(أنت هتمثل ولا إيه ، هو فى عصر الاحتراف فيه حاجة اسمها ولاء أو انتماء ) جملة اقتحمت أذني وأنا أتابع مباراة الأهلى والإسماعيلى الأخيرة ولم أصدق أنها تخرج من شخص يطلقون عليه إعلامى للاعب أبدى بعض الضيق لإحرازه هدفا في فريقه السابق.. بعدها بقليل خرج مدير كرة أراه كل يوم في 40 تصريحاً على الأقل ليقول أنقذوا لاعبينا من المنتخبات القومية ورجالها .. تمنيت أن تتوقف الأمور عند هذا الحد لكنى فوجئت بعدها بخناقة على الهواء بين مدرب الفريق الاوليمبي لمصر الكابتن هاني رمزي وإبراهيم حسن حول حقيقة هروب لاعبين صغيرين من الزمالك من المنتخب وهما محمد إبراهيم وعمر جابر .. ولأنه يجب على الإنسان أن يتماسك عند الشدائد حاولت أن أقول : عدى يا ليلة .. لكن في الليلة التالية سمعت أعلامياً أخر يقول طالما اللاعبين أوراقهم مظبوطة وتقريرهم الطبية تمام يبقى محدش له عندهم حاجة.. لست رياضية ولا يعنيني اى فريق من فرق الدوري لأنى من الجيل العبيط الذي تربى على فكرة الانتماء لهذه البلد ولترابها ومنتخبها جيل كان يقال له إن الهدف من كل الفرق المحلية والمسابقات الداخلية من دوري وكأس وسوبر هو خدمة المنتخب وإفراز عناصر جديدة له.. جيل انضحك عليه بفكرة إن الانتماء هو سر استمرار وتقدم الأوطان . هذا الانتماء الذي نبحث عنه بين شبابنا فلا نجده لأنهم جيل الاحتراف يعنى بيع أي شيء من أجل الفلوس فالانتماء الحقيقي لمن يدفع ويؤمن المستقبل للشاب وأولاده وأحفاده في أي مجال لاسيما إذا كان مجال الحديث فيه بالملايين مثل الكورة .. فجيل الاحتراف في الملاعب باع كل شيء لمن يدفع وتحولت كلمة الانتماء لأي نادى من قبل أي لاعب لنكته لذا نجد احد الأندية الكبرى يقرر القيام بحملة تبرعات لتجديد عقود لاعبيه قبل أن يصدمه قرار المجلس القومي للرياضة بتخصيص حملة التبرعات لمنشات النادي ومرافقه فقط وليس للاعبيه الذين لم أسمع عن واحد منهم قرر التبرع براتب شهر ولم يدخل أذني تصريح من تصريحات مدير الكرة الغيور عليه أكثر من اللازم بأنه سيخفض راتبه ولم أر لاعباً يخرج للكاميرات ليقول انه سيتنازل عن مليم واحد من قيمة تعاقده الجديد ، والمبرر مستقبلي ومستقبل أولادي .. تلك الجملة التي أصبحنا نرددها جميعا بلا تفكير وكأن المستقبل في أيدينا وليس في يد الله وحده.. وبنفس الروح الاحترافية الجميلة صار التعامل مع المنتخبات التي أتصور أن الانضمام إليها مثل الجيش واجب مقدس ومن يهرب منه لابد أن نعطيه شهادة (رديء) رياضيا وأخلاقيا .. لكن كيف في هذا الزمن المقلوب الذي يجد الهاربون فيه من يدافعون عنهم ويقولون إن كيميا لاعب بعينه مش راكبه مع كيميا المدرب ، والأدهى أن نحول لاعب هارب من منتخب بلاده لنجم رياضي ونقول مفيش حد دلوقتى زيه في مصر .. وهى مقولة أتمنى أن تكون صحيحة ولا يكون هناك حد تانى زيه لان فكرة تجارة اللاعبين التي صارت تشبه