فتاة فى أوائل العشرينيات من عمرها .. شعرها قصير للغاية وترتدى نظارة ومع ذلك تحتفظ بقدر كبير من الأنوثة , كانت منهمكة فيما تقوم به , تتقنه بحرفية , تبدع فى تقديمه , تعلو وجهها ابتسامة صافية , وعندما اقتربت لكى أكتشف ما تقوم به .. وجدت نفسى أمام " نصبة شاى " .. وهو ما دفعنى للحديث مع "منة الله الحسينى " , والتى تدرس بالسياحة والفنادق ، وهي بدأت حياتها العملية منذ عام 2008 بمجالات كثيرة مثل المبيعات وخدمة عملاء ثم مؤخرا ركزت فى العمل بمقاهى وسط البلد , ورغم أن قدرتها فى الحصول على وظيفة مريحة مناسبة لها كبنت .. ولكنها فضلت العمل فى الكافيهات والمقاهى؛ لأن العمل بالنسبة لها ليس مجرد وسيلة للحصول على قوت يومها .. بل هو تحقيق لذاتها ، وفكرت فى وسيلة للحصول على وظيفة تضمن لها الأمان المادى، وفى نفس الوقت تتيح لها الدراسة بدون إزعاج رب العمل .. فكانت فكرة "النصبة" ، تقول منة : كان أمامى تحد وهو أن أتغلب على النغمة السائدة بين الشباب , بأن نسبة البطالة مرتفعة وأنه لا محالة أن أحصل على عمل حر يتيح لى الدراسة وممارسة هوايتى, فجاءتنى فكرة "نصبة الشاى" ، وبدون تفكير نزلت الحسين وطلبت من أحد الحدادين هناك تصميم عربة بمواصفات أعطيته إياها , ثم واجهتنى مشكلة الكهرباء خصوصا أننى قررت ألا أكون مثل باقى الباعة الجائلين الذين يقومون بسرقة الكهرباء من أعمدة الإنارة العامة ، ولكن مع الأسف انتظرت أكثر من شهر لكى أحصل على رخصة قانونية للإنارة ولم أفلح , فتوجهت للحداد مرة أخرى واشتريت أنبوبة غاز صغيرة، وطلبت منه فتح عيون بالعربة كأنها بوتاجاز .. ثم بدأت العمل فورا , وحاولت جاهدة توصيل فكرة لمن حولى بأن هذه " النصبة " ليست مجرد وسيلة للربح فقط .. فمثلا كل الباعة الجائلين تجد حولهم كماً ضخماً من القمامة وروائح كريهة .. لكنى حرصت أن يكون لدى كيس قمامة كبير أجمع فيه المخلفات لكى أحافظ على نظافة المكان من حولى . وعن المعوقات التى تواجه منة كونها بنتا تقف على " نصبة شاى " تقول : لم أتعرض لأى مضايقات باعتبارى أنثى , يمكن اكثر حاجة سببت لىّ أزمة حتى الآن هم " المجانين " المتواجدون فى المنطقة ، ففى أول يوم عمل لى تعرضت للضرب بزجاجة من مختل عقليا، رغم أنى كنت أقدم له كوب شاي بالكريز, طبعا إضافة إلى مضايقات بعض أصحاب المقاهى المعتقدين أنى أحاربهم فى أكل عيشهم، رغم عدم وجود مقارنة بين عملى وعملهم ، فأنا أستهدف الزبون الذى يقف فى الشارع ويرغب فى مشروب فقط ، ولذلك اقدم المشروبات بأسعار مخفضة ، فأغلى مشروب عندى ب6 جنيهات وأرخصها بجنيهين , علاوة على أنني اخترعت بعض المشروبات غير الموجودة فى المقاهى مثل كابتشينو بالشيكولاتة الساخنة، وميكسات المشروبات ، وبإذن الله الخطوة القادمة بعد هذه " النصبة " ستكون قهوة بدون شيشة , وبعد ذلك سيكون لدى كافيه و book store .. وأتمنى أن هذا المقهى يصبح ماركة عالمية فى يوم من الأيام .