ما هي فوائد وعوائد إنشاء بنك الذهب الأفريقي؟.. رئيس أفريكسم بنك يوضح    اختيار الدكتور جودة غانم بالأمانة الفنية للمجلس الوطنى للتعليم والبحث والابتكار    ‌الإمارات تعلن إنهاء وجودها العسكري في اليمن    انطلاق مباراة غزل المحلة وطلائع الجيش في كأس عاصمة مصر    تركيز على الجوانب الخططية في مران الزمالك قبل لقاء الاتحاد    مران الزمالك – الفريق يستأنف التدريبات بقيادة عبد الرؤوف.. وتصعيد عمار ياسر    تفاصيل اجتماع مدير تعليم الجيزة مع مديري عموم الادارات التعليمية    محافظ المنيا يوجّه بتكثيف الحملات الرقابية على الأسواق خلال رأس السنة    كشف ملابسات مشاجرة بالجيزة وضبط طرفيها    صور.. نجوم الفن في تشييع جنازة والدة هاني رمزي    كنوز مدفونة بغرب الدلتا تكشف أسرار الصناعة والحياة اليومية عبر العصور    خالد الجندى: العمر نعمة كبرى لأنها فرصة للتوبة قبل فوات الأوان    وزير الصحة يجري زيارة مفاجئة لمستشفى الواسطى المركزي ويطمئن على المرضى    حبس رمضان صبحي سنة مع الشغل    الإمارات تصدر بيانًا حول الأحداث الجارية في اليمن    أبو الغيط يدعو لوقف التصعيد وتغليب لغة الحوار في اليمن    جوتيريش يدعو لإعادة ترتيب أولويات العالم: السلام أولًا بدل سباق التسلح في 2026    رئيس جامعة قناة السويس يهنئ السيسي بالعام الميلادي الجديد    السيطرة على انفجار خط المياه بطريق النصر بمدينة الشهداء فى المنوفية    العربية للمسرح تكشف عن تفاصيل ملتقى فنون العرائس    أمين البحوث الإسلامية يتفقّد منطقة الوعظ ولجنة الفتوى والمعرض الدائم للكتاب بالمنوفية    خبر في الجول - ناصر ماهر ضمن أولويات بيراميدز لتدعيم صفوفه في يناير    30 ديسمبر 2025.. أسعار الذهب ترتفع 25 جنيها إضافية وعيار 21 يسجل 5945 جنيها    رئيس جامعة العريش يتابع سير امتحانات الفصل الدراسي الأول بمختلف الكليات    الرئيس الإيراني يتوعد برد "قاس ومؤسف" على تهديدات ترامب    الأمانة العامة لمجلس النواب تبدأ في استقبال النواب الجدد اعتبارا من 4 يناير    بمناسبة احتفالات رأس السنة.. مد ساعات عمل مترو الخط الثالث وقطار العاصمة    دينامو زغرب يضم عبد الرحمن فيصل بعد فسخ عقده مع باريس سان جيرمان    قادة أوروبيون يبحثون ملف حرب أوكرانيا    بنك نكست يوقّع مذكرة تفاهم مع كلية فرانكفورت للتمويل والإدارة وشركة شيمونيكس لدعم استراتيجيته للتحول المناخي ضمن برنامج التنمية الألماني GREET    مهرجان المنصورة الدولي لسينما الأطفال يكشف عن بوستر دورته الأولى    بدء تسليم كارنيهات العضوية للنواب المعلن فوزهم من الهيئة الوطنية للانتخابات    إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص على طريق القاهرة- أسيوط الصحراوي الغربي بالفيوم    الصحة: تقديم 22.8 مليون خدمة طبية بالشرقية وإقامة وتطوير المنشآت بأكثر من ملياري جنيه خلال 2025    الزراعة: تحصين 1.35 مليون