لم يقتنع أبدا أنه امرأة، نعم لديه جسم يشبه جسم النساء، في كل تفاصيله الفسيولوجية والشكلية، لكن عقله يرفض هذا، يصر أنه ذكر محبوس في جسد امرأة، واجه عائلته فضربوه، أصابوه، ثم طردوه، اتهموه في نقابة الأطباء بالكفر، ثم بعد اصراره اعطوه موافقة على اجراء العملية، حصل على أول فتوى من الأزهر بجواز اجراء عملية تصحيح جنس لمن يعانون من مثل حالته.. التفاصيل في الحوال التالي.. من أنت؟؟ حاليا اسمي محمد علام.. قبل كده لمدة 21 كنت أعيش كأنثى ولكن في 2004 قررت ترك المنزل والتخلي عن الحياة الانثوية والحياة كرجل، ولذلك أرفض التصريح باسمي القديم فهو ماضي وانتهى.. لماذا في هذا السن الكبير نسبيا قررت تغيير نوعك من أنثى لذكر؟ لأني بدأت أحس اني عندي مشكلة وكان هناك محاولات للعلاج لم تفلح ولذلك وجدت الحل الوحيد اني أصبح ذكر كما يقول لي عقلي. متى بدأت أكتشافها؟ أول يوم دراسة في الاعدادي وهي المرحلة التي يتم فيها فصل الفتيات عن الأولاد، بدأت اعترض على وجودي في فصل بنات.. شعرت وقتها أن هذا الوسط غريب عني.. في الابتدائي كنت دائما ارتاح لاصحابي الولاد، نلعب كوره وعجل مع بعض.. أما البنات فكن أصدقائي ولكن علاقة سطحية، صديقة علشا ارخم عليها أو اعاكسها.. لكن كنت أشعر أني مختلف تماما عنهن. في مرحلة ثانوي ارتبطت عاطفيا ببنت وبدأت كل تصرفاتي تصبح كالذكور، حتى تركيبة جسمي وصوتي، أما في مرحلة الجامعة فلم يقتنع زملائي إني بنت. لماذا تركت المنزل؟ بعد تصاعد الخلافات مع أسرتي خيرتهم بين علاجي أو تركي لأرحل فاختاروا رحيلي وكان هذا في عام 2004. أنت من المنوفية وتعيش في الارياف، ألا ترى أن قرارهم بترك "بنت" من وجهة نظرهم لترحل وتترك المنزل كان قرارا من الصعب الموافقة عليه؟ لما تفضل 12 سنة بتجبر شخص على شيء ضد ارادته وتصل المعاملة لحد الرضب الذي يتسبب لاصابات كبيرة وتنقل للمستشفى أكثر من مرة.. هذا استنفذا كل اساليب عقابلهم فكان الحل الجميل اني اسيب البيت والكل ارتاح للقرار.. الفكرة أني من قرية ومن عائلة مشهورة فالكل خايف على اسمه ومستقبله.. فسيبت القرية للاسكندرية علشان ماحدش يعرف مكاني وقعدوا سنين يدوروا عليه علشان يعرفوا انا فين لأنهم كانوا مراهنين اني شخص مش محترم وشاذ وهيحصلي مصيبة في الشارع أو هرجعلهم بمصيبة. وهل أيدت والدتك هذا القرار؟ انا عندي مشكلة كبيرة ان والدي الله يرحمه متجوز قبل والدتي، وأنجب من زوجته الأولى ولدين وبنتين أصغر واحد فيهم أكبر مني بأكثر من 21 سنة، فكان عندهم ولاد قدي، وكانوا شايفين ان المشكلة تتلخص في إن زوجة ابيهم خلفت عيال مش كويسين وماعرفتش تربيهم. كانوا عاوزين يعامولني زي ولادهم فتدخللوا كتير في حياتنا وانا عملت مشاكل كتير لأمي ودايما كانت متهمة بسببي وفي نفس الوقت كان الفرق بيني وبين والدي أكتر من 60 سنة فكان كل ما يستطيع فعله ان يبعدني من تحت يديهم.. وكانوا في المرحلة الأخيرة يتهموني بالكفر والشذوذ الجنسي وكلام من هذا القبيل ولذلك فرحيلي كان راحة للجميع. وكيف بدأت رحلتك للتحول من أنثى لذكر؟ ذهبت إلي لجنة تصحيح الجنس بنقابة الأطباء وكانت سكرتيرة اللجنة التي من المقترض أن يكون دورها هو استلام الاوراق واستيفائها فقط تتعامل وكأنها الآمر الناهي واتهمتني أيضا بالكفر والشذوذ ورفضت مجرد تسلم اوراقي، كان هذا في 2004 فعدت للاسكندرية مرة أخرى، وفي 2006 عثر اخوتي علي وطلبوا مني العودة للمنزل في مقابل أنهم سيساعدوني في العلاج، وبدأوا فعلا في عرضي على الاطباء، لكن اكتشفت أن أخي الأكبر عقد ما يشبه صفقة مع اخوتي أعود فيها للمنزل ويتفق هو مع اطباء يقنعوني أن حالتي لا تقبل التحول فتركت المنزل مرة. لماذا رفضت النقابة تسلم أوراقك؟ لأن حتى ذلك الوقت لم يكن مسجلا لديها إلا مرض اضطراب الهوية الجنسية والتي يعاني اصحابها من وجود أعضاء تناسلية ذكرةي وانثوية، أما حالتي فمختلقة لأنها تسمى ب "اضطراب الهوية الجندرية" ، وهي تعني أن الاضطراب في المخ والذي يتعامل بهوية جنسية مختلفة عن الأعضاء التناسلية الموجودة في الجسم. من أول طبيب اقتنع بحالتك؟ كنت أبحث على الانترنت بشكل دائم في الموضوع حتى قرأت مقال للدكتور أحمد عكاشة يشرح المرض وقال أن غالبية المصابين به في مصر ينتحرون لأنهم بلا علاج، فبحثت أكثر ووجدت أنهم في الخارج يعتبرون أن اجراء جراحة لتغيير صفات الجسد أسهل بكثير من تغيير العقل. طبعت الأبحاث وتوجهت بها لنقابة الأطباء، وكانوا قد شكلوا لجنة جديدة تتضمن طبيب أمراض ذكوره وطبيبين نفسيين وطبيب متخصص في الجينات، وبعد بحث حالتي اصدروا أول تقرير في مصر يعترف بوجود ما يسمى ب "اضطراب الهوية الجندرية" وأن علاجه الوحيد هو اجراء جراحة وذيلفوا التقرير بعبارة "اللجنة موافقة على اجراء جراحة لتحويل الجنس" وهي العبارة التي سببت لي أزمة نفسية، أنا لا أريد أن أحول من أنثىى لذكر، أنا ذكر ولكن أريد اجراء عملية تصحيح جنس . ذهبت للجنة الفتوى بالأزهر وعرضت عليهم كل الأوراق، وحصلت على أول فتوى مكتوبة من الشيخ محمد وسام خضر مدير ادارة الفتوى المكتوبة بالأزهر وعدت للنقابة فحصلت على أول موافقة في تاريخها على اجراء العملية معتبرة أنها تصحيح جنس. ولكن بعد ذلك وبعدما استفاد البعض بعدي من هذه الفتوى انسحب الدكتور وسام من اللجنة وتغيير مديرها لآخر ضعيف أوقف اعطاء الموافقات للحالات المشابهة لي. بعد حصولك على موافقة النقابة.. ماذا فعلت؟ ذهبت للقصر العيني وطلبت اجراء الجراحة، فرفضوا اجراءها وقالوا "ازاي عملية تتكلف أكتر من 50 ألف نعملهالك ببلاش" فعدت لنقابة الأطباء وقدمت عدة شكاوي انتهت إلى الموافقة على اجراء العملية لكل الحالات المماثلة لي وكان هذا في 2013. لماذا يتم اجراء العملية مجانا؟ لأنها عملية تقام تحت بند البحث العلمي لندرتها وتدرس للطلاب، كما إن الطب الشرعي والسجل المدني لن يعترف باجراء العملية إلا إذا أجريت في مستشفى حكومي ، وكل العلمليات التي أجريت خارجهكانت فاشلة ولم يعترف الطب الشرعي بنتائجها. هل أجريت كل الجراحات المطلوبة ؟ أجريت 70 % من العمليات، فقد أزلت الأعضاء التناسلية الأنثوية وتم تغيير مجرى البول وإغلاق المهبل. ما الذي ينقصك إذن؟ ينقصني تخليق العضو الذكرري وتوصيله بمجرى البول، وكان من المقرر اجراؤها في مارس الماضي ولكن المستشفى تتعلل بحجج لتأجيل العملية مثل وجود مشكلة تقنية في غرفة العمليات! كيف يتم تخليق العضو الذكري؟ يمكن أخذه من الفخذ أو اليد، ولكن العمليات الأنجح عالميا هي المخلقة من الساعد حيث يتم اقتطاع جزء يتضمن شريان وعضله وأعصاب وتوصيلة مما يجعله ذا احساس أقرب للطبيعي. هل أجريت عملية لتعديل صوتك؟ لا فأنا بالفعل كان عندي مشكلة ان الهرمون الذكري مرتفع فصوتي كان ذكوريا بدون جراحة. كيف تم تأهيلك نفسيا لإجراء الجراحة؟ حتى احصل على الموافقة كان يجب أن أخضع للعلاج النفسي لمدة عامين والذي يسعى لتأهيلي للحياة كفتاة، بعده يبدأ علاج نفسي آخر لتأهيلي للحياة كذكر قبل اجراء العملية، لأن ثلث من يجرون عمليات التحول يقدمون على الانتحار بسبب عدم تأهيلهم نفسيا، ويشمل التأهيل تعلم كيفية مواجهة المجتمع وارتداء ملابس الجنس الآخر والتغلب على عقد نفسية، أغلب المتحولين يصبح عندهم شك وريبة في كل الناس ووسواس قهري يقول لهم أن الناس تحملق فيهم وسوف تكتشف ماضيهم ووقتها سوف يقتلونهم، كما يتحول لشخص اناني لإحساسه بأنه ظلم كثيرا. ما هو المجال الذي تعمل فيه؟ أنا معي بكالريوس حاسب آلي ، عندما سافرت للاسكندرية عملت في كافتريا، كان أول شغل في حياتي كولد وكان صعب بس الجميل ان ماحدش حس باي اختلاف وكان يهمني اشوف ده بعيني وبعدها اشتغلت دعاية واعلان ثم عملت في مجال بيع ملابس محجابات بعدها عملت ورشة صغيرة لتصنيع الطرح وعشت ماديا كويس حتى قامت الثورة فتعطلت التجارة وعدت مرة أخى للعمل في مجال الديكورات والتشطيبات والحمد لله ماقعدتش. متى عدت للتواصل مع عائلتك مرة أخرى؟ في 2011، والدي كان قد توفى في 2008 ووالدتي بدأت تدخل في مرحلة خطيرة من المرض فتوسط خالي الله يرحمه وبدأ يصلح العلاقة بيني وبين والدتي ولما خالي توفى 2012 بدأ أخويا اللي اكبر مني يتواصل معي خاصة بعدما قرأ قتوى الأزهر الشريف أما أخي الأصغر مني فلازال يقاطعني. هل تملك الآن بطاقة شخصية باسمك الجديد؟؟ القانون في مصر يمنع استخراج البطاقة إلا بعد اجراء كافة العمليات، تخيل تسير حوالي اربع سنوات بشكل مختلف وبدون أي أوراق، في البداية كان هذا الموضوع يقلقني، أما الآن فأسير بكل الأوراق متضمنة التقارير الطبية وفتوى الأزهر وذلك لإبرازها لأي ضابط شرطة يسألني عن هويتي، وبصراحة أجد منهم معاملة راقية جدا وتفهم. لماذا اخترت اسم محمد؟ في البداية اشتهرت باسم جيفارا، ولكن بعدما استقليت بحياتي قررت اتخاذ اسم محمد لأن كان لي أخ يكبرني مات وعمره سنه واربعة شهور وكان اسمه محمد، وعرفت أنه كان مريض باضطراب الهوية الجنسية حيث كان يوجد لديه اعضاء ذكرية وانثوية في الوقت ذاته. كافحت كثيرا حتى تحصل على ما اعتبرته حقك.. هل فقدت الأمل في أي مرحلة؟ عندما تركت المنزل قلت لوالدي "أنا لا هنحرف ولا هنتحر"، وكانت الكلمة محرك لي في أحلك الظروف.