يحيي الفخراني .. اسمه علامة مسجلة لنجاح أى عمل درامي علي مدي 25 عاما ، ورغم أن مشواره الفني بصفة عامة يمتد لنحو 40 عاما حقق خلالها مكاسب ونجاحات لكنه لم يشعر بأن طموحه وصل إلي نهايته ، بل لم يشعر في لحظة أنه وصل لكل ما تمناه، فدائما ينتظر خطوة ثانية ، وفي الحوار التالي سنتوقف مع عميد الدراما العربية بعيداً عن العمل ليفتح لنا قلبه.. * وسط كم كبير من المسلسلات والنجوم كانت النتيجة هي الإجماع على أن " الخواجة عبد القادر " هو الأفضل .. هل كنت تتوقع هذا النجاح ؟ أنا لا أتوقع النجاح، فهو شيء غير مضمون ، وليس من المفروض أن أعمل من أجله، فأنا هدفي تقديم عمل مقتنع به، وقدر نجاحه ليس من المهم أن يكون كبيرا، ولكن المهم أن يصل للناس، فأهم شيء في نجاح العمل هو وصوله للمشاهد بشكل واضح ومباشر . * قلت إن المسلسل يعبر عن الإسلام الوسطي وسماحة الإسلام.. إلي أى مدي تري أن المجتمع يحتاج إلي ذلك وسط ظروفنا الحالية؟ نحن نحتاج إلي ذلك دائماً ، فمنذ فترة وقعت عدة أحداث مرفوضة تسببت في رد فعل سيئ عند الغرب والعالم كله وعكست صورة ليست صحيحة للإسلام ، ولذلك فنحن في أمس الحاجة إلي سماحة الإسلام بالطبع، والمسلسل كان دعوة ضد التعصب. * "الناس موتي وأهل الحب أحياء".. جملة قيلت في المسلسل ، هل تشعر بأننا نحتاج لها في وسط التغيرات التي نعيشها ؟ بالتأكيد يجب أن يعطي الناس مساحة للحب وليس للكراهية، والوحدة وليس الانقسام، وهذا نحتاجه جدا الآن . "الدعوة للصوفية" و " مغازلة الإخوان" .. اتهامان تعرضت لهما بعد المسلسل .. ما ردك عليهما؟ الناس تتسرع دائما في هجومها ، ولكن عندما يشاهدون العمل لا يجدون ما يقولونه صحيحاً ، وحدث معي هذا في أعمال كثيرة، فعقب عرض مسلسل " شرف فتح الباب " ادّعى البعض بأنني أدعو الناس لأن يكونوا " حرامية " ، فالمسلسل يجب أن يشاهد كله أولاً حتى لا يتسرع أحد في حكمه ، وأنا دائما أراهن على أن الجميع عندما يشاهد المسلسل بأكمله سوف يختلف رأيهم، وهذا ما حدث بالفعل. * هل مازالت بعد كل هذا المشوار تشعر بالقلق قبل عرض أى عمل لك ؟ لابد أن أشعر بالقلق وإلا فلن يكون هناك نجاح ، فلو مثلت مشهدا وشعرت بأنه " تافه " فسيكون بالفعل كذلك والناس ستراه تافهاً ، فلابد من القلق والاجتهاد حتى أقدم عملا أكون راضياً عنه. * مشوار فني يصل إلي 40 عاما.. كيف تراه الآن؟ الحمد لله أنا شخصيا استمتعت بحياتي، لأني عملت في مهنة أحبها ، والحمد لله لم أقدم عملا طوال حياتي ضد رغبتي سواء من أجل المال أو أي شيء آخر، ولكنني قدمت كل عمل لأنني مقتنع به وأستمتع به قبل المتفرج. * كل إنسان يري نجاحه بشكل مختلف.. فماذا عنك؟ النجاح الذي وصلت إليه لا ينتهي شعوري به إلا بانقضاء الحياة، فلا ينفع أن أقول "خلاص أنا عملت ما عليّ "، فذلك معناه انتظار الموت ، لكني دائما أتطلع لأن تكون هناك أشياء أفضل لأقدمها . * وهل حققت كل ما تتمناه؟ بالطبع لا توجد حدود للأحلام، ولا يصح القول بأنني حققت كل ما كنت أريده، ولو حققت ما أتمناه فلن تكون لحياتي قيمة ، لأنه لو لم تكن هناك خطوة ثانية .. فلماذا سأعيش ؟!. * أي مشوار حياة تكون به مكاسب وخسائر.. فما هي مكاسبك وخسائرك؟ خسائري كانت أعمالاً لم تنجح بالشكل الذى تخيلته أو أعمالاً لم تصل للمتفرج بالشكل الذي أتمناه ، ولكن هذا قدم لي شيئا مهما جدا، وهى أن الكبوات تعقبها قفزات للأمام، والمكاسب أهمها أنه والحمد لله الناس تحب أعمالي ، وأنا أحب ما أقدمه لهم، وهذه مكاسب عظيمة بالنسبة لأي فنان. * "أنت الفنان الوحيد بتاعنا" قالها يوسف إدريس.. و"أنا فخراني بيك" قالها مصطفي حسين في كاريكاتير.. لأي مدي فرقت معك الجملتان؟ أنا سعيد جدا بكاريكاتير مصطفي حسين والذى رسمه وقت تقديم مسرحية " الملك لير " ، وهذا منحني سعادة لا توصف، لأن مصطفي حسين يتحرك دائما عندما يجد أن الحكاية تستحق، وكذلك الحال مع الأستاذ يوسف إدريس عليه رحمة الله والذى قال لي ذلك في أول مرة أقابله فيها، وشعرت بفرحة كبيرة جدا وقتها . * يلقبك البعض ب"عميد الدراما" .. فكيف تفكر في ذلك؟ مسئولية كبيرة طبعا، فهذا اللقب يحملني مسئولية، وخاصة أنني كلما كبرت في السن كان من الصعب أن أجد الأدوار المناسبة لي . * ألا تفكر في كتابة مذكراتك؟ لا ، ولم أفكر في ذلك نهائياً . * الحظ.. المنافسة.. المغامرة.. الحسد.. الأجر.. خمس كلمات لها حساباتها مع أي إنسان.. فما هي حساباتك معها ؟ دائما أترك إحساسي التلقائي خالصا، ولو وجدت أن هذا العمل هم من همومي كمواطن مصري يبقي لازم أقدمه، ففي مسلسل " شرف فتح الباب " كنت أري أنه لن ينجح مع الناس لأنه " غامق " جدا وعانيت نفسيا لأنه كان كئيباً بشكل كبير، ومع ذلك قدمته لأنني شعرت أن البعض يعاني من صراع " استحلال الحرام " ، كما أني لا أنظر إلي المنافسة، والحظ موجود طبعا الحمد لله، سواء في أني أنهيت العمل، ولم أمرض مثلا في توقيت تصويره، بجانب تجمع عناصر جيدة في العمل، لأن العمل جماعي ويكون فيه كل العناصر المناسبة للعمل، وأنا أجتهد في أن تكون هذه العناصر موجودة، بجانب أنه لابد أن يكون فيه مغامرة وإلا فلن أتقدم للأمام، والمغامرة حدثت معي كثيرا بالطبع وهي مطلوبة حتى يكون هناك إبداع. * في حياتك ثلاث قصص.. الحفيد والابن والزوجة د. لميس جابر.. فماذا تقول عنهم؟ هي أجمل قصص، فالحفيد ربنا أرسله لي في أواخر عمري ليحييني من جديد، ويحيي الصغير قدم لي إحساسا جميلا جدا لم أشعر به من قبل، وعرفني فعلا أن " أعز الولد ولد الولد " كما يقولون ، فقلب حياتي، وأصبح أول اهتماماتي، أما الزوجة فهي نعمة من الله لي ، والدكتورة لميس كانت من الأشياء التي أستطيع أن أقول إنني محظوظ فيها، ونحن الاثنان على طريق واحد، دائما تدفعني للأمام، وهي رفيقة عمري وشريكة الكفاح، وشاركتني في الحلوة والمرّة، والأولاد هم استثماري الحقيقي في الدنيا . * وكيف كنت تري شادي الابن المخرج؟ الحكاية تأخرت بالنسبة له، ولم يكن عندي أمل أن نلتقي في عمل، لأنه كان يريد أن يقدم سينما، ولكن الدراما تغيرت وأصبح هناك مستوى تقني عال دفعه لأن يخوض التجربة ، وعندما وجد أنه من الممكن أن يقدم عملاً جيداً مثل " الخواجة عبد القادر " تحمس وأجاد فيه بشكل كبير. * الدكتورة لميس قالت إنك تدخل في حالة صمت وحوار مع النفس قبل أي عمل ، فهل هذه " خلطة النجاح " ؟ هي ليست طقوسا، ولكن أكون مستغرقاً في العمل، وأعطي لنفسي فرصة لأحاول أن أفهم العمل جيدا وأعيشه وأرى كيف سأقدمه. * من" صيام أفندي وسليم البدري وسيد أوبرا ورحيم المنشاوي وشرف فتح الباب وابن الأرندلي وشيخ العرب وحتى الخواجة عبد القادر".. هل ارتبطت بشخصية منهم ؟ لا يصح أن أرتبط بأي شخصية و إلا ستكون كارثة، فيجب أن أنسي الشخصية في آخر مشهد أصوره، وربما تبقي الشخصية في أذهان الناس، ولكن في ذهني لن تكون موجودة حتى أنظر لما هو آت. * وما هي الشخصية التي تشبه يحيي الفخراني؟ والله لا أرى أن هناك شخصية تشبهني لدرجة كبيرة ،لأني عمري ما فكرت في تقديم نفسي في عمل، ولكن في نفس الوقت كلهم يشبهونني بنسب متفاوتة، فكل شخصية أقدمها تأخذ مني أشياء، وهذا طبيعي، فأنا الذي أعطي للشخصية . * هل السينما كانت صفحة وانطوت بالنسبة لك؟ لا طبعا لم تنته ، ولكن الأمر يعتمد على السيناريو الذي يأتيني، فلو وجدت عملا يرضي غروري ويقدم شيئا ويعجبني فبالتأكيد سأقدمه. * وسط كل ما نراه على الساحة في مصر.. هل لديك أي تخوف على الإبداع والفن؟ لا أستطيع أن أقول نعم أو لا، لأنه لم يظهر أي شيء حتى الآن، ولا أعتقد أنه سيكون هناك خوف على الإبداع والفن في مصر، لأن البلد لن يقبل ذلك بعد كل هذا العمر، ولكن لا يوجد أحد يعرف الحقيقة. * وماذا عن رؤيتك لحال البلد بشكل عام؟ بالتأكيد هناك قلق، فنحن في مرحلة صعبة، ولم نصل لمرحلة نقول عنها إنها مستقرة لهذه الدرجة، والله وحده أعلم إلي أين نحن ذاهبون . * أخيرا ما الذي تحلم به الآن؟ نفسي البلد ينصلح حاله، ويكون أفضل ويتقدم للأمام ولا يرجع للخلف، وعلى المستوى الشخصي أتمني من الله الصحة والستر وليس أكثر من ذلك.