طائر خلال نوفمبر.. ورفع جاهزية القطعان مع بداية الشتاء    وزارة العدل تقرر نقل مقرات 7 لجان لتوفيق المنازعات في 6 محافظات    وزير الثقافة يُطلق «بيت السرد» بالعريش ويدعو لتوثيق بطولات حرب أكتوبر| صور    وزير الداخلية يعقد اجتماعا مع القيادات الأمنية عبر تقنية (الفيديو كونفرانس)    معهد الأورام يستقبل وفدا من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لدعم المرضى    محافظ المنوفية يضع حجر الأساس لإنشاء دار المناسبات الجديدة بحي شرق شبين الكوم    مصرع تاجر مخدرات وضبط آخرين في مداهمة بؤرة إجرامية ببني سويف    معبد الكرنك يشهد أولى الجولات الميدانية لملتقى ثقافة وفنون الفتاة والمرأة    تراجع معظم مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات الثلاثاء    فيديو.. متحدث الأوقاف يوضح أهداف برنامج «صحح قراءتك»    محافظة الجيزة تعزز منظومة التعامل مع مياه الأمطار بإنشاء 302 بالوعة    الصحة تنفذ المرحلة الأولى من خطة تدريب مسؤولي الإعلام    رئيس جامعة الجيزة الجديدة: تكلفة مستشفى الجامعة تقدر بنحو 414 مليون دولار    أوكرانيا: مقتل وإصابة 1220 عسكريا روسيا خلال 24 ساعة    حكام مباريات غداً الأربعاء في كأس عاصمة مصر    بنك مصر يخفض أسعار الفائدة على عدد من شهاداته الادخارية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    اليوم.. طقس شديد البرودة ليلا وشبورة كثيفة نهارا والعظمي بالقاهرة 20 درجة    «هتحبس ليه؟ فرحي باظ وبيتي اتخرب».. أول تعليق من كروان مشاكل بعد أنباء القبض عليه    التموين تعلن اعتزامها رفع قيمة الدعم التمويني: 50 جنيه لا تكفي    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تشن غارات شرقي مخيم المغازي وسط قطاع غزة    بيان ناري من جون إدوارد: وعود الإدارة لا تنفذ.. والزمالك سينهار في أيام قليلة إذا لم نجد الحلول    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شيخ الأزهر مستقل أم تابع للرئيس ؟
نشر في المراقب يوم 08 - 01 - 2011


الرئيس مبارك
سبق الشيخ أحمد الطيب إلي مقعد شيخ الأزهر سبعة وأربعون شيخاً وبالرغم من عراقة الأزهر وتأثيره في العالم الإسلامي ليس فقط علي المستوي الديني بل السياسي والاجتماعي وعلي جميع الأصعدة فإن منصب شيخ الأزهر لم يستحدث إلا بعد مرور 741 عاما علي إنشاء الجامع الأزهر وتحديدا عام 1101ه عندما تولي المنصب لأول مرة الشيخ محمد بن الخراشي الذي كان يلقب بشيخ الإسلام ومنذ استحداثه ظل منصب شيخ الأزهر يحسم بالانتخاب من جانب كبار المشايخ فيما بينهم ودون تدخل الدولة وكان الاختيار عادة يتم باتفاق العلماء فيما بينهم ويقام لهذا حفل كبير أما اذا لم يتفقوا واحتدمت المنافسه بين عالمين تدخل الأمراء والمماليك وقائد أقوي الفرق العسكرية السبع التي كانت تتألف منها الحامية العثمانية لتزكية العالم الذي يحظي بتأييد الأغلبية من العلماء .
تتطور الأمور في عام 1911 مع صدور قانون الأزهر المؤسس الذي أسس هيئة كبار العلماء وتتكون من 30 عالما من كبار علماء الأزهر واشترط هذا القانون أن يكون شيخ الأزهر عضوا بهذه الهيئة وكان التجاوز الوحيد عن هذا القانون قد جاء من جانب الملك فاروق عام 1945 حينما عين الشيخ مصطفي عبد الرازق رغم أنه لم يكن حينئذ عضوا في جماعة كبار العلماء ثم صدر القانون رقم 103 في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1961 والذي ألغي جماعة كبار العلماء وحولها إلي مجمع البحوث الإسلامية الذي يتكون من 50 عضوا علي الأكثر ومنذ ذلك الحين صار شيخ الأزهر يعين قانونا من بين أعضاء مجمع البحوث الإسلامية بقرار من رئيس الجمهورية وهو ما فتح الباب لتدخل السلطة وخاصة رئيس الدولة في اختيار وتعيين شيخ وقد جري العرف أن يبقي شيخ الأزهر في منصبه حتي وفاته أو استقالته من منصبه
ورغم أن المهام الرئيسية لشيخ الأزهر تشمل الإشراف علي المؤسسة وطلابها وعلمائها والرقي بها إلا أن الأزهر ورئيسه يلعبان دورا سياسيا ووطنيا كبيرا فقد قاد شيوخ الأزهر المقاومة في أكتوبر 1798 ضد الفرنسيين في أثناء حملة نابليون بونابرت ووقف شيوخ الأزهر ضد الحملة الإنجليزية علي مصر سنة 1807 كما لعبوا دورا قوميا كبيرا في الصراع العربي الإسرائيلي والحروب المتعددة في هذا الشأن.
ويمكن القول إن العلاقة بين شيخ الأزهر ورئيس الدولة بدأت تحديدا أثناء حكم محمد علي علي مصر وذلك حينما أصدر السلطان سليم الأول فرمانا بنقل محمد علي من مصر إلي ولاية "سالونيك" وتعيين موسي باشا حاكما بدلا منه لكن محمد علي رفض وقال: "اني قد استحوذت علي مصر بحد السيف ولن أسلمها إلا بحد السيف" وقتها اتجه محمد علي إلي علماء الأزهر للاستعانة بهم في مواجهة العثمانيين وطلب من الشيخ الشرقاوي شيخ الأزهر في ذلك الوقت أن يكتب مذكرة إلي السطان العثماني يرجوه فيها الابقاء عليه استنادا إلي أن الأمراء والمماليك لا يؤمن اليهم وأنهم سيسعون في الارض فسادا ومن المفارقات أن محمد علي بعد أن نجح في إثناء السلطان سليم عن قراره بعزله من حكم مصر أصدر قرارا بتحديد إقامة الشيخ الشرقاوي شيخ الأزهر في داره لايفارقها ولو إلي صلاة الجمعة وتناسي محمد علي ما فعله من أجله.
ومع حدوث ثورة يوليو تطور دور الأزهر مع الأحداث السياسية الخطيرة التي عاشتها مصر فطالب باسترداد ثمن الهدايا التي أعطيت للملك السابق وأعلن علماء الأزهر تأييده لاتفاقية الجلاء وفي عام 1961 أرسل الرئيس عبدالناصر إلي مجلس الأمة صورة من مشروع القانون الخاص باعادة تنظيم الأزهر والهيئات التابعة له ولإجبار المجلس علي الموافقة علي مشروع القانون حضر قادة الثورة جلسة مناقشة القانون وهدد الرئيس أنور السادات حينما علت أصوات تعارض المشروع قائلا "كانت في 23 يوليو ثورة والذين حاولوا الوقوف أمامها ديسوا بالأقدام واليوم ثورة جديدة وسيصاب الذين يقفون أمامها بنفس المصير" وكان الهدف من تطوير الأزهر اعطاء الدولة سيطرة أكبر علي مؤسسة الأزهر وذلك بالغاء مواد واحكام القانون 26 لسنة 1936 الخاصة باعادة تنظيم الجامع الأزهر واستبدال أحكام جديدة بها وتبدت بوضوح سيطرة الدولة علي الأزهر من خلال المادة 5 التي نصت علي إعطاء رئيس الجمهورية حق تعيين شيخ الأزهر سواء من بين هيئة المجمع العلمي للدراسات الإسلامية او ممن تتوافر فيهم الصفات المشروطة في أعضاء هذه الهيئة حتي وان كان من قبل تعيينه ليس عضوا فيها وقصر دور شيخ الأزهر علي الشئون الدينية والمشتغلين بالقرآن وعلوم الإسلام وقد كتب الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر عن قانون تطوير الأزهر فقال إنه يترك الحديث عن هذه الدفعه الثورية لدعم الأزهر في الداخل والخارج إلي خطواتها التنفيذية وحسب الأزهر انه يحظي دائما برعاية الرئيس جمال عبدالناصر وبذلك تزداد رسالته علي مر الأيام قوة وتتضاعف امكانياته لتحقيق أهدافه الضخمة للعالم الإسلامي كله وقال الشيخ عبد الرحمن تاج شيخ الأ زهر السابق ان القانون الجديد يذيب الفوارق التي كانت تحجب الطالب الأزهري عن الدراسات العلمية العالية ويهييء تكافؤ الفرص للجميع.. وبالمقابل كان هناك الاغداق المالي علي الأزهر بعد استصدار القانون الجديد وارتفعت ميزانيته في سنة 1966 إلي ما يقرب من ضعف ميزانيته عام 1952 وارتفع عدد معاهده من 25 معهداً في سنة 1952 إلي 37 معهداً في سنة 1966 وزاد طلابه في نفس الفترة بما يقارب 40% وابتني الأزهر مدينة للبعوث الإسلامية والحق فإن الإنفاق علي الأزهر بهذا القدر كان ذا حدين فقد تلاشت في ظله حرية الأزهر واستقلاله الذي تمتع به وقت أن كان ميزانيته مستقلة نسبياً عن الدولة قبل الثورة وأصبح رجاله موظفين في الدولة حريصين علي المناصب الحكومية إلي درجة الوزير وكان عليهم أن يدفعوا الثمن لهذا الدور الجديد طاعة مستمرة واجتهاداً دءوبا في استخراج ما يضفي الشرعية علي سلوكيات وسياسات النظام الجديد.
ولم تختلف رؤية الرئيس السادات للدور السياسي للأزهر عن رؤية عبد الناصر حيث كان حريصاً علي استمالة علماء الأزهر فأصدر القرار الجمهوري رقم 350 لسنة 1975 الذي نص علي أن شيخ الأزهر هو الإمام الأكبر وصاحب الرأي في كل ما يتصل بالشئون الدينية وأصبح شيخ الأزهر بدرجة رئيس وزراء ويتبع رئيس الوزراء إدارياً فقط وألغي منصب وزير شئون الأزهر وأضحي شيخ الأزهر يسبق بروتوكولياً الوزراء وأكثر ما كان يؤكد في خطاباته علي دور الأزهر التاريخي في مجال الدفاع عن الإسلام في مصر بل والعالم الإسلامي كله وأن الأزهر يناضل منذ ألف عام كي يحفظ رسالة الإسلام ويحفظ للإسلام قوته ومقوماته ومناعته ويقول إنه لولا الأزهر لضاع الإسلام كما أكد عديداً من المرات أن وجود الأزهر في مصر جعلها بعد مكة والمدينة مقصد جميع المسلمين وثابر الرئيس السادات علي تأكيد الدور التاريخي للأزهر بعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد ومعاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية ثم مقاطعة أغلب الدول العربية لمصر وتعليق عضويتها في المؤتمر الإسلامي وقال " لا يمكن للأمة العربية أن تعمل بدون مصر وأزهر مصر وملايين الدولارات لن تبني ما يماثل الأزهر".
ومن جانبه كان الرئيس مبارك بعد توليه سده الحكم يعمل على هي مواجهة العنف الديني فاتخذ في اعتماده علي علماء الأزهر شكلاً خاصاً لم يكن مقصده بالدرجة الأولي إضفاء الشرعية علي حكمه ومحاربة المتطرفين بنفس سلاحهم سلاح الدين بل كان كذلك يسعي إلي إضفاء مزيد من الاحترام والتقدير علي الأزهر وجعله المرجعية الدينية الحقيقية لنظام حكمه وقد أدي الأزهر دوره كمرجع ديني حقيقي في إقراره لمشروعات القوانين قبل إصدارها لتكون موافقة دستورياً للشريعة الإسلامية وفي إقراره القرارات العادية التي ربما تثير مشاعر الجماهير وبهذا تعاظم دور الأزهر مواكباً زيادة هامش الحريات ولم تكن آراء الأزهر دائماً متسقة تماماً مع الاتجاه الرسمي للدولة في بعض القضايا الحساسة مثل العلاقات مع إسرائيل وفوائد البنوك بينما تسعي الدولة إلي تحول اقتصادي كبير وكانت الدولة تستجيب غالباً لفتاوي الأزهر فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية والفكرية لكنها لم تكن تستجيب في حالة التعارض فيما يخص قضايا الاقتصاد والأمن القومي وكأنه كان هناك اتفاق ودي بين الطرفين فلا الأزهر يضغط من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية وإلغاء نظام فوائد البنوك أو إلغاء معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية ولا الدولة تتواني عن إظهار التقدير والاحترام للأزهر ولا تحاول التنقص من حريته مما جعله مؤسسة شبه مستقلة بالقياس إلي العقود السابقة ولقد حرص الرئيس مبارك منذ أن تولي الحكم علي توطيد علاقته بالأزهر وشيخيه جاد الحق علي جاد الحق ومحمد سيد طنطاوي كما حرص كذلك بعد توليه الحكم بعامين علي تكريم عدد من علماء الأزهر كل عام بمنحهم الأوسمة الرفيعة كما يشارك الرئيس مبارك سنوياً في احتفالات الأزهر بليلة القدر والمولد النبوي الشريف ويلقي فيهما كلمته ويوزع الجوائز علي حفظة القرآن الكريم مؤكداً دائماً في خطابه علي أهمية الأزهر ودوره كما يؤديه علماؤه كما يدعي شيخ الأزهر لحضور الاحتفالات الرسمية في المناسبات الوطنية وفقاً لترتيبه البروتوكولي بعد رئيس مجلس الوزراء ورئيسي مجلسي الشعب والشورى بعد أن أصبح بدرجة رئيس وزراء .
ومن المواقف الخالدة لشيوخ الأزهر مع الرؤساء الموقف الأول للشيخ إسماعيل صادق العدوي رحمه الله خطيب الجامع الأزهر والذي ظل خطيبا له عدة سنوات قبل الشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر وكان الشيخ إسماعيل يفسر قوله تعالى ( ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) في درس التفسير الذي كان يلقيه كل يوم اثنين وكان ذلك مساء يوم الاستفتاء على تجديد فترة ولاية الرئيس مبارك الثالثة وأراد الرجل أن يتكلم في الموضوع ولو تعريضا ولكن الآية التي يفسرها لا تمت من قريب أو بعيد بالسياسة فاحتال الرجل بذكاء الأزهري المحنك فقال كنت أركب القطار مع فضيلة الشيخ البنا رحمه الله وجاءت محطة وصولنا فقال لي الشيخ البنا يا شيخ إسماعيل القطار والسفر كالحياة والموت والمناصب إذا جاءت محطتك لا بد من نزولك ثم أخذ الشيخ إسماعيل صادق العدوي يركز ويشدد ويعيد ويكرر على هذا المعنى بهذه العبارة قائلا باللغة العامية يعني إذا جت محطتك انزل كفاية علينا كده انزل خلاص محطتك جت انزل ولا عايز تركب محطتك ومحطة غيرك وقد ضج المسجد بالضحك وقد وصلهم المعنى الذي يريده الشيخ إلا رجل ساذج مسكين قال الله يرحمه فسأله الشيخ العدوي : هو مين ؟ قال الرجل : الشيخ البنا فقال الشيخ العدوي بغيظ ويرحمك انت كمان .
وموقف أخر حدث مع الرئيس مبارك مصر حين ذهب الشيخ الشعراوي والشيخ الغزالي والشيخ جاد الحق لتهنئة الرئيس مبارك بسلامته ونجاته من محاولة اغتيال في أديس أبابا واجتمع في يوم التهنئة ومكانها علماء المسلمين ووقف الشيخ الشعراوي يقول كلمته القوية التي يحفظ معظم الشعب المصري ما جاء فيها لن أختم حياتي بنفاق وأنا أقف على عتبة الآخرة اسمع يا سيادة الرئيس إن كنت قدرنا فنسأل الله أن يعيننا على هذا القدر وإن كنا قدرك فأعانك الله علينا أسأل الله أن تكون هذه الحادثة سببا لتطبيق منهج الله وشرعه إلى آخر ما قال رحمه الله .. وفي موقف أخر حكاه الأستاذ محمد سليم العوا على لسان الشيخ الغزالي للأستاذ عصام تليمه أنه يومها دخل الرئيس مبارك على الشيخ الشعراوي والشيخ الغزالي والشيخ جاد الحق وكان المكان الخالي على أريكة في ناحية فيها الشيخ الغزالي وجلس الرئيس في الناحية الأخرى فقال الرئيس للشيخ الغزالي وهو يربت على ركبته ادع لي يا شيخ غزالي أنا حملي ثقيل أنا مطلوب مني كل يوم الصبح أوكل سبعين مليون قال الشيخ الغزالي لم أشعر بنفسي وهو يقول ذلك واستعدته الكلام انت بتقول إيه ؟ فكرر عبارته أنا مطلوب مني كل يوم أوكل سبعين مليون يقول الغزالي فوجدت نفسي أنفجر فيه لأقول له انت فاكر نفسك مين إياك انت فاكر روحك ربنا هو انت تقدر توكل نفسك يا شيخ اسكت وانت لو جت دبانه على أكلك تأكله ولا تقدر تعمل فيها حاجه قال الشيخ الغزالي فارتبك الرجل وتغير لون وجهه وقال لي أنا قصدي من الكلام المسؤولية التي علي قال الشيخ الغزالي ولم أكن قد سمعته جيدا فأكملت مسؤولية إيه المسؤولية على اللي يقدر يقدر واحنا كلنا في إيد ربنا انت بكتيره بكتيره تدعي وتقول يا رب ساعدني لكن تقول اوكلهم وكل نفسك قال الشيخ الغزالي فوضع الرجل يده على ركبتي مرة أخرى وقال استنى يا شيخ محمد استنى انت يمكن مش فاهمني فقال له الغزالي مش مهم افهمك المهم انت تفهمني يا أخي وفي السماء رزقكم وما توعدون .. وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ..أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون .. فسكت الرجل ونظرت إلى وجهه وهو متحير فأدركت ما فعلت فنظرت إلى الشيخين لعل أحدهما يعينني فوجدت أكبرهما سنا قد أسند ذقنه على عصاه وأغمض عينيه ووجدت أكبرهما مقاما قد أسند رأسه إلى مقعده وأغمض عينيه تحت نظارته التي نصفها ملون ونصفها الآخر أبيض وأكمل الرئيس كلامه بما يشبه الاعتذار عما قال والرضا بما كنت أقوله وجامل كلا من الشيخين بكلمة ثم قمنا لنخرج فأوصلنا إلى باب السيارة فأسرع أحد الشيخين فجلس أحدهما إلى جوار السائق ودار الثاني ليركب من الباب خلف السائق وكنت أنا أبطأهم خطوة فمشى الرئيس إلى جواري حتى بلغنا باب السيارة فمددت يدي لأفتحه فإذا بالرئيس يسبقني ليفتحه لي فحاولت منعه من ذلك وأمسكت بيده وقلت له أرجوك يا سيادة الرئيس لا تفعل فقال هذا مقامك يا شيخ محمد أنا والله أحبك يا شيخ محمد ادع لي فركبت السيارة وأغلق هو الباب وبقي واقفا إلى أن تحركت السيارة فأشار إلي مودعا وانطلقت السيارة والشيخان صامتان لم يتكلم أي منهما بكلمة حتى أوصلناهما واحدا بعد الآخر ثم أوصلني السائق إلى بيتي وفي نفس الليلة أو في صباح ثاني يوم هاتفاني كل منهما على انفراد ليدعو له ويقول له لقد قمت بفرض الكفاية عنا يا شيخ غزالي ثم قال لي اسمع يا محمد أي دكتور محمد سليم العوا أحفظ هذه الحكاية ولا تحكها إلا بعد موتي فإني أرجو أن يكون ما قلته لهذا الرجل في الميزان يوم القيامة وأن يدعو لي بعض من يعرفونه دعوة تنفعني إذا فارقت الأهل والأحبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.