تصوير : محمد مصطفى إمام مسجد السيدة نفيسة يكشف: كتب وزارة الثقافة مسئولة عن صناعة الإرهاب .. وغياب دور الدولة نشر الفكر المتطرف فى العشوائيات والقرى كل من يخرب فى دين الله أنا مع سجنه .. وإذا كان هناك عقوبة أكثر تطبق عليه الإعلام لا يعطينا المساحات الكافية لتوعية الناس، فكل تركيزه علي"تفاهات" الله جميل يحب الجمال .. وبالتالى ليست هناك مشكلة لأن يخلع الشيخ عمامته ويرتدى القميص والبنطلون المطالبون بإلغاء مادة الدين في المدارس يريدون الفوضى ومجتمعاً ملحداً الأزهر يعمل ليل نهار .. والكنيسة مؤسسة وطنية محترمة وحكيمة. إسلام البحيرى كان أولي به مناقشة أفكاره مع الأزهر بدلا من وصفه الأئمة ب "قطاع الطرق " كتب التراث لم تحرض على قتل أهل الذمة أو هدم الكنائس مناهج الدين بمدارسنا دون المستوى .. والإعلام والتمويل الداخلى والخارجى سبب نشر الفكر المتطرف قبل أيام دقت الكنائس المصرية أجراسها احتفالا بعيد الميلاد المجيد وفي مقدمتهم الكاتدرائية المرقسية بالعباسية التي وقع في حرمها تفجير الكنيسة البطرسية في عملية إرهابية انتحارية قام بها شاب في بداية عقده الثاني اسمه محمود شفيق، لكن حتى الآن يبقي السؤال الأهم : من المسئول عن صناعة أمثال محمود شفيق ورفاقه؟ وعلى من تقع مسئولية صناعة الإرهاب بوجه عام؟ هذا ما يحاول الإجابة عنه الشيخ عبد الله رشدي- إمام وخطيب مسجد السيدة نفيسة- كما أنه من علماء الأزهر الشريف والذي أصبح بدوره التاريخي ومكانة علمائه وأهميته مسئولاً عن تطوير الخطاب الديني بشكل متعلق بالسؤال .. والإجابة أيضاً . في رأيك .. كيف تفسر فكر شاب مثل محمود شفيق مفجر الكنيسة البطرسية الذي تحول من شاب عادي إلي إرهابي منتحر في شهور معدودة؟ بالنسبة لي، هو شاب ضائع لم يجد ما يفعله، فتم غسل مخه وتسميم أفكاره واستقطابه باسم الدين، وجميع الأديان السماوية من هؤلاء براء. البعض يعيد صناعة الإرهاب في مجتمعاتنا إلي استغلال أمراء الإرهاب لبعض التفسيرات الفقهية ولكتب التراث الإسلامي واستغلال الدين في تجنيد الشباب.. كيف تثمن هذا التفسير؟ للأسف هذه الآراء بدأت تظهر في مجتمعنا، ولها أيضا منابر إعلامية تتحدث منها، وتختزل مشكلة صناعة الإرهابيين في كتب التراث، وتقول: إن تلك الكتب محرضة علي قتل النصارى واستباحة أموالهم ونفوسهم ودور عبادتهم، هذا الكلام غير صحيح جملة وتفصيلا، فالتراث الإسلامي يحرم قولا واحدا وقاطعا قتل معصوم الدم، وهؤلاء المعصومون 4 أنواع : المسلم والذمي والمعاهد والمستأمن ، فكتب التراث بها تفسير لحديث لسيدنا محمد- صلي الله عليه وسلم- يقول فيه:" ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة"، فدرسنا في الأزهر الشريف للإمام الرملي وهو شافعي المذهب تفسير يقول فيه:" القتل ظلم وهو أكبر الكبائر بعد الشرك"، وشمل التفسير الأنواع الأربعة من المعصومين التي ذكرتها، والإمام ابن قدامه يقول- في هذه المسألة عن غير المسلمين ولم يحدد-:" من أعطاهم الأمان منا من رجل أو امرأة أو عبد فعهده جائز"، وذلك علي سبيل المثال وليس الحصر، فكيف تكون كتب التراث الإسلامي تحرض علي قتل أهل الكتاب أو الإرهاب أو تصنع الإرهاب كما يدعي البعض. هل سجن أصحاب الرأي مثل إسلام البحيري حتى إذا كان برأيهم بعض الجرأة يمكن أن يؤدي إلي مجتمع مغلق أفكاره راكدة غير متجددة .. فيصنع الإرهاب؟ الدين ليس مجالاً نعبث به، والفكر يواجه بالفكر لكن هذا عندما يكون ما يقال فكراً من الأساس، لكن عندما يكون عبارة عن دعوة لرمي كل فكر سابق في سلة المهملات، فهذا يعني أنك شخص لا تدعو للفكر والمناقشة، بل تدعو إلي التبديد، فقتل المعرفة مثل قتل الأشخاص، فأي علم علي وجه الأرض التفكير فيه بناءً علي قواعد ذلك العلم، فهذا تخريب والتخريب يواجه بالحسم والقانون، إسلام البحيري أو غيره بدلا من وصفهم الأئمة ب "قطاع الطريق" و"دعاة إرهاب" كان أولي بهم أن يأتوا للأزهر ويجلسوا مع علمائه ويتناقشوا في أفكارهم. إذن أنت تؤيد سجن أصحاب الرأي؟ نعم، كل من يخرب في دين الله أنا مع سجنه، وإذا كان هناك عقوبة أكثر من ذلك تطبق عليه. لكن السجن- أحيانا كثيرة- يكون رحمًا لحمل الأفكار المتطرفة، فالفكر القطبي القائم علي تكفير المجتمع، ولد في السجن مع مؤسسة سيد قطب؟ هذا ليس مبرراً، لأن أترك كل من يدعو إلي الأفكار المخربة أن ينشرها بين الناس، فالنص القرآني الذي ليس معه اجتهاد قال:(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، عندما أشيع بين الناس أن تفسيرات دينكم خطأ، فهذا أقل وصف له أنه تخريب، فالموضوع هنا بالضبط مثل رجل غير مقتنع بالنظام الحالي، فيظهر علي الفضائيات ويقول: إن هذا النظام يجب خلعه بالسلاح والدم، ويحرض علي قتل ضباط الشرطة والجيش، هنا خرجنا من حد الفكرة إلي الإرهاب، والمبارزة والتحدي، فإذا أحرقنا كتب التراث والتفاسير فكيف أعلم ضوابط ديني؟ فمثلا كيف أصلي صلاة الظهر، أو حج بيت الله الحرام؟ بهذا الشكل لن يكون عندي فكر، بل يكون عندي معبثة. انتشار دعاة الإخوان في مساجد وزوايا المناطق العشوائية والقرى طوال السنوات الماضية في ظل غياب دور الأزهر ومراقبة وزارة الأوقاف نستطيع أن نعتبره ضمن أسباب صنع الإرهاب؟ كل من يعلم الناس القتل وسفك الدماء وهدم الكنائس أو أي دور عبادة فهو إرهابي، أيًّا كانت ملته وعقيدته، لا شك أن انتشار هذا الفكر طوال السنوات الماضية كان سببا في ذلك. لكن هؤلاء الدعاة- إن جاز التعبير- كانوا يعتمدون في نشر أفكارهم وسندهم وحجتهم كتب التراث؟ نحن كطلاب علم في الأزهر نقرأ هذه الكتب من خلال قاعدة صغيرة مكونة من 4 كلمات، هي:"حكم الحاكم يرفع الخلافة"، فعندما يكون مذهبا أو اثنين أو ثلاثة، فيتبع المذهب أو الرأي الذي اختاره ولي الأمر، وتكون المسئولية أمام الله عليه فهو من سيحاسب، لكن أصحاب الفكر المتطرف كانوا يفسرون ويعلمون الناس خطأً. من المسئول عن نشر الفكر المتطرف واعتلاء منابر المساجد طوال السنوات الماضية؟ الدولة عليها عامل بالطبع، فكان يجب أن يحارب هؤلاء ولا يسمح لهم بنشر أفكارهم المسمومة، فعلي الأقل إن لم أسجنه كان يأتي بهم ويجلسون أمام مشايخ الأزهر وتحدث مناظرات علنية ليظهر أمام الناس جهل هؤلاء المدعين، وكان يجب أن تشجع الدولة الشيوخ والدعاة الحقيقيين من خلال نشر كتب لهم وفتح منابر إعلامية يتواصلون بها مع الناس لتفتيت أدبيات هذا الفكر. دعاة الإرهاب يقنعون الشباب أن كتب التراث بها إجماع ينص على أنه" لا قصاص من المسلم إذا قتل ذمي" وبذلك قتل الذمي حلال ولا شيء علي المسلم.. هل هذا صحيح؟ "ده كلام فاضي"، أول واقعة قتل مسلم لذمي في تاريخ الإسلام وقعت فى عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ومن سُفك دمُه كان يهودياً ، فماذا فعل سيدنا عمر ؟ أمر بقتله قصاصا لليهودي، سيدنا عثمان بن عفان عرضت عليه نفس القضية فأمر بنفس حكم عمر بن الخطاب، سيدنا علي بن أبى طالب كان له جملة رائعة يقول فيها:"من كان له ذمتنا فدمه كدمائنا"، عمر بن العزيز- خامس الخلفاء الراشدين- والإمام أبو حنيفة والإمام مالك حكموا بنفس الحكم الذي حكم به عمر بن الخطاب، فمن يروج غير ذلك كاذب ومضلل. هل لدينا خطاب ديني حقيقي؟ الخطاب الديني معناه التجديد والتيسير، وشرح المصطلحات القديمة وتفسيرها علي أرض الواقع، وربط الواقع بأصول الدين، يعني مثلا لا نكون في حالة حرب علي الإرهاب ويتحدث الأئمة عن بر الوالدين، ودعاة الأزهر لا يفعلون ذلك، فالدعوة تتم الآن بربط مشاكلهم بأصول الدين. لماذا لا نشعر بنتائج الخطاب الديني الموجود؟ الإعلام لا يعطينا المساحات الكافية لتوعية الناس، فكل تركيزه علي"تفاهات" وبرامج المنوعات. لماذا لم يكفر الأزهر- حتى الآن- الجماعات الإرهابية والمنتمين لتنظيم داعش مصنع صناعة الإرهاب الجديد؟ هذا هو الصحيح ، فماذا أفعل بعد التكفير؟ لا يخرج المرء من الإسلام إلا بكفره بالله ورسوله، فمسألة التكفير من عدمه مسألة عقائدية بحتة لا تغير في الواقع شيء، فمثلا مصري ارتكب جريمة فيتم معاقبته عليها، ولكن لا تسقط عنه الجنسية، ذلك الحال مع الإرهابيين، فهو مسلم لكنه مسلم فاسق، يرتكب الجرائم التي أقر الإسلام عقابها. هل- حتى- المظهر الخارجي للدعاة مطلوب فيه التجديد؟ بالعكس.. إن الله جميل يحب الجمال، فليست هناك مشكلة أن يخلع الشيخ عمامته، وإن كانت العمامة شرف، ويرتدي القميص والبنطلون، فالشرع لم يحرم ذلك. ما رأيك في مناهج الدين التي تدرس للتلاميذ في المدارس؟ تحتاج إلي تقوية، فهي ضعيفة جدا ودون المستوي، فالطالب يشب وكل معلوماته الدينية قشور، وبالتالي يسهل غسل مخه واستقطابه وملء نفسه بالأفكار المسمومة تحت عباءة الدين، نريد الطالب أن يتعلم فقه المواطنة. البعض يري أنه يجب إلغاء مادة الدين من الأساس واستبدالها بمادة يطلق عليها " المواطنة " يحضرها الطلاب المسلمون والمسيحيون سواء، حتى لا يكون هناك تمييز لفئة على أخري.. ما رأيك؟ الله- سبحانه وتعالي- يقول في كتابه الحكيم:( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، فكيف ألغي مادة الدين، فما المانع أنه في تلك الحصة يذهب الطلاب المسيحيون ليتعلموا دينهم والطلاب المسلمون يتعلمون دينهم أيضا، فأصحاب هؤلاء الفكر يريدون الفوضى ومجتمعا ملحدا بلا دين، وهذا أيضا لا يقل خطورة عن خطر أصحاب الفكر المتطرف. من أين نحصل علي معلوماتنا الدينية في حالة التخبط والتشكك التي نعيشها؟ دائما أي شخص يقول لك معلومة، فقل له ما سندك ودليلك؟ واجعل القرآن والسنة هما سندك الأول. خطبة الجمعة الموحدة.. البعض يراها سببا لانصراف الناس عن مشايخ الأزهر والأوقاف لعدم وجود التجديد بها؟ هذه وجهة نظر وتحترم، لكن هي لا تتم بهذا الشكل، فهناك اجتماع كل أسبوع يبحث فيه المشاكل الحياتية التي تشغل الناس، وبناء عليه يتم اختيار خطبة الجمعة، ويترك لكل إمام الشرح والتفسير بطريقته، لكن هناك نقطة أخري أحب أن ألفت إليها النظر، فدعاة الفكر المتشدد لهم منابر إعلامية وتمويل داخلي وخارجي، فهناك تقصير من جانب الدولة في هذه النقطة، فحتى الآن الأزهر ليس له قناة تليفزيونية رسمية. البعض يري أن فكرة بيت العائلة غير مؤثر وليس له فائدة .. فما تعليقك؟ لا طبعا.. هذه فكرة جيدة جدا، ويجزي عليها الإمام الأكبر وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب كل خير، بالمناسبة بيت العائلة ليس هدفه حل المشاكل الطائفية، فنحن ليست عندنا أحداث طائفية، فما يتم عندنا مشاكل عادية بين مواطنين، واحد مسلم والآخر مسيحي، فقبل أن تكبر المشكلة وتستغل طائفيا من الجماعات الإرهابية بيت العائلة يحلها في مهدها. عندما يشاهد الشباب أحد أعضاء مجلس النواب وهو يهاجم أدب نجيب محفوظ .. فهل هذا يمكن أن يكون سببا للانغلاق الفكري وصناعة التطرف؟ طبعا الأدب شيء جيد ولا يمكن مهاجمته، لكن ما المانع أن يهاجم بعض الأفكار في الأدب، ففي النهاية صاحب الفكرة بشر وغير معصوم من الخطأ. جهات مثل وزارة الثقافة ووزارة الشباب والتربية والتعليم والأوقاف والجامعات مسئولة عن صناعة الإرهاب بنسبة كم بالمائة في رأيك ؟ من وجهة نظري، وزارة الثقافة مقصرة بنسبة كبيرة جدا، فوزارة الثقافة تنشر كتباً بها أفكار تظهر الدولة أنها " كافرة " ويستحل دماءها من جانب الجماعات التكفيرية، فلماذا لا تنشر وزارة الثقافة بالتعاون مع الأزهر كتباً تعرف الناس بدينها؟ بدلا من نشر كتب عن الإلحاد ، فتجعل أصحاب الفكر المتطرف لهم حجة ومنطق في تجنيد الشباب وتقول لهم انظروا الدولة تتبني الأفكار الكافرة، فهي عليها عامل كبير، وزارة التربية والتعليم والجامعات مناهجها تحتاج إلي تطوير، لكن لا أستطيع أن أقول: إنها مسئولة عن صناعة الإرهاب، فالمسئولية علي الثقافة، وزارة الشباب مطلوب منها تنظيم ندوات توعوية أكثر، والأوقاف تقوم بدروها. هل رجال الأزهر والكنيسة يقومون بدورهم في دحر صناعة الإرهاب؟ الأزهر يعمل ليل نهار، ويقوم بدوره علي أكمل وجه وكما ينبغي، والكنيسة مؤسسة وطنية حكيمة نقدرها ونحترمها ونحترم رجالها جميعا