«الأوقاف»: حملات مكثفة لضبط العمل الدعوي بعدد من المحافظات    محمود فوزي : الشيوخ قام بدور راق في خدمة الوطن    أسماء أوائل الشهادة الإعدادية 2025 بكفر الشيخ    الذكرى ال12 ل 30 يونيو.. الهيئة العامة للاستعلامات تطلق حملة توعوية شاملة: ثورة أنقذت مصر من الفوضى وأحبطت مؤامرة كبرى    بالأسماء.. أوائل الشهادة الإعدادية في كفر الشيخ    جامعة حلوان ضمن أفضل الجامعات العالمية فى تصنيف QS 2025    تراجع أسعار العملات الأجنبية في ختام تعاملات اليوم 23 يونيو    البورصة تختتم بارتفاع جماعي وربح 41 مليار جنيه    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات اليوم    رئيس الوزراء يترأس اجتماع "لجنة الأزمات" لمتابعة تداعيات الأحداث الإيرانية الإسرائيلية    بحوث الصحراء يطلق المرحلة الثانية لمشروع التنمية الزراعية بجنوب سيناء    وزير الإسكان يتابع سير العمل بمشروعات تطوير البنية الأساسية بقرى مارينا    محافظ أسيوط يتفقد تطوير طريق "نجع سبع – منقباد" ويناقش إنشاء كوبري بديل (صور)    الرئيس السيسى ورئيس وزراء اليونان: استمرار العمليات العسكرية قد يدفع بالمنطقة لموجة جديدة من عدم الاستقرار    وزير خارجية إيران: ناقشت مع بوتين الوضع في الشرق الأوسط بالتفصيل    زيلينسكي يصل بريطانيا للقاء الملك تشارلز وستارمر    السيسي: نؤكد أهمية أداء الأمم المتحدة لدور محوري في تحقيق السلام    البيت الأبيض: ترامب منفتح على الحوار لكن الإيرانيون قد يسقطون النظام    كيف تسير الرحلات الجوية في المنطقة وسط استمرار المواجهة الإسرائيلية الإيرانية؟    مدرب العين: الخسارة ب5 و6 أهداف؟ كنا نعلم مستوى منافسينا وندرك الفوارق    قائمة المتنافسين على 12 مقعدًا في دور ال 16 بكأس العالم للأندية| الترجي والهلال والأهلي    ألونسو: فالفيردي يذكرني بجيرارد.. وليس عليك أن تكون مهندسا لتعرف ذلك    بنك saib يهنئ مورا حكيم و ليلى النمر لحصولهما على المركز الثالث في بطولة FIP Bronze للبادل    لاعب باتشوكا: وصفت روديجر ب"الجبان" فقط.. ومدربه: يمكنني القول إن هذا لم يحدث    مصدر يكشف مصير أحمد فتوح مع الزمالك بعد أنباء رغبته في الرحيل (خاص)    "صفقات تعدي المليار وناس واخده زوجاتهم".. مجدي عبدالغني يفتح النار على لاعبي الأهلي    السجن 10 سنوات ل 3 متهمين لاتهامهم بسرقة منزل بالمنيا    مصرع طالب غرقا في البحر اليوسفي بالمنيا أثناء تعليم السباحة    إشارة تحذيرية.. رفع الرايات السوداء على شاطئ بورسعيد -صور    انهيار عقار بشبرا مصر    حرقه ببنزين في الشارع.. الإعدام شنقًا لقاتل صديقه بالإسكندرية    "يعالجون بالأرواح".. سقوط دجالين خدعوا المواطنين في الإسكندرية    وزير الثقافة ومحافظ شمال سيناء يفتتحان قصر ثقافة نخل    وزير الثقافة ومحافظ شمال سيناء يفتتحان بيت ثقافة قاطية ببئر العبد    قصر ثقافة الجيزة يشهد صالون النشر الثقافي في دورته الأولى.. الأربعاء    سامو زين يكشف سبب غيابه عن البرامج والحفلات| خاص    مجمع البحوث الإسلامية في اليوم الدولي للأرامل: إنصافهن