظ على هذه المهارة فى كل أفلامه ما أدى إلى تخفيف المهمة الملقاة على عاتق المخرجين الذين عمل معهم فلم يلق أى منهم معاناة فى أثناء توجيهه أمام الكاميرا، وفى أحد مشاهد فيلم «الهروب»، أبدع زكى فى استخدام هذه المهارة التى كان يتميز بها، وهو مشهد نقل منتصر من السجن إلى مقر المحكمة لبدء جلسة محاكمته، وعلى الرغم من ان الكاميرا كانت خارج عربة الترحيلات فيما كان هو داخلها، إلا أن ملامح وجهه كانت حادة ومؤثرة ومعايشة للمشهد، وأضافت له ما يدل على إصرار منتصر على الهروب لحضور جنازة والدته. كما أجاد أحمد زكى فى استخدام حركات جسمه فى الأداء، وهى المدرسة التى أسس لها المخرج الأمريكى الكبير إيليا كازان، من خلال المركز التعليمى بهوليوود الذى يحمل اسم» ستديو الممثل»، والذى تخرج فيه كبار ممثلى العالم مثل مارلون براندو وروبرت دينيرو، وتأثر بهما أحمد زكى ونجح فى تطبيق تعاليم مدرسة «كازان» فى استخدام تعبير الوجه والجسم بطريقة مذهلة. وإلى يأتى من يستطيع ملء الفراغ الذى تركه أحمد زكى ستظل أفلامه هى المتعة والبسمة والحلم الذى يفارق محبى وعشاق الفن السابع.