تجارة الرقيق غير مقبول العمل بها للوطن فكل لاعب يعمل لحسابه الشخصي وليس حتى من أجل ناديه لأنه لا انتماء في المطلق يعنى مش بننتمى للنادي ولا ننتمى للمنتخب الحقيقة إن معظم –وليس كل-اللاعبين صاروا لا ينتمون إلا لأنفسهم فمن يلعب بجد في ناديه عينه على زيادة قيمة تعاقده أو الاحتراف الخارجي أو زيادة مكافأته على نسبة المشاركة في المباريات. منظومة مشبوهة الأداء جعلتني أتذكر جملة محمد شرف في فيلم عبده مواسم عندما قال له صبى القهوجي أن الواد عبده أخدوه في المنتخب فرد عليه(هي دي آخرة المشي البطال) .. أخشى أن يتحول الولاء لبلدنا تدريجيا لشيء يعاب على من يفعلونه وترعبني فكرة امتداد الفكر الاحترافى أو بمعنى أصح الانحرافى الكروي لمختلف مجالات حياتنا فنبيع كل شيء لمن يدفع وننتمي فقط لمن يملك وهو فكر موجود وبقوة بين بعض الشباب ونحن نغذيه بمثل هذه الأمور إذ ننمى لديه فكرة البيع وعدم الانتماء ثم نقف ونسأل بتعجب : ليه الشباب بيموت نفسه علشان يهاجر بطرق غير مشروعة ، وليه شباب مصرى أخر يعيش في إسرائيل ويكون أسرة هناك وليه شباب أخر كل حلمه أن يحصل على جنسية أخرى .. وليه شباب يقع فريسة المتاجرين بمشاكله وقضاياه وحتى حبه لدينه ؟؟ لان كله يبحث عن تأمين المستقبل من أول الطالب حديث التخرج وحتى السياسيين واللاعبين والفنانين أصحاب المليارات والملايين .. وفى وسط الهيصة يخرج بعض الإعلاميين الرياضيين آفة الساحة الإعلامية حاليا ليرسخوا لدى الشباب من اللاعبين والمتابعين لهم قيم (ظرفنى تعرفنى ) و(أبجنى تجدنى) وفكك بقى من حكاية الانتماء المملة التي لا يتحدث فيها إلا المعقدون .. الإعلام الرياضي منذ موقفه من أزمة مباراة الجزائر ومصر في أم درمان يحتاج وقفة قوية ، والقائمون عليه أمام وخلف الشاشة يحتاجون إعادة تثقيف ليكونوا أكثر وعيا بكل ما يصدر عنهم حتى لا يزيدوا الطين بله نتيجة جهل غير مقصود أو متعمد من اجل عدد اكبر من الإعلانات التي ترفع أجر الواحد منهم للملايين التي سيؤمن بها مستقبل الأولاد . أما اللاعبين فيجب ألا نتركهم فريسة لمن يتلاعب بأحلامهم لأنهم مثل أي شريحة من الشباب لابد أن يجدوا من يقف بجانبهم ويعيد إليهم الثقة في معاني الانتماء بدلا من اتخاذ مواقف عنترية مثل استبعادهم للأبد من تمثيل وطنهم الذي لا يحق لأحد اختطافه منهم تحت اى مبرر.. عندما يراعى الجميع ضمائرهم ويصبح القول السائد هو الأرزاق بيد الله سنعود ونرى التقاتل على تمثيل بلدنا في كل المجالات والعمل على رفعة شأنها وسنرى اللاعبين يهتفون بحماس بنشيدها عند تحية العلم قبل أى مباراة بدلا مما يحدث حاليا وأخرها مباراة مصر واستراليا حيث لم يكن في المنتخب إلا أربعة لاعبين فقط يهتفوفون بنشيد بلدنا والباقي يلتزمون الصمت.. الانتماء وليس الاحتراف هو الحل لمسيرة شبابنا الذين يجب أن لا يصدقوا انه آخرة المشي البطال!!