واجب ديني لا يحتمل التأجيل    وزير التعليم العالى يضع حجر الأساس لمركز علاج الأورام بجامعة الفيوم    «الدواء» تقدم 4 نصائح لمرضى فقر الدم المنجلي    عبدالغفار: مصر حريصة على ترسيخ شراكات أفريقية مستدامة في المجال الصحي    وزير التعليم العالي يضع حجر الأساس لمركز علاج الأورام بالفيوم    تناول هذه الأطعمة- تخلصك من الألم والالتهابات    دار الإفتاء توضح بيان سبب اختيار محرم كبدابة للتقويم الهجري    مي فاروق تحيي حفلا بدار الأوبرا مطلع يوليو المقبل    دعاء الحفظ وعدم النسيان لطلاب الثانوية العامة قبل الامتحان    خيبة أمل ل Elio.. الفيلم يحقق أسوأ افتتاح في تاريخ بيكسار    ألمانيا تحث إيران على «التفاوض المباشر» مع الولايات المتحدة    مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية يدين تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق    صباح الكورة.. ديانج يعلق على مواجهة الأهلي وبورتو و4 أندية تبحث عن مدربين جدد لموسم 2025    تامر حسني يحافظ على المركز الثاني بفيلم "ريستارت" في شباك تذاكر السينمات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-6-2025 في محافظة قنا    الحبس والحرمان، عقوبة استخدام الطلبة اشتراك المترو بعد انتهاء العام الدراسي    حكم الشرع في غش الطلاب بالامتحانات.. الأزهر يجيب    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 35.. حالة الطقس اليوم    ما هي ردود فعل الدول العربية على الهجمات الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية؟    وشهد شاهد من أهله .. شفيق طلبَ وساطة تل أبيب لدى واشنطن لإعلان فوزه أمام الرئيس مرسي!    مندوب إيران بمجلس الأمن: أمريكا الوحيدة تاريخيا من استخدمت أسلحة نووية    سى إن إن: منشأة أصفهان النووية الإيرانية يرجح أنها لا تزال سليمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مولانا الشيخ معوض عمره 100 سنة .. ويؤكد أن أسوأ أيام مصر كانت مع أبو الشماليل عبدالناصر وسييء الذكر مبارك !
نشر في بوابة الشباب يوم 26 - 05 - 2012

أفكار عديدة طاردتني وأنا في طريقي إليه حيث يسكن بمنطقة المطرية , فعندما تهنيء شخصا ما بعيد ميلاده تقول له ' عقبال 100 سنة ', فماذا بعد أن يكمل عامه المائة ؟ ! وكل المؤرخين يقولون إن مصر الحديثة عمرها 200 سنة .. فكيف يراها شخص عاش نصف هذه المدة ؟ !
تصوير : محمد لطفي
فقد صادف مشاهير كثيرين وسافر إلي عشرات الدول , وبسبب عمله في الدعوة لدين الله تكلم وناقش ونصح وجادل الآلاف من كل التيارات والمستويات , فهو ضمن قليلين جاوزوا المائة وما زالوا يحتفظون بذاكرة قوية راصدة للأحداث .. بل إنه متابع جيد لكل ما يجري علي أرض الواقع في الداخل والخارج .. كلامنا عن الشيخ معوض عوض إبراهيم أقدم خريج أزهري وأكبر علماء الحديث في العالم الإسلامي سنا , فنحن هنا لا نجري حوارا مع شخص كبير في السن لندعو له بالصحة وطول العمر .. لا , لكننا نستمع لشهادة نادرة عن مصر كما عاشها عالم جليل , ماذا كانت .. وكيف تبدو الآن .. وما المصير غدا؟ !
وأنت تحتفل بعيد ميلادك المائة .. ما الذي يدور في ذهنك يا مولانا؟
مشوار طويل اصبحت فيه علي شفا حفرة من تمام القرن , فأنا من مواليد عام 1912 بالدقهلية , وقد توفي شقيقاي عمر وعبد الرحمن في سن صغيرة ثم رزق والداي بعدد كبير من البنات , ولذلك بعدما ولدت حرصت أسرتي علي أن أحفظ القرآن الكريم في سن صغيرة , والتحقت بالمعهد الأزهري بدمياط سنة 1926 ونلت الكفاءة بعدها بأربع سنوات , و تخرجت في كلية أصول الدين سنة 1939 وحصلت علي الدراسات العليا في الدعوة عام 1941 , وكانت فرحتي كبيرة عندما قرروا تعييني واعظا في أقصي الجنوب .. في أسوان , ثم عملت واعظا بالأزهر ثم مبعوثا في بيروت ثم زرت اليمن وعدت بعدها لإنشاء المعهد الديني في بورسعيد , ثم عملت بالوعظ والتدريس في الأردن ومحاضرا في الدراسات العليا قسم الحديث في كلية أصول الدين , ثم عملت مدرسا في كلية الشريعة بالرياض وباحثا علميا في رئاسة البحوث العلمية والافتاء , ومن عام 1979 وحتي 1987 عملت رئيسا لقسم الدعوة في وزارة الأوقاف والشئون الاسلامية في الكويت , ومازلت حتي اليوم أعمل .. فلا يوجد شيء يمنعني عن العمل لوجه الله تعالي ودعوته , وقد زرت الكليات الاسلامية في كراتشي وبيشاور ولاهور واسلام آباد في باكستان , وزرت البحرين وقطر وسوريا وعشرات الدول الاخري , وكتبت عشرات المقالات في مجلات الاسلام ومنبر الاسلام ولواء الاسلام , ولي مجموعة كبيرة من المؤلفات منها : فلسطين وكيف نستردها عربية مسلمة , انسانية العبادات الاسلامية . , ملامح من هذا الدين , الاسلام والأسرة . , مع الامام البخاري في كتاب العلم من صحيحه , اعذروني للاختصار .. فما سبق مجرد صفحة من كتاب حياتي , فالمشوار طويل لكن المساحة المخصصة لي لن تكفي .
متي ظهرت موهبة الكتابة والإبداع لديك؟
ظهرت مبكرا , فكتبت في الجرائد الإقليمية وأنا في أول المرحلة الثانوية , وقد راسلت الأديب اللامع عباس العقاد ونشر لي في جريدة الجهاد سنة 1933 التي كان يرأس تحريرها توفيق دياب قصيدة عنوانها ' استعذاب العذاب ' وكنت أقول فيها :
يا ماخرا في عباب الهموم أي عباب
وضاربا في فيافي الآلام والأوصاب
والسحب تجري بسح من دمعها الوهاب
أقصر غناك رويدا لم تلق بعض عذاب
ولذلك في أول مرة نزلت فيها للقاهرة قررت أن أزور شخصين ارتبطت بهما كثيرا , أولهما هو صديقي العقاد , والثاني هو الشيخ محمد رفعت الذي كان يلقب ب ' قيثارة السماء ' , فحينما كنت طالبا بكلية أصول الدين عام 1935 صليت الجمعة في مسجد فاضل باشا الذي كان يقرأ فيه الشيخ رفعت سورة الكهف يوم الجمعة , وساءني ارتفاع صوت من يستحسنون القراءة فوقفت قائلا : أيها السادة ليكن إعجابكم بالشيخ من غير صوت مرتفع لأننا لسنا في مكان للطرب أو الغناء ; فالتفت الشيخ وقال لي ' فتح الله عليك وبارك فيك أيها الشاب ' وهي دعوة مازلت أجد حلاوتها حتي الآن , وأذكر أنني دعوت الله ذات يوم بعدما زاد الظلم وقلت ' يارب لو كنت سأضعف أمام جمال عبد الناصر فلا تجعل لي حياة في مصر ' وفي اليوم التالي جاء لي شخص لا أعرفه ليعرض علي السفر للعمل في الدعوة بلبنان , وعشت هناك 6 سنوات .
بعض الدول التي عملت بها كان حالها منذ 60 عاما مختلفا تماما , كيف تراها الآن؟
من كثرتها لا أتذكر عددها , لكنني مثلا سافرت لليمن بتكليف من الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر لمرافقة القوات المسلحة خلال الحرب هناك وزرت عشرات المدن هناك للوعظ والدعوة .. ولم أجد في حياتي بلدا فيه خير مثل اليمن , قلبي يذوب آسي وحسرة علي ما يحدث هناك الآن بسبب أوهام السلطة , وهو نفس ما أشعر به تجاه سوريا التي تولي أمرها شخص ما هو بالبشار ولا هو ابن أسد , لكنه مجرم يستحق العقاب أيضا في السعودية لا انسي العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز الذي عملت معه وكنت احترمه كثيرا لعلمه وتواضعه وبلغ حبي له أنني قلت فيه شعرا وأرسلته إلي مجلة الوعي الإسلامي وعندما نشر فوجئت به يغضب مني وتعلمت منه التواضع , لكن هنا أتوقف وأنا أتكلم عن قطر والبحرين والكويت وغيرها من البلدان التي زرتها عندما كانت تعيش في البادية .. وأشعر بآسف شديد لأن مصر علمت وأفهمت وأشفت وشيدت وساعدت وفعلت كل شيء من أجلهم , واليوم بعضهم يتنكرون لنا ويتجاهلون مساعدتنا .. ليس هذا معروفا منهم بل هو رد للجميل لا يفهمه إلا كل أصيل وحر .
عاصرت ثورات عديدة في مصر بداية من ثورة 1919 ومرورا بثورة 1952 وحتي ثورة 25 يناير 2011 .. ما هو الفارق بين هذه الثورات في رأيك ؟
شهادة أقولها لوجه الله , ثورة 1952 دبرها وقدرها وقررها ضباط أرادوا السلطان وتحويل مصر من الملكية إلي الجمهورية , أي أن فيها مطامع دنيوية , فرغم ما شاهدته من فساد في الملكية لكن عبد الناصر جاء بقليل جدا من الخير , فقد سلب أموال الأغنياء ليمنحها للفقراء .. فلا ارتاح الفقراء ولا هدأت نفوس الاغنياء , ثم جاء السادات وكان يحمل بعض الخير .. لكن ' سيئ الذكر ' مبارك الذي انتظر فيه قضاء الله جاء بكل شرور الدنيا , ولذلك أقول إن ثورة 2011 صنعها الله وكانت روحانية منذ بدايتها بدليل السلوكيات غير المسبوقة في ميدان التحرير , وقد قام بها الشباب تصديا للظلم والظالمين ولم يستهدفوا حكما وإنما استهدفت اقتلاع عصبة الشر التي نهبت البلد وأفقرت أهله , فنحن نحتاج إلي سنوات طويلة لإصلاح ما أفسده الذين توارثوا الحكم منذ ثورة 1952 حتي قيام ثورة 2011 , وما أخشاه هو ما بعد الثورات من حدوث الفوضي والتدخلات الأجنبية وغيرها مما يجعلنا نستبدل ظلما بمذلة وهوان جديد ولهذا لابد من استثمار الثورات لتغيير واقع البلاد إلي ما فيه الخير , وللأسف ثورة 1952 سلبت دور الأزهر حتي وصل الأمر إلي مصادرة أوقافه واخضاعه للرقابة وتعيين شيخه , أما ثورة 2011 فقد اتخذت قرارات ستعيد للأزهر أمجاده ومكانته داخليا وخارجيا وسيتم انتخاب شيخ الأزهر مما يضمن استقلاله وعودة أوقافه , وشهادة أقولها .. دور الأزهر في الملكية كان أقوي بكثير من دوره في ظل الجمهورية لأن الملوك وخاصة الملك فؤاد كان يحترم الأزهر ويقدر شيوخه علي عكس جمال عبد الناصر الذي كان يكره الأزهر ويعاديه حتي أنه طلب أن تكون تبعية الدعاة والوعاظ لوزارة الداخلية واعتقل وأعدم كل العلماء البارزين الذين رفضوا ظلمه .
لماذا لم تتوقف كثيرا عند الرئيس الراحل السادات ؟ !
قابلته مرتين .. الأولي حينما كان يتزوج بجيهان قبل الثورة في بورسعيد وكنت وقتها واعظا للمدينة , كان هناك احتفال خاص بالثورة الجزائرية ودعاني المحافظ ضمن المتكلمين وكان السادات حاضرا , وعندما ذكر اسمي وقمت لأتكلم خرج معظم الأجانب الذين كانوا جالسين لأنني ارتدي ملابس الأزهريين , ويومها تبادلنا الحديث وكان معجبا جدا بحديثي , لكني أذكر له موقفا مضادا .. فعندما دعيت مع مجموعة من العلماء لزيارة اليمن رفض السادات وكان وقتها رئيسا لمجلس النواب أن يركب معنا الطائرة لأنه يدخن البايب , ونحن ندري ماذا كان به , ولذلك كنا نرفض ذلك , وفي مطار القاهرة عندما التقينا رفض أن يلقي علينا السلام .. بعض زملائي كانوا أكثر صبرا مني وطلبوا أن نذهب للسلام عليه , فأقسمت بالله ألا أذهب للسلام عليه لأنه بدأ بالاستخفاف بنا , هو تكبر علينا لكنني اعتززت بالله وبالأزهر الذي قام بتربية رجال , وفي اليمن دعانا الرئيس السلال علي الافطار وقال للسادات ' خير ما أهدته لنا مصر هم علماء الأزهر ' وفجأة وجدنا السادات وكأنه تنبه لوجودنا , فقام ليسلم علينا في أماكننا , فابتسم زملائي وقالوا لي ' لأنك اعتززت بالله .. أعزك الله ' .
هل مرت علي مصر أيام أصعب من التي تمر بها الآن ؟ !
صدقوني .. أسوأ أيام مصر كانت مع أبو الشماليل جمال عبدالناصر ثم سييء الذكر مبارك , مهما حدث لنا الآن .. اسألوا آباءكم وهم يؤكدون أن ما نمر به هو خير وأهون بكثير مما كان , تخيلوا أن أيام الأزمة الاقتصادية العالمية في الثلاثينيات وخلال الحربين العالميتين الأولي والثانية كانت أحوال الناس فيهما أفضل بكثير من أيام العدالة التي فرضها علينا عبد الناصر وأيام الرخاء التي أوهمنا بها مبارك , فقد عشت أيام السلطان حسين كامل ثم الملك فؤاد ثم الملك فاروق .. وقتها كنا نشكو أيضا لكن بعد كل هذه السنوات أقول ' رب يوم بكيت منه .. فلما صرت في غيره بكيت عليه ' , مرة شيخ بالإسكندرية بعدما فرغ من خطبة الجمعة نزل من علي المنبر وقال للملك فاروق ' يا جلالة الملك .. عاهدني علي العمل بكتاب الله ' , فابتسم الملك وأهدي الشيخ ' شال كشمير ' وقام بترقيته , ربما كان الملك فاروق يخلط بين عمل صالح بآخر فاسد وحسابه عند الله .. لكن دلني علي عمل صالح واحد فعله مبارك لوجه الله ؟ .
وماذا تقول للتيارات السياسية المختلفة الآن ؟
اتقوا الله في بلادكم .. وتعاونوا وتفاهموا للمحافظة علي مكاسب الثورة .. وردوا الحقوق لأصحابها وحاكموا الظلمة والقتلة الذين قتلوا زهرة شبابنا .. وأسرعوا بالمحاكمات لأن العدالة البطيئة ظلم وبعد مرور عام لم تصدر أحكام ضد من أذلوا العباد ونهبوا الأموال , وأحذر الثوار والمجلس العسكري أن الصدام بينهم سيشمت بهم الأعداء والكل خاسرون إلا أعداء الثورة في الداخل والخارج .
بالمناسبة .. كيف تري محاكمة مبارك؟
المحاكمة بمعناها القانوني في يد القاضي , لكني أتابع كل شيء وعندي سؤال واحد : لماذا يتم تدليل هذا المتهم لهذه الدرجة ؟ ! من الذي يخدمه ويرعاه وينفق عليه ؟ ! ومهما يكن الحكم عليه في الدنيا أقول له : ويل لجبار الأرض من جبار السماء !
هل تتذكر أول مرة رأيت فيها القاهرة؟
كان ذلك منذ 90 سنة .. في عام 1922 خلال زيارة سريعة مع والدي , كان حالها غير الحال , أجمل مدينة في أوروبا أو أمريكا وقتها كانت بالنسبة للقاهرة مدينة عشوائية , وعندما كنت طالبا في كلية أصول الدين عشت أياما رائعة في عاصمة الشرق , فأنا كنت أسكن في روض الفرج .. وكنت أمشي مع أحد اصدقائي إلي محطة رمسيس ومنها إلي العتبة وباب الخلق فقط لمجرد الاستمتاع بمشهد شوارع وسط البلد , أما الآن .. فأطلب من الله أن يرحمنا .
ربما كنت من القلائل الذين عايشوا القضية الفلسطينية منذ العشرينيات وحتي الآن .. هل تعتقد أنه يمكن ارساء سلام بين العرب وإسرائيل ؟
أكرمني الله بزيارة القدس عدة مرات وصليت كثيرا في المسجد الأقصي , لقد نسينا أرض الإسراء والمعراج ونسيانها ضلال مبين , لكن الأمل في الله كبير أن يختفي الكلام ليبدأ العمل الجاد ونسيان الذات والقضاء علي الأنانية والفرقة التي أطمعت إسرائيل وتطمعها إلي اليوم , ونهاية إسرائيل أمر حتمي علي يد المسلمين , ولكن متي يتم ذلك ؟ ! هذا يتوقف علينا نحن عندما نكون مسلمين حقيقيين نحمل هم الأقصي ولا نضحك أو حتي نبتسم حتي يتحرر مثلما كان يفعل صلاح الدين الأيوبي حيث استحي أن يضحك أو يبتسم والأقصي أسير في يد الصليبيين , أما بدايتها فقد عاصرتها وتعجبت من حمق العرب حينما فرطوا في فلسطين كلها حين انقسموا علي أنفسهم ولم يحسنوا قراءة الخريطة الدولية بعد قرار التقسيم وأصبح أصحاب الأرض يستجدون اليهود حتي يسمحوا لهم بالعيش في أرضهم التي اغتصبوها بمؤامرة دولية ليس لها مثيل في التاريخ الإنساني , ومستحيل أن يكون هناك سلام بين العرب وإسرائيل لأنه لا يمكن أن يجتمع الحق والباطل في مكان واحد , وقد وصف الله اليهود بأنهم اشد الناس عداوة للذين امنوا فقال لتجدن اشد الناس عداوة للذين امنوا اليهود والذين أشركوا وعلينا أن نتأمل هذا الترتيب حيث إن اليهود اشد عداوة لنا من الذين أشركوا .. فكيف يكون بيننا وبينهم سلام حقيقي .
هل توقعت أن يمتد بك العمر في يوم ما لتري مجلسي الشعب والشوري يسيطر عليهما الإسلاميون بهذا الشكل ؟
لأنني أثق بقول الله تعالي ' فأما الزبد فيذهب جفاء ' كنت متأكدا أن هذا اليوم سيأتي , التشكيك في مقدرتهم يجب أن يجعل الإسلاميين أكثر حرصا علي النجاح وبقوة لأن نجاحهم خير تأكيد علي صلاحية الإسلام لإصلاح الدنيا في كل زمان ومكان ولكن إذا فشلوا ونسأل الله ألا يحدث ذلك سيكونون شر سفير للإسلام ليس علي المستوي المحلي فقط بل علي المستوي الدولي , وأسأل الإسلاميين : أي طريق تختارون : الفشل الذي يعد قرينا للفرقة والتشرذم ؟ أم النجاح الذي يكون قرينا للوحدة والتعاون؟ وأتساءل : ألم يأت الإسلاميون بالانتخابات أم الأفضل أن نأتي باللصوص والبلطجية ومحترفي التزوير والانتهازية في كل العصور الذين جعلوا مصر في ذيل الأمم بعد أن كانت في المقدمة ؟ ! وأدعو قادة الإخوان والسلفيين إلي تأمل آيتين كريمتين , الأولي وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال والآية الثانية ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم صدق الله العظيم .
بخبرة رجل عمره 100 عام .. ما هي مواصفات الرئيس القادم في رأيك ؟ !
الرئيس المثالي هو من يتقي الله في دينه وشعبه وتكون له بطانة تعينه علي الخير ويبتعد عن بطانة السوء التي تزين له عمله حتي ولو كان خطأ .
تذكر كثيرا رموز الأزهر الذين اقتربت منهم مثل الشيخ عبد الله دراز الكبير والزنكلوني وغيرهما .. لكن ماذا عن المشاهير والأقرب للناس العاديين مثل الشيخ الشعراوي والشيخ الغزالي مثلا ؟ !
الدكتور محمد الغزالي أنا أكبر منه سنا .. كان به كل الخير , كان أندي خلقا من ماء السماء , كان لي نعم الأخ وكذلك الشيخ سيد سابق , أما الشيخ الشعراوي فقد لقيته عدة مرات سواء في السعودية أو غيرها , كان مفسرا للقرآن الكريم علي نحو غير مألوف , ومن حسن حظ العلم أن تسجيلات الشعراوي في متناول الأيدي , أيضا لا أنسي الشيخ حسن البنا الذي كان يعرف مني ميلا وتقديرا لمجهود جماعة الإخوان لكنني لم أكن عضوا فيها , كان بشوشا جدا وشاهدته كثيرا في أسوان والفيوم وبورسعيد والقاهرة , أما الشيخ عبد الحميد كشك فقد واجهوه بكثير من الشر .. كانت الناس تحبه وتستمع له خاصة خطبه المنبرية , وقد ظهر فضله بعدما أجاب دعاء ربه ووجدنا المؤلفات الكثيرة له التي تظهر علمه وعشقه لكتاب الله , أما بالنسبة لمشاهير القراء للقرآن فأنا توقفت عند مستوي الشيخ رفعت رحمه الله رغم ما أصاب تسجيلاته من عطب , وأيضا الشيخ مصطفي اسماعيل الذي عرفته عن قرب وكان يبهرني بصوته وشخصيته .
بماذا تصف مشوار العمر ؟ !
كلما تذكرت الماضي تمنيت أن يعود شبابي لأكرر مسيرة طلب العلم من جديد , الله سبحانه وتعالي لا يضيع أجر العاملين , وكل ما تمنيته حققته .. فقد تمنيت أن أقابل المؤمن والفاجر , أما المال فقد كفاني إياه الغني الحفيظ .. لست غنيا ولكن حسبي بيتي وبعد ذلك أنا غني بتقوي الله , أصدقاء العمر توفوا .. لكن أصحابي هم كل شخص يزورني ويتذكرني بكل خير وهم والحمد لله بالآلاف